تضارب التصريحات بشأن قانون الاستثمار الموحد خلف حالة من الاضطراب والبلبلة في دوائر الأعمال وكان أشرف سالمان وزير الاستثمار قد صرح يوم الأربعاء 16 يوليو الماضى بقرب صدور قانون الاستثمار الموحد متوقعا أن يتم ذلك خلال شهر سبتمبر. الذى مر وبعده أكتوبر ليخرج علينا الوزير من جديد معلنا إلغاء مشروع القانون وانه سيتم الاكتفاء بإجراء تعديلات على القانون الحالى رقم 8 ثم عاد لطرحه من جديد بعد 48 ساعة مؤكدا أنه سيمثل نقلة نوعية لمصروأنه ماض فى إعداده وطرحه للنقاش، وانه سيتم إنشاء هيئة جديدة للترويج! وأنه من المستهدف جذب 410 مليارات جنيه استثمارات محلية وأجنبية لتحقيق معدل نمو يصل إلى 3.5% فى العام المالى الحالى. وسط هذه التصريحات المتضاربة كان لابد ان نتوقف لنفكر ونحدد هل نحن فى حاجة الى قانون جديد للاستثمار؟ ومتى سيتم الإصلاح؟وما هى محاور الخلل والعيوب فى القانون الحالى والتى لابد من إصلاحها اذا لم يصدر قانون جديد؟ وكيف نسد الثغرات التى نفذ منها مستثمرو الفهلوة وتجار الأراضى والمنتفعون الذين استفادوا من شعارات تشجيع وجذب الاستثمار؟ هذه التساؤلات طرحناها على المستثمرين ورجال الاعمال الذين وجدناهم فى حالة سخط. سخط يتجاوز أزمة القانون المجهول المصير. يقول محمد المرشدى - نائب رئيس اتحاد المستثمرين - إسن هناك دراسات ورؤى عديدة لتعديل قانون الاستثمار الحالى وهناك أكثر من لجنة تعمل بحيث يتم الانتهاء من تعديله قبل انطلاق المؤتمر الاقتصادى فى فبراير القادم لأن القانون الحالى لا يفى بالغرض ولا يلبى احتياجات المستثمرين ولا يحقق طموحاتهم وفكرة الشباك الواحد ثبت أنها وهم، فلازال المستثمر يتوجه إلى جهات عديدة لإنهاء مصالحه وإجراءاته وكان من المفترض أن يتم تجميع هذه الأعمال فى جهة واحدة هى هيئة الاستثمار افتراضا، فلا يعقل أن يتشتت المستثمر - أو من ينوب عنه - بين أكثر من جهة لإنهاء إجراءات إدخال المرافق وتراخيص المبانى وتخصيص الأراضى، بالتالى يستمر المستثمر فيما يشبه الكعب الداير لسنتين وثلاث وعندما يبدأ بعدها تكون دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع بلا قيمة. لذا نحتاج إلى مكان واحد وهذا أهم تعديل يحتاجه المستثمر حاليا. يضيف المرشدى: منذ 10 سنوات مضت وهناك فوضى فى منح التراخيص بحجة تشجيع الاستثمار والكارثة انه تمت الموافقة على إنشاء مناطق حرة خاصة داخل الكتل السكنية فى حين انه يجب إنشاؤها بالقرب من الموانى وان تكون حدودها فى مناطق تكون مشروعاتها بهدف التصدير فقط وكانت النتيجة أن هناك شققا سكنية حصلت على تراخيص مناطق حرة خاصة!هنا مطلوب من الحكومة مراجعة هذه الموافقات وإلغاء هذه التراخيص فورا المخالفة للقانون والتى تتسبب فى تسرب السلع المستوردة عبر عمليات التهريب بدون أن تدفع رسوم جمارك أو ضريبة مبيعات ولا تحسب عليها ضريبة دخل بالتالى تفقد الدولة مواردها السيادية. وقد اثبت الواقع العملى أن قانون الاستثمار الحالى يضم قوانين مشبوهة تمت الموافقة عليها فى الأنظمة الماضية لصالح أشخاص معينين وننتظر من اللجنة العليا للإصلاح التشريعى اقتراح قانون قوى يحافظ على الصناعة المحلية قبل جذب مستثمرين أجانب وينقى المواد الفاسدة من القوانين والتشريعات الحالية. 