كما استأثرت الدنمارك بالمرتبة الأولي في مؤشر الشفافية ومكافحة الفساد لعام2013, وذلك ضمن177 دولة ممثلة للقارات الخمس, تصدرت108 دول في مؤشر تنافسية المسئولية الاجتماعية للشركات, لذلك كانت التجربة الدنماركية جديرة بالدراسة والتأمل. ففيما يتعلق بالمسئولية الاجتماعية للشركاتCorporatesocialresponsibility تعدالتجربة الدنماركية من أهم التجارب في هذا المجال, حيث تلزم الدولة الشركات الكبري بتضمين تقاريرها المالية السنوية معلومات غير مالية, وخاصة تلك المتعلقة بالمسئولية الاجتماعية, هذا فضلا عما تمنحه من دعم للشركات النشطة في تنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية, ومنحها ميزة المشاركة في المناقصات الحكومية دون غيرها. كذلك فقد استحدثت الحكومة الدنماركية مؤشرا لقياس مدي مساهمة الشركات في برامج المسئولية الاجتماعية. وكانت محصلة هذا كله انخفاض معدلات البطالة, وتحسين نوعية الحياة, وارتفاع مستوي الرفاهه الاقتصادية والاجتماعية. وبالرغم من تعدد المصطلحات المتعلقة بمفهوم المسئولية الاجتماعية للشركات, ومنها مواطنة الشركاتCorporatecitizenship, وحوكمة الشركاتCorporategovernance, وبالرغم من أن هذه المصطلحات تتناول الظاهرة من زوايا مختلفة, فإنها جميعا تشير إلي تحمل الشركات لمسئولياتها في توليد وتعظيم القيمة لكل أصحاب المصالح من حملة أسهم وشركاء وموردين وعملاء وعاملين, فضلا عن المحافظة علي البيئة التي تعمل فيها وتنمية المجتمع المحلي بإدراج احتياجاته في خططها وبرامج عملها, بما يعني تحقق ربحية المجتمع جنبا إلي جنب مع الربح الفردي. فمفهوم المسئولية الاجتماعية في مفهومه الادق يعني الموازنة الحكيمة بين مصالح جميع الاطراف العاملة والمتعاملة والمستفيدة من أنشطة الشركات, بتعظيم ما يجنونه من عائدات, وتقليص ما قد ينشأ من أعباء أو سلبيات. وعلي هذا, فمفهوم المسئولية الاجتماعية لرأس المال يتجاوز حدود العمل الخيري أو التطوعي, ويتعداه إلي معان أشمل وأكثر عمقا, باعتباره يهدف إلي إدماج الشواغل الاجتماعية والبيئية للمجتمع ضمن أنشطة الشركات, وتفاعلها مع قضايا وهموم مجتمعها. فكما أن من حق الشركات أن توفر الدولة لها مناخا أكثر مواءمة للأعمال, فمن حق المجتمع- في المقابل- أن تؤدي الشركات واجباتها والتزاماتها تجاهه, انطلاقا من مبدأ المواطنة. من هذا المنظور, يمكن اعتبار المسئولية الاجتماعية بمثابة عقد ضمني يحدد واجبات ومسئوليات رجال الأعمال تجاه مجتمعهم, والمتمثلة في حماية مصالح المساهمين وحقوق المستهلكين, وتنمية رأس المال البشري, والمحافظة علي الموارد البيئية, والمساهمة في جهود التنمية المجتمعية بوجه عام, وعلي نحو طوعي. وتتزايد أهمية المسئولية الاجتماعية لرأس المال مع تقلص الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة في سياق تطبيق نظام الحرية الاقتصادية المعني- اساسا- بالمصلحة الخاصة والربح الفردي, خاصة مع صعود فئات رأسمالية تعتمد علي التراكم الريعي بديلا عن التراكم الانتاجي. وإدراكا لأهمية هذا التوجه اتجهت مصر إلي تأسيس المركز المصري لمسئولية الشركات عام2008 بالتعاون مع البرنامج الانمائي للأمم المتحدة, كمركز معلومات يوفر كل ما يتعلق بالمسئولية الاجتماعية بشكل مهني, للعمل علي نشر الوعي بالمسئولية الاجتماعية والتنمية المستدامة, والمساهمة في بناء قدرات الشركات والمنظمات المختلفة وتشجيعهم علي تبني نماذج أعمال مستدامة ذات تأثير اجتماعي, ومساعدة الشركات علي الالتزام بمعايير العمل والبيئة, وتعزيز الشفافية والمصداقية, كما أصدر المركز مؤشرا للشركات العاملة في البورصة. أيا كان الأمر, فالنتائج مازالت ضئيلة, ولا تتناسب مع توقعات المجتمع واحتياجاته. والذي لا شك فيه أن الرأسمالية المصرية لم تستوعب بشكل كامل المفهوم الواسع للمسئولية الاجتماعية لرأس المال, ولم تدرك بعد ضرورة التحول الي اقتصاد السوق الاجتماعي, بما يحقق بيئة أعمال أكثر عدالة واستقرارا, بل وأكثر ربحية.