* فائقة الرفاعي: الشهادات هي الأسرع والأكثر أمانا * حسين الرفاعي: المالية ضامنة والشهادات لا ترتب حقوقا للملكية *خالد الطيب: تراجع الحكومة عن طرح الأسهم لدواع أمنية وصعوبات قانونية --------------- جاءت آلية شهادات الاستثمار لتمويل مشروع قناة السويس لتحسم جدلا قانونيا واقتصاديا كبيرا في الاسواق وبين المواطنين خاصة ما يتعلق منه بالفوارق مع الأسهم والسندات لآليات موازية لتمويل المشروع. لكن طرح شهادات الاستثمار ذاتها فجر أسئلة جديدة تتعلق بقضايا فنية منها الضمانة التي تقدمها الحكومة ممثلة بوزارة المالية لمشتري هذه الشهادات وإمكانيات تسييل الشهادات خلال فترة الاستحقاق البالغة خمس سنوات وتوقعات التغطية وإمكانية تمديد أجل الشهادات وغيرها من التساؤلات التي تدور في أذهان الناس. هنا تحقيق يرصد رؤية عدد من خبراء البنوك والاقتصاد حول هذه الشهادات. بداية يحدد هاني قدري وزير المالية ملامح الاكتتاب في شهادات الاستثمار الخاصة بمشروع تنمية قناة السويس, مشيرا إلي أن هذه الملامح تتمثل في أنه سيتم السماح باكتتاب بعض انواع الشركات المصرية وذلك وفق ضوابط سوف تحددها لائحة إصدار الشهادات. واضاف ان المشاركة في الاكتتاب سوف تقتصر علي الافراد وبعض انواع الشركات المملوكة بالكامل للمصريين, والباب مفتوح للعرب والاجانب للمشاركة بمشروعات تنمية محور قناة السويس. واضاف ان عائد الشهادات سوف يتم سداده من ايرادات هيئة قناة السويس المتوقع ارتفاعها تدريجيا من5.5 مليون دولار الي12 مليار دولار خلال الاربع سنوات المقبلة والشهادات مضمونة من وزارة المالية, وبنت الحكومة توقعات الايرادات علي اعتبار ان عمليات التوسعة والتعميق سوف تجذب سفن الحاويات العملاقة الي جانب بعض الخدمات اللوجستية للسفن العابرة, وتدرس الحكومة امكانية اصدار شهادات باليورو والدولار استجابة لرغبات المصريين العاملين بالخارج بدون حد أقصي. وتوقع وزير المالية ان تكون الشهادات اداة لجذب المدخرات الموجودة لدي المصريين, رافضا ان يكون طرح الشهادات وسيلة لسحب السيولة من السوق واعتبر ان مشروع تنمية محور قناة السويس يدخل ضمن حزمة الاصلاحات الاقتصادية التي تولتها حكومة الدكتور محلب منذ انتخابات الرئاسة. تقول الخبيرة المصرفية الدكتورة فائقة الرفاعي الوكيل الاسبق لمحافظ البنك المركزي إن الحكومة تنفذ الآن اكبر مشروع قومي ويحتاج الي تمويل كبير جدا وسريع ايضا فلم يكن امامها سوي بديلين إما طرح أسهم كشركة وهذا يحتاج لكثير من الوقت لتوفيق الأوضاع القانونية لان الأسهم يتم تداولها علي شركات اما قناة السويس فهي هيئة وليست شركة أو إصدار شهادات استثمارية ولكن لاعتبارات أمنية ونظرا لضيق الوقت من أجل انجاز المشروع كان التمويل الامثل هو الشهادات بالإضافة الي أنها أداة جذب لكثير من العملاء لسببين هما فائدتها العالية المقدرة ب12% كل3 شهور بالإضافة الي أنها ترضي مشاعر المواطنين في المساهمة في مشروع قومي عظيم, موضحة ان تكلفة المشروع للمرحلة الأولي وهي الحفر ستكون بعائد هذه الشهادات والمقدرة تكلفتها60 مليار جنيه, لافتة الي انه لم يسمح بمشاركة الأجانب في هذا التمويل مهما كانت جنسياتهم لانها للمصريين فقط ولكن من الممكن أن يدخل الأجانب في المراحل اللاحقة للمشروع ومشاركتهم في المشروعات الصناعية واللوجستية المقرر تنفيذها علي محور القناة. وتضيف الدكتورة عنايات النجار- خبيرة التمويل والاستثمار ان لجوء الدولة لطرح شهادات استثمار كان هو احد أسرع وسائل تمويل المشروع العملاق لحفر القناة, مشيرة الي ان مشروع الحفر يعتبر المرحلة الأولي وشيئا مختلفا عن المشروع الثاني الخاص بتنمية محور قناة السويس بمشروعات تنموية كبيرة. قائلة ان الشهادات ستصدر بفائدة12% كل3 شهور ولمدة5 سنوات فكان لابد من صدورها عقب الاعلان عن مشروع القرن لانها اسرع الطرق لتمويل المرحلة الأولي التي من المقرر أن ينتهي منها خلال عام من الآن نظرا للعائد الكبير الذي يمثل أداة جذب قوية بالإضافة الي انها تعد الوسيلة الأكثر امانا لان شراء الشهادات لا يعني ملكية أصحابها للقناة بل هي عبارة عن وديعة محددة المدة يتم توجيه عائدها لمشروع حفر قناة السويس الجديدة وأن البنوك ستقوم بدور الوسيط بين المواطن وهيئة قناة السويس وستقوم باعطاء فوائد الشهادة من خلال امتلاكها للملاءة المالية التي تستطيع من خلالها تسديد العائد علي الشهادات, متوقعة ان تشهد الشهادات بمجرد طرحها إقبالا كبيرا من قبل المواطنين ومطالبة بضرورة إصدار شهادات بالعملات الأجنبية للمصريين العاملين بالخارج باسم القناة حتي يتمكنوا من المشاركة في هذا المشروع القومي العملاق. واضافت النجار أن الاقبال علي شراء الشهادات لن يؤثر بأي حال من الأحوال علي التدفقات النقدية في البنوك فهي تعاني من تدفقات في السيولة التي لا تجد مشروعات قومية مضمونة لكي تستثمر فيها هذه السيولة. أما حسين الرفاعي رئيس القطاعات المالية بالبنك الأهلي فيؤكد أن شهادات الاستثمار التي من المقرر طرحها من قبل البنوك الثلاثة الحكومية( مصر والاهلي والقاهرة) بعد الانتهاء من اجراءتها التنفيذية خلال أيام بهدف تمويل المرحلة الأولي من مشروع قناة السويس سيتم إصدارها للأفراد والمؤسسات والهيئات المختلفة بدون حد أدني أو أقصي للشراء, موضحا ان العائد المقرر لهذه الشهادات والبالغ12% سيكون عامل جذب لكثير من المواطنين, لافتا الي أنها من الممكن أن تكون منافسة للاوعية الادخارية الاخري في البنوك ولكن لن يكون الأمر مقلقا كما يتصور البعض لانه بالرغم من العائد الكبير الذي تعطيه الشهادة فإن مدتها التي تصل الي5 سنوات قد تحد من منافستها مع باقي الأوعية الادخارية التي تعطي فائدة10.5% وعائدا شهريا ايضا. أما بالنسبة للضمانات المقدمة لحامل الشهادة فيقول الرفاعي إن وزارة المالية تضمن الشهادات وعوائدها موضحا ان الشهادات ستكون بقيمة60 مليار جنيه وهي اجمالي تكلفة المرحلة الأولي من المشروع اما عن طرح شهادات للمصريين بالخارج وقيمتها فيقول انه من المقترح طرح شهادات أخري بالعملة الأجنبية للمصريين المقيمين بالخارج قيمتها1000 دولار ومضاعفاتها للشهادة الواحدة بعائد سنوي3% لافتا الي ان هناك ميزة إضافية لشهادات قناة السويس وهي إمكانية