تناثرت الاتهامات حول ضريبة الأرباح الرأسمالية وتوزيعات الأرباح من جانب المستثمرين والخبراء في المال حيث عدها البعض السبب الأول والأخير لتراجع التداولات في البورصة والانخفاض الحاد في أسعار الأسهم ورفعوا شعار»البورصة في خطر« مالم يلغ هذا القانون او تعلق الحكومة تنفيذه وقرروا ان حركة الاستثمار ستعود الي معدلاتها الطبيعية إذا ما وفت الحكومة بعد اجتماع المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء مع وزير الاستثمار ورئيس البورصة بوعدها بدراسة هذه المشكلة وتعليق سريان القانون خاصة أن اللائحة التنفيذية له أثارت الجدل حول نصوص القانون لدى خبراء الضرائب وأسواق المال: لكن خبراء الاستثمار والضرائب استنكروا اقوال هؤلاء المستثمرين والسماسرة وقالوا ان القانون يطبق في جميع البورصات العالمية بل انه يطبق داخل مصر. التفاصيل في سياق هذه الحوارات مع عدد من خبراء أسواق المال والضرائب فماذا قالوا؟ بداية فإن هذا القانون أصدره الرئيس السيسى العام الماضى بقرار جمهوري بفرض 10٪ ضريبة علي الأرباح الرأسمالية في البورصة وترحيل الخسائر 3 سنوات وفرض أيضا 10٪ ضريبة علي التوزيعات النقدية للشركات التي لا تتداول أسهمها في البورصة ثم صدرت اللائحة التنفيذية لنصوص القانون والتي أثارت جدلا كبيرا لدرجة أن هناك دعاوي قضائية امام المحاكم والمحكمة الاقتصادية تتهمها بعدم الدستورية ولم يفصل فيها بعد ولاتزال مصلحة الضرائب تطبق هذا القانون. يقول الدكتور عصام خليفة رئيس الأهلي لصناديق الاستثمار: ان صناديق الدخل الثابت لا بد من اعفائها من الضريبة لانها الملاذ الآمن لصغار المستمثرين مؤكدا ان استمرار تطبيق هذه الضريبة يعنى لجوء حملة الوثائق الي تسييلها وعلي ضوء ذلك تحدث هزات كبيرة في أسواق المال لأن هذه الصناديق تتميز بالتنوع ما بين الأسهم والسندات وأذون الخزانة لذا فإن مخاطرها ضئيلة مقارنة بالاستثمار في الأسهم فقط، مشيرا إلي ان الغالبية من المستثمرين الذين يبتعدون عن المضاربة يفضلون هذه الصناديق. يضيف.. ان اللائحة التنفيذية للقانون جاءت غامضة وبها بعض النصوص المتضاربة بل ان العديد من المتخصصين في أسواق المال والضرائب عبروا عن استيائهم منها مشيرا الي ان الحل الأمثل هو تعليق تطبيق هذه الضريبة لحين تحسن الظروف الاقتصادية والسياسية خاصة ان الكثير من الخبراء وصفوا هذه الضريبة بأنها عبء علي المستثمر لابد من تخفيفه في وقت يسيطر جو العشوائية والكآبة علي الاستثمار في الأوراق المالية. يري الدكتور مصطفي بدرة خبير أسواق المال وأستاذ الاستثمار ان صدور اللائحة التنفيذية في هذا الوقت جاء رسالة سلبية للمستثمرين لأن وزير الاستثمار ورئيس البورصة كانا قد وعدا بدراسة مشاكل المستثمرين وتوقع هؤلاء المستثمرون حلولا ايجابية لهذه المشكلة ثم فوجئوا باللائحة التنفيذية مما جعلهم يفقدون الثقة في هؤلاء المسئولين ،وزاد الطين بلة ان بعض نصوص هذه اللائحة غير واضحة فيما يتعلق بتعاملات المستثمرين الأفراد. يطالب بتطبيق حد الإعفاء الضريبي في حدود 50ألف جنيه سنويا لأن 70 ٪ من حجم التداولات في سوق المال للأفراد، مؤكدا ان هذا الحد يتمشى مع اساليب تشجيع وجذب المستثمرين في الأوراق المالية ولابد من منح هذا المستثمر عوائد علي استثمار امواله تتوازى مع معدلات المخاطر ، بل ويجب ان يتوازى هذا العائد ايضا مع معدلات