اعلنت الدولة وعلي رأسها رئيس الجمهورية نوبة صحيان من ركود وجمود تجاوز العديد من العقود, نوبة صحيان من حالة الاتكال علي الاخر واستسهال طعن الاخر, من اجل العلو وتحقيق مكاسب مادية ومعنوية وأي مكاسب إنها باطلة وقبض الريح, لو كانوا يعلمون, وليتهم يعلمون! فيما يتعلق بالجزء الاول, فقد بدأت بوادره وخطواته الاولي ممثلة في مشروع قناة السويس الجديدة وما يرتبط به من مشروعات تنموية, وسبقه مجموعة من القرارات التي كان يتحتم اتخاذها لمراجعة الاختلال في بنود الموازنة العامة للدولة والناجم عن الدعم المهدر والاسراف الترفي في مجالات انفاق اخري, وهناك المحاولات التي تبذل لتنظيم الاوضاع في مجال العشوائيات التي ضربت الاقتصاد والنسيج المجتمعي في مقتل, وكل هذا عظيم وجميل, لان نوبة الصحيان بدأت من اعلي, بعد سنوات عز فيها التيقظ والانتباه من جانب قمة السلطة, لمطالب الوطن والمواطنين. اما الجزء الثاني فهو الاصعب والاكثر اثارة للتحديات, خاصة اذا لم يستشعر قدر ومدي جدية الخطوات التي اتخذت علي الصعيد الرسمي للدولة, لابد من نوبة صحيان للمجتمع بأكمله.. بعيدا عن مفهوم خد الفلوس واجري.. أريد حقي, ولا يوجد للادارة ولا الدولة حقوق لديه.. مفهوم القوة الغاشمة او البلطجة المستأنسة.. انظر حولك سوف تجد آلاف بل ملايين الامثلة.. التي تقذف في وجهك صورا من عدم الانتماء او الوفاء, بل قل الاحترام وحتي احترام الذات المعيبة, ذاتها. نحن في حاجة الي نوبة صحيان.. ليس بالمفهوم العام للكلمة, ولكن بمعني الافاقة والتنبه والتيقظ لما آلت اليه اوضاعنا وما صارت اليه اوضاع الاخرين! هل من مفكر فيما استطاعت ان تحققه الصين فتحولت من دولة مقسمة, الي دولة تتودد اليها دول العالم بما فيه العالم المتقدم ليفوز بنصيب من كعكة سائحيها!, ناهيك عن قوتها الاقتصادية وصادراتها التي تغزو العالم. تتعدد الامثلة وتتكرر حتي ان المرء يشعر بالملل من تكرارها, لان مقولة التكرار يعلم الشطار, يبدو انها لم تعد سارية عندنا, نحن اللي دهنا الهوا دوكو.. نحن اللي خرمنا التعريفة, وضربنا عرض الحائط بكل التعريفات والقيم الاجتماعية, لقد اصبح الكثيرون آفة انفسهم وليس المجتمع ولا الدولة. الرغبة في تحقيق التطلعات.. ولا نقول الطموحات. فشتان الفرق بين الاثنين, لم تعد تستند الي الوعي بالقدرات ولكن تطلعات جامحة وانزلاق وراء محاكاة الاخرين, دون تقدير للممكن والمستحيل. لقد عشقنا اهدار كرامة الذات, قبل الاخرين, عندما تكون الفهلوة نمط حياة, ويكون ازدراء قيمة العمل لدي الاخرين قبل انفسنا, وعندما يصبح الجدل وسيلة التواصل الاجتماعي, وعندما يصبح دعم الاخرين لنا فرض عين لاننا فوق الكل, عندما تهدر الكفاءات وتدفن المبادرات, تحت سطوة السلطة فيما مضي التي تحولت الي سطوة انفسنا. ماأ هون شق القناة وما أصعب نوبة الصحيان للمواطن الفرد.. هذا هو التحدي الحقيقي ولن يتحقق إلا بنا ومن خلالنا.