استكمالاً للحديث عن المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص فيمكن اليوم ملاحظة مئات الآلاف من المساجد والمدارس والمراكز الطبية وآبار المياه والمشروعات الإغاثية والتنموية بتمويل مجتمعي فردي ومؤسسي خليجي، ولكن المسئولية الاجتماعية للشركات لا تقف عند التبرعات للمشروعات والبرامج التنموية والخيرية، فثمة مجالات للعمل ومبادئ يجب أن تلتزم بها الشركات وسيعود ذلك علي المجتمعات والدول بفوائد كبري، ويجنبها كوارث وأزمات بيئية واقتصادية واجتماعية ستكون في تكاليفها ونتائجها أكبر بكثير من التكاليف المترتبة علي هذه المسئوليات والالتزامات. ومن مجالات ومحاور هذه المسئوليات الاجتماعية، تنظيم وإدارة الأعمال وفق مبادئ وقواعد أخلاقية، والمشاركة مع الفقراء والطبقات الوسطي (علي أساس ربحي)، وحماية البيئة وتطويرها، وحماية الموارد الأساسية كالمياه والغابات والحياة البرية والتربة وتطويرها، ومكافحة الفساد وتجنبه، والتزام حقوق الإنسان والعمل والعمال، ومساعدتهم في تحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية مثل الادخار والتأمين والرعاية لهم ولعائلاتهم، ومشاركتهم في الأرباح. فليست الرأسمالية غير أخلاقية بالضرورة، والفكرة النمطية أن الربح والخصخصة ونظام السوق ينطوي بالضرورة علي تجاوزات أخلاقية أو لا يأخذ الأخلاق بالاعتبار فكرة تحتاج إلي مراجعة استراتيجية، صحيح أن ثمة ممارسات وحالات كثيرة للبحث عن الربح بأي ثمن، ولكنها ليست ملتصقة بالضرورة بالعمل الاقتصادي الحر. ويمكن بمنظومة من العمل المجتمعي والتشريعات وتطوير الرأي العام أن تكون القواعد الأخلاقية استثماراً بحد ذاته يزيد الثقة بالمنتجات والسلع والخدمات التي تقدمها الشركات، والقوانين والتشريعات مهما كانت محكمة فإنها لا تحمي المجتمعات والحقوق ولا توفر وحدها الأمن والثقة، ولكنها حين تعمل في بيئة أخلاقية فإنها تحقق كفاءة عالية في التنمية والإصلاح، وللأخلاق في كثير من الأحيان سلطات واقعية وفكرية تفوق السلطة المادية. وقد تنشئ المصالح التي تنظم علاقات الإنتاج والحماية أيضاً منظومة أخلاقية من العمل والانتماء والتكافل والرعاية والتوازن بين الحقوق والواجبات، فنحتاج لأجل النجاح وتحقيق مصالحنا القريبة والبعيدة المدي أن نعمل بتنظيم من سياقات قانونية وسياسية وأخلاقية أيضا دون أن تلغي واحدة من هذه السياقات الأخري، فلكل منظومة مجالها الخاص بها، ولها معا تفاعلات ذاتية وتلقائية ومنظمة يجب الالتفات إليها، وللحديث بقية..