ارتفاع الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى إلى 36.036 مليار دولار فى نهاية يوليو الماضى ليتجاوز أعلى مستوى سجله فى نهاية ديسمبر 2010، بزيادة تجاوزت 132.5% ما يعادل 20.5 مليار دولار خلال عام، حيث بلغ 15.5 مليار دولار فى يوليو 2016. ارتفاع الاحتياطى الأجنبى إلى هذا المستوى يبرهن على نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى، بشكل عام - والسياسة النقدية التى ينتهجها البنك المركزى على وجه الخصوص- فى استعادة الاقتصاد لحيويته. كما يطرح هذا الأمر التساؤل حول الانتقاد الذى وجهه البعض إلى قرار لجنة السياسة النقدية برفع الفائدة على الكرويدور فى اجتماعها مؤخرا فى 6 يوليو الماضى للمرة الثانية على التوالى بمعدل 200 نقطة أساس فى كل منها، إلى جانب انتقاد الاتجاه الهبوطى فى سعر الدولار، وتوجيه الاتهام إلى البنك المركزى بالتدخل على غير الحقيقة، حيث أكد محافظ البنك المركزى فى أكثر من مرة عدم التدخل فى سوق الصرف منذ قرار التحرير فى 3 نوفمبر الماضى، ترك السوق وفق آليات العرض والطلب، فى رفع الفائدة كان وجه الانتقاد أن هذا القرار يضر بتدفق الاستثمارات المحلية والأجنبية، وفى تراجع الدولار أمام الجنيه خلال الأسابيع الماضية كان وجه الانتقاد بأن هذا الأمر سيرفع مكاسب المستثمرين الأجانب فى أدوات الدين المحلى والبورصة، وخروجها محققة عائدا مرتفعا بفضل ارتفاع قيمة الجنيه مقارنة بسعره عند دخولها السوق إضافة إلى ارتفاع العائد على أدوات الدين بسبب رفع الفائدة. الأرقام تؤكد أن هذه الانتقادات لم تكن فى محلها وجانبها الصواب، وتظهر فى الوقت نفسه أن قرارات المركزى ترتكز على بيانات دقيقة ودراسات جيدة للسوق، تدفقات النقد الأجنبى سجلت رقما قياسيا فى يوليو الماضى وصل إلى 7.7 مليار دولار – حسب تصريحات لمحافظ البنك خاصة بالأهرام الاقتصادى – 4 مليارات دولار منها جراء التنازل والتخلص من الدولار بعدما اتجه إلى الانخفاض أمام الجنيه، كما سجل تدفق الاستثمار الأجنبى فى أدوات الدين والمحافظ بالبورصة قفزة أخرى، إذ بلغ 3.7 مليار دولار خلال يوليو الماضى بعد رفع الفائدة، إضافة إلى تحويل الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد بقيمة 1.2 مليار دولار. الرد على أن رفع الفائدة يعوق الاستثمار، مردود عليه بأن الوزن النسبى لسعر الفائدة على الاستثمار ضئيل، كما أن تأثيره فى رأس المال العامل فى الشركات الكبيرة لا يتجاوز 1% فقط ، كما أن نحو 75% من الشركات العاملة بالسوق تستفيد من الحصول على تمويل لأنشطتها من مبادرات البنك المركزى فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بسعر فائدة تفضيلى يتراوح بين 5% إلى 10% إلى 12%. ارتفاع الاحتياطى الأجنبى حظى باهتمام واسع عالميا، حيث قالت شبكة «بلومبرج» الإخبارية الأمريكية، إن القفزة التى حققها احتياطى مصر من النقد الأجنبى تعكس تزايد ثقة المستثمرين الأجانب بنمو الاقتصاد المصرى، وأرجعت الفضل فى ذلك إلى تحرير سعر الصرف فى نوفمبر الماضى وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى. كما أشاد بنك “إتش إس بى سى” بالارتفاع الكبير فى احتياطى النقد الأجنبى، وأشار تقرير للبنك العالمى إلى أن الاحتياطى قفز بنحو 17 مليار دولار منذ تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى ليغطى عمليات الاستيراد لنحو 6 أشهر، كما أشاد بتراجع العجز التجارى بنسبة 21%، بفضل زيادة الصادرات 16%، وانخفاض الواردات بنسبة 7%، إلى جانب جذب استثمارات بما يزيد على 13 مليار دولار فى أدوات الدين المحلى خلال العام الحالى منها 3 مليارات دولار فى يوليو وحده، كما ارتفعت أصول العملات الأجنبية إلى أقل قليلا من 10 مليارات دولار بنهاية يوليو الماضى، ليصل إجمالى الأصول الأجنبية للبنك المركزى إلى 45 مليار دولار. يبقى أن نشير إلى أن ارتفاع الاحتياطى الأجنبى يجب مناقشته فى إطار ارتفاع حجم الدين الخارجى ليتجاوز 74 مليار دولار فى نهاية مارس الماضى ليصل إلى 41% من الناتج المحلى الإجمالى، على أن الأمر لا يقلل من النجاح ولاسيما مع استبدال الودائع قصيرة الأجل بسندات دولية طويلة الأجل تعزز ثقة دوائر الاستثمار بالسوق المصرى.