إن التطورات التقنية في علم تكنولوجيا المعلومات ستؤدي تدريجيا للاستغناء عن الكول سنتر التي انتشرت في العالم الثالث ومنها مصر. ووفقا لهذه الدراسات فإن الروبوت سيقوم بهذه الوظائف «الكول سنتر» للرد علي استفسارات العميل في كافة الشركات. يذكر أن الهند والفلبين يأتيان علي رأس قائمة الدول التي تقدم خدمة الكول سنتر بنسبة 23% للهند و18% للفلبين، وأن مصر اهتمت بهذه الفكرة وتوسعت في استثماراتها في الكول سنتر لتحقق نموا يتراوح بين 10 و12٪ من خلال 30 شركة بخلاف الشركات الكبري التي تقدم لنفسها الخدمة من خلال كول سنتر خاص بها. وأوضح المهندس شريف القماش رئيس مجلس إدارة شركة «اي اس تي» أن مصر لديها حوالي 30 شركة تعمل في مجال التعهيد تعمل مع الخارج، ويصل عدد الموظفين بها 50 ألف عامل، كما أنها تستحوذ علي 10% من الخريجين، واستبعد أن يتم الاستغناء عن صناعة الكول سنتر، فمهمة هذه الوظيفة هي حل مشاكل العملاء والتطورات التكنولوجية تحاول أن تساعد في حل مشكلات العملاء بأكبر قدر ممكن دون الاستعانة عن الموظفين لتقليل الضغط علي العاملين ولكن عند مرحلة يحتاج العميل لشخص ما للتواصل معه لذلك من الصعب الاستغناء عن هذه الوظيفة كاملة، وإنما من الممكن تقليل الضغط عليها، كما أن وظيفة الكول سنتر ليست مرتبطة بحل مشاكل العملاء فقط، وإنما امتدت لخدمات البيع والشراء وتقديم المقترحات. وأوضح أن مصر لديها مقومات كثيرة تساعدها علي المنافسة من ضمنها البنية التحتية وتعمل اللغات التي يجيدها الشباب في مصر مقارنة بدول أخري تعتمد علي لغة واحدة ولغتين بالإضافة إلي انخفاض أجور الموظفين في مصر مقارنة بدول أخري كالهند مما يقل من تكاليف إنشاء شركات التعهيد في مصر كما أن صناعة التعهيد في مصر من الصناعات التي حافظت علي ثباتها في الفترة الماضية، ولم تتأثر بالثورات ولا بالاضطرابات التي حدثت، بل كانت تعمل بكل طاقاتها الإنتاجية، كما أنه في عام 2010 كان متوقعا لقطاع صناعة التعهيد أن يتخطي إيراداته إيرادات قطاع السياحة من النقد الاجنبي. ثم ماذا حدث؟ أشار إلي أن القطاع مازال يشهد إنشاء شركات جديدة ورغبة شركات اجنبية أن تدخل إلى مصر. وأوضح د. هاني محمود وزير الاتصالات الأسبق أنه من الصعب جدا استبدال وظيفة الكول سنتر وإحلال الروبوت محله والروبوت بحاجة إلى وظائف مبرمجة تعمل علي نظام ثابت وغير عشوائي، أما وظيفة الكول سنتر فتحتاج إلى تواصل. وأشار إلي أنه في الآونة الاخيرة انتشرت وتوسعت العمليات ENIL NO وأخذت تحل نسبة كبيرة محل البشر ولكن يبقى جزء من العمل بحاجة إلي التواصل الإنسانى وهو ما تقوم عليه وظيفة الكول سنتر. وأوضح أمين خيرالدين رئيس صندوق تطوير تكنولوجيا المعلومات أن مايتردد من أن الروبوت سيحل محل وظيفة الكول سنتر به جزء حقيقي، وجزء مبالغ فيه، فعلي مدي تطور الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات تحاول الدول استبدال الموظفين بالروبوت وكل الدول التي تقدمت في هذا المجال كالولايات المتحدة وانجلترا والمانيا لم تخسر وظائف. أما مصر فتعتبر من أقل الدول التي استخدمت تكنولوجيا المعلومات وتخوف أمين من أن الصحف