هناك شبه إجماع بين الاقتصاديين علي عدم اختزال القوانين الاقتصادية في قانون الاستثمار الموحد مع ضرورة عدم ربطه بمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي, حيث يجب علي الدولة إصدار منظومة تشريعات اقتصادية حاكمة متكاملة مع ضرورة خلق الكوادر الحكومية المؤهلة لتطبيقها, علي ان يكون التشريع الاقتصادي عملية ديناميكية دائمة مرتبطة بتغيرات الاقتصاد. هذا ما خلصت إليه ندوة بعنوان' التشريعات الاقتصادية: ما الجديد؟' التي أقيمت في كلية الاقتصاد و العلوم السياسية بجامعة القاهرة. يري هشام رجب مستشار وزير الصناعة و التجارة ان عدم تبني الدولة لرؤية اقتصادية واضحة و ما يلزمها من سياسات اقتصادية هو ما أدي إلي وجود غابة من التشريعات التي قد تكون متناقضة أو غير متسقة مع بعضها البعض. مضيفا ان التشريعات الاقتصادية لا تؤثر فقط علي الاستثمار بل علي النشاط الصناعي و التجاري أيضا. موضحا ان التشريعات الاقتصادية يمتزج فيها القانون بالسياسة و بالاقتصاد لذلك يفضل عمل مشاورات و طرح بدائل و دراسة التشريعات المطبقة في الخارج بصفة دورية. كما يعتقد انه من الخطأ ربط قانون الاستثمار بالمؤتمر الاقتصادي كما ان تصور البعض ان قانون الاستثمار وحده كفيل بحل بمشكلات مصر الاقتصادية يجافي الحقيقة, فمصر بحاجة إلي إصدار تشريعات دائمة لمواكبة ديناميكية آليات السوق حيث ان النشاط الاقتصادي متجدد. و أشاد رجب بصدور قانون منظم للطعن علي عقود الدولة لما له من اثر ايجابي علي استقرار الاستثمار, كما أشاد بصدور قانون التمويل المتناهي الصغر و الذي من شأنه تنشيط الاقتصاد. و يري ان من أهم التشريعات التي يشكو منها مجتمع الأعمال و التي يجب ان تعالج في الفترة القادمة باب المال العام في قانون العقوبات الذي ينص علي معاقبة رئيس مجلس إدارة الشركة علي خطأ ارتكبه احد موظفي الشركة و نادي بأن تكون العقوبة شخصية لمرتكب الخطأ. أيضا اقترح ضرورة تعديل قانون شركات الأشخاص الذي مازال يحكمه قانون أصدره الخديوي توفيق في عام.1883 علاوة علي إصدار قانون ينظم تصفية الشركات المتعثرة أو التي تعرضت للإفلاس الذي يسير الآن بمقتضي أحكام قضائية منفصلة. مضيفا ان هناك مقترحا لتعديل قانون195 لشركات الأموال تلبية لرغبة المجتمع في تحقق نموذج شركة الشخص الواحد.كذلك يجب مواكبة تطورات العصر و إقرار عقد لقاءات مجلس الإدارة بواسطة' الفيديو كونفرنس' إضافة إلي حفظ حق الأقليات في المشاركة بالإدارة. و من جانبه أعرب احمد فكري رئيس مجلس إدارة مجموعة فاو للصناعات عن قلقه من المشهد التشريعي الذي تسوده حالة من غياب التخطيط المستقبلي,الا انه أثني علي صدور قانون تفضيل المنتج المحلي في العقود الحكومية لما له من أثر علي تطوير الصناعة المحلية و تحقق عنصر الشفافية في إرساء المناقصات و هو ما يساعد علي المنافسة و نادي بعدم إعفاء وزارت الإنتاج الحربي و الدفاع و الشرطة من الالتزام بهذا القانون في المنتجات التي لا تتعلق بالتسليح و بما لا يضر بالأمن القومي. و شدد علي ان تطبيق التشريعات يعد أهم من إصدارها لذلك يجب العمل علي تدريب الجهاز الاداري للدولة و رفع كفاءته بما يؤهله لتطبيق التشريعات الجديدة و التعامل مع القطاع الخاص. وطالب د.