6 نسخ للقانون "بين يدى الآن 6 نسخ مختلفة لقانون الاستثمار!". هكذا يقول علاء السقطى رئيس جمعية مستثمرى مدينة بدر. فى الإشارة إلى تضارب المواد والأبواب ومقترحات التعديل لقانون الاستثمار الذى من المفترض أن يكون متوافقا حيث يخضع الاستثمار الداخلى لقانون حوافز وضمانات الاستثمار رقم 8 لعام 1997 وقانون الشركات رقم 159 لعام 1981 وتعديلاتهما. وتعمل الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة كمراقب ومنظم رسمى لكل عمليات إنشاء الشركات والتراخيص الخاضعة لكلا القانونين. يضيف: مع التصريحات التى تناولتها وسائل الإعلام بأن هناك قانونا موحدا للاستثمار سيتم تفعيله زادت التكهنات والمقترحات وتضاربت الرؤى، وما يهمنا انه سواء كان هناك قانون موحد جديد بالفعل أو تعديلات للقانون الحالى، يجب سد الثغرات وإصلاح العيوب التى تنفر المستثمر ولا تجذبه، فحتى الآن لا نعرف من الجهة التى لها حق تخصيص الأراضى؟ هل هى هيئة التنمية الصناعية أم هيئة المجتمعات العمرانية؟ كذلك قال وزير الاستثمار انه يستهدف جذب 410 مليارات جنيه استثمارات محلية وأجنبية - وهو رقم كبير جدا كى يتحقق خلال عام مالى واحد مر نصفه تقريبا - لتحقيق معدل نمو يصل إلى 3.5% فى العام المالى الحالى ويستمر العمل على هذا المحور لمدة أربع سنوات لنصل إلى معدل نمو 6% فى 2018 - 2019 حتى نتمكن من خفض معدلات الفقر من 24% حاليا إلى 20% وخفض نسبة البطالة من 13.4% إلى 10%، والسؤال هنا. هل لدينا البيئة المناسبة والمناخ الجاذب لتحقيق تلك الطموحات؟ أضاف السقطى: هناك عدد من القوانين المرتبطة بالاستثمار، والمطلوب تعديلها كقانون الشركات، وقانون المشروعات المتناهية الصغر وقانون العمل الجديد!، كما تم اقتراح إضافة بعض البنود إلى ضمانات الاستثمار، من بينها ضرورة وجود بنك معلومات للأراضى المتاحة للاستثمار والإسراع فى وتيرة حل المشكلات العالقة مع المستثمرين، والوصول لتسويات تحفظ حقوق الدولة وتحافظ فى الوقت ذاته على مصلحة المستثمرين، وذلك من أجل تحسين البيئة الاستثمارية بما ينعكس على رفع الطاقات الإنتاجية وزيادة فرص العمل والتشغيل. وفروا التكاليف واستعينوا بتجربة ناجحة يرى محمد فرج عامر رئيس جمعية مستثمرى برج العرب أن من أهم مساؤئ قانون الاستثمار الحالى أن أى شركة ترغب فى زيادة رأس مالها بدون اكتتاب تعانى الأمرين وتستهلك ما لا يقل عن 6 شهور لإنهاء الأوراق المطلوبة من هيئة سوق المال فى دائرة بيروقراطية سيئة فى ظل قانون استثمار تدرس تعديلاته فى عشرات السنين وتكاليف وجلسات مناقشة لا داعى لها، ومن الأفضل توفير تكلفة ذلك والاستعانة بدولة لها تجربة ناجحة فى الاستثمار ونقلدها فنحن لا نخترع العجلة من جديد. يضيف فرج عامر: منذ ثورة 25 يناير 2011 ولم يخصص متر واحد جديد فى المدينة الصناعية ببرج العرب، رغم أن هناك أكثر من مستثمر يرغبون فى التوسع أو فتح أنشطة جديدة الأمر الذى أدى الى هجرة مستثمرين وإغلاق البعض الآخر لأنشطتهم. وأكثر من مرة تعلن هيئة التنمية الصناعية عن توافر أراضى غير موجودة على ارض الواقع وكأنها مسالة عناد بين الهيئة والمستثمرين ولو توافرت نجد اختلاف فى رسومات الأرض بين هيئة التنمية الصناعية التابعة لوزارة الصناعة وهيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان! ولو تم التخصيص يقال إن الأرض لا تتطابق مع الأرض الموجودة! فمتى ينتهى هذا العبث؟! نحن ندور فى متاهة وعشوائية والأمر أبسط بكثير والقوانين تخلص فى " قعدة واحدة". مستثمرو الفهلوة! يقول الدكتور محمود عيسى وزير الصناعة والتجارة الأسبق: للأسف الشديد كل الوزارات