ما قرأناه وما تعلمناه في كتب الاقتصاد كوم, وما يحدث بالفعل علي ارض الواقع كوم تاني..! خد عندك حكاية تأثير سعر الفائدة علي السيطرة علي التضخم والاستثمار والدولرة.. فقد درسنا أن خفض أسعار الفائدة علي الجنيه المصري يساعد علي زيادة الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة; كما يؤدي الي انفلات الاسعار وزيادة معدل التضخم, كما يساعد, في حالة كحالة اقتصادنا المحلي, الذي يعاني من نقص العملات الصعبة, الي تفاقم ظاهرة الدولرة; التي تعني, كما تعرفون جميعا, زيادة الاقبال علي اقتناء الدولار والاحتفاظ به, كصديق عند الضيق, بدلا من الجنيه المصري. وعلي العكس من ذلك فإن رفع أسعار الفائدة علي الجنيه المصري, كما درسنا, يؤدي الي خفض معدل التضخم وتراجع معدلات الاستثمار, والحد من ظاهرة الدولرة.. لكننا نكتشف أن مثل هذا التأثير, السلبي أو الايجابي, لا يتحقق علي أرض الواقع بهذه الصورة القاطعة والمطلقة.. فقرار البنك المركزي, الذي أصدره الشهر الماضي, برفع أسعار الفائدة علي الجنيه المصري لم يحقق الهدف الاساسي المرجو منه, وهو خفض معدل التضخم والسيطرة علي موجة الغلاء التي تجتاح الاسواق حاليا, بسبب مجموعة القرارات التصحيحية التي اصدرتها الحكومة مؤخرا والتي كان من بينها خفض الدعم عن أسعار الوقود ورفع أسعار الكهرباء علي مختلف شرائح المستهلكين, حتي علي الشريحة الاولي التي تستهدف محدودي الدخل.. ودليلي علي ذلك هو ما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء في تقريره الشهري من أن معدل التضخم زاد خلال يوليو من العام الحالي بنسبة3.3% مقارنة بشهر يونيو السابق له, وذلك بسبب قرار الحكومة بزيادة اسعار المواد البترولية والكهرباء والدخان. ولم ينس الجهاز أن يذكرنا بأن ذلك يعد أكبر معدل تغير شهري منذ مايو من عام2008..!! أما عن تأثير قرار المركزي برفع اسعار الفائدة علي ظاهرة الدولرة ففي تقديري أن القرار سيكون له تأثير محدود علي تحجيم هذه الظاهرة, لأن معظم من يحتفظون بالدولار بهدف المضاربة لن يتخلوا عن هذا الهدف; لأنهم يجنون من المضاربة أكثر مما قد يجنونه من عائد تحويل دولاراتهم الي جنيهات وإيداعها كوديعة في أي بنك..! ودليلي علي ذلك أن سعر الدولار في السوق السوداء لم ينخفض منذ صدور قرار رفع اسعار الفائدة, والفجوة تتزايد بين السعر الرسمي للدولار في البنوك وسعره في السوق السوداء..! ونأتي لتأثير رفع أسعار الفائدة علي الجنيه المصري علي الاستثمارات.. فحسبما يقول الكتاب لابد أن تتراجع معدلات الاستثمار; لأن هذه الخطوة تمثل أعباء اضافية علي المستثمرين الراغبين في تغطية جزء من رأس المال من خلال الاقتراض من البنوك.. كما انها قد تدفع المستثمرين الي صرف النظر عن الاستثمار اصلا, والقيام بدلا من ذلك بإيداع أموالهم في البنوك للاستفادة من سعر الفائدة المرتفع دون أن يتحملوا أي مخاطرة من اي نوع..!! وبصراحة لقد آن الاوان لتصحيح هذه المعلومة الشائعة; التي يرددها للاسف بعض اساتذة الاقتصاد; فسعر الفائدة ليس وحده العامل الحاسم في اتخاذ القرار الاستثماري, بل ان هناك عوامل أخري عديدة منها.. النظام الضريبي في البلد الذي يرغب المستثمر في الاستثمار فيه والحالة الامنية والاستقرار السياسي, والمناخ الاستثماري المواتي, والحوافز التي يقدمها هذا البلد او ذاك للمستثمرين.. وسهولة تحويل الارباح أو حتي الخروج من السوق في حالة رغب المستثمر في ذلك. وكل هذه العوامل قد تكون أكثر جاذبية للمستثمرين من خفض سعر الفائدة. الخلاصة أنه ليس بسعر الفائدة المنخفض تأتي الاستثمارات.. فالحدوتة أعقد من ذلك بكثير.. فمن الممكن أن يتحسن الاقتصاد وتتدفق الاستثمارات من غير' أي فايدة' خالص..!