*العلاقات الخاصة والسمسرة تتحكم في منظومة التوزيع علي الفضائيات *أصحاب المحطات طالبوا باجتماع مع رئيس الوزراء بعد اتفاق تعاون وزارة الإعلام معMBC * تكثيف عدد المسلسلات واستعراض العضلات في تكاليف الإبهار ---------------------- قبل شهرين من بداية شهر رمضان, الذي يعتبر الموسم الأول لصناعة الدراما التليفزيونية دارت معركة حقيقية في سوق الاعلانات وتسويق الاعمال الدرامية, كانت البداية بخبر صغير له دلالة اقتصادية مجرد خبر تنقصه التفاصيل, عناوين الخبر اتفاق تعاون بين وزارة الإعلام في مصر وشركةMBC السعودية. ولم يكن هناك تحديد لشكل هذا التعاون, وماجدواه وتأثيره علي الانتاج الدرامي والبرامج بين هذين الكيانين الكبيرين, حيث يملك الكيان الاول معظم وسائل الانتاج مدينة الانتاج الاعلامي والفنيين والفنانين, بينما يملك الكيان الثاني الاموال المطلوبة للانتاج والتسويق, فلماذا يثيرهذا الخبر معركة مع اصحاب المحطات الفضائية؟. الخبر آثار عاصفة من الغضب في اوساط اصحاب المحطات الفضائية الذين عرفوه قبل نشره بيوم وعقدوا11 اجتماعا عاجلا وطالبوا مقابلة المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء شخصيا وقد جاءوا بمطلب وحيد هو الغاء الاتفاق! وهو ما لم يحدث بالطبع. *مليار جنيه للانتاج؟ كان عدد المسلسلات المنتجة في العامين الماضيين40 عاملا في المتوسط بتكلفة من700 مليون جنيه بينما انخفض هذا العام الي30 مسلسلا ولكن زادت التكلفة في نفس الوقت الي اكثر من مليار جنيه بسبب الاتجاه لانتاج اعمال بميزانية اكبر ليكون العمل اكثر ابهارا واصبحت نصف المسلسلات يلعب بطولتها كبار النجوم الذين هجروا السينما او بمعني ادق هجرتهم السينما, ومازال لهم رصيد تليفزيوني.. وهنا ظهرت اسباب غضب اصحاب المحطات الفضائية مثل الحياة والنهار وCBC ودريم والمحور وغيرها, فقط استطاعت فضائيةMBC ان تثبت قوتها وقدرتها الاقتصادية حيث اقبلت علي انتاج مسلسل سراي عابدين من قبيل استعراض العضلات, حيث ان تكلفة هذا العمل يساوي تكلفة انتاج خمسة مسلسلات علي الاقل.. ولم تكتف بذلك فقد حصلت علي حق العرض الحصري لمسلسلي صاحب السعادة لعادل امام, ودهشة ليحيي الفخراني وهما النجمان الاكثر شعبية ومشاهدة لتحسم السباق قبل ان يبدأ. اصاب هذا الأمر اصحاب المحطات الفضائية المصرية في مقتل وشعرت ان تورتة الاعلانات افلتت من يدها وهي القامة الكبري لتحقيق ارباح وتعويض عن الشراء ولم يعد لديها نفس الرغبة في شراء اكبر عدد من المسلسلات, وكانت المفاجأة في توقف خمس مسلسلات مرة واحدة عن استكمال التصوير وتأجيل العرض.. وهنا نشطت حركة العلاقات الخاصة بين اصحاب القنوات وبعض النجوم والمنتجين لشراء الاعمال وعرضها وظهر بقوة سماسرة الدراما يحصلون علي10% من قيمة البيع للتنسيق بين القنوات وتقديم بعض الا عمال المصرية مع بيعها لبعض المحطات الخليجية او عرض العمل في اربعة او خمسة قنوات بأسعار اقل بكثير. *الاعلانات والتسويق: اذا كان تكلفة الانتاج الدرامي الرمضاني تزيد علي مليار فإن تسويق هذه الاعمال يصل تقريبا الي600 مليون جنيه, بينما تقترب والاعلانات من500 ملين جنيه, وبالتالي فإن المعادلة تبدو متساوية تقريبا مع الفوز بنسبة ربحية بسيطة لكل الاعمال لا تزيد علي100 مليون جنيه, ولكن ذلك مع الانتباه لملاحظتين مهمتين: الاولي ان مهارة السماسرة ومندوبي الاعلانات واستخدام المواقع وبعض الصحف في الترويج لأعمال معينة يجعل المسلسل وايضا القناة تحقق هامش ربح اما الملاحظة الثانية فهي ان المسلسلات دائما لا تخسر وانما يتأخر ربحها في انتظار العرض الثاني بعد شهر رمضان. *القوة الناعمة: بكل تأكيد, يسود سوق الدراما المصرية في السنوات الاخيرة حالة حقيقية من العشوائة, وعدم الشفافية, فلا نستطيع مثلا معرفة القيمة المادية لحركة الانتاج, او اجور النجوم او اساليب التسويق, وجلب الاعلانات حيث انتقلت للدراما التليفزيونية كل عيوب الانتاج السينمائي بعكس فترات سيطرة التليفزيون المصري علي حركة الانتاج, وفي ظل وجود انتاج خاص ايضا فمثلا شاهد العالم العربي كله ليالي الحلمية التي جعلت الدراما المصرية مكانا او مكانة سنوية في كل القنوات العربية ولكن التليفزيون تخلي عن هذا الدور وتركت القوة الناعمة للثقافة الدرامية في يد منتجين غير حقيقيين, يعتمدون في انتاج اعمالهم علي الحصول علي سلف في تسويق او مشاركة في الانتاج, وقد اثر هذا الاسلوب كثيرا علي المستوي الفني, وعلي مستوي الكتابة والاخراج بل وقسوة ميزانية الانتاج نفسه واصبحت المسألة اقرب الي سلعة تبحث عن سماسرة ومندوبي الاعلانات.. وبالتالي فإن الشكوي من ضعف المستوي الفني معروف اسبابها وعوامل تدهورها. ان الانتشار السريع والكبير للقنوات الفضائية في السنوات الثلاث او الاربع الاخيرة سوف يسهم بكل تأكيد في طلب المزيد من الاعمال الدرامية بعد ان اصبحت برامج التوك شو لا تستهوي المشاهد كثيرا بما تحمله من أثارة كاذبة, وفقد الثقة في كثير من حقيقتها, وفي نفس الوقت ازدادت المحطات والقنوات بشكل كبير وغير متوقع, وهي لا تجد مادة اعلامية ودرامية كافية لسد ساعات الارسال.. وبالتالي فان الاحتياج للدراما اصبح مطلبا حقيقيا, وهي فرصة سانحة امام صناع الدراما المصريين للعودة للسوق العربي بقوة. ولكن.. كيف تعود الدراما لسابق عهدها قوة وتأثيرا ووسيلة ثقافية نافذة ومستحبة ومطلوبة من كل العرب وبأياد مصرية كان هناك ذكاء شديد في اجتذاب المواهب العربية من سوريا ولبنان وتونس والاردن وغيرها للانظمام لحركة الدراما المصرية, وكيف نخرج من فوضي الانتاج والتسويق, وعشوائية صناعة الدراما انها قضية اخري تحتاج الي تحليل وحلول وقرارات, وقبل كل ذلك ادراك من الفنان والمسئول المصري لأهمية وقيمة الدراما كقوة أساسية وناعمة من قوانا السياسية والاقتصادية والاجتماعية, وهذا يتطلب حوارا آخر وحديثا طويلا لمناقشة ورصد اسباب تعثره في السنوات الماضية.