العالمية تدعو لتبني هذا الفكر حتي تحارب هذه الصناعات، وبالتالي يؤدي ذلك إلي تأخر التكنولوجيا. وأشار إلي أنه في مطلع الستينيات عندما بدأت مصر الدخول في عصرتكنولوجيا المعلومات ظهرت دعاوي لمحاربة هذا الأمر متعللا أن التقدم التكنولوجي سريع ولن تستطيع مصر مواكبته والاستجابة لهذه الدعوات أخر مصر كثيرا من الدخول في العصر التكنولوجي، صحيح أن مع التقدم التكنولوجي تختفي وظائف ويتم استبدالها بالروبوت، ولكن يصاحب ذلك استحداث وإنشاء منتجات جديدة وخدمات تحتاج للبشر لذلك فالمطلوب هو إعداد البشر للعمل في المنظمات الجديدة، واستبعد أمين أن تموت صناعة الكول سنتر كصناعات أخرى. وأوضح أمين أن صناعة التعهيد قد شهدت نموا ملحوظا من خلال الفترة من 2006 وحتي 2010 وكان من المتوقع أن تحتل هذه الصناعة مكانة خاصة بين الصناعات المصرية ولكن ظروف الثورة وما أعقبها أبطأ هذا النمو كباقي الصناعات ومنعها أن تكون قادرة علي المنافسة، ولكن آن الأوان أن تعود مصر لاسترجاع هذه المكانة خاصة أن مقومات نمو هذه الصناعة مازالت موجودة، فلدينا الشباب المدرب ولدينا ميزة تنافسية يجب استغلالها وهي انخفاض قيمة الجنيه المصري وهو ما يجعل صادرات مصر ذات ميزة تنافسية ويخفض من تكاليف المنتجات والخدمات. وعلي الرغم من التوجه العالمي للاعتماد علي التكنولوجيا الحديثة في كافة مناحي الحياة إلا أن فقدان الشباب للوظائف هو الأدعي لخلق وظائف جديدة والحد من البطالة وهذا مايحدث حاليا في وظيفة «الكول سنتر» أو التعهيد . ورغم ما يشاع فإن هذا النوع من الوظائف في طريقه للاندثار مع التوسع التكنولوجي للرد علي استفسارات أي عميل ، إٌلا أن أمريكا علي سبيل المثال تتوسع في فتح مجالات جديدة في وظيفة «الكول سنتر» للمساهمة في حل مشكلة البطالة. وتعتبر الهند أكبر الدول التي تعمل في هذا المجال وتقدم خدماتها للعالم وتستحوذ علي 23٪ من العالم في تقديم الخدمة محليا وعالميا. وتسعي مصر لتأخذ دورها في هذا المجال لخلق وظائف للشباب كنوع من حل أزمة البطالة والدليل علي توسع مصر في هذا المجال هو ماتقوم به جمعية اتصال «نواة منظمات المجتمع المدني لصناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» و «هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا) حيث رصدت المنظمتان أبرز التحديات والفرص التى تواجهها هذه الصناعة، وذلك بمشاركة 20 شركة من أبرز الشركات العاملة في صناعة الكول سنتر ومراكز الاتصال بمصر. وكشف المهندس إيهاب مصطفى نائب رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «إيتيدا» عن مبادرات جديدة تطلقها الهيئة بالتعاون مع «اتصال» بهدف مساعدة الشركات والعاملين في مجال مراكز الاتصال وصناعة التعهيد من خلال تدريب الشركات والعاملين فيها ومنحهم شهادات الجودة العالمية وتأتي هذه الخطوة إيمانا من الحكومة المصرية ممثلة في «إيتيدا» بأهمية هذه الصناعة، حيث بلغت الصادرات المصرية من تكنولوجيا المعلومات (خدمات, منتجات) حوالي 1.5 مليار دولار بنهاية العام الماضي. وتوقع أن تحقق مصر نسب نمو خلال السنوات القليلة المقبلة تتراوح بين 10 و12٪ في هذه