أكدت وزيرة العمل الفرنسية أنه لا تراجع عن تعديل قانون العمل، وذلك بعد يوم واحد من دعوة نقابة عمالية متشددة لقرابة ربع مليون متظاهر بالخروج إلى الشوارع احتجاجا على الإصلاح الذي يتبناه الرئيس إيمانويل ماكرون. وقالت الوزيرة المسئولة عن التعديلات مورييل بينيكو في تصريحات إذاعية اليوم الأربعاء "أعتقد أن الجميع يفهمون أن التعديلات هي نتيجة وعد انتخابي للرئيس إيمانويل ماكرون الذي تم انتخابه لتنفيذه". وأضافت أن "الحكومة تنفذ ما طلب منها الشعب الفرنسي تنفيذه، وبالتالي فإننا لن نتراجع". ووفقا لما ذكرته وزارة الداخلية الفرنسية أمس، فإن نحو 223 ألف شخص شاركوا في الاحتجاجات في أنحاء فرنسا. وأعلنت نقابة الكونفدرالية العامة للعمل، التي دعت للمظاهرة، أن نحو نصف مليون شاركوا فيها. إلا أن إضرابا ليوم واحد دعت له الكونفدرالية كان له تأثير محدود. وتتيح التعديلات التي أعلنها رئيس الوزراء إدوار فيليب نهاية الشهر الماضي بنطاق أوسع من شروط العمل التي يمكن الاتفاق بشأنها على مستوى الشركات وليس على مستوى القطاع ككل. كما تتيح التعديلات للشركات الأصغر التفاوض مباشرة مع العمال أو ممثليهم المختارين، وليس مع النقابات العمالية. وكان فيليب مارتنيز رئيس الكونفدرالية قال في مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان" الأحد الماضي إن المطروح "ليس قانون عمل، وإنما قانون يمنح السلطة الكاملة لأصحاب العمل". وقد تخللت التظاهرة عدة صدامات بين المشاركين وقوات الامن الذين ردوا على اطلاق مقذوفات باتجاههم باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه. ورفع المتظاهرون شعارات تنتقد تصريحات ماكرون بانه لن يرضخ "للكسالى ولا للمتطرفين". وفي كاين، هتف المتظاهرون "انها نهايتك يا ماكرون، الكسالى في الشارع". وفي مرسيليا (جنوب) احصت الشرطة 7500 متظاهر فيما اعلن منظمو التظاهرة ان عددهم بلغ 60 الفا. وشارك زعيم حزب "فرنسا المتمردة" جان لوك ميلانشون في التظاهرة متعهدا إجبار ماكرون "على التراجع" قائلا "في النهاية سيضطر إلى الاذعان، هذا البلد لا يريد الليبرالية (...) فهذه فرنسا، وليست انكلترا". ودعت نقابة "سي جي تي" الى تحرك جديد في 21 سبتمبر عشية طرح المشروع على مجلس الوزراء وقبل يومين من تظاهرة لحزب "فرنسا المتمردة". ويبدو ان جبهة المعارضة ولا سيما النقابات ليست موحدة. ففي حين تعارض "الكونفدرالية العامة للعمل" بشراسة تعديل القانون، لم توجه النقابتان الكبريان الأخريان "فورس اوفريير" و"الكونفدرالية الديموقراطية للعمل" دعوة إلى التظاهر رغم انتقادهما للتعديل. ويثير انقسام النقابات تساؤلات حول القدرة على التعبئة ضد رئيس تراجعت شعبيته في الاستطلاعات لكنه يواجه معارضة مشرذمة. وأنذر ماكرون الذي زار الثلاثاء جزيرة سان مارتان الفرنسية في منطقة الكاريبي التي اجتاحها الاعصار إيرما الاسبوع الفائت، بأنه سيتسلح "بتصميم مطلق" لاقرار الاصلاح الخلافي. وينص هذا التعديل الذي يعتبر ورشة العمل الكبرى الأولى في ولاية ماكرون الخمسية على تحديد سقف للتعويضات في حال الخلاف، وتقليص مهل الطعون للموظفين واتاحة التفاوض خارج النقابة لأقل من 50 أجيرا، علما ان الشركات الصغيرة والمتوسطة تعد حوالى نصف الموظفين في فرنسا. ويؤكد ماكرون ان هذه التعديلات هدفها اضفاء مرونة على عمل الشركات وتشجيعها على التوظيف وسط بطالة ما زالت ارقامها مرتفعة تبلغ نسبتها 9,5% من القوة العاملة، مقابل معدل 7,8% في اوروبا. كما انها تهدف إلى استعادة ثقة ألمانيا التي تطالب باريس منذ فترة طويلة بإصلاحات بنيوية. وما يضاعف أهمية الرهان بالنسبة إلى ماكرون هو الاصلاحات الكبرى الاضافية لقطاع الشركات التي تسعى ادارته الى إجرائها في الاشهر المقبلة كتأمين البطالة والتعلم والتدريب المهني والتقاعد. وقبيل انطلاق التظاهرات قال وزير الاقتصاد برونو لومير ان الحكومة "ستصمد" في وجه الاحتجاجات.