تحقيق : حلمى الشرقاوى المدقق فى نتائج أعمال بنكى «الأهلى» و»مصر» أكبر بنكين حكوميين بالسوق المصرية يجدهما يحققان أعلى أرباح فى تاريخهما ولكن هذه الأرباح مقارنة بحجم الأصول المملوكة للبنكين التى تقترب من نصف أصول الجهاز المصرفى المصرى تطرح عدة تساؤلات: هل تحتاج البنوك الحكومية لمزيد من الإصلاحات ؟ ومدى كفاءة فكر إدارة الأصول وتوظيفها بالبنكين وملاءمته لأصول الإدارة المصرفية الناجحة حتى يتمكن من تحقيق أعلى الأرباح مقارنة بحجم الأصول ؟ وهل تدير البنوك الخاصة أصولها بشكل أكثر كفاءة من البنوك الحكومية؟ التساؤلات السابقة أثارتها مقارنة بين حجم الأرباح والأصول بالبنكين الحكوميين فى مواجهة بنكى قطاع خاص حيث كشفت المقارنة عن تحقيق البنكين الخاصين لأرباح مقارنة بأصولهما تفوق البنكين الحكوميين ! ووفقا لنتائج الأعمال الأخيرة حصد البنك الأهلى المصرى أعلى ربحية فى تاريخه فى العام المالى الماضى، لتبلغ 3.7 مليار جنيه، فى حين تبلغ أصول البنك 456 مليار جنيه حيث بلغ العائد على أصول البنك الأهلى المصرى 0.8٪ وهو ما يؤكد مشروعية التساؤلات السابقة، بينما بنك مصر صاحب حجم الأصول البالغة 274 مليار جنيه، استطاع تحقيق أرباح بلغت 2.5 مليار جنيه ليحقق العائد على الأصول بالبنك 0.9٪ الأمر الذى يطرح عدة تساؤلات حول مدى كفاءة البنوك الحكومية فى إدارة أصولها ومدى حاجتها لتغيير الطرق الحالية فى العمل بما يعزز فرص تحقيق أرباح تتناسب وحجم الأصول والتاريخ العريق لهذه المؤسسات المالية ! أحد البنوك الخاصة أصوله ثلث أصول البنك الأهلى استطاع تحقيق أرباح بلغت قيمتها 3.7 مليار جنيه العام الماضى وهو ما ساعده على تحقيق 2.6٪ كنسبة للعائد على أصوله فى حين حقق بنك خاص آخر معدل عائد على الأصول قدره 1.4٪ ووفقا للقوائم المالية للبنك الأهلى فإن الفائدة على الاستثمار فى القروض والأذون والأدوات المشابهة بالقياس إلى حجم هذه المحافظ بات منخفضا حيث بلغ العائد على الاستثمار فى القروض والأذون 8.8٪ من إجمالى حجم تلك الاستثمارات فى حين ترتفع الفائدة على الاستثمار فى القروض والأذون والأدوات المشابهة بالقياس إلى حجم هذه المحافظ ببنك مصر إلى 11.3٪ ووفقا لذات النتائج فقد تراجعت معدلات توظيف القروض إلى الودائع خلال العام المالى المنتهى فى يونيو 2014 بالبنك الأهلى لتصل إلى 29.6٪ مقابل 34.2٪ خلال العام المالى الذى سبقه. وبالنظر لبنك مصر فقد تراجعت معدلات توظيف القروض للودائع خلال العام الماضى لتصل إلى 22.3٪ مقابل 25.8٪ العام المالى المنتهى فى يونيو 2013 كما تبلغ توظيفات بنك مصر فى القروض والأذون 128 مليار جنيه. كما تكشف القوائم المالية للبنكين عن تحملهما لتكلفة ودائع أعلى بمعدلات كبيرة عن نظيرتها فى البنوك الأكثر ربحية حيث يبلغ متوسط تكلفة الودائع بالبنك الأهلى 5.9٪، تقابلها 5.1٪ فى بنك مصر، بينما تقل كثيرا عن ذلك بالبنوك الخاصة وهو ما يبرر بالزيادة الكبيرة فى ارصدة الإيداعات مقارنة بمعدلات نمو التوظيفات الضعيفة خلال الاعوام الماضية. الأحمال الخفيفة التساؤلات التى أثارتها المقارنة يرد عليها مصدر مسئول ببنك مصر قائلا: إغلاق فجوات المخصصات وارتفاع المديونيات الرديئة وعدم تعزيز الدولة لرءوس أموال البنوك الحكومية