في أواخر العام الماضي توقع محللو كريدي سويس عودة ارتفاع سوق الدولار في2014 مع تحرك اسعار الفائدة واتجاهها للصعود, فعلي مدي التاريخ فترات اسعار الفائدة المرتفعة ارتبطت بشكل وثيق بصعود الدولار. وعواقب دولار قوي تعني انه ينبغي علي البلدان الناشئة, بما فيها الصين ان تذكر الدروس المستفادة من الأزمة المالية الاسيوية مع اتجاه عملة الولاياتالمتحدة نحو سوق صاعدة. منذ نهاية نظام بريتون وودز في عام1971, شهد الدولار الأمريكي سوقا صاعدة مرتين, المرة الأولي في الثمانينيات وكان بسبب سياسة بوك فولكر برفع سعر الفائدة من أجل علاج التضخم المزمن, أما المرة الثانية فقد بدأت في منتصف التسعينيات في ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات التي استقطبت الاستثمارات في الولاياتالمتحدة, لكن السوق الصاعدة القادمة لن تكون بسبب قوة الولاياتالمتحدة بقدر ما هي بسبب ضعف الاقتصادات الرئيسية الأخري. وعلي سبيل المثال, وبالنسبة لضعف اليورو, فإن ازمة اليورو مشتعلة منذ ثلاث سنوات والتركيز كان علي القدرة علي تحمل الديون في الاقتصادات الأوروبية الجنوبية, وحتي الآن كان الحل هو تحويل الاموال من الشمال الي الجنوب والتقشف المالي في الجنوب, لكنه غير فعال لأنه يتعامل مع الفجوة التنافسية بين الشمال والجنوب. والتقشف المالي يتعامل مع مسألة التنافسية من خلال فوضي الانكماش في الجنوب, غير ان الانكماش يؤدي الي تفاقم مشاكل الديون, ومن ثم فهي حلقة مفرغة. والحل الوحيد لأزمة اليورو في رأي أندي شيه عضو مجلس ادارة روزيتا ستون المحدودة للاستشارات المالية, هو المزيد من التضخم في شمال اوروبا لتحقيق التوازن وحل مشكلة القدرة التنافسية في الجنوب وارتفاع اسعار العقارات في المانيا هو البداية. والقوة الكامنة هنا هي التوسع النقدي للبنك المركزي الأوروبي, وعندما يتم الاعتراف بأن حل ازمة اليورو هو التضخم, وليس الانكماش, فإن اليورو ينخفض لمعالجة عواقب تنافسية منطقة اليورو بأكملها, وهناك احتمالات بأن اليورو سوف يكون عملة ضعيفة أثناء هذه العملية, وربما لمدة خمس سنوات. أما بالنسبة للين الياباني, ففي سوقه يعتمد علي وضع الدولار وكان الين عملة قوية علي مدي العقود الأربعة الماضية, قيمته اربعة اضعاف مقابل الدولار, فانخفاض التضخم, تحقيق فائض المدخرات والصناعات القادرة علي المنافسة, كلها عوامل عززت قوة الين, لكن الوضع الآن مختلف تماما. دفعت قوة الين الياباني الي الانكماش علي مدي العقدين الماضيين, وشهد الناتج المحلي الاجمالي الاسمي لليابان تراجعا, في حين ارتفع دينها المحلي بسبب التحفيز المالي الذي استهدف تعويض اثر الانكماش علي الطلب, وإضعاف الين هو السبيل الوحيد الذي من شأنه ان يقلل الحاجة الي التحفيز المالي وتعزيز الايرادات, ولذلك تعمل الحكومة اليابانية علي ضعف الين حاليا. وشيخوخة السكان اليابانيين السريعة تحول اليابان الي بلد يعاني عجزا في المدخرات. ومن المرجح ايضا ان يستمر عجزها التجاري وقد يعاني حسابها الجاري عجزا في غضون عامين بسبب عدم كفاية الاستثمارات الأجنبية لتعويض العجز التجاري. وأخيرا, معاناة الشركات البايانية مع تكدس البضاعة وانخفاض الاسعار, واذا كانت السيارات والالكترونيات هي الصناعات الرئيسية في اليابان, فإنها قد فقدت الي حد كبير قدرتها التنافسية في صناعة الالكترونيات التي اصبحت عبئا علي الاقتصاد بسبب خسائرها الضخمة. أما صناعة السيارات, فعلي الرغم من انها لاتزال قوية فإنه من غير المرجح ان تحقق عوائد عالية علي رأس المال او نموا كبيرا. وتشير العوامل الثلاثة السابقة إلي حدوث تغير جوهري في اتجاه الين, وفي الآونة الأخيرة تراجع12% مقابل الدولار وهي الخطوة الأولي في اعادة تقييم عملة البلاد, وبعد فوز الحزب الديمقراطي الليبرالي في انتخابات مجلس الشيوخ منتصف العام الحالي, سوف يتخذ بنك اليابان مزيدا من الخطوات لإضعاف الين وربما يصل الي سعر الصرف100 ين مقابل الدولار. كان الين عملة قوية وملاذا آمنا للمستثمرين وكان الدولار ضعيفا لكنه ايضا عملة ملاذ آمن. الآن هناك الكثير من السيولة في سوق الين, ومع صعود الدولار وهبوط الين فإن تحول تدفقات السيولة من الين الي الدولار من شأنه ان يعزز قيمة الدولار. ازمات الأسواق الناشئة: أول سوق صاعدة للدولار في الثمانينيات اشعلت ازمة الديون في امريكا اللاتينية, والثانية في منتصف التسعينيات اشعلت الأزمة المالية الآسيوية, وبالتالي لم يكن من قبيل المصادفة ان تتجه السيولة الي الاقتصادات الناشئة وتتسبب في ارتفاع اسعار الأصول فيها عندما كان الدولار رخيصا. والمكاسب المضاعفة جذبت مزيدا من التدفقات الي الاقتصادات الناشئة مما أدي في نهاية المطاف الي ارتفاع التضخم, وبمرور الوقت تفقد هذه الاقتصادات قدرتها التنافسية. ولا يتبين متي يدعم ارتفاع الاصول الطلب المحلي. عندما يتغير اتجاه الدولار يتغير ايضا اتجاه السيولة, الاقتصادات الناشئة تعاني من التضخم, تدفق السيولة يؤدي الي انخفاض قيمة العملة التي تؤدي الي اشتعال التضخم خلال فترات طويلة من سوق هابطة للدولار, ترتفع مستويات المديونية بالدولار في الاقتصادات الناشئة. فانخفاض سعر الدولار يقلل عبء خدمة الدين مما يشجع المدينين علي اقتراض المزيد. ولكن عندما يرتفع الدولار يتحول عبء الديون الي مشكلة ولا يرغب المقرضون في اعادة اقراض اموالهم, وبالتالي تحدث ازمة سيولة وهو ما يحدث في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا. بريكس الضعيفة: خلال العشر سنوات الماضية في سوق هابطة للدولار كانت دول البريكس هي الوجهة المفضلة لرءوس الاموال المضاربة, مثلما كان الحال مع جنوب شرق آسيا في التسعينيات, وعلي الرغم من وجود عوامل مشتركة قليلة بينهما, لكن كلما كان هناك حديث عن بريكس كانت هناك فقاعة. وقد ظهرت علي دول البريكس جميع اعراض النهم علي الائتمان الرخيص, من ارتفاع مستويات المديونية والتضخم وارتفاع سعر العملات. وفي العقد الماضي زادت تدفقات المال الأجنبي في الهند بنسبة17.2% سنويا و18.2% في الصين, في حين ارتفع الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة7.5% و10% علي التوالي وتحول النمو السريع في تدفقات السيولة الي تضخم. والمقياس الأوسع للتضخم هو الفرق بين معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي الاسمي والحقيقي. وذلك بلغ7.5% سنويا في المتوسط في الهند و7.3% في الصين. ارتفاع التضخم والعملة القوية في دول البريكس عزز الطلب علي رأس المال الأجنبي. فمعدل التضخم المرتفع يجعل التكلفة الحقيقية لرأس المال في الداخل منخفضة او سلبية. والعملة القوية تمنح مقرض رأس المال الأجنبي عوائد عالية في الخارج. وهذا برضي الطرفين علي المدي القصير تدفق رأس المال الأجنبي يدعم عملات الاقتصادات البريكس, وزيادة التدفقات الرأسمالية تشعل التضخم. في الأشهر الأخيرة, لم تعد تتلقي دول البريكس تدفقات قوية وتعرضت عملاتها لضغوط نزولية ووضع اقتصادات بريكس مشابة لاقتصادات جنوب شرق آسيا في عام1996. وانتهاج سياسات خاطئة يمكن ان يؤدي الي تفاقم الاوضاع ويحدث أزمة مالية واسعة النطاق. تخفيف او تشديد ؟ الهند خفضت مؤخرا اسعار الفائدة وكانت احدث بيانات عن التضخم قد أفادت بأنه7.2% وعلي الرغم من انه عند ادني مستوي في ثلاث سنوات, فإنه لايزال مرتفعا, والتضخم يعطي البنك المركزