رغم أن الأحزاب والائتلافات السياسية تستعد لخوض الاستحقاق البرلمانى المقبل الا أن الاقتصاد غائب عن برامجها ، وتكاد تخلو من الرؤية الاقتصادية لمشكلات المواطن المصرى . وأكد خبراء اقتصاديون أن الأحزاب التى أعلنت اعتزامها خوض غمار المنافسة على البرلمان المقبل ، اكتفت فقط بالتأكيد على ان الشق الاقتصادى عصب مشاريعها الانتخابية دون تقديم رؤى فعلية لكيفية مواجهة التحديات الاقتصادية التى يفرضها الواقع ، فبعضها لايزال يؤكد ضرورة وجود سياسات جديدة للدعم واعادة هيكلة الجهاز الادارى للدولة ، ومحاربة الفقر ، بل ان البعض تطرق الى استخدام شعارات اقتصادية يصعب تحقيقها على ارض الواقع فى ظل اقتصاد دول نامية مثل الرفاهية التى استخدمها حزب قديم وله تاريخ وطنى مشرف . وأوضح الخبراء ايضا أهمية مناقشة الرؤى الاقتصادية للأحزاب السياسية تكمن فى التأسيس لعهد جديد لبناء مصر الجديدة فلا يعقل ان تظل ادارة العمليات الانتخابية والتصويت بالعصبية او شراء الأصوات بالطعام والشراب بل يجب ان يجد المواطن المصرى أمامه مائدة عامرة بجميع الأنواع من الرؤى والأفكار لحل المشكلات الاقتصادية الحياتية التى تواجهه. وأشار الى أن الأحزاب استخدمت شعارات مثل رفع مستوى المعيشة وزيادة الأجور وفتح آفاق الاستثمار للاعلان غير الرسمى عن برامجها الانتخابية ، وهو مايراه الخبراء مجرد دعاية انتخابية لاتصل الى طموح المواطن الذى اصبح أكثر وعيا بعد ثورتى 25 يناير 2011 و 30 يونيو 2013 . ودعا خبراء الاقتصاد الأحزاب الى ضرورة دراسة الأوضاع الاقتصادية بشكل واقعى ، وتقديم حلول ملموسة وبرامج ورؤى قابلة للتنفيذ وليس مجرد دعاية انتخابية وشعارات رنانة لاتخدم المواطن المصرى . جميل جورج للخبير الاقتصادى أكد أن الأحزاب السياسية لاتوجد لديها برامج اقتصادية بما تحمله الكلمة من معان وان كانت تستخدم مصطلحات متعارف عليها اقتصاديامثل خلق فرص العمل ، ورفع معدلات المعيشة ، والنمو الاقتصادى ، والمشروعات القومية . وأوضح الأحزاب التى تعتزم المنافسة على اصوات الناخبين فى البرلمان المقبل تضع حصر الأصوات هدفا رئيسىا لها ولذلك تسعى لتقديم مصطلحات رنانة أمام المواطن الذى تغير فكرة بالكلية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو . وأشار الى ان الرؤى الاقتصادية للأحزاب يجب ان ترتبط بالامكانات فى كل بلد على حدة ، فلا يعقل ان يحدثنا حزب ما عن تحقيق رفاهية للمواطن من الناحية الاقتصادية ، فهذا المصطلح » الرفاهية يحتلف داخل المجتمع من طبقة لأخرى ، فالمواطن محدود الدخل رفاهيته فى الحصول على شقة ، ومرتب شهرى يكفيه فى حين ان الرفاهية لدى الطبقة المتوسطة قد تكون تغيير السيارة لموديل أحدث ، والسكن فى مكان أرقى وهكذا ، فلابد من التأكيد على ان المصطلحات الاقتصادية يجب ان تكون دقيقة وغيرفضفاضة كما هوالحال مع الأحزاب السياسية منذ قديم الأزل فى مصر . وأشار الى ان البرامج الاقتصادية يجب ان تلمس الواقع دون استخدام مفاهيم » هلامية « فلا يعقل ان تستخدم الأحزاب بكل توجهاتها مصطلح » الاهتمام بالمشروعات الصغيرة او تطوير العشوائيات « دون ان يكون لديها رؤية كذلك تتوافق مع بنية العمل والنظم الادارية ، فبدونهما معا ستحدث أزمة ، إذ لايمكن أن تحقق هذه الأحزاب رؤيتها فى حال وصول ممثليها للبرلمان المقبل . وشدد على ضرورة التفاف الأحزاب السياسية الى الاسراع فى دراسة الوضع