لا يتوقف اثر زيادة اسعار المواد البترولية علي ارتفاع تكلفة المواصلات أو السلع فقط ولكنه يمتد للتضخم حيث يحاول البنك المركزي السيطرة علي معدلات التضخم, ويحتاج تنفيذ القرار الخاص بارتفاع أسعار الوقود لضبط الاسواق حتي لا ينتقل الاثر المالي لهيكلة دعم الطاقة الي المواطنين ويؤثر علي قدراتهم الشرائية, ويري البعض ان البنك المركزي لديه آليات تمكنه من السيطرة علي التضخم من بينها تحديد أسعار الفائدة الاساسية وكميات النقد المتداول ونسب الاحتياطي الالزامي بالبنوك التي تصل الي10% من حجم الودائع. الاقتصادي حاول استشراف المستقبل القريب وقياس معدلات التضخم بعد زيادة الاسعار. بدايه يقول هاني قدري وزير المالية ان النسبة المتوقعة للتضخم متأثرا بأسعار الوقود قد تصل الي نحو1% فقط وستكون لمدة واحدة بعدها سوف يمتص السوق أثر تلك الزيادة, موضحا ان ارتفاع التضخم متوقع بعد زيادة اسعار البنزين الا ان الحكومة تتحوط باجراءات لاحتواء الازمة من خلال السيطرة علي ارتفاع اسعار الغذاء بطرح سلع مماثلة بالمجمعات الاستهلاكية وتوفير منظومة نقل جماعي جيدة. وتقول الدكتورة أمنية حلمي رئيس المركز المصري للدراسات الاقتصادية ان الدولة عندما اتخذت قرار اعادة هيكلة الدعم علي الوقود كان يجب عليها ان تعلم جيدا أن هذا القرار سوف تكون له آثار كثيرة ومنها زيادة التضخم وعليها ان تواجه ذلك بمزيد من الدور الرقابي لضبط الاسواق ومنع التلاعب بالاسعار وخاصة في السلع الاستراتيجية. واشارت إلي أن قرارات الحكومة يجب ان تتوازي مع زيادة الانتاج حتي تستقر الاسعار, حيث بلغت معدلات التضخم في اخر إحصائية للبنك المركزي8.9% وتوقعت ان تؤثر اسعار الوقود علي الصناعات الصغيرة والمتوسطة. ويري ممتاز السعيد وزير المالية الاسبق ان الزيادة المتوقعة في أسعار بعض السلع سوف تكون طفيفة وغير مؤثرة وينعكس ذلك علي معدلات التضخم ايضا ويتوقع ان يكون تأثير القرارات علي مستوي التضخم محدودا وغير مؤثر ولن تحدث قفزات هائلة, مؤكدا ان إجراء رفع أسعار الوقود سليم اقتصاديا وهدفه خفض اعباء الدين العام وبالتالي خفض عجز الموازنة العامة للدولة حيث تعتمد الموازنة منذ سنوات طويلة علي تغطية العجز من خلال طرح أذون خزانة وسندات وهذا أدي الي مضاعفة الدين المحلي وتفاقمه. وقد يتجه البنك المركزي لرفع اسعار الفائدة لامتصاص التضخم وهذا السلاح هو الاسرع في تجاوز الأزمة هذا ما اكده الدكتور هشام ابراهيم استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة موضحا أن رفع اسعار الطاقة سوف يؤدي الي ارتفاع اسعار جميع السلع التجارية والغذائية علي المواطنين وبالتالي زيادة الفجوة بين الفقراء والاغنياء وارتفاع نسب ومعدلات التضخم وحتي يتمكن المركزي من السيطرة سوف يقوم برفع اسعار الفائدة. ويري الدكتور فرج عزت أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان الاقتصاديين ارجعوا التضخم في الدول النامية لوجود اختلالات هيكلية في تلك الاقتصاديات وان الزيادة في الأسعار تؤدي إلي حركة تراكمية من الزيادة في الاسعار مما يؤدي الي جموع التضخم هذه الرؤية النظرية تؤكد ان موجة ارتفاع الاسعار سوف يعقبها زيادة في الاسعار وبالتالي ارتفاع في أرقام التضخم. واضاف د. عزت ان التضخم يعيد توزيع الدخول لاصحاب الفئات ذات الميل المتوسط والمرتفع للادخار وبالتالي فعند قيام هذه الفئات باستثمار الاموال فإن التضخم يكون قد ادي الي تحقيق الادخار الاجباري ومن ثم يري البعض ان الاستقرار النقدي لا يتفق والتنمية الاقتصادية نظرا لان مشكلة