قالت مجلة "الإيكونوميست" إن ساحة السياسة البريطانية انقلبت رأسا على عقب بنتيجة الانتخابات الأخيرة؛ بخلاف موقف الاتحاد الأوروبي من خروج بريطانيا "بريكست" فلم يتغير كثيرا. ونوهت المجلة - في تعليق على موقعها الإلكتروني - عن أن أولوية الاتحاد، فيما يتعلق ببريكست، تتمثل في إجراء محادثات منظمة قدر الإمكان، وعدم السماح لأي اتفاق بإضعاف النظام القانوني الخاص بالاتحاد؛ لا سيما في ظل التحذيرات من محاولة بريطانيا "انتقاء الزبيب". وفي مواجهة اضطراب الموقف السياسي البريطاني، رصدت المجلة ثباتا في الموقف الأوروبي في بروكسل تمثلت مظاهره في تنظيم فِرَق التفاوض والاتفاق على المواقف المشتركة؛ وكان كبار المسئولين في الاتحاد أبدوا ترحيبهم لفكرة تيريزا ماي الخاصة بالانتخابات المبكرة لاعتقادهم أن مزيدا من الأغلبية لحزب المحافظين كفيلٌ بتعزيز استقرار الشريك المفاوض في محادثات من الواضح أنها ستكون صعبة. وعليه، أكدت الإيكونوميست، أن ليس ثمة احتفالا في بروكسل بنتيجة تلك الانتخابات البريطانية التي تركت مسئولي الاتحاد الأوروبي في حالة ترقب وانتظار ريثما تنتهي حالة الفوضى السياسية التي أوجدتها نتيجة الانتخابات في بريطانيا؛ وقد غرّد السياسي الفرنسي مايكل بارنييه كبير المفاوضين الأوروبيين صبيحة تلك الانتخابات قائلا على تويتر: "مفاوضات الخروج ينبغي أن تبدأ عندما تكون المملكة المتحدة مستعدة؛ الجدول الزمني ومواقف الاتحاد واضحة؛ دعونا نمضي صوب إبرام اتفاق". ولفتت المجلة إلى أن معظم تصريحات الساسة الأوروبيين اتسمت بالوضوح بشأن "عملية الخروج في عامين" والتي بدأت عندما أعلنت ماي في مارس الماضي تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة؛ ومن بين هؤلاء الساسة، جاءت المتحدثة باسم المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، والتي حثت بريطانيا على سرعة الإنجاز:" إن هؤلاء الساسة ينظرون بأعينهم إلى ال 29 من مارس 2019، يوم مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي سواء أبرمت اتفاقا أم لم تُبرم" ونبهت الإيكونوميست في هذا الصدد إلى أن بريطانيا لا تستطيع تمديد تلك المهلة (العامين) إلا بعد الحصول على إجماع ال 27 حكومة الأخرى، غير أن هذا الأمر يبدو مستبعدا، لا سيما في ظل تصريح دونالد توسك، الذي يرأس قِمَم قادة الاتحاد الأوروبي، غداة الانتخابات البريطانية حيث قال: "نحن لا نعلم متى تبدأ محادثات بريكست، لكننا نعلم متى يجب أن تنتهي". وتساءلت المجلة عما إذا كان لنتيجة هذه الانتخابات البريطانية أثرٌ على محادثات بريكست؟ وأجابت الإيكونوميست بأن منطق تيريزا ماي الذي برر إجراء انتخابات لإحراز مزيدا من المقاعد للمحافظين لتعزيز موقفها في المحادثات - هذا المنطق وهميّ؛ ذلك أن موقف الاتحاد الأوروبي لم يكن أبدا متأثرا بعدد النواب المحافظين في مجلس العموم؛ إنما موقف الاتحاد منصوص عليه بوضوح في تفويض بارنييه والمعتمد من جانب حكومات 27 دولة قبل أسابيع. وأشارت المجلة إلى أن المرحلة الأولى من المفاوضات ستشهد التركيز على ضمان حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا، وتوضيح وضع الحدود الأيرلندية والخروج بتسوية مالية ضخمة من بريطانيا تُقلِّص حجم الفجوة في ميزانية الاتحاد الأوروبي. ورصدت الإيكونوميست احتمالات يسوقها بعض المراقبين بأن تفتح تلك الانتخابات الباب على عملية "خروج سهل" عند حديث الطرفين المتفاوضين عن اتفاق تجاريّ في وقت لاحق من العام الجاري أو ربما مطلع العام المقبل 2018؛ لكن الاحتمال الأكثر إثارة للقلق بحسب المجلة هو أن يؤدي هذا الاضطراب السياسي الحاصل في بريطانيا بفعل تلك الانتخابات إلى مزيد من الصعوبة في إبرام أي اتفاق من أي نوع كان. وقالت الإيكونوميست إن تهديد ماي بأنها تفضل عدم إبرام أي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي على إبرام اتفاق سيء - هذا التهديد ربما لن يستطيع الحياة بعد فشلها الانتخابيّ؛ لكن في ظل حكومة غير مستقرة أو برلمان مضطرب تصبح المساحة المتروكة للتفاوض أمام "ماي" أو غيرها محدودة.