فتحي صقر أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية و رئيس هيئة الرقابة المالية السابق بضرورة وضع منظومة تشريعية متكاملة مع الحرص علي فاعلية و تحقق اتخاذ القانون, و أشار إلي انه لمس من خلال تجربته في الهيئة,كمظلة رقابية علي الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية بما في ذلك أسواق رأس المال, وبورصات العقود الآجلة, وأنشطة التأمين, والتمويل العقاري, والتأجير التمويلي, والتخصيم, والتوريق,عدم وجود اتساق عام في اللوائح المنظمة للهيئات الفرعية التي تم دمجها إضافة إلي سيادة حالة من التحيز لدي كل هيئة. لذلك ينصح بضرورة إجراء الدراسات الكافية قبل الإقدام علي مثل تلك الخطوة, مستشهدا علي صحة وجهة نظره بأن البيروقراطية المصرية نجحت في التحايل و من ثم إفشال تجربة الشباك الواحد في السابق. و قال شريف سامي رئيس هيئة الرقابة المالية: ان مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي ما هو إلا محطة في الطريق الطويل الذي تسلكه مصر لتنشيط الاقتصاد و جذب الاستثمارات, و بالتالي لا يصح إصدار تشريعات فقط للمؤتمر, بل يجب إعادة ترتيب البيت من الداخل بصورة شاملة و إعادة النظر في التشريعات الضريبة و قانون العمل. و اقترح إنشاء لجنة لتقييم اثر التشريعات علي ارض الواقع, مشيدا بنص الدستور المصري علي استقلالية الرقيب المالي غير المصرفي كجهة مخول لها تحريك الدعوي الجنائية حتي تكون بمنأي عن ضغوط السلطة التنفيذية. و استعرض شريف سامي القوانين التي أصدرتها الهيئة أخيرا أو التي بصدد إصدارها و منها قانون التمويل المتناهي الصغر و قانون ضمان السجلات المنقولة و الذي من شأنه تقليل المخاطر و تيسير الإقراض و قانون خاص بإصدار و تداول الصكوك نظرا لوجود شهية لدي المستثمرين المحليين و العرب لهذا النوع من الاستثمار, و بالتالي لا يجب ان نحرم سوق المال من هذه الأموال. و أعلن عن إصدار نسخة مستحدثة من معايير المحاسبة المالية في الربع الثاني من.2015 كما قال انه جار تطوير معايير التقييم العقاري لتنظيم المهنة من خلال لجنة مكونة من14 خبيرا من ممثلي البنك المركزي و وزارة الاستثمار وزارة الإسكان و هيئة الرقابة المالية. موضحا ان الهيئة في سنة2014 أولت اهتماما خاصا بالتمكين المالي للكيانات الصغيرة و توعيتهم. كما أعلن ان الهيئة بصدد توقيع برتوكول للتعاون مع جهاز حماية المنافسة و منع الممارسات الاحتكارية في قطاع التأمين مشيرا إلي أهمية هذا القطاع حيث أن إجمالي أقساط التأمين بلغت14 مليار جنيه خلال العام الماضي, لافتا أن فائض النشاط التأميني بالقطاع بلغ1.6 مليار جنيه بنهاية ديسمبر الماضي. وأضاف, أن قطاع التأمين يحتاج إلي توعية للعملاء للمخاطر التي تواجههم, مشيرا إلي أن ثقافة العميل المصري تتطلب زيادة الوعي بالأخطار المؤسسية والتأمينية المتنوعة. أوضحت د.