الاقتراض بضمانها من الجهة المصدرة. ويري خالد الطيب المدير التنفيذي لإحدي شركات الوساطة المالية ان الدولة تراجعت عن فكرة التمويل من خلال طرح أسهم في مشروع قناة السويس الجديدة لعدة أسباب اهمها الدواعي الأمنية والإجراءات القانونية لان التمويل من خلال شهادات الاستثمار تمويل محدد الأجل لافتا الي أن الشهادات كانت الخيار الأمثل للتمويل لانها احدي الادوات التي يمكن ان تتحول من تمويل متوسط الأجل الي طويل الاجل من خلال تجديد مدة الشهادة وفقا لرؤية الدولة او توجهاتها فتكون هي المتحكم الأوحد في هذا الامر لان المشروع في نهاية في حيازتها وملكيتها الكاملة. أما بالنسبة للأسهم فقد كانت ستواجه الحكومة مشكلات كثيرة اهمها بطء الحصول علي التمويل لأن افتتاح مشروع القناة سيكون بعد عام من الآن وتداول الأسهم علي اي مشروع لا تتم إلا بعد التأسيس القانوني للشركة وأن تكون شركة مدرجة ومقيدة في هيئة سوق المال وإجراءات التسجيل كانت ستأخذ الكثير من الوقت وهو الأمر الذي لم يكن ليتحمله مشروع حفر القناة الجديدة وبالتالي كانت ستدخل الدولة في إجراءات معقدة هي في غني عنها فتوفير الأطر القانونية في الطرح كأسهم كان سيفقد الموضوع الجدوي والسرعة الخاصة به. ويري الطيب أن فكرة الطرح للاكتتاب العام للمشروع بعد ذلك ستكون مرتبطة باستكمال التمويل وهل سيكون هناك ضرورة له ام لا, لافتا الي أن فكرة مساهمة المواطن في أن يكون شريكا في التمويل عن طريق الأكتتاب في حد ذاتها فكرة نبيلة ولكن مشروع قناة السويس يعتبر مشروعا سياديا ولا يحبذ تحويله لأسهم من وجهة نظره لان الإفصاح والشفافية اللتين يجب أن تلتزم بهما كل شركة مدرجة في البورصة لا يجب أن يلتزم بهما مشروع يخص سيادة الدولة العليا مثل مشروع قناة السويس وهذا امر منطقي ومقبول في معظم دول العالم. ويضيف الطيب أن المقبول للاكتتاب العام هو ما سيتم حدوثه بعد مرحلة الممر الملاحي الجديد للقناة وهو انشاء مجمع صناعي علي سبيل المثال او مشروعات عملاقة علي ضفة القناة فهذا شيء مختلف لان هناك اجراءات للتأسيس وطبيعة المشروعات ستكون مختلفة تماما من حيث الافصاح والشفافية وإمكانية اطلاع المساهمين علي القوائم المالية والادارية للشركة. أما عن امكانية اللجوء في المستقبل لاستكمال تمويل مشروع القناة من خلال السندات فأكد الطيب انه من الممكن اللجوء للسندات خلال الفترة المقبلة لانها أكثر مرونة وتكاد تكون مخاطرها منعدمة مقارنة بالأسهم ولكن يحددها أسلوب الطرح, مشيرا الي انه يجب علي الدولة استغلال كل الوسائل والأدوات المتاحة للتمويل لاننا في فترة بناء وفي حاجة قوية لتوظيف كل موارد الدولة بالشكل الأنسب وأن نخرج من مصادر التمويل التقليدية وأن تتجرأ البنوك وتستغل السيولة الموجودة بداخلها من خلال توظيفها في مشروعات عملاقة ووطنية وان تقوم بتشجيع المودعين بالعائد المناسب من وراء هذه الاستثمارات حتي ننجز أكبر قدر ممكن من المشروعات التنموية الحيوية خلال السنوات القليلة القادمة. من جهة أخري فإن ارتفاع العائد سوف يمثل عنصر جذب كبيرا واقبالا علي الشهادات وفق رؤية سهر الدماطي الخبيرة المصرفية, موضحة ان العائد الذي طرحته الحكومة هو أعلي عائد في السوق المصرفي الآن والاعلي في مصر منذ عشر سنوات لتشجيع المواطنين علي شراء الشهادات, واضافت ان وعاء شهادات الاستثمار وعاء آمن لان ارباح قناة السويس مضمونة والشهادات نفسها مضمونة من الدولة, وقالت الدماطي ان البنوك لديها سيولة كافية وان معظم المصريين يفضلون الودائع المحددة المدة او شهادات الاستثمار عندما يقررون الادخار, بالاضافة إلي ان المشروع به بعد قومي سوف يدفع المصريين للتوجه إليه ووضع أموالهم فيه وهو ما تتوقعه الدولة, واضافت الدماطي أن القطاع المصرفي المصري آمن وقوي ويمكن مساندة النشاط الاقتصادي سواء كان ذلك عبر آليات حكومية أو قروض وشهادت الاستثمار هي وثيقة تطرحها البنوك او شركات الاستثمار التابعة لها علي الجمهور مقابل عائد محدد. بالاضافة الي استرداد اصل المبلغ بعد انتهاء مدة الوثيقة, وعادة لا يسمح باسترداد المستثمر لامواله قبل انقضاء فترة الوثيقة الا في أوقات معينة وبعد تغريمه بخصم جزء من أصل المبلغ أو الفوائد, ولكن يسمح للمستثمر بالحصول علي قروض بضمان ودائعه من البنوك, وهناك مخاطر طبيعية يمكن ان تواجه المستثمرين عند توجههم لشهادت الاستثمار وهي مخاطر قليلة جدا من أهمها عدم القدرة علي سداد اصل المبلغ أو الفوائد في المواعيد المحددة سلفا الا ان هذه المخاطر ضمنتها الدولة ممثلة في وزارة المالية والبنك المركزي. واعتبر هاني توفيق خبير اسواق المال بعد الدولة عن تمويل المشروع من خلال الاسهم قرارا سياديا صائبا لأن الاسهم لن تكون مضمونة في تداولها وخاصة ان السيطرة علي ملايين الاسهم أمر صعب للغاية, ولكن كان يفضل ان يتم عمل دراسة جدوي للمشروع معلقة حتي تتم معرفة درجات المخاطرة وكيفية التنفيذ ودراسة للعائد المتوقع بعد الانتهاء من المشروع تحدد كيفية حساب هذا العائد وكيفية الوصول اليه, مشيرا إلي أن الحديث عن عدم امتصاص السيولة امر غير صحيح لان ال60 مليار جنيه المطلوبة لتمويل المشروع سوف يتم سحبها من السوق وهذا سوف يؤثر سلبا علي السيولة المحلية خاصة ان البنوك منذ فترة طويلة تقوم باستثمار اموالها في أذون خزانة وهذه الاذون لها موعد استحقاق كذلك عدم القدرة علي استرداد الشهادة سوف يخلق نوعا من التراجع لدي المستثمرين لأن اتاحة الشهادة للتداول كانت ستحقق الامان للمستثمر لان عمر الشهادة ال5 سنوات يمكن ان تحدث فيه اشياء كثيرة جدا تضطر حامل الشهادة لبيعها أو تسييل امواله.. كل هذه النقاط كان لابد من دراستها خاصة ان الشهادات التي سوف تصدر بقيمة60 مليار جنيه سوف تبدأ حسابات فوائدها منذ اليوم الاول للشراء ففي اثناء المشروع والحفر يحصل حامل الشهادة علي فوائد استثماره وهو العائد المقرر ب12% وقبل ان يحقق المشروع نفسه عائدا, وتوقع هاني ان تقوم البنوك بمزاحمة المستثمرين في شراء الشهادات رغم ان شروط طرح الشهادة حتي الان مقصورة علي الافراد وبعض المؤسسات التي حددتها الحكومة بشركات مصرية وتوقع ايضا انه في حالة سحب السيولة سوف تضطر الحكومة لطبع نقود جديدة لتغطية السيولة في السوق المحلي.