275 مصنعا للطوب الطفلى تعيش أزمة حقيقية تهدد صناعة تعد عصب مواد البناء وذلك على أثر ضعف وأحيانا توقف ضخ الغاز الطبيعى لتلك المصانع التى اصبح عصب تشغيلها هو استخدام هذا الوقود انقاذا للبيئة بعد تدخل منظمات عالمية ومساعدات خارجية لتحويلها للعمل بالغاز الطبيعى بديلا عن المازوت .. ---------- طرفا الأزمة - قطاع البترول وأصحاب المصانع - ألقى كل منهما بالمسئولية واللوم على الآخر فى صنع تلك الأزمة.. التى أصبحت شبيهة بلعبة البيضة والكتكوت أيهما أسبق، ففى حين يؤكد اصحاب المصانع أن الانقطاع المستمر للغاز دون سابق إنذار أدى إلى تراكم خسائر فادحة كانت وراء المديونية الكبيرة لشركة الغاز خاصة ان صناعة الطوب الطفلى صناعة تحضيرية تحتاج الى تجهيزات للمواد الأولية قبل الدخول فى مرحلة الحرق التى تعد الحلقة الأخيرة فى منظومة التصنيع.. وعلى إثر ذلك وفى حالة انقطاع ضخ الغاز تتلف كل هذه التجهيزات والتحضيرات خاصة ان قطاع الغاز ليس كقطاع الكهرباء وقد يستمر اسبوعا وفى أحيان كثيرة اسبوعين وقد يتجاوز ذلك كما يحدث فى الأزمة الأخيرة وهذا ما أدى الى تراكم المديونيات التى قاربت ال 300 مليون جنيه.. إلا أن شركة الغاز ألقت اللوم على المصانع متذرعة ومتدرعة بالقوانين التى جاءت فى التعاقدات، موضحة أن الأزمة تتمثل فى ضخ الغاز فى الشبكة الأم، وأن ثمة تلاعبا يمارسه أصحاب المصانع تؤثر على قراءات العدادات تحول دون احتساب السحب الحقيقى للمصنع المتلاعب.. وأن أصحاب المصانع تلكأوا فى سداد المديونيات حتى تفاقمت الى هذا الحد غيرالمقبول.. التحقيق التالى يكشف اسرارا تقف وراء تلك الأزمة التى إذا لم توضع على مائدة التفاوض التى تفضى الى حل حقيقى فقد تعصف ب 150 الف عامل هم جملة من يعملون بمصانع الطوب الطفلى بمنطقة الصف بالجيزة.. بداية يقول المهندس على صلاح فرج نائب رئيس الجمعية التعاونية الانتاجية لتصنيع مواد البناء: لكى نفهم أبعاد القضية لابد من معرفة تاريخ منطقة عرب أبو ساعد التى تعيش هذه الأزمة الطاحنة فقد أنشئت بقرار محافظ الجيزة عبد الحميد حسن سنة 84 وكان الاتفاق مع وزير الزراعة آنذاك يوسف والى لمنع تجريف الأرض الزراعية المحيطة بهذه المنطقة التى كان يستخدم ترابها لصنع »طوب البناء« الذى كانت تستخدمه القمائن المنشأة حينذاك فى أواسط الأراضى الزراعية وكان يتم تجريف الأراضى الزراعية لإقامة هذا النشاط.. فتم انشاء هذه المنطقة فى الظهير الصحراوى جنوب حلوان على أن ينقل إليها نشاط قمائن ومصانع الطوب وهى منطقة تبلغ مساحتها 5 آلاف فدان احتوت نشاط 300 مصنع للطوب الطفلى من الرمل والمحاجر الطفلية الجبلية.. الجهود الذاتية ورغم استجابة اصحاب المصانع وذهابهم طوعا الى تلك المنطقة الصحراوية ايمانا بالصالح العام فإن الدولة لم تمد لنا يد العون من طرق رئيسية او فرعية او خدمات او تليفونات أو مياه.. ولكن تم عمل كل هذه الوسائل بالجهود الذاتية.. وكانت القمائن كلها تعمل بالمازوت وكانت بالفعل ملوثة ببيئة جنوبالقاهرة .. وفى 2004 وتحديدا ومع اشتراك مصر فى اتفاقية الكيتو الخاصة بالبىئة.. أسهمت الحكومة فى تحويل 50 مصنعا للعمل بالغاز الطبيعى مساهمة منها فى تقليل التلوث بجنوبالقاهرة على ان يتحمل الجانب الكندى 50٪ من تكلفة التحويل ويتحمل صاحب المصنع ال 50٪ الباقية وبالفعل تم تنفيذ الاتفاقية بعد عام ونصف العام من بداية التنفيذ فى 2005 .. بعدها بدأ التفكير الجدى فى 2008 فى تحويل 232 مصنعا للعمل بالغاز الطبيعى وتم تدبير التكاليف عن طريق منحة من البنك الدولى وبمساعدة 20 دولة وبالفعل بدأ التنفيذ وتم الانتهاء من تشغيل جميع المصانع فيما عدا 12 مصنعا لعدم توافر كميات غاز كافية لها