كانت ثلاثية الضعف لبنوك الحكومة ومازلنا نعانى من تبعاتها حتى وقت قريب. المسئول الذى رفض الإفصاح عن اسمه دافع بشدة عن البنوك الحكومية قائلا: تدير أصولها بشكل جيد والعائد عليها لا يقارن بالبنوك الخاصة صاحبة «الأحمال الخفيفة» من التعثرات والديون التى نمت أعمالها فى وقت كنا نعانى من الأزمات الطاحنة قبل بداية الإصلاح المصرفى فى 2004 وعلى ذكر الإصلاح المصرفى فإن عمليات إعادة الهيكلة والإصلاح للبنوك العامة فى 2004 التى امتدت أول مراحلها من خلال المرحلة 2004-2008 اعتمدت ضمن محاورها على تحديث وتطوير البنوك الحكومية من خلال استقدام كوادر من القطاع الخاص إلى جانب تدشين صندوق تطوير وتحديث بنوك القطاع العام لتمويل رواتب هؤلاء المسئولين الجدد وهو ما كان له نتائج جيدة فى التصدى لآثار الأزمة المالية العالمية مقارنة بالبنوك العالمية تلتها فى المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح المصرفى فى عام 2009 واستمرت حتى يونيو 2011، من خلال تعزيز إدارة جميع أنواع المخاطر وضمان الاستقرار المصرفي، وإدارة رأس المال بكفاءة أكبر، ومواكبة أفضل الممارسات الدولية حتى جاءت جاءت المرحلة الثالثة فى يوليو 2011 وحتى نهاية البرنامج الذى امتد حتى آخر مارس 2012، وركزت على الانتهاء من صياغة التعليمات الرقابية وتدريب إدارات قطاع الرقابة والاشراف على مرحلة تفعيل تلك التعليمات فى حين ارتكزت المرحلة الرابعة والنهائية، على مساعدة البنوك لتطبيق تعليمات بازل 2 والانتهاء من آلية حفظ البيانات. وأكد المسئول أنه بمجرد بدء الإصلاح المصرفى استطاعت البنوك الحكومية تحقيق أرباح وإغلاق فجوات المخصصات وتحصيل جزء كبير من المديونيات الرديئة والمشكوك فى تحصيلها. من المرجح تغير النسبة وفى معرض رده على سؤال »الاقتصادى« عن تركيز البنوك العامة على أدوات الدين الحكومية مقارنة بمعدلات الاقراض باعتبارها الأهم لها لتحقيق عوائد مرتفعة وأكثر استدامة من مثيلاتها لأدوات الدين الحكومية قال المسئول: إن نقص الطلب على الائتمان خلال الفترة الماضية هو السبب ولكن بعد عقد مؤتمر مارس الاقتصادى والإعلان عن تمويلات ضخمة فمن المرجح تغير النسبة لصالح الإقراض مقابل توظيفات شراء الدين الحكومى. وقال مسئول بارز بالبنك الأهلى المصرى : إن خطوة الحكومة أخيرا برفع رأسمال بنكى الأهلى ومصر إلى 15 مليار جنيه لكل منهما سيعزز من أداء البنكين مرجعا ما كشفت عنه نتائج الأعمال من تدنى العائد على الأصول بالبنكين إلى التاريخ المثقل بالتعثر لدى البنوك الحكومية. وتوقع نمو العائد على الأصول بالبنكين مستقبلا نتيجة بدء جنى ثمار الإصلاح المصرفى بالبنوك الحكومية إلى جانب النمو المتوقع فى عمليات الإقراض الذى سيعوض الاعتماد بجزء كبير على سداد الدين الحكومى كمورد رئيسى لأرباح البنوك العامة . وشدد على أهمية الابتعاد عن التركيز على شراء الدين الحكومى بما يحمله من ضرائب عالية على البنوك الحكومية فى ظل اعتمادها الكبير عليه خلال السنوات الماضية. وأرجع المسئول ارتفاع تكلفة التشغيل بالبنك الأهلى خلال العام الماضى لتصل إلى 37.1٪ مقابل 34.7٪ فى العام السابق له إلى كبر حجم فروع البنك وارتفاع قيمة مصروفات الكهرباء والمياه والتأمينات والمواد المشتراة.