الدول النامية الاقتصادية تتركز اساسا في نقص المدخرات لتمويل الاستثمارات العامة. وطرح د. فرج عدة رؤي لمساعدة الدولة علي تجنب التضخم مستقبلا وهي: *أن تكون نسبة التمويل بالعجز إلي جملة الاستثمارات هي نسبة منخفضة, حيث إن زيادتها تؤدي إلي ارتفاع الأسعار, ونظرا لارتفاع الدخول النقدية وما يؤدي اليه من زيادة الميل الحدي للاستهلاك ونظرا لانخفاض مرونة العرض الكلي فيصبح هناك ارتفاع في حركة الأسعار والاجور وترتفع معدلات التضخم من خلال أثر المضاعف( الاسعار والاجور) وعليه فإن الأمر يستلزم التمويل بالعجز بنسب صغيرة وعلي فترات غير متصلة. *أن تقوم الدولة باتباع سياسة مالية تمكنها من عدم جموح هذا التضخم عن طريق امتصاص الأرباح الناتجة عن هذا التضخم, حيث إنه عند ارتفاع الأسعار للسلع والخدمات( نتيجة حدوث التضخم الأولي) فإن ذلك يؤدي إلي زيادة أرباح القطاع الخاص المستمر, وبالتالي تجد هذه الأرباح طريقها في عدة أوعية, فجزء من هذا الربح يتجه إلي الخزانة العامة للدولة في صورة ضرائب أو سندات عامة, وجزء آخر يتم الاحتفاظ به في صورة نقدية, وجزء ثالث يتم إنفاقه, والجزء الرابع يتجه إلي زيادة ودائع هؤلاء المنظمين لدي البنوك التجارية, الامر الذي يؤدي إلي زيادة مقدرة هذه البنوك علي خلق الائتمان. وعليه إذا اعتمدت السياسة المالية للدولة علي زيادة الجزء الموجه للخزانة العامة للدولة في صورة ضرائب أو قروض عامة, وزيادة الأموال المعطلة المكتنزة وانخفاض قيمة مضاعف الائتمان النقدية فإن الارتفاع في الاسعار سيكون بمعدلات منخفضة. وأن يكون هناك ربطا بين سياسة التمويل بالعجز والسياسة الائتمانية, والتنسيق بين السياستين المالية والنقدية في منظومة متفاعلة تهدف إلي الحد من جماح التضخم ولتصبح الاثار الجانبية للتمويل بالعجر. وأن تحرص الحكومة بقدر الامكان علي عدم رفع معدلات الأجور النقدية لمستويات تتجاوز معدلات الزيادة في الانتاجية, وذلك تفاديا لما يسمي' بلولب الاجور والأسعار' وذلك بأن تعمل علي ثبات أسعار الأجرية خلال فترة التمويل بالعجز. وكذلك ضرورة التنسيق بين سياسة التمويل بالعجز ونوع الاستثمارات الموجه اليها هذا الإصدار النقدي الجديد حيث إن هناك علاقة وثيقة بينهما. فإذا كانت الاستثمارات الموجه اليها هذه النقود الجديدة هي استثمارات تؤدي إلي زيادة المعروض من السلع الاستهلاكية, وفي فترات زمنية وجيزة, فإن الاثار التضخمية لهذا الإصدار الجديد سوف تكون منخفضة وتقل منها, وذلك علي عكس الاستثمارات الرأسمالية التي تؤدي إلي زيادة الآثار السيئة للتضخم وتزيد من حدته, ومن هنا يجب علي الدولة أن تحرص علي اختيار توجيه هذه النقود إلي النوع الأول من الاستثمارات. ضرورة قيام الدولة بالحد من استيراد السلع الاستهلاكية الكمالية, وذلك لأن استخدام سياسة التمويل بالعجز يؤدي إلي رفع المستوي العام للأسعار, حيث ترتفع الواردات وتنخفض الصادرات نظرا لارتفاع قيمتها. ومن هنا يحدث خلل في الميزان التجاري ومن ثم ميزان المدفوعات. ومن ثم علي الدولة أن تلجأ إلي سد هذه الفجوة إما عن طريق تدفق رءوس الاموال الاجنبية, أو من خلال الاحتياطات النقدية الأجنبية, وهكذا فإن قيمة العملة ستتدهور وتنخفض, وبالتالي ترتفع تكلفة القيمة الاقتصادية للدولة. ومن هنا فإن اتباع سياسة للحد من استيراد السلع الاستهلاكية الكمالية سوف يؤدي إلي عدم حدوث هذا العجز. أما عن الأثر التضخمي لهذه الوسيلة, فيجب تلاشيها علي الدولة أن تقوم باتباعها الا بعد أن تبدأ صناعات الاستهلاك الوطنية في انتاج السلع المماثلة.