توقعات بزيادة الإنفاق العسكري علي حساب المساعدات الدولية سيحاول الرئيس الامريكي دونالد ترامب في اول كلمة يلقيها امام الكونجرس مساء اليوم تحسين شعبيته المتراجعة وتجديد عهوده بمساعدة الامريكيين الذين اهملتهم التغييرات الاقتصادية. على غرار الرؤساء السابقين في الفترة السنوية نفسها، يلقي ترامب كلمته في الكابيتول بحضور النواب واعضاء مجلس الشيوخ والوزراء وقضاة المحكمة العليا وغيرهم من المسئولين الامريكيين. ولا يتعلق الامر فقط ب"خطاب حول حالة الاتحاد"، فالرئيس سيحاول تحديد الخط السياسي والتشريعي للعام المقبل وتبرير الاولوية العسكرية في الموازنة واعطاء دفع لاصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية. الا ان الخلافات تظهر في الافق خصوصا في ما يتعلق بالصحة. اذ يتعرض النواب الجمهوريون في دوائرهم لضغوط من الناخبين القلقين ازاء التعديلات الجذرية التي لوح بها ترامب على صعيد التغطية الصحية. فقد تعهد ترامب بالغاء اصلاح نظام الصحة الذي يشكل احد انجازات الرئيس السابق باراك اوباما والمعروف باسم "اوباماكير" والذي اتاح حصول اكثر من 20 مليون امريكي على ضمان صحي. لكن السؤال يظل بماذا يريدون استبداله؟ وتتسع الهوة في الحزب الجمهوري بين الجناح الليبرالي الذي يؤيد ابطال العمل باصلاح نظام الصحة والبراجماتيين الذين يترددون في تفكيك نظام ساعد الملايين من الناخبين رغم عيوبه. وترامب نفسه مواقفه تتأرجح. من جهة يترك لمسئولي الحزب الجمهوري حرية التحرك لكنه يشدد غالبا على ضرورة تامين تغطية صحية للجميع. وقال ترامب امس انه لم يكن احد يعلم ان الامر معقد الى هذا الحد. ومن المتوقع ان يصدر مشروع قانون عن النواب في الايام المقبلة. والتوتر الذي لا يزال قائما حاليا في الكواليس بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، يمكن ان يزداد خلال المفاوضات حول موازنة العام 2018. ويريد ترامب زيادة النفقات العسكرية ب9% واجراء اقتطاعات في وزارات عدة.فاقترح ترامب الاثنين "زيادة تاريخية" في نفقات البنتاجون في مواجهة تهديدات عالم "خطير" تبلغ 54 مليار دولار للمجال الدفاعي، على ان يتم تعويضها بخفض في المساعدة الدولية. ويثير القرار قلق العديد من كبار المسئولين العسكريين المتقاعدين من بينهم الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية. وطلب هؤلاء من ترامب عدم الاقتطاع من الميزانية المخصصة للدبلوماسية والمساعدات الدولية، وذلك في رسالة موجهة الى الكونجرس والبيت الابيض ونشرتها شبكة "سي ان ان" امس الاثنين. الا ان ترامب يرفض المساس بالضمان الاجتماعي الذي يشمل ثلثي النفقات الفدرالية في حين يريد رئيس مجلس النواب بول راين اجراء اقتطاعات. واعلن ترامب الذي سيخصص القسم الاكبر من خطابه للدفاع عن اولوياته "الموازنة ستكون للامن العام والامن القومي". وتابع "سيكون حدثا مهما ورسالة الى العالم في هذه الازمة الخطيرة حول قوة وعزم وامن الولاياتالمتحدة". وقال ترامب الاثنين "ننفق ستة الاف مليار دولارا في الشرق الاوسط وهناك فجوات في كل مكان على طرقاتنا وطرقاتنا السريعة". ولم تتنظر المعارضة الديمقراطية الخطاب للتنديد بنفاق الرئيس على حد تعبيرها. وقال تشاك شومر رئيس الاقلية الديموقراطية في مجلس النواب ان "الرئيس سيلجأ الى الخطاب الشعبوي نفسه كالامس، لكن كلماته ستكون فارغة"، مضيفا "يتكلم كما لو انه سيساعد العمال بينما افعاله تتعارض مع مصالحهم. سينتهج خط اليمين المتطرف". ويشدد الديمقراطيون على انهم سيقفون جبهة موحدة لابطاء او عرقلة بعض الاصلاحات. ولا يتجاوز هامش الجمهوريين مقعدين في مجلس الشيوخ و22 في مجلس النواب وهو عدد غير كاف لضمان موافقة مريحة على كل قرارات الرئيس الامريكي الجديد. قال مسئولو البيت الأبيض اليوم الثلاثاء إن ترامب سوف يركز على الفرصة الاقتصادية والأمن القومي. وسوف يحدد الرئيس أيضا "الوعود التي قطعها والوعود التي حفظها" مثل مساعي الانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ وجهود خلق فرص عمل. وواجه ترامب انتقادات بسبب خطاب التنصيب الشهر الماضي والذي رسم صورة قاتمة لحالة البلاد ، ولكن المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر صرح بأن تعليقات ترامب اليوم سوف "تقدم رؤية متفائلة للبلاد ، وتتجاوز الخطوط التقليدية المتمثلة في الحزب والسباق والوضع الاجتماعي الاقتصادي". الجدير بالذكر ان الرئيس السابق الديمقراطي باراك اوباما كان قلص النفقات العسكرية مستفيدا من انسحاب القوات الامريكية من العراق وافغانستان. وتشكل هذه النفقات 3,3 % من اجمالي الناتج المحلي، اي نحو 600 مليار دولار، وتبقى بين الاكبر في العالم. فهي اكبر بثلاث مرات من نفقات الصين ثاني قوة عسكرية عالمية، واكبر ثماني مرات من روسيا بحسب ارقام معهد "سيبري" السويدي. وقال ترامب امام الحكام "علينا الانتصار. علينا ان نبدأ مجددا بتحقيق انتصارات". واضاف "عندما كنت صغيرا كان الجميع يقول اننا لا نهزم ابدا في حروب. هل تذكرون؟ امريكا لم تكن تخسر ابدا. واليوم لا ننتصر في اي حرب".