التضخم التي تزيد على 20٪ موضحا ان البدائل التي يلجأ اليها صغار المستثمرين قد تكون بالاتجاه نحو الاتجار في العملات الأجنبية والمضاربة عليها مما يمثل ضغطا متزايدا علي الدولار ،بل ان الاحتياطى من العملات الأجنبية يدخل في تكوينه أموال هؤلاء المستثمرين الاجانب الذين دخلوا أسواق المال. يقول ان البورصة قيدت وطرحت أسهم عدد من الشركات الكبرى النشطة ورغم ذلك لم يتغير احجام التداول وغاب صغار المستثمرين في البورصة بسب غياب اساليب الجذب التي تعتمد علي الوسائل التسويقية والترويجية الجيدة للارتقاء بالتعاملات في البورصة مما جعل البورصة نتيجة لغياب هذه العناصر تتراجع في التنافس مع البورصات العالمية والمجاورة لجذب المستثمرين. يطالب بضرورة ادخال آليات وأدوات استثمارية جديدة تكون ذات عائد ثابت مثل السندات وأذون الخزانة بدلا من قصرها فقط علي البنوك وبنوك الاستثمار»المتعاملين الرئيسيين« وهذه الأدوات من شأنها ان تسهم في ادخال المئات بل الآلاف من المستثمرين الأفراد. يقول ليست الضريبة هي السبب الرئيسى لانخفاض احجام التداول بل هناك التعليمات التي تصدرها ادارة البورصة الي شركات السمسرة بأن تخفض من حجم »الكريدت« الذي تمنحه للعملاء خاصة غير المحترفين في نظام التداول والاستثمار لأن ذلك ينتج عنه خسائر كبيرة وتراجع لمؤشرات البورصة خاصة وان اعدادا كبيرة من هؤلاء المستثمرين يخسرون هذه الأموال حتي ان بعض الأسهم تهبط أسعارها لأقل من القيمة الاسمية.. ولايخرج المسئولون عن هذه الأسهم ويقدمون التوعية والارشاد للمستثمرين ويفسرون أسباب الانخفاض. ويختتم قائلا: ان مصلحة الضرائب اذا كانت ترغب في زيادة موارد وحصيلة الدولة فيمكن زيادتها من تحصيل الضرائب من الاقتصاد السري وليس بإضافة اعباء علي الممولين حتي يطفشوا من مجالات الاستثمار ويجب علي الحكومة ان تحل مشاكل الطاقة بالنسبة للمصانع الكثيفة الاستخدام للغاز والطاقة مثل شركات الاسمدة والاسمنت والحديد والالومنيوم وطرحها في البورصة لجذب مستثمرين جدد. يقول حمدى رشاد عضو مجلس ادارة هيئة الرقابة المالية ورئيس لجنة الاستثمار بجمعية رجال الاعمال المصريين: ان المشكلة لم تعد في القانون بل اضافت اللائحة اعباء اخرى من الضرائب موضحا ان البورصات العالمية تفرض ضريبة علي ارباح البورصة ويمكن ان تفرض ضريبة 10٪ مقطوعة علي كل المستثمرين دون تحديد شرائح لهذه الأرباح والدخول علي ان تخصم هذه الضريبة من المنبع لدي مصر للمقاصة. يقول ان البورصة ينقصها التطوير في الاداء الذي يعد من اهم عوامل نجاح الاقتصاد. الي جانب الاعباء التي اضافها القانون حتي تعقدت الأمور لدرجة ان بعض صغار المستثمرين الآن عندما يتجهون إلي مصر للمقاصة لتسلم توزيع الكوبونات للأسهم يفاجأون بالموظف هناك يطلب منهم ملء استمارة خاصة بالنشاط وبداخلها رقم الملف الضريبى الجديد لهم فيقوم المستثمر برفض تسلم الاستمارة ويترك الكوبونات والمكان ويغادره علي الفور بمجرد علمه انه سيفتح ملف ضريبي له ونظرا لأن ثقافة المواطن المصري انه يخشى التعامل مع مصلحة الضرائب او مجرد انها تعرف طريقه مشيرا إلي ان اللائحة التنفيذية للقانون غير واضحة وخلقت حواجز كبيرة امام المستثمرين. ويؤكد ان القانون ليس السبب الأوحد لمشاكل البورصة، لكنه عامل اساسى واقترح ان يستبدل بالقانون فرض دمغة نسبية علي التعاملات مؤكدا انه في حال قيام الحكومة بإلغاء القانون فإن ذلك سيعطى رسالة سلبية للمستثمرين العرب والاجانب عن اداء وتخبط الحكومة مما يؤثر علي مناخ الاستثمار. مشيرا الي ان البورصات الناشئة دائما تقدم عوامل جذب للمستثمرين الاجانب مثل اعفائهم. يقول محمد ماهر رئيس شركة »برايم« للأوراق المالية: ان تأثير هذا القانون علي اداء أسواق المال جوهري وهيكلي مشيرا إلي انه تسبب في انخفاض احجام التداول من 3مليارات جنيه عام 2008 إلي 250 مليون جنيه خلال هذه الايام وانخفض عدد الشركات المقيدة من 1300شركة عام 2000 الي 32شركة.ويطالب مسئولي الضرائب بتوسيع قاعدة المتعاملين تحت مظلة الضرائب ،أي البحث عن قطاعات جديدة لزيادة موارد الدولة وليس تحميل الممولين الملتزمين أعباء إضافية تجعل مشروعاتهم تنهار ويهرب اصحابها من الأسواق مؤكدا ان سياسة مسئولي الضرائب تنم عن قصر نظرهم ورؤيتهم في التعامل مع الأمور لأنهم يستسهلون بدلا من ادخال عملاء جدد. ويوضح ان انخفاض أسعار الأسهم غير ذات اهمية لأنها عملية مرتبطة بأداء الشركات لكن الأهم هو عدد المستثمرين والشركات المتداول أسهمها في البورصة موضحا ان اجمالي حجم التداول في بورصة السعودية 20 مليار جنيه وبورصة دبي 3 مليارات جنيه يوميا بينما في مصر التي تمتلك بورصة عريقة في أدائها ونشاطها يصل حجم التداول الي 200أو 250مليون جنيه فقط فهذه كارثة و إهانة للاقتصاد المصري. اما يحيى سعد مدير أحد صنادق الاستثمار سابقا ورئيس شركة للاستشارات المالية فيقول: ان قطاع أسواق المال عاني كثيرا من التصرفات العشوائية لمسئولي الضرائب علما بأن هذا القطاع اكثر حساسية للمتغيرات المختلفة.. فالبورصة هي مرآة للاقتصاد. يضيف ان العوائد المالية التي ستجنيها الحكومة من وراء ضريبة البورصة المنكوبة ضئيلة للغاية و،من الأصلح التخلي عن تطبيقها ما دام ذلك سيعطى انطلاقات للسوق ويجذب المستمثرين مشيرا الي ان السلبيات كثيرة منها ضآلة العائد الذي يعود علي شركة مصر للمقاصة مقابل زيادة احجام التداول وانخفاض مرتبات العاملين في البورصة. يطالب بتطبيق هذه الضريبة عندما يتعافي الاقتصاد.. لكن تطبيقها في هذه الظروف يعني القضاء علي البورصة. ويقول إن جملة الضرائب التي يتحلمها صاحب أي شركة هي 50٪ أو 30٪ ضريبة الدخل 10٪ علي الأرباح فيما لو حققت أسهم شركته أرباحا إضافة إلي 10٪ علي توزيعات الأرباح علي الكوبونات. وهي نسبة عالية تزيد الأعباء علي كاهل المستمثرين ووصف فكر مسئولي مصلحة الضرائب بأنه انغلاقي مملوكي طارد للاستثمار. ويقول ان المستثمرين والعاملين في أسواق المال في انتظار نتائج ايجابية لاجتماع محلب رئيس الوزراء واشرف سالمان ووزير المالية ورئيس البورصة لإصدار قرارات إيجابية لحل المشكلة جذريا بتعليق تنفيذ الضريبة. يقول محمد سعيد المحلل الفنى بأسواق المال : إن صدور اللائحة التنفيذية أصاب المستثمرين والسماسرة بالإحباط وغرس بداخلهم قناعة بأن الحكومة لن تستجيب لمطالبهم لأنه كان يسبق صدورها مؤتمر عام بأن الدولة فى طريقها لتأجيل العمل بالقانون لحين تحسين الأوضاع الاقتصادية ثم فوجئوا بهذه اللائحة التى جاءت نصوصها غامضة وتثير الجدل حتى إن خبراء أسواق المال ابدوا دهشتهم من هذه اللائحة التى لم توضح اجراءات التعامل مع المستثمرين واشتملت على نصوص تفيد تحصيل الضرائب مرتين مما يوحى بأن هذه النصوص يمكن الطعن عليها بعدم الدستورية. يضيف أن أكثر من 07٪ من أزمة البورصة الحالية تكمن فى هذا القانون وهناك عوامل اقتصادية وسياسية اخرى يمكن حلها تدريجيا. اما خبراء الضرائب والاستثمار فوصفوا هذه السياسة بأنها بمثابة لّى ذراع الحكومة وأكدوا أن سياسة الصوت العالى يجب ألا تفرض نفسها علي مصالح الشعب لأن الضريبة تعود علي الأغلبية بمنافع وخدمات عامة. وأضافوا أن الحكومة كانت فى غيبوبة عندما تأخرت فى تطبيق هذه الضريبة. يؤكد الدكتور سعيد توفيق عبيد استاذ الاستثمار والتمويل بتجارة عين شمس : أن المنظومة الضريبية فى مصر من أقل المنظومات الضريبية فى دول العالم بما فيها الدول المتقدمة، فإن الضريبة علي الدخل فى أمريكا 04٪ بينما فى مصر 5،22٪ وأن البورصة فى أمريكا يطبق عليها ضريبة 01٪ علي الأرباح الرأسمالية فى البورصة. يضيف: أعمال المستثمرين والسماسرة فى مجال أسواق المال واصرارهم علي أن تقوم الحكومة بالغائها أو تعليقها هو بمثابة تعسف ولّى ذراع الدولة ووصفها بأنها اعتصامات فئوية أو مظاهرات سياسية تتحول الي مالية. وتساءل عبيد هل يقوم السماسرة بدفع هذه الضريبة من جيوبهم فالمساهم هو الذى يدفعها مشيرا الي أن الحكومة لو قامت بالغائها فإنه لن يتوقع تحركا ملموسا من المستثمرين فى أسواق المال لأن سلوك المصرى لايتغير وهو يتوقع هذا التغيير فى أداء البورصة بعد مرور 3 سنوات بعد افتتاح قناة السويس الجديدة والبدء التنفيذى فى انتاج الشركات والمؤسسات التى سيتم تأسيسها. يضيف الدكتور سعيد عبدالمنعم استاذ المحاسبة والضرائب بتجارة عين شمس أن العالم بأكمله يفرض ضريبة على الارباح الرأسمالية فى البورصة والتوزيعات النقدية وأن الحكومة كانت فى غيبوبة عندما تأخرت فى تطبيقها ووصف مايردده المستثمرون والسماسرة بأن سوق المال سوف ينهار اذا لم يصدر رئيس الجمهورية قرارا جمهوريا بتعليق تطبيقها بأنها سياسة مناوئة للدولة يجب أن ترفضها لأن الضريبة مورد اساسى للدولة تنفق منها على الخدمات العامة مشيرا الي أن الضريبة علي التوزيعات النقدية تعد ازدواجية فى تحصيل الضريبة وتحرص مصلحة الضرائب على خصمها من الممولين الذين دفعوها عند احتساب الضريبة علي الدخل .يؤكد أن ادعاءات المستثمرين والسماسرة بأن البورصة سوف تنطلق عندما يعلق رئيس الجمهورية تنفيذ هذا القرار هو بمثابة فرقعة لا اساس لها من الصحة .. فالبورصة تعانى مشاكل اقتصادية ومتأثرة بالأوضاع السياسية منذ اندلاع ثورة 52 يناير وهى متأثرة بهذه المتغيرات السياسية والاقتصادية. يطالب الحكومة بالثبات والتمسك بتطبيق هذه الضريبة والا تخضع لشطحات فئات ضئيلة تريد أن تملي رغباتها علي الحكومة. ينفى ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب الأسبق أن يكون للضريبة علي الأرباح الرأسمالية فى البورصة هذا التأثير السلبي الذى تمر به البورصة مؤكدا أن ما يحدث سياسية لّى الذراع ونتائجها تكون اكثر سلبية اذا ما استجابت الحكومة لمطالب هذه الفئات لأن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ،موضحا أن الضريبة تعود علي دافعها فى صورة خدمات عامة من الدولة لكن زيادة أسعار السلع تدخل جيوب اصحاب الشركات. يختتم قائلا : إن فى كل قطاع يوجد أعداد ضئيلة من هؤلاء يتبعوا سياسية الصوت العالى لفرض سطوتهم وإرغام الطرف الآخر على الاستجابة لمطالبهم وهذه السياسة يجب أن يكتب لها الاندثار.