اعترضت شركات السياحة واتحاد الغرف السياحية على مطالبة الضرائب بنسبة 20 % بأثر رجعى، كضريبة على 300 مليون جنيه تقريبا، حصلت عليها شركات السياحة كمبالغ لتحفيز الطيران العارض منذ عام 2009. وتضاربت الآراء حول أحقية المطالبة بالضريبة، والملزم بسدادها هل وزارة السياحة أو اتحاد الغرف السياحية أو شركات السياحة المصرية أو أنها معفاة ولا يجوز المطالبة بها. ظهرت المشكلة فى عامى 2011 و2012 عندما تحركت إدارة الفحص والرقابة بالجهاز المركزى للمحاسبات، لفحص حسابات بعض شركات السياحة، وذلك لتحديد هل تستقطع ضريبة 20% من المنبع على مبالغ تحفيز الطيران العارض، طبقا للقانون 91 لسنة 2005. ودافعت شركات السياحة بأن هذه المبالغ ليست مكسبا تجاريا، وإنما يقتصر دورها على كونها وسيطا بين وزارة السياحة ومنظمى الرحلات بالخارج لتوصيل مبالغ الدعم لهم، وبالتالى لا تستحق عليها ضريبة. وما زالت القضية دائرة بين الجهات المختلفة، وفى السطور التالية نوضح آراء كل جهة. بدأت فكرة دعم الطيران العارض عندما قدمت وزارة السياحة تحفيزا لشركاته فى شكل تأمينى منذ عام 2001 كمشاركة فى الخسارة فى حال عدم امتلاء المقاعد، وظل هذا النظام معمولا به لمدة 13 عاما، وتم الاتفاق على أن يتم تدعيم منظمى الرحلات بأن تسدد قيمة المقاعد الفارغة بالطائرة بما يعادلها بالجنيه المصرى حتى لا يتم إيقاف رحلاتهم لمصر. قال ألبرت جبران زميل جمعية المحاسبين المصرية، إن وزارة السياحة تقدم مبلغ الحافز إلى الاتحاد المصرى للغرف السياحية، الذى يقدمه لشركة السياحة المصرية، التى ترسل المبالغ إلى منظمى الرحلات بالخارج. تمثل ملايين من الجنيهات تخرج من الموازنة العامة للدولة إلى منظمى الرحلات الأجانب دون خصم الضرائب المستحقة. ويرى أنه طبقا لنص المادة 56 من قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 فإنه "تخضع للضريبة بنسبة 20% من المبالغ التى يدفعها أصحاب المنشآت الفردية أو الأشخاص الاعتبارية المقيمة فى مصر، والجهات غير المقيمة التى لها منشأة دائمة فى مصر، لغير المقيمين فى مصر وذلك دون خصم أى تكاليف منها". وأوضح أن هناك ازدواجا فى عدم حساب مبالغ الضريبة يتم عند السداد لوكلاء السياحة الأجانب. فعلى سبيل المثال شركة أجنبية مستحق لها مبلغ تحفيز طيران عارض يعادل 2 مليون دولار من وكيلها شركة السياحة المصرية، التى لا تسدد المبلغ بصفة مستقلة، وإنما تقوم بخصمه من إجمالى تعاملاتها مع الشركة الأجنبية. فمثلا، يكون إجمالى المستحق للشركة المصرية مبلغ 5 ملايين عن إقامة السائحين فى مصر، وتسجل فى دفاترها مبلغ 3 ملايين فقط تمثل الفارق. وبالتالى فى هذه الحالة لم يسدد 20% ضريبة عن مبلغ 2 مليون لم يرسلها للخارج، ولم يسدد 20% ضريبة عن المبلغ المخصوم بالفواتير من قيمة التعامل مع الشركة الأجنبية، وبذلك يكون قد تهرب بنسبة 40% من المبلغ. ولتلافى ذلك، لا بد من التعديل وخصم 20% ضريبة من الاتحاد المصرى للغرف السياحية قبل إعطائه لشركة السياحة (الوكيل المصرى). وردا على التساؤل عن ضرورة سداد الضريبة بأثر رجعى، قال جبران: أثير هذا الموضوع بسبب أن شركة كبرى امتنعت عن سداد رسوم الهبوط لهيئة الموانى الجوية، وعند الفحص تبين أن لها مستحقات دعم طيران شارتر بقيمة 22 مليون جنيه لدى اتحاد الغرف السياحية، وانتهى الأمر بالحجز على هذه المبالغ لصالح هيئة الموانى. ولوحظ عند الفحص الدورى للضرائب أن مبلغ تحفيز الطيران العارض لم يظهر فى قائمة المركز المالى للشركة لأنه حساب دائن يتساوى فى دخوله وخروجه مع حساب آخر مدين. أما بالنسبة لمسألة التقادم، فمن المعروف أن مصلحة الضرائب تقوم دائما بفحص الدفاتر قبل انتهاء فترة التقادم الضريبى، ومدتها بنص القانون، خمس سنوات. وتصادف أن ذلك قد تزامن مع زيادة نسبة التحفيز