وذلك فى شهر يونيو من عام 2011 .. وكان انعكاس ذلك ايجابيا وواضحا على البيئة.. ولم نهنأ كثيرا - يستدرك على صلاح فرج - بانتظام العمل ففى منتصف عام 2012 حدثت مشكلة قطع الغاز عن المنطقة واستمرت حوالى اسبوع وتدخلت الجمعية التى تم تأسيسها للتحدث بلسان المنطقة فى مفاوضات مع وزارة البترول تحديدا مع شركة تاون غاز وتم حل المشكلة ولكن مع عام 2013 بدأت المشاكل التى أخذت شكل الأزمة تطرق أبوابنا بعنف، حيث كنا نبتاع المليون وحدة حرارية البريطانية ب 2 دولار وكان السعر يتغير حسب سعر تغير سعر الدولار الذى كان يقفز قفزات واسعة، حيث قفز من 5.5 جنيه الى 7.5 جنيه من 2011 وحتى 2014، وكنا نتحمل فارق السعر ولكن مع حكومة الدكتور هشام قنديل بدأ التفكير فى زيادة سعر المليون وحدة حرارية الى 6 دولارات دفعة واحدة ولكن دخلنا معهم فى مفاوضات حتى وصلنا معهم الى 3.5 دولار وتعايشنا مع الزيادة الجديدة بداية من 1 / 1 / 2013 على ان يصل السعر فى 1 / 8 / 2013 الى 4 دولارات ويتوقف لحين عقد مفاوضات جديدة وهذا كان آخر سعر ولكن وبعد أحداث 30 يونيو بدأت الأمور تأخذ بعدا جديدا من الأزمة ففى 2013/9/1 تم قطع الغاز لمدة اسبوع وحدثت مفاوضات وتم ضخ الغاز مرة اخرى ثم فى اول 2014 قطع الغاز لمدة 15 يوما ثم قطع اسبوعا آخر فى مارس 2014 ومايو من نفس العام حتى انقطع فى 2014/8/20 إلى 2014/9/3 وفى 27 من شهر اكتوبر الماضى وهو منقطع حتى اليوم رغم الزيادة التى فرضتها حكومة محلب حتى وصل السعر الى 10 دولارات وهذا ادى الى تراكمات وخسائر فى المصانع تفاقمت حتى وصلت الى 286 مليون جنيه. سألته: وهل كان السبب الوحيد فى تفاقم المديونيات انقطاع الغاز؟ اجاب: لا بالقطع رغم انه سبب جوهرى حيث زاد السعر 200٪ فى سنة واحدة 2014/2013 ولكن هناك السوق الراكد الذى لا يستوعب الزيادة التى فرضتها زيادة اسعار الغاز ثم هناك مشاكل العمالة والاضرابات وكذلك انتشار قطاع الطرق والبلطجية وفرض الاتاوات وسرقة المتحصلات.. هذا غير اتلاف الاستوكات التى كنا نعدها للحرق بعد قطع الغاز المفاجئ، واثر ذلك على تحللها وفسادها وبحسبة بسيطة فان كل الف طوبة تتكلف مواد خام وكهرباء واجرة عمالة وتكثيف حوالى 150 جنيها فاذا ضربنا ذلك فى 500 الف طوبة وهى كمية الشحنة المعدة للحرق فإن الخسائر المبدئية تتجاوز 75 الف جنيه لكل مصنع فى المرة الواحدة وهذا الكلام تكرر 7 او 8 مرات فى الفترات القليلة السابقة. سألته: ألم تحدث مفاوضات مع الحكومة الحالية للخروج من هذه الازمة؟ اجاب: بالفعل حدثت مفاوضات سابقة مع الشركة القابضة للغازات واتفقنا على دفع 25٪ من المديونية على ان يتم ضخ الغاز بنسبة 60٪ على ان نتنازل عن ال 40٪ الباقية من حصتنا مساهمة منا فى حل ازمة الكهرباء.. ولكن توقف الاتفاق ولم نسمع ردا وحاولنا الاتصال بهم مجددا حتى وافقوا على عقد اجتماع الاسبوع قبل الماضى مع المجلس الاعلى للبترول ورؤساء شركات البترول. كنا نسمع فيه قرارات لا تقبل النقاش تجبرنا على ان نقبل بالامر الواقع وجاءت قراراتهم ان نسدد 25٪ من المديونية علاوة على ال 25٪ التى سددناها فى 2014/8/20 وكانت بقيمة 75 مليون جنيه ورغم ذلك ابدينا موافقتنا على ذلك حتى نوقف نزيف الخسائر.. ولكن جاءت بقية القرارات تحمل كثيرا من التعسف ومنها ان يطبق فوائد المبلغ المتأخر من 2014/1/1 وان تتم جدولة الديون على 21 شهرا فقط وكذلك ان يتم دفع تأمين استهلاك جديد بواقع شهر مقدم ورأينا فى ذلك تعسفا شديدا اذ من اين نأتى بكل هذه التكاليف فى وسط حالة من الارتباك والكساد الشديدين فى الاسواق. سألته: وماذا عن تداعيات توقف ضخ الغاز على العمالة وعلى منظومة الغاز ككل بمعنى هل فكر احد فى الرجوع الى المازوت مرة اخرى؟ اجاب: اما عن العمالة فعندنا 45 الف عامل نعيش معهم حالة من الكرب الشديد حيث لا مرتبات لانه ليس هناك دخول حاليا بل يطالبوننا نحن اصحاب المصانع بألا نتنازل عن ال 40٪ من حصتنا من الغاز حتى لو توقف امداد بيوتهم بالكهرباء فهم ابدوا استعدادهم لان يعيشوا حياة بدائية بدون كهرباء لكى يضمنوا الطعام لأولادهم المهددين بالمجاعة حاليا. اما عن الشق الثانى من السؤال وهو ان هناك بعض المصانع بدأت العمل بالفعل بالمازوت وتم على اثر ذلك خروج السوق السوداء الى حيز الوجود التى تبيع طن المازوت ب 2600 جنيه بدلا من 2030 جنيها سعره الرسمى. اما عن الوضع حتى كتابة هذه السطور فان الشركة القابضة للغازات قد فوضت شركة بتروتريد للتفاوض مع اصحاب المصانع الذين يضخ الغاز لهم بنسبة 25٪ من حاجياتهم وهو ما دفعهم إلى الاتفاق مع أصحاب محطات الوقود لاخذ حصة من السولار تغطى النقص فى الغاز وهو ما سيعمق ازمة السولار فى السوق فى الايام المقبلة. بل هناك من تعاقد مع الزبالين لتوريد قمامة البيوت والمستشفيات ومخلفات مصانع الاحذية والمدابغ وهناك من يستخدم الاطارات التالفة لاستخدام كل ذلك وقودا لتشغيل مصانعهم. وينهى بقوله: هكذا بات الوضع يعود مسرعا الى الخلف ما قبل استخدام الغاز حيث التلوث الخانق للبيئة ولسكان جنوب حلوان فضلا عن التكلفة الاقتصادية التى تتبع ذلك. وقف التلاعب من جانبه اوضح المهندس خالد عبد البديع رئيس الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية »ايجاس« انه تم عقد عدة اجتماعات مع اصحاب مصانع الطوب بهدف الوصول لحل الازمة المالية التى تتمثل فى تفاقم مديونية المصانع المستحقة للشركة بما يقدر ب300 مليون جنيه، موضحا ان هناك 255 مصنعا من اجمالى 275 مصنعا للطوب بمنطقة عرب ابوساعد بالصف مدينة لقطاع البترول. واكد ان ما تقوم به من اجراءات يأتى متوافقا مع القوانين والتعاقدات التى ابرمت بين وزارة البترول واصحاب المصانع خاصة فيما يتعلق بإلزام اصحاب المصانع بسداد قيمة مسحوباتهم من الغاز على انه فى حالة الامتناع عن السداد يتم فسخ التعاقد بعد توجيه الانذارات بالتذكير وضرورة السداد قبل الاقدام على قطع الغاز. فروق أسعار واكد عبد البديع ان هناك تلاعبا بقرارات المسحوبات من الغاز اظهرت الفروقات الواضحة بين ما تضخه المحطة الرئيسية ومسحوبات مصانع الطوب.. فتم الابلاغ عن ذلك وعلى اثره قامت مباحث الصف بضبط احد المتلاعبين متلبسا فى عداد احد مصانع الطوب وذلك عن طريق كسر رأس المروحة الخاصة بالعداد التوربينى التى يتم على اثر دورانها حساب قراءة كمية الضخ للمصنع وهذا من شأنه مرور كميات من الغاز دون احتساب قراءتها بالعداد. واضاف: وعلى ضوء ذلك تم فحص بقية العدادات فتم اكتشاف وجود 11 حالة تلاعب بمثل هذه الحالة السابقة، وتم اتخاذ الاجراءات القانونية ورفع العدادات وفصل الغاز عن هذه المصانع المخالفة. واكد ان المصانع لا تعامل كلها فى سلة واحدة، موضحا ان كل مصنع حالة خاصة بعينها وان كل مصنع تتم تسوية حالته ويتم اعادة ضخ الغاز له. وعن شكاوى اصحاب المصانع من اعطاء قطاع البترول اولوية خاصة لمحطات الكهرباء على حساب مصانع الطوب فى حالة ازمة تدفق الغاز اكد اننا نسير وفق اتفاقات قانونية تم وضعها اثناء التعاقد مع مصانع الطوب منها انه فى حالة وجود نقص فى كميات الغاز تكون اولوية التوريد لمحطات الكهرباء ثم مصانع الاسمدة ثم الصناعات الاخرى.. كما ان هناك ايضا والكلام مازال لخالد عبد البديع يعفى شركة تاون جاس من التوريد بالضغوط المتفق عليها فى حالة انخفاض الضغط بالشبكة القومية للغازات الطبيعية. الحل الذكى لأزمة مصانع الطوب أنظر الشارع المصرفى