مني الجرف رئيسة جهاز حماية المنافسة ان الجهاز يعمل بمقتضي القانون الصادر في فبراير2005 و الذي دخل حيز النفاذ في16 مايو2005, وتم تعديل بعض أحكامه مرتين الأولي في عام2008 والثانية في عام2014 منوهة إلي ان من أهم التعديلات تلك التي تمنح الجهاز ممارسة الضبطية القضائية علي شركات القطاع العام في حال مخالفتها بلا أي قيود و كذلك المواد التي تنص علي تغليظ العقوبات كافة, وبصفة خاصة علي جرائم الكارتل, أي بمعني اختلاف نسبة الغرامات الموقعة علي المخالفات الاحتكارية المختلفة وليست نسبة موحدة, كما ينص القانون علي إعفاء وجوبي من كامل العقوبة ضد المبلغ الذي يبادر بإبلاغ الجهاز بالجرائم, إضافة إلي المواد التي تنص علي أحقية الجهاز في طلب رفع الدعوي الجنائية ضد المخالفين وإصدار قرار التصالح في القضايا بعد موافقة أغلبية أعضاء مجلس الإدارة,علاوة علي تغليظ العقوبة من100 ألف جنيه حد أدني و300 مليون جنيه بحد أقصي. موضحة ان تلك المواد تأتي لتطبق المادة27 من الدستور التي تنص علي أن يلتزم النظام الاقتصادي بمنع الممارسات الاحتكارية. و حول تأخر صدور قانون الاستثمار الموحد قالت: إنه لا يجب جلد الذات فلقد بذلت الحكومة قدر استطاعتها في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها مصر و الغرض من المؤتمر هو وضع مصر علي خريطة الاستثمار العالمي مرة أخري العبرة و معالجة أخطاء وقعنا فيها خلال السنوات الماضية أدت إلي اهتزاز ثقة المستثمر بمصر. و أضافت ان هناك أهمية لوجود منفذين جيدين للقانون حتي لا يكون مجرد حبر علي ورق و هذا ما سوف يستغرق وقتا. و أشادت بتحرير سعر صرف الجنية و الذي و صفته بالمطلب المحلي و العالمي العادل حيث كان من غير المنطقي ان يظل سعر صرف الجنيه ثابت أمام الدولار في ظل الأوضاع الحرجة للاقتصاد المصري في حين تنخفض بقية العملات الأخري أمام الدولار. و حول هذا الشأن تقول د. عالية مهدي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية بجامعة القاهرة: ان قانون الاستثمار الموحد قد تأخر في الصدور حيث كان يجب ان يكون الاقتصاديون و المستثمرون علي اطلاع به الآن,إلا أنها تعتقد ان المستثمر الأجنبي لا يهتم بقانون الاستثمار فقط قدر اهتمامه بالقوانين الحاكمة للنشاط في مجملها منها قوانين العمل و التأمينات الاجتماعية الشركات و قوانين الإفلاس و التامين الصحي في البلد التي ينوي الاستثمار بها. و تمنت ان لا تنص القوانين المنتظرة علي اي إعفاءات ضريبية لأن الحكومة في أمس الحاجة إلي الضرائب في الوقت الراهن و قالت إن العبرة في جذب الاستثمار يكون بخلق مناخ استثمار و تطبيق سياسات اقتصادية كلية مواتية و تحقيق استقرار أمني و سياسي تفكير و الالتزام بالشفافية. و توقعت ان يحقق المؤتمر النجاح حيث قامت الحكومة بإسناد اعداده لشركة دولية, وبالتالي تتوقع ان يكون في مستوي المؤتمرات الاقتصادية العالمية كدافوس. و يجب النظر إليه كنقطة بداية للانطلاق و يجب لنظر الية كسوق لعرض المشروعات التي أعدتها الحكومة و التي لازلنا لا نعرف الكثير عنها. و استشفت ان سفر رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الوزراء لعدد من الدول العربية سوف ينتج عنه الإعلان عن مشروعات بعينها قد تساوي10 مليارات دولار خلال المؤتمر.