مبلغ المخالفات الذى تجده عند تجديد الرخصة، هو مؤشر يحدد قدرتك على التعامل مع النظام المتبع فى الدولة، ولذلك عندما اكتشفت عند تجديدى الرخصة أن مخالفاتى قد تعدت الخمسة آلاف جنيه، علمت أننى بالتأكيد لا متكيفة ولا «مكيفة» النظام. والمقصود بالقدرة هنا ليس قدرتك على الالتزام بقواعد وآداب المرور الجديدة- أو القديمة– بل «حداقتك»، و«مفهوميتك»، وغيرها من صفات نطلقها على الراشى، «ظبطت العسكرى ولا سبته ياخد نمرك؟». وبالرغم من أن جيبى يؤلمنى جدا، من كثرة «تظبيطى» لرجال المرور فى الرايحة والجاية، فإننى مازلت لا أمتلك من «الحداقة» و«المفهومية»، ما يبعد عنى البلاوى، أقصد المخالفات المرورية. مازلت أحيانا أقف أمام الرجل الأبيض عاجزة عن التفكير حين يصر على سحب رخصى مدعيا أننى «كنت بتكلم فى المحمول»، وأنا على بعد خطوتين من مكان الركنة، ومرة أخرى حين «هفنى» رجل أبيض آخر مخالفة 2500 جنيه للسير عكس الاتجاه، لأننى ركنت العربية بالعكس. بالرغم من أنه كان يرانى وأنا أقوم بلف العربية لأركن. وأقربها من يومين عندما ركنت عربيتى فى شارع متفرع من قصر العينى، فى صف مواز للرصيف، وعند عودتى وجدت مخالفة على العربية، فذهبت كالمعتاد للرجل الأبيض.. وقلت له: «ليه مخالفة بس؟». «علشان راكنة على خط عبور المشاة». «فين ده؟». فأشار على بقايا خطوط بيضاء لا تُرى بالعين المجردة. «أولا، الخط مش باين. ثانيا، أنا حتى مش راكنة عليه». «لأ الكاوتش القدمانى على حتة منه». «نعم؟!». «ما انت لو كنت استأذنتى منى كنت سبتك». فهمت غرضه، ولكنه أغضبنى واستفزنى جدا فرفضت أن أقوم بتمويل فطاره أو غدائه، أيا كان. «يعنى انت سايب كل العربيات اللى جوه الشارع ده راكنة صف ثانى وثالث وجىّ تاخدنى أنا مخالفة علشان الكاوتش على أول الخط الأبيض». «لااااا أنا ما أعرفش أبويا فى الحاجات دى». أنظر له بسخرية فيكمل قائلا: «وبعدين هو انت ما تعرفيش إنه ممنوع الركنة على عبور مشاة، ما شفتيش الخطوط البيضا دى فى المرور وانت بتعملى الرخصة». وعند هذه اللحظة غضبى وصل لأقصاه، فصحت قائلة: «لأ.. الحقيقة أنا عملت الرخصة وأنا حاطة رجل على رجل فى مكانى، لأن كان فيه واحد تانى برضه زى حضرتك كده ما يعرفش أبوه، لكن أنا استأذنته». سندس شبايك