الصناعة، مشيرا إلى أن خطة «إيتيدا» بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ومن بينها اتصال، هي العمل على مساعدة الشركات على التصدير للخارج والتسويق للشركات المصرية في دول الخليج والقارة السمراء وبعض الدول الأوروبية وأمريكا والأسواق الآسيوية أيضا، لاسيما بعد الفرص الواعدة الموجودة في هذه الدول،حيث يأتي ذلك استنادا على المميزات التى تتمتع بها مصر بداية من الموقع الجغرافي وتوافر الكوادر البشرية المدربة، كما ستتولى «إيتيدا» التسويق والدعاية للشركات المصرية الناجحة في هذا المجال. وقال المهندس سامح منتصر رئيس شعبة مراكز الاتصالات بجمعية اتصال إن الشعبة تعمل على زيادة وعي الشباب والمواطنين بصناعة التعهيد باعتبارها من الصناعات الواعدة كثيفة العمالة، التي تتطلب كوادر بشرية كثيرة، مشيرا إلى أن عدد العاملين في هذه الصناعة يصل إلى 50 ألف متخصص مصري،وتتميز مصر عن منافسيها بعدة مزايا أبرزها توافر الكوادر البشرية المدربة والمؤهلة،وإجادة اللغات الأجنبية من جانب الخريجين،والموقع الجغرافي المتميز بين قارات العالم،علاوة على مرور أكثر من 17 كابلا بحريا في أراضيها وتوافر البنية التحتية اللازمة. وقال علاء الخشن نائب رئيس جمعية اتصال: إن الجمعية حددت أبريل المقبل موعدا لانطلاق بوابة التعهيد المصرية،حيث تهدف هذه البوابة التي تتم بالتعاون بين اتصال و»إيتيدا» إلى الترويج للامكانيات والمزايا التنافسية لمصر في الخارج، لتصبح هذه البوابة نافذة حقيقية لمراكز الاتصال في السوق العالمية، وتعظيم الاستفادة من الموارد الموجودة، وتوفير قاعدة بيانات للموارد المتاحة في مجال مراكز الاتصال من خلال تسويق صورة مصر في الخارج على أنها محور التعهيد الإقليمي والمنافسة مع محاور التعهيد العالمية، وتعزيز التعاون التفاعلي على شبكة الإنترنت، والعمل على تطوير الأفكار المقترحة في مجال الاتصالات والاستفادة القصوى منها في خدمات التعهيد. واستبعد د. حمدي الليثي رئيس مجلس إدارة شركة ميناتل للاتصالات الاستغناء عن الكول سنتر خلال السنوات القليلة المقبلة، فبالرغم من أن هناك بدائل تكنولوجية تظهر بتطور التكنولوجيا بصفة مستتمرة إلا أنه يصعب الاستغناء عن هذه الصناعة بصورة كلية ، وأوضح أن مصر من أفضل 10 دول على مستوى العالم في هذه الصناعة كما أنها تتفوق علي الهند في كثير من المجالات والمناقصات. وتعتبر صناعة التعهيد من الصناعات كثيفة العمالة والتي تطلب شبابا مدربا ويجيد اللغات فهو أمر متوافر لدينا في مصر. وأشار إلي أن صناعة التعهيد تدخل في كافة المجالات من الطيران والبنوك والخدمات الصحية في الجهات الخدمية، كما أنها تعتبر مصدرا مهما للنقد الاجنبي، حيث تساهم ب1.5 مليار دولار سنويا لمصر ومن المستهدف أن تصل إلى 3 مليارات دولار في الفترة المقبلة . وأوضح الليثي أن صناعة التعهيد في مصر بحاجة الي دعم من الحكومة حتي تستطيع أن تنافس علي المستوي العالمي، ومن الضروري أن تنظر إليها الدولة علي أنها جزء من الصادرات، نظرا لأنها تدخل للاقتصاد النقد الاجنبي، كما أنها بحاجة إلى تحسين خدمات الانترنت حتي تتحسن جودة الخدمات المقدمة.