الحالى للاقتصاد رغم ان ماتبقى على البرلمان ليس كثيرا - الى المشكلات الحقيقية وكيفية وضع رؤية للحل وأساليب واضحة للتنفيذ ، وليس فقط التنظير السياسى دون تقديم حلول على ارض الواقع . وأكد فؤاد ثابت رئيس اتحاد جمعيات التنمية الاقتصادية ان الأحزاب السياسية تفتقر الى رؤى اقتصادية حقيقية للوضع الذى تعيشه البلاد حتى ان بعضها لايزال تستخدم شعارات اقتصادية يصعب تحقيقها فى وضع اقتصادى استثنائى لدولة خرجت من ثورتين متتاليتين فى أقل من 3 أعوام . وأضاف ان البرامج الانتخابية تكاد تخلو من رؤى اقتصادية بمعنى الكلمة وان اكتفى البعض باستخدام مصطلحات مثل محاربة الفقر ، وإعادة هيكلة الجهاز الإدارى ومحاربة الفساد دون الإعلان عن آليات للتنفيذ فى حال وصول ممثلى هذه الأحزاب لمقاعد البرلمان . وأشار إلى أن البعض منها تحدث عن رفع مستوى المعيشة وزيادة الأجور دون توضيح الآليات التى ستعتمد عليها وسبل تحقيق ذلك على ارض الواقع . وقال لابد من التأكيد على أهمية البرلمان المقبل من الناحية الاقتصادية خاصة وأننا مقبلون على مؤتمراقتصادى عالمى تسعى مصر من خلاله لجذب المستثمرين من جميع انحاء العالم ، مشيرا الى ان أبرز التشريعات الاقتصادية التى يجب ان تشهد تعديلات جوهرية تشمل قوانين حرية تداول المعلومات للمستثمرين ، فلا يعقل ان يأتى مستثمر لبلد ولا يمكنه ان يحصل على كل المعلومات الاقتصادية اللازمة لاتخاذ القرار الاستثمارى . وتابع ان هناك قوانين أخرى وتشريعات بحاجة الى صياغة وتصويت مثل قوانين الافلاس والضريبة المضافة والتأمينات الاجتماعية والتى يقع على عاتقها دور كبير فى تيسير الاستثمار على أرض الوطن . وفى نفس السياق أكد الدكتور شريف قاسم استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الأحزاب السياسية لا تمتلك رؤية واضحة أو برامج حقيقية للمشكلات التى يواجهها الاقتصاد المصرى ، وسبل تعظيم العائد ، ورفع معدلات الأداء الاقتصادى و بل نجدها تكتفى فقط بالحديث عن رفع معدلات المعيشة دون وجود آليات وتوسيع دائرة المشروعات الصغيرة فى دولة تتداخل فيها تعريفات المشروعات الصغيرة داخل الأجهزة الادارية دون ان تكون هناك خطط تمويلية ولوجستية لتسهيل عمل هذه المشروعات الصغيرة داخل مصر فى قبل هذه الأحزاب . وتابع لابد من الابتعاد عن » المصطلحات الانتخابية « فى الترويج لبرامج الأحزاب السياسية مع التركيز على تقديم رؤى وأساليب حل المشكلات عجز الموازنة ، وارتفاع الدين الداخلي والخارجى للبلاد من خلال اسس عملية وطرق جديدة قابلة للتنفيذ على ارض الواقع . وأشا ر الى ضرورة البحث عن خطط ومقترحات للتنمية تتبناها بعض الأحزاب التى قد لاتمتلك رؤية اقتصادية نتيجةحداثتها او عدم امتلاكها كوادر اقتصادية على ان تتفق هذه الرؤى مع توجهاتها وان تدرسها جيدا وتبحث كيفية تحقيقها حتى تتمكن من تقديم خطط اقتصادية » منطقية « للناخبين وفى نفس السياق أكد مصطفى كامل السيد مدير مركز شركات التنمية ان الأحزاب السياسية لاتمتلك القدر الكافى من الرؤى التى تؤهلها لإطلاق برامج اقتصادية يمكنها ان تسهم فى حل المشكلات الاقتصادية التى ورثتها البلاد خلال العقود الماضية . وأذكر ان هذه الأحزاب تولى عناية خاصة لجذب مزيد من الأصوات دون الاهتمام بتقديم رؤى اقتصادية وهو ما سيفقدها المصداقية حال وصول ممثليها الى البرلمان وعدم نجاحهم فى تحقيق انجازات ملموسة للمواطن المصرى .