لتنشيط السياحة بعد ثورة يناير 2011، فأصبحت المبالغ بالملايين، وظهرت الفروق المالية الكبيرة فى الدفاتر فى أثناء الفحص الضريبى فى عامى 2015 و2016 عن عامى 2011 و 2012. وفى الوقت نفسه تم عمل فحص ضريبى لاتحاد الغرف السياحية، واتضحت الأمور من الدفاتر المحاسبية للاتحاد. وأرى أن يتم تغيير المنظومة والاهتمام بتقديم الدعم إلى شركة الطيران المصرى اكسبريس أو مصر للطيران لتتمكن من تشغيل خطوط طيران متوقفة، لتتمكن من أن تنافس الشركات الأخرى بدلا من أن يصل الدعم إلى شركات أجنبية. أما خالد نزار المستشار الضريبى لقطاع السياحة والفنادق بمكتب نور للاستشارات فقال: وفقا للقانون 19 تستقطع ضريبة 20% مقابل خدمات، وبعد التعديلات الجديدة للائحة التنفيذية للقانون فى عام 2015 فإن المادة 67 قامت بإعفاء 7 بنود أولها النقل والشحن، ولم توضح تفاصيل النقل فاعتبر النقل الجوى والبرى والمائى معفاة، وبذلك اعتبر الطيران الشارتر من ضمن أنواع النقل الجوى المعفى. وتمثل المطالبة بأثر رجعى، عدم دستورية وستؤثر تأثيرا سلبيا على السياحة الواردة من الخارج والتى تمثل 80% من إجمالى حجم أعمال شركات السياحة، وغالبيتها عن طريق الطيران العارض، والوكيل المصرى هو وسيلة التعامل بيننا، خاصة أن الوكيل فى الخارج عادة ما يكون محددا لعدد السائحين القادمين ولمدة الزيارة، ولذلك يفضل الطيران الشارتر. وتطبيق الضريبة القطعية من هذه الشركات سيؤثر على عدد رحلات الطيران الشارتر القادمة من الخارج، مع ملاحظة أنه حتى الآن لم يرد إلينا تعليمات بحجز 20% على الطيران الشارتر أو خدماته. والجدير بالذكر أن العمولات التى تحصل عليها الشركات من الطيران الشارتر خاضعة بالفعل لضريبة القيمة المضافة. وشرح نزار أن وزارة السياحة تصدر مبلغ التحفيز (بعد التأكد من عدد الكراسى الفارغة) فى حساب بنكى خاص باتحاد الغرف السياحية، الذى يقوم بتوزيعها على شركات السياحة. وقد ظهرت بعض المشاكل فى هذا الجزء، ما دفع الجهاز المركزى للمحاسبات للتحرك للمراجعة على بعض شركات السياحة، لأن هذا الدعم لا توجد عليه رقابة. فشركات السياحة تقوم إما بتحويل الدعم إلى شركات الطيران العارض بالخارج، أو بعمل تسوية حسابية بين الشركة الأجنبية بالخارج والشركة المصرية، وفى هذه الحالة لا تقوم بتحويل مبلغ التحفيز بل تضعه فى حسابات جارية مستقلة لا تدخل فى حساب نشاط الشركة. بمعنى أن مأمور الضرائب فى أثناء المراجعة الضريبية على الدفاتر لا يراها لأنها ليست إيرادا ولا تكلفة، بل موضوعة فى الحسابات الجارية الدائنة كاحتياطى لسدادها عند طلب شركة الطيران الشارتر بالخارج، وبذلك لا يطبق عليها المطالبة الضريبية بمبلغ 20%. فى عام 2014 صدر منشور من قطاع البحوث الضريبية بأحقية دعم الطيران العارض فى حالات لأحقية الدعم هى: شركة مصرية تقوم بعمل الطيران الشارتر، ومقيمة بمصر أو غير مقيمة فى مصر. إذا كانت الشركة مقيمة فى مصر فستحصل على الدعم مباشرة من وزارة السياحة، ولن يستقطع منها ضريبة 20% من المنبع لأنه إيراد سيحاسب عنه فى ضريبة الدخل طبقا للقانون 91. أما إذا كانت الشركة مقيمة فى الخارج، فى دولة بينها وبين مصر اتفاقية تجنب ازدواج ضريبى، فلن يتم تحصيل الضريبة من المنبع. وقال كريم المنباوى عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية لتسيير الأعمال، إنه فى عامى 2013 و2014 قام الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء بالتفتيش على حسابات شركات السياحة المصرية عن 5 سنوات سابقة أى اعتبارا من عام 2009، وقرر أن اتحاد الغرف السياحية ملزم أن يسدد ضرائب عن مبالغ تحفيز الطيران العارض طبقا للقانون. دافع الاتحاد بأنه لا يمكن إلزامه بالضرائب لأن دوره وسيط بين وزارة السياحة وشركات السياحة، ولأن وزارة السياحة جهة حكومية لا يمكنها أن تقوم بتحويل مبالغ التحفيز مباشرة إلى منظمى الرحلات الأجانب، فإنها ترسل النقود إلى الاتحاد الذى يعطيها بدوره لشركات السياحة المصرية، والتى بدورها تقوم بتحويلها للشركة الأجنبية بناء على خطاب مرسل من منظمى الرحلات الأجنبية للاتحاد. وأضاف المنباوى: لقد فوجئنا أن مصلحة الضرائب تطالبنا بضريبة على المبالغ المحولة، ونتساءل لماذا يسدد الاتحاد ضريبة على مبالغ لم يكسب منها شيئا؟! فحولت الضرائب مطالبتها لشركات السياحة بنسبة 20% ضرائب على المبالغ المحولة للخارج، وكررت شركات السياحة نفس ما قاله الاتحاد بأنها مجرد وسيط بين الاتحاد والشركة الأجنبية، وأن هذه المبالغ المحولة للخارج ليست عمليات تجارية، فكيف تخصم الشركة 20% من المبلغ قبل إرساله؟! عندها سيقول الأجنبى إن شركة السياحة المصرية «نصابة». واعترض المنباوى على مطالبة الضرائب قائلا: هذه المبالغ هى دعم من أجل التسويق، وكان يجب على وزارة السياحة أن تخطرنا بالخصم فى وقته، قبل أن يتم تحويله، وحتى قبل أن يُخطر منظمو الرحلات بأن هناك حافزا. قال إلهامى الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية الأسبق إن مطالبة مصلحة الضرائب بتحصيل 20% ضريبة على مبلغ تحفيز الطيران العارض الذى سدد بالفعل فيما سبق هو أمر غير صائب. وأضاف أن النقود عندما تأتى من وزارة السياحة إلى الاتحاد فإنها تصل دون خصم 20% ضريبة، وبالتالى فهى ليست مسئوليتنا ولكن مسئولية وزارة السياحة، بالإضافة إلى أنه كان يجب من البداية إعلام منظمى الرحلات والشركات الأجنبية بالخارج بأنهم سيحصلون على دعم مخصوما منه 20%. ويتساءل: مَن الذى سيعيد مبالغ بأثر رجعى منذ عام 2009 بعد أن قامت شركات السياحة المصرية بتحويلها للشركات الأجنبية أو خصمها من حساباتها منذ ذلك الوقت؟! الأمر الثانى كان هناك تأخير فى صرف مبالغ التحفيز من اتحاد الغرف السياحية إلى وكيل شركات السياحة الأجنبية فى مصر الذى يقوم بدور الوسيط لإيصالها إلى منظمى الرحلات. لذلك قام منظمو الرحلات بالخارج بطرح مبلغ التحفيز من قيمة المبالغ المستحقة للشركة المصرية عن تعاملات أخرى بين الشركتين، وبالتالى لم تخرج الأموال بالعملة الأجنبية من مصر إلى الخارج. وقال نحن نتحدث عن أكثر من 300 مليون جنيه. ويتساءل مَن مِن الشركات التى لديها مكاسب تستطيع أن تدفع ضريبة عن هذه المبالغ الآن خاصة إذا تم احتساب الضريبة على دعم الطيران العارض (الشارتر) منذ عام 2009 فهو رقم رهيب. فالشركات الأجنبية لن تعيد المبالغ ولا الشركة المصرية تستطيع السداد خاصة أنها كانت معفاة، وقال: هذه مسئولية وزير السياحة مع وزير المالية خاصة أن وزارة السياحة أعطتنا نقودا لنسلمها لشركات أجنبية، ولم تخطرنا بخصم ضرائب. ويجب إبلاغ الشركة الأجنبية من الآن بأنها ستحصل على مبلغ التحفيز للطيران العارض مخصوما منه 20 % ضريبة حتى تتمكن من احتسابها فى ميزانيتها التقديرية للعام القادم، وتقرر هل ستستمر فى العمل معنا أو لا. أما هشام زعزوع وزير السياحة الأسبق فقال: إن ملف تحفيز الطيران العارض بدأ منذ حادثة الأقصر عام 2003/2002 خلال فترة الوزير الدكتور ممدوج البلتاجى، وقد مر عليه 15 عاما دون مطالبة باستقطاع الضرائب، وكان الهدف منه جذب السائحين إلى مصر، والشركة المصرية هى مجرد وسيط ونسدد لها المبالغ بالجنيه المصرى ويخصم بسعر التحويل المصرى للشركة فى الخارج، فهو ليس ربحا حتى يخضع لضريبة. ويجب على أقل تقدير أن نتعامل مثل شركات التصدير التى تحصل على مساندة من الدولة ولا تخضع للضرائب. ويتساءل لماذا لم يتم خصم ضرائب ولم يكن هذا الأمر مطروحا على مبالغ التحفيز خلال فترة وزراء السياحة السابقين اعتبارا من ممدوح البلتاجى الذى تولى وزارة السياحة من عام 1993 حتى تركى للوزارة عام 2013.