المعنية المتعاقبة وضعت يدها على الخلل بدون أن تتخذ إجراءات للحل، والأمر لا يعدو فى كل مرة مجرد دراسات وطرح رؤى. والاستثمار لا يتجزأ عن الصناعة والصناعة بدون تكنولوجيا تتحول الى تجارة وليست تنمية ولن تدخل التكنولوجيا الى مصر بدون تشريعات استثمارية جاذبة واستثمار جاد حقيقى وليس القائم على الفهلوة. فهل تصدق ان هناك ممن يطلقون على أنفسهم مستثمرين وصناعا يركبون الزراير على البدل المستوردة ثم يعيدون تصديرها ويحصلون على دعم صادرات! يضيف د. عيسى أن القانون الحالى يتضمن العديد من الضمانات والحوافز للمستثمرين وعلى رأسها منع المصادرة والتأميم وضمانات جيدة خاصة بالأراضى والمشروعات ولكنها تحتاج إلى إضافة بعض التعديلات الخاصة بالمعاملة التفضيلية للمناطق المحرومة مثل الصعيد ولكن فى المقابل هناك عوائق فى القانون الحالى تتمثل فى الإجراءات العقيمة وبطء اتخاذ إجراءات التعديل والتغير خوفا من المسائل وأصبحت هناك أياد مرتعشة حتى فى تعديل القوانين وهناك خلل فى توزيع الأراضى، والدولة تدعو إلى الاستثمار ولا تخدمه، وملف أسعار الطاقة لم يغلق بعد، والمستثمر لا يزال يعانى من توفير الوقود والمياه والكهرباء لمشروعه، والمناخ التشريعى الجاذب لا يعنى أننا نهدم قانونا وننشئ غيره وإنما من الممكن تعديل الحالى وان تكون القرارات الاستثمارية مبنية على حوافز حقيقية تقدمها الدولة وهذا غائب عندنا حاليا، مثلما تم الإعلان عن منح مستثمرى الصعيد حوافز ثم اكتشفنا أنها على الورق فقط، لم تنفذ، وكانت تهدف إلى خفض البطالة بمنح المستثمر الذى يشغل عدد معين من العمالة تخفيضات على قيم استهلاك المرافق مقابل التشغيل وعندما تقدم مستثمرين للحصول على المقابل لم يجدوا شيئا! وفقدوا الثقة فى الاستثمار وفى وعود المسئولين. المشكلة فى التشريع يرى محمد السويدى رئيس اتحاد الصناعات أن كل 1000 متر ارض توفر من 100 الى 150 فرصة عمل بالتالى يجب أن يكون ملف الأرض أول المواد والمحاور التى ينتبه إليها أى قانون للاستثمار سواء الحالى أو المعدل، كما انه يجب على الحكومة المصرية طرح الأراضى للمستثمرين، بنظام حق الانتفاع للتغلب على مشكلة الاتجار بأراضى المناطق الصناعية، والتى سيطر عليها عدد محدود من رجال الأعمال، فى الفترة قبل ثورة يناير 2011، إلى جانب ضرورة العمل على تهيئة مناخ الاستثمار أمام المستثمرين، عن طريق تخفيض أسعار متر الأرض، للتناسب مع نظيرتها العالمية. وهناك أراض متاحة ولكن تضارب الاختصاصات يحول دون التخصيص سواء للاستثمارات الجديدة او التوسعات. أضاف: 50% من التشريعات المرتبطة بالاستثمار تحتاج الى تعديل خاصة وأن مصر غنية بمواردها والمشكلة فى التشريع وإنشاء هيئات تضمن تحقيق معايير الجودة بجانب التطوير والتحديث للعمالة حتى لا يعتمد المستثمر على العمالة الأجنبية خاصة ان القطاع الخاص أسهل فى التدريب والتأهيل بخلاف القطاع العام الذى قد يظل سنوات طويلة يرغب فى تطوير مستوى وأداء العمال دون جدوى بسبب الروتين. ولا بد من تحديد دقيق لأسعار الطاقة لتكون واضحة أمام المستثمرين وكذلك تفعيل قرار تفضيل المنتج المحلى فى المناقصات الحكومية تشجيعا للاستثمار المحلى مع تخفيف أعباء التأمينات على العمال وعلى صاحب العمل. وحماية المنتجات المحلية لاستمرار الصناعة لأن هناك أسواقا تغلق وصادرات تتوقف بسبب التهريب السلعى خاصة وان الاقتصاد غير الرسمى حاليا يكاد يتخطى الاقتصاد الرسمى.