لاتزال المنظمات والاتحادات الممثلة والمتحدثة بلسان رجال الأعمال والمستثمرين تمارس ضغوطا في اتجاه دفع البنوك العامة الى اجراء عمليات تصالح جماعى بشأن المديونيات المتعثرة التى تتجه عن اوضاع اقتصادية قبل ثورة 25 يناير وتداعياتها والتى اضافت اعباء جديدة الى تلك المديونيات بما يعنى أنها باتت مأزقا لا سيما في ظل ان المادة 133 من قانون البنك المركزى رقم 188 لسنة 2003 لم تجب عن السؤال المطروح بديهيا وتلقائيا نصه: ما هي البنوك الخاضعة لاحكام القانون ذاته الذي يحوي تلك المادة وموقف فروع البنوك المصرية بالخارج من التصالح والبنوك الغير خاصة لقانون البنك المركزى رقم 88 . يوضح د. صلاح شحاتة مدير الرقابة بالبنك المركزى أن المادة (03) من قانون البنك المركزى تجيب عن هذا السؤال بقولها تخضع جميع البنوك التي تمارس عملياتها داخل جمهورية مصر العربية وفروعها بالخارج لاحكام هذا القانون ويشتمل نص المادة على البنوك التالية: الاشخاص الاعتبارية العامة والبنوك التى تمارس نشاطها في مصر وفروعها بالخارج، وفروع البنوك الأجنبية التي تمارس عمليات البنوك داخل جمهورية مصر العربية ويتضح من سياق المادة السابقة ان المشرع لم يقصر الشكل القانونى للبنوك على الشركات المساهمة مقارنة بالوضع السابق في المادة (12) من القانون رقم 136 لسنة 7591 قبل إلغائه بالقانون الحالي 88 لسنة 3002 ، حيث أجاز القانون 88 لسنة 3002 أن يتخذ البنك شكل الشخص الاعتبارى العام الذي يكون من بين أغراضه القيام بأعمال البنوك وعادة الفروع للبنوك المصرية بالخارج بأنها تخضع لرقابة سلطة رقابية واشرافية في البلد المفتوح بها هذا الفرع بالخرج مثل: البنك الاهلي في فرع نيويورك، البنك الاهلى فرع لندن، وكل هذه الدول قوانينها لا تعتبر التعثر الائتمانى جرائم اضرار عمدى او غير عمدى بأموال تلك البنوك بل تعتبر التعثر هو اخلالا بالعقد المبرم بين البنك والعميل. يرى جانب من الفقه كما يضيف المصدر نفسه ان الجرائم المنصوص فى المادة (131) من قانون البنك المركزى الجهاز المصرى والنقد 88 لسنة 2003 يكفى ان يتم جانب من الجريمة سواءكان هذا الجانب هو السلوك الاجرامى او النتيجة الاجرامية في مصر لكى يتم تطبيق هذا القانون عليها. على ما سبق.. رأي جانب من الفقه ان فعل الاضرار العمدى او غير العمدى اذا ارتكب خارج مصر من احد فروع البنوك المصرية بالخارج دون ان يكون تنفيذا لأي قرار من قبل مركزه الرئيسى في مصر فإن الفعل الإجرامى من هنا وقع خارج القطر المصرى الا ان النتيجة الاجرامية تأثرت بها سجلات ودفاتر من سجلات الفارع بالخارج ومن ثم يسرى على هذا الفعل احكام قانون العقوبات المصري اما الفعل اذا ارتكب خارج مصر تنفيذا لقرار من مركزه الرئيسى بمصر لا يثير جدلا قانونيا من ارتكاب السلوك الاجرامى داخل مصر. تقضى المادة (30) من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد 88 لسنة 2003 بأنه مع عدم الاخلال بالاتفاقيات والقوانين الخاصة بانشاء بعض البنوك تخضع جميع البنوك التى تمارس عملياتها داخل جمهورية مصر العربية وفروعها بالخارج لاحكام هذا القانون وتقضى المادة الاولى من مواد القانون المذكور ، بأنه: «مع مراعاة الاتفاقيات الدولية بانشاء بعض البنوك في جمهورية مصر العربية ، يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام القانون المرافق». يتضح من التطبيقين السابقين انه يشترط لعدم خضوع اي بنك لقانون البنك المركزى ان يكون هذا البنك انشئ بموجب اتفاقية دولية سواء كانت ثنائية او جماعية او بموجب قانون خاص به كشرط أول . وأن ينص فى قانون أو اتفاقية انشاء البنك علي عدم خضوعه لقانون البنك المركزى كشرط ثان . فلو انشئ البنك بموجب اتفاقية أو قانون خاص ولم ينص فيها صراحة علي عدم خضوعه لقانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد فإنه لايستثنى من الخضوع لأحكامه. فيما يخص الشروط الشكلية للتصالح فإن موافقة مجلس ادارة البنك الدائن علي التصالح مع العميل حيث تقضى المادة 331 فقرة (2) من القانون بأنه وفى جميع الأحوال يشترط موافقة مجلس ادارة البنك الدائن علي التصالح ويحرر عنه محضر يوقعه أطرافه ، بتفصيل كما يوضح مدير عام الرقابة بالبنك المركزى: التصالح باعتباره عقدا، يتم افراغه فى شكل عقد صلح متضمنا اطرافه وموضوعه والحقوق المتنازل عنها وأن يوقع عليه من أطراف التصالح ويرى البعض أن عقد التصالح المبرم بين البنك والعميل يختلف عن محضر التصالح باعتبار الاخير المستقل عن عقده ولا حق عليه ولايغني عن هذا العقد حيث إن المادة 331 من القانون تقضى بأنه يحرر عن التصالح محضر بعبارة تعنى اختلاف العقد عن المحضر ولكن التطبيق العملي وماجرى العمل عليه داخل البنك المركزى بأن محضر التصالح وعقد التصالح هما شىء واحد حيث يقوم محافظ البنك المركزى باعتماد محاضر التصالح أو عقد التصالح حيث يشتمل علي كل البيانات الخاصة بالتصالح من حيث الموضوع والحقوق المتنازع عليها وكيفية سدادها وبالفعل قبلت المحاكم بما فيها محكمة النقض فى أحكامها عدم التفرقة بين المحضر والعقد. تقضى المادة 331 فقرة (2) من القانون بانه »يعرض التصالح علي محافظ البنك المركزى مؤيدا بالمستندات للنظر فى أعتماده، ولايكون هذا التصالح نافذا إلا بهذا الاعتماد علي الرغم أن محافظ البنك المركزى ليس طرفا فى محضر التصالح أو عقد التصالح ونرى أن وضع هذا الشرط الاخير لنفاذ التصالح له اسباب موضوعية اثبتها الواقع العملي أهمها : التحقيق من جدية التصالح وأن الوفاء بمستحقات البنك تم وفقا للأسس المصرفية السليمة حيث تسعى بعض البنوك متمثلة فى مجالس ادارتها بصفتها السلطة العليا بالبنك الي محاولة معالجة بعض الانحرافات الائتمانية بالتصالح مع العملاء فى ظل السلطة المطلقة لمجالس ادارة البنوك فى ابرام مثل هذه التصالحات ، معتقدا المصدر نفسه أن نظرة البنك المركزى فى ضوء السياسة التى يديرها لحل مشاكل الديون المتعثرة ستكون أعم وأشمل من نظرة البنك الواحد فاعتماد محافظ البنك المركزى لهذا التصالح يمنع حصول العملاء على تسهيلات ائتمانية لسداد المديونيات محل التصالح طرف بنوك أخرى. قضت المادة 331 من قانون البنك المركزى والمعدل بالقانون 261 لسنة 4002 بانه «اذا تم التصالح قبل صدور حكم بات فيها يشترط لنفاذه إتمام الوفاء بحقوق البنك وفقا لشروط التصالح» .. فى حالة صيرورة الحكم باتا لايكون التصالح نافذا إلا اذا قام المحكوم عليه بالوفاء المسبق بمستحقات البنك. اذا لم يوافق مجلس ادارة البنك علي التصالح رغم الوفاء بكامل حقوق البنك يعرض الأمر بناء علي طلب ذوى الشأن علي مجلس ادارة البنك المركزى لاتخاذ مايراه مناسبا وقد اثير مشكلة مقابل الوفاء عند ابرام التصالح بين المتهمين والبنوك الدائنة فى قضية نواب القروض خاصة أن من المهتمين من حكم عليه بحكم بات فى تلك القضية ومنهم من حكم عليه باحكام غيابية. ولكن خلص الرأى وما أيده القضاء بأن الحكم غير البات يشترط لنفاذه قبول البنك للتصالح وفقا للشروط التفاوضية بين العميل والبنك فلايشترط هنا الوفاء بحقوق البنك التى تظهر فى سجلاته فى تاريخ السداد ولكن يمكن للبنك التنازل عن جزء من هذه المديونية مقابل التصالح تيسيرا فى قفل ملف الديون المتعثرة والوفاء بمستحقات البنك وفقا لشروط التصالح المبرم بينه وبين العميل. ويثور التساؤل فى الحكم البات والذى اشترط المشرع الا يكون التصالح نافذا الا اذا قام المحكوم عليه بالوفاء بمستحقات البنك والفارق بين مقابل التصالح فى الحالتين أنه يجوز للبنك التنازل عن جزء من مستحقاته فى حالة التصالح قبل صدور الحكم البات وذلك وفقا لشروط التصالح أما فى حالة التصالح بعد ضيرورة الحكم باتا فانه لايجوز التنازل عن اى جزء من مستحقات البنك .. وقد اقترح بعض اعضاء مجلس الشعب عند مناقشة المادة 331 من مشروع القانون علي أن يكون التصالح مقابل رد اصل المديونية نقدا أو عينا مضافا اليها العائد البنكى فى تاريخ وقف التعامل مع العميل ، علي أن يتم اقرار هذا التصالح من البنك المركزى إلا أن هذا الاقتراح لم يحظ بموافقة اغلبية اعضاء مجلس الشعب. يستفسر د. صلاح شحاته : من الذى يحدد مقابل الوفاء بمستحقات البنك سواء فى حالة الحكم غير البات أو صيرورة الحكم باتا؟ ويرد بان البنك بصفته الدائن وصاحب الحق وأحد طرفى عقد التصالح هو الذى يحدد مقابل الوفاء واذا كان المشرع اجاز للبنك التنازل عن جزء من المديونية مقابل التصالح بنصه وفقا لشروط التصالح الا أنه فى حالة الحكم البات لا يسمح للبنك بالتنازل عن جزء من المديونية ولكن فى الحكم البات عادة يصدر الحكم مؤيدا برد المديونية للبنك وبمبلغ محدد فى تاريخ الحكم لذلك فلا يمنع من أن يكون الوفاء الكامل هنا بقيمة المديونية التى صدر الحكم فيها مقرونا بالرد مضافا اليها العوائد القانونية وفقا لنص المادة 722 مدنى من تاريخ الحكم بالرد وحتى تمام السداد خاصة أن بعد صدور الحكم لا يوجد عقد ائتمان بين البنك والعميل يحدد قيمة الفائدة الاتفاقية علي المديونية. ينتهى المصدر نفسه الي أن يكون الوفاء الكامل بمستحقات البنك فى حالة الحكم البات بقيمة المبالغ الواردة فى الحكم البات والتى يحكم فيها برد المبالغ المستولي عليها وهى المديونية محل التصالح ، بالإضافة للفائدة المستحقة علي تلك المبالغ من تاريخ الحكم وحتى تمام السداد وهو مايتفق مع صحيح القانون.