126 مليار دولار انخفاضا في الاحتياطي النقدي الروسي --------------------- علي الرغم من تأكيدات المسئولين بنفي العزم علي العودة مرة أخري الي ضوابط رأس المال بعد ثماني سنوات من إلغائها, لكن مراكز الأبحاث التي تقدم المشورة للحكومة الروسية تتبني فكرة العقوبات المضادة في مواجهة العقوبات الغربية المستمرة والمتزايدة, فتلوح بإمكانية فرض قيود علي تدفقات رأس المال من والي روسيا في محاولة للدفاع عن اقتصاد مهدد بالركود هذا العام. ناقش تحليل لمجلة بيزنس ويك احتمالات قيام روسيا بالرد علي العقوبات الأوروبية التي لم تقتصر علي قرار محكمة التحكيم في لاهاي بالحكم علي روسيا بدفع تعويضات قياسية تبلغ50 مليار دولار للمساهمين الذين كانوا يملكون الأكثرية سابقا في شركة يوكوس النفطية التي وضعت موسكو اليد عليها قبل عشر سنوات. الحكم الذي جاء في أجواء من التوتر للسلطة في روسيا اعتبره كثيرون حلقة جديدة من سلسلة العقوبات الغربية بسبب الأزمة في أوكرانيا. وبحسب الحقوقي قسطنطين لوكويانوف فإن' القرار سيطبق بموافقة روسيا او بدونها ويمكن مصادرة ودائعها في الخارج. في عام2006 فتحت حكومة فلاديمير بوتن الباب دون قيود أمام تدفقات رأس المال في خطوة استثنائية بين الاقتصادات الناشئة الكبيرة لتصبح الدولة الوحيدة في ذلك. ولكن اذا تفاقمت الاوضاع في أوكرانيا ربما يغلق الباب مرة أخري في حالة انخفاض قيمة العملة الروسية' الروبل'15% مثلا أو انخفاض الاحتياطي النقدي الاجنبي للبلاد بنحو مائة مليار دولار بحسب المستشارين الاقتصاديين للحكومة. وفرض قيود علي تدفقات رأس المال في روسيا, يراه الخبراء أيضا' قرارا سياسيا أكثر منه اقتصاديا أو ان يكون للبنك المركزي يد فيه, فهو بمثابة رد عملي علي العقوبات الغربية وعودة الي الاقتصاد السوفيتي الذي كان بمعزل عن الاقتصاد العالمي, فمع ضعف الروابط الاقتصادية قد تلجأ روسيا الي حماية احتياطيها النقدي- خامس أكبر احتياطي في العالم- ومنع خروج الاستثمارات. كان الاتحاد الاوروبي قد حذا حذو الولاياتالمتحدة في فرض عقوبات اقتصادية علي روسيا في محاولة لإجبار الكرملين علي وقف مساندته للانفصاليين في شرق أوكرانيا, وأعلن الأسبوع الماضي وقف التعامل علي أسهم بنوك روسية تابعة للدولة- مثل سبير بنك- في البورصات الأوروبية, وكذلك منع استيراد التكنولوجيا الروسية, سواء التي تستخدم لأغراض مدنية أو عسكرية وعدم توقيع عقود استيراد بضائع روسية وتشديد الإجراءات علي تصدير وحدات التقنية العالية التي تستخدم في استخراج الطاقة. وبعد الانتقال إلي المرحلة الثالثة من العقوبات بتطبيقها علي قطاعات كاملة: التمويل والنفط والسلاح أشار معهد' غايدار' مؤخرا' إلي' الإجراءات الناعمة' التي يمكن أن تتخذها الحكومة الروسية بفرض ضوابط جديدة علي حساب رأس المال.الاحتياطي النقدي الروسي الذي بلغ مستوي الذروة قبل ست سنوات بوصوله الي598 مليار دولار, واصل تراجعه منذ ذلك الحين وانخفض بحوالي126 مليار دولار ليقترب من أدني مستوي له منذ عام2010 اما الروبل الذي انخفض بنسبة8% مقابل الدولار هذا العام, فهو من أسوأ عشر عملات أداء, بحسب احصائيات وكالة بلومبرج. ويري خبراء روس ان انخفاض العملة15% سيكون سببا' كافيا' لدفع البنك المركزي لاصدار قرار بفرض قيود علي العملة. وحتي الآن سعي البنك المركزي للسيطرة علي تقلبات السوق عن طريق رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات, والاسبوع الماضي أشار الي العوامل الجيوسياسية التي تدفع الي تقييد السياسة النقدية في البلاد منذ شهر مارس الماضي. وتكشف بيانات البنك المركزي الروسي عن خروج74.6 مليار دولار خلال النصف الاول من هذا العام, مقارنة' ب61 مليار خلال العام الماضي كله. ويتوقع البنك عدم زيادة التدفقات الخارجة هذا العام علي90 مليار دولار, في حين تشير تقديرات وزارة المالية الي خروج مائة مليار. والاشكالية الآن في رأي خبراء مركز التنمية التابع لكلية الاقتصاد أن استمرار العقوبات علي روسيا قد يؤدي الي انخفاض احتياطياتها النقدية الي مستوي خطير في2015-2016 الي200 مليار دولار أو بما يساوي واردات السلع والخدمات لمدة ستة أشهر فقط( غير أصول الصندوقين السياديين). يذكر أن قيمة أصول صندوق روسيا الاحتياطي قد انخفضت الي86.6 مليار دولار في شهر يوليو, مقارنة ب7.3 مليار في الشهر السابق. وفرض قيود علي تدفقات رأس المال' سيناريو غير وارد' في رأي رئيس قسم الابحاث في دويتشه بنك في موسكو, الذي يفترض انه حتي انخفاض الاحتياطي النقدي الي مائة مليار لن يكون كافيا, لإدراج القضية ضمن الاجندة. وبحسب نائب وزير المالية الروسي فان الحكومة لم تناقش الفكرة عندما فرضت كل من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي عقوبات علي روسيا في بداية الأمر في شهر مارس الماضي. ولكن منذ ذلك الوقت, زاد التوتر مع زيادة ضغوط السلطات في كييف من أجل القيام برد فعل تجاه الانفصاليين في شرق البلاد, وبعد إسقاط طائرة الركاب الماليزية فوق منطقة أوكرانية يسيطر عليها الانفصاليون في17 يوليو الماضي فرضت الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي المزيد من العقوبات علي روسيا تتضمن قيودا علي حصول بنوكها علي تمويل رأسمالي. اذا رد بوتن علي العقوبات الغربية فسيكون بذلك قد انضم الي اقتصادات ناشئة أخري مثل الصين في استخدام ضوابط رأس المال لتقييد الاستثمارات الاجنبية. دول من الارجنتين الي أوكرانيا فرضت تلك القيود لحماية احتياطياتها النقدية والحفاظ علي عملاتها. وحسب تصرحات البنك المركزي الروسي, لوكالة بلومبرج, لا يوجد حتي الآن سبب لفرض قيود علي تدفقات رأس المال. وكانت رئيسة البنك قد أكدت عند توليها المنصب في يوليو2013 ان السير علي نهج الصين, بتثبيت سعر الصرف وفرض قيود علي حركة رءوس الاموال, بمثابة خطوة للوراء. ووفقا لتقديرات أكاديمية فان انقطاع امدادات التمويل الخارجي للبنوك والشركات المملوكة للدولة, معناه اضطرار الحكومة الي توفير ما بين40 مليار دولار و90 مليارا نقدا أجنبيا لهم في2014-2015 مما سيمثل عبئا كبيرا علي كاهل احتياطيات النقد الاجنبي والذهب. وفيما يتعلق بتأثير العقوبات الغربية علي الاقتصاد الروسي, خفض صندوق النقد توقعاته للنمو الي ما دون1% في حين تتوقع روسيا نمو انتاجها المحلي الاجمالي بنسبة1%. ويري محللون أن التأثير سيكون متواضعا. بالنسبة لقطاع السلاح, ردا علي إمكانية الاستغناء عن أوروبا واللجوء الي آسيا, قال محلل دفاعي بريطاني إنه بالرغم من تفاؤل بوتن فإنه أمر مستحيل نظرا لتصنيع90% من المكونات الالكترونية للصناعة في الدول الغربية. وبالفعل علي خلفية الأزمة الأوكرانية أوقفت الحكومة الألمانية صفقة تسليح ألمانية- روسية تبلغ قيمتها نحو100 مليون يورو في سابقة من نوعها سواء في العلاقات الألمانية-الروسية أو في الجدل العام حول تصدير الأسلحة لروسيا, حيث تجاوزت ألمانيا بذلك العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي, التي تنص علي وقف صفقات التسليح مع روسيا باستثناء الصفقات التي تم الاتفاق عليها قبل دخول القرار حيز التنفيذ نهاية الأسبوع الماضي.( كان وزير الاقتصاد الألماني زيجمار جابريل أوقف الصفقة مؤقتا في مارس الماضي كرد فعل علي أزمة شبه جزيرة القرم). أما علي صعيد قطاع النفط, فتري شركة بريتش بتروليم التي تملك20% من روزنفت النفطية, أن زيادة العقوبات الغربية سوف تؤثر علي استثماراتها في روسيا. ولكن من ناحية أخري رفضت سويسرا فرض عقوبات علي روسيا, وقال وزير الاقتصاد السويسري يوهان شنايدر امان في تصريحات صحفية: إن بلاده ستظل علي حيادها في النزاع الدبلوماسي الدائر بسبب أوكرانيا. وبحسب الحكومة السويسرية يجري تصدير نحو75% من النفط الخام الروسي عبر جنيف. وقد ذكر البنك الوطني السويسري أن الأصول الروسية في البنوك السويسرية بلغت13.8 مليار فرنك(15.2 مليار دولار) في2012.