خطط التنمية الثلاثية المحلية التى أعلنت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى، عن بدء تنفيذها من العام المالى المقبل 2018/2019، بداية مرحلة جديدة من تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة التى تحقق العدالة فى توزيع وتخصيص الموارد وفقا للاحتياجات الفعلية لكل محافظة وتلبى الأولويات لدى السكان، ولاسيما إذا ما تم إعداد هذه الخطط بمشاركة المجالس المحلية بهذه المحافظات، كثير من المشروعات الخدمية من إنشاء الكبارى أو المستشفيات أو غيرهما من المرافق الخدمية الأساسية يتم البدء فى تنفيذها ولكن لا تستكمل لعدم توافر الموارد، نظرا لارتفاع تكلفتها عن المبلغ المقرر والمعتمد، وهو ما يمثل إهدارا للموارد. منظومة التخطيط الحالية تعتمد على تنفيذ ما تطلبه المحافظات وعادة ما يتم التفاوض المالى لهذه المشروعات بصرف النظر عن ماهية هذه المشروعات، حيث لا تستهدف مخصصات الموازنة الاستثمارية الفجوات التنموية على مستوى المحافظات ولا توجد معادلة تمويلية لتوزيع هذه المخصصات وفقا للفجوات ما تسبب فى اتساع الفجوة الجغرافية، يكفى أن نشير إلى أن التوزيع النسبى للاستثمارات على مستوى الأقاليم الاقتصادية السبعة فى مصر، يكشف عن خلل واضح، فالمحافظات الأكثر احتياجا تكون مخصصاتها أقل، كما أن إقليم القاهرة الكبرى يستحوذ على 34.30% من جملة الاستثمارات المخصصة للمحافظات، يليه الإسكندرية الذى يستحوذ على نحو 12.4%. محافظات الصعيد الأكثر احتياجا انطلاقا من اعتبارات عدد السكان، ونسبة الفقر، إلا أنها على العكس نصيبها أقل من الموارد المالية فى ظل منظومة خطط التنمية الحالية، وهى لا تحصل على الموارد المالية التى تتناسب مع احتياجاتها، وتكرس هذا الوضع على مدى سنوات بل عقود طويلة، ما أوجد خللا واضحا، انعكس سلبيا على المستويين الاقتصادى والاجتماعى، تخصيص الموارد المالية لكل محافظة فى ظل غياب خريطة استثمارية واضحة لجميع المحافظات يخضع فى كثير من الأحيان إلى القدرة التفاوضية لكل محافظ، كما أن انتهاج التخطيط القطاعى المركزى طوال العقود الماضية كرس هذا الاختلال الواضح بين المحافظات. خطط التنمية الثلاثية الجديدة ستتضمن - وفقا لوزيرة التخطيط - تحديد سقف مالى لكل محافظة يغطى سنوات الخطة الثلاث وفقا لمعادلة تمويلية تأخذ فى اعتبارها الفجوات التنموية القائمة وتحفز المحافظات على زيادة مواردها، على أن تقوم الوزارة بتحديد الخطة المحلية لكل محافظة على حدة وتحديد المبالغ المخصصة لها التى يتم الإنفاق منها على ألا يزيد مخصص كل سنة على 40% من إجمالى الاعتمادات المقررة، ويجوز للمحافظات التصرف فى المشروعات المدرجة فى الخطة دون الرجوع لوزارة التخطيط فيما لا يجاوز السقوف المالية السنوية ولا يتجاوز التكلفة التقديرية للمشروعات المدرجة بالخطة، وهو ما يتيح مرونة للمحافظين فى اتخاذ القرارات والإجراءات الملائمة، مع تعظيم الموارد الذاتية بكل محافظة وتوظيفها فى سرعة إنجاز مشروعات خطط التنمية الثلاثية المقررة بما يحقق مردودا كبيرا على المواطنين فى تحسين الخدمات الأساسية. خطط التنمية المحلية الجديدة تتضمن ميزة أخرى مهمة، حيث تفتح المجال أمام القطاع الخاص لضخ الاستثمارات فى مشروعات البنية الأساسية للدولة، بما يسهم فى توفير الموارد المالية التى تمثل أحد التحديات لسرعة إنجاز وتنفيذ المشروعات التنموية، ولاسيما فى ظل عجز الموازنة العامة للدولة، وبما يشجع القطاع الخاص للاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية، حيث لا تتجاوز استثماراته فى الوقت الحالى نصفا فى المائة فقط. نجاح خطط التنمية المحلية الثلاثية، سوف يعالج كثيرا من الخلل ويحقق التوازن الجغرافى فى التنمية المستدامة، كما سينعكس إيجابيا فى تحسين الخدمات الأساسية، ومواجهة الهجرة إلى العاصمة والإسكندرية ولاسيما من الصعيد، ومما لاشك فيه فإن قانون التنمية المحلية الجديد سوف يسهم فى نجاح منظومة التنمية المحلية الجديدة، خاصة أنه يقلل من اللامركزية لحساب مشاركة المواطنين فى تحديد أولويات المشروعات التنموية وفق احتياجاتهم الفعلية. الإشادة واجبة للدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والإصلاح الإدارى، على هذه المنظومة الجديدة فى خطط التنمية المحلية، التى ستظهر آثارها الإيجابية بشكل ملموس وسريع على كثير من المحافظات ولاسيما الصعيد وتمثل مرحلة جديدة من التنمية المتوازنة والمستدامة.