العامل المصرى .. ضحية أم جانِ ... بمعنى آخر هل هو كسول غير منتج.. لايملك إيمانا حقيقىا بأهمية العمل.. يبحث عن المال بأقل جهد ممكن .. أم أنه مظلوم حيث يعمل فى بيئة غير مواتية وأن انخفاض إنتاجية لا دخل له بها حيث تتضافر الظروف ضده من الآلات متهالكة ومعدلات تسهم تكنولوجيا العصر ولوائح ادارية عقيمة وأجر متدن لايلبى احتياجاته الأمر الذى يدفعه الي الاحباط والبحث عن عمل اضافى بزيد به دخله. هنا تحقيق يناقش هذه القضية .. توصلت دراسة أجراها اتحاد تنمية الموارد البشرية الي أن معدل انتاجية الموظف الحكومى العربى بشكل عام والمصرى بشكل خاص من أقل المعدلات علي مستوى العالم ، حيث يبلغ متوسط انتاج العامل المصرى 03 دقيقة يوميا فى حين يبلغ متوسط انتاج العامل العربي بشكل عام مابين 81 و52 دقيقة يوميا ، وارجعت الدراسة ذلك الي عدد من العوامل أهمها انعدام التدريب وعدم حصول العامل علي مميزات حقيقية وإن حصل عليها فهى قليلة ولاتلبى احتياجاته الأساسية فضلا عن البيروقراطية والبطالة المقنعة. وتذهب الدراسة الي أن تدنى إنتاجية الموظفين والعمال هى مأزق لايمكن الخروج منه إلا باتباع سياسات وخطط تتبناها إرادة جادة من الدولة نفسها. ويتضمن ذلك تدريب الموظفين والعمال واستخدام تكنولوجيا المعلومات والحكومة الإلكترونية مشيرة الي أن دولا عربية عدة مثل الامارات والسعودية وتونس والاردن قطعت خطوات جادة وناضجة فى مجال زيادة الانتاجية للموظف والعامل. - الاستثمار فى البشر: وتؤكد الدراسة أهمية الاستثمار فى الفعل العربي وتوفير الدعم المالى الحقيقى لانجاح العامل ووضع تجربة اليابان وماليزيا فى الحسبان والتى استثمرت فى رأس المال البشرى وركزت علي المحور التعليمى ومخرجاته واصبحت من أكثر الدول تقدما وأنه لن يتحقق أى تقدم اقتصادى أو تنمية ولن تنهض المؤسسات إلا بإدارة رأس المال البشرى بشكل جيد. فى حين قدرت إحصائية أخرى القيمة الإنتاجية للعامل المصرى ب 0061 دولار سنويا بما يوازى 4 دولارات يوميا فى حين تصل القيمة للعامل الأمريكى 44 ألف دولار والتركى 8 آلاف دولار بما يعكس مدى انخفاض القيمة الإنتاجية للعامل المصرى مقارنة بدول أخرى. - ضعف التشريعات من جهته يقول الدكتور محمود الشريف وزير التنمية المحلية الأسبق أن مناخ العمل هو جزء رئيس فى منظومة العمل فى أي دولة وأن أى تشوه يصيب هذا المناخ ينعكس بالسلب علي أداء العامل ومعدل إنتاجيته. ويضيف ان ضعف المنظومة التشريعية التى تنظم اوضاع العمال فى مصر وكذلك غياب الشفافية وعدم تطبيق مبدأ الثواب والعقاب وتقييم أداء العاملين علي أسس غير موضوعية، فضلا عن التردي فى اوضاع البنية التحتية فى العديد من بيئات العمل ومنها اهمال صيانة الآلات والمعدات وعدم توفير بيئة عمل ملائمة وعدم تطبيق الاشتراكات الصحية وغيرها كلها عوامل لابد أن تؤدى إلي وصول معدل إنتاجية العامل المصرى الي هذا المستوى المتدنى. ويؤكد الشريف أن صانع القرار فى مصر لابد وأن يقوم بتصحيح الموقف من خلال وضع إستراتيجية متكاملة للاهتمام بالعامل وتوفير كل المحفزات التى تشجعه علي حب العمل أولا تم إتقانه من خلال إكسابه المهارات اللازمة ما يؤدى فى النهاية إلي زيادة الإنتاج مع الوضع فى الاعتبار تعديل البيئة التشريعية وأن يكون قانون العمل الذى تتم مناقشته حاليا فى مجلس النواب جامعا لكل الجوانب التى تصب فى هذا الاتجاه وأن يتم إشراك العامل فى صناعة القرار وتوفير كل العوامل التى تؤدى الي شعوره بالعدالة. فيما يقول الدكتور أسامة عبدالفتاح أمين عام المجلس القومى للإنتاج بالمجالس القومية المتخصصة إن هناك العديد من العوامل التى تقف وراء انخفاض الإنتاجية سواء من حيث قيمتها أو كمية الانتاج أو انخفاض ساعات العمل الفعلية للموظف والعامل إلا أن مناخ العمل هو السبب الرئيسى فى الوصول إلي هذه المستويات المنخفضة. بيئة سلبية ويوضح أن بيئة العمل التى يعمل بها الموظف والعامل المصرى لاتشجع علي مزيد من الإنتاج وأن هذه القضية كثر الحديث عنها حتى قبل قيام ثورتى 52 يناير 1102 و03 يونيو 2102 ، فعدم ملاءمة بيئة العمل قضية يتجدد بشأنها الحديث دون جديد ودون اتجاه حقيقى من أصحاب الاعمال أو صانع القرار تجاه تحسين بيئة العمل. ويشير الي أن تدهور بيئة العمل له العديد من الأشكال فهناك ترد فى مستوى كفاءة الآلات والمعدات بل وفى الاهتمام بمستوى العامل نفسه واهمال تدريبه واكسابه المهارات اللازمة التى تعينه علي القيام بعمله من جهة وتعمل علي زيادة كفاءته من جهة أخرى بما ينعكس فى النهاية علي جودة وزيادة الانتاج بالايجاب. ويكشف أن التقديرات الرسمية المعلنة حتى الآن تذهب الي أن الاقتصاد المصرى يخسر سنويا مايقرب من 5.1تريليون جنيه سنويا بسبب ضعف الانتاجية وانخفاض معدل الانتاج وبالتالى فجميع اطراف المنظومة خاسرون : الموظف و العامل والدولة والاقتصاد. ويناشد عبدالفتاح صانع القرار بضرورة توفير تشريعات وأطر قانونية ورسمية تلزم صاحب العمل .. سواء فى القطاع الخاص أو العام بضرورة توفير مناخ عمل ملائم يراعى فيه مصلحة الاقتصاد ومصلحة العامل فى آن واحد مع التخلص من البيروقراطية فى الادارة وتحقيق مزيد من المرونة فى التعامل مع المعوقات التى تواجه العامل يوميا والأهم زيادة الرواتب والمكافآت بما لايجهد ميزانية الدولة من جهة وبما يحقق الاشباع والاكتفاء للموظف والعامل علي السواء. أما باسم حلقة رئيس اتحاد النقابات المستقلة فيشير الي أن العامل المصرى من أمهر العمال ولديه قدرة عالية علي التحمل والدليل أن العامل المصرى عليه طلب كبير فى الخارج. ويوضح أن ضعف انتاجية العامل المصرى تقف وراءه العديد من العوامل وعلي رأسها ضعف الاجور مقارنة بالجهد المبذول فى العمل وغياب العدالة فى توزيع المكافآت وحوافز الانتاح. ويشير حلقه الي أن زيادة الانتاجية ستتم اذا توافر للعامل الحافز الانتاجى وتحققت عدالة الدخول وتوفير بيئة عمل مناسبة ونظام رعاية صحية للعامل خاصة فى مواجهة مخاطر العمل وتوفير نظام تأمين اجتماعى مناسب له ولأسرته. ويضيف حلقه أن العدالة الاجتماعية التى قامت عليها ثورة 52 يناير لم تتحقق بعد بسبب الكساد الاقتصادى الذى تعيشه البلاد ، وأنه لابد وأن تعمل الدولة من الآن علي تحقيقها لأن ذلك سينعكس علي المواطن من شعوره بالأمان ، مناشدا مجلس النواب بضرورة مراجعة كل القوانين التى تنظم العمل والعمال فى مصر وسن قوانين تسمح بتوفير بيئة العمل التى تؤدى إلي زيادة الإنتاجية والخروج من دائرة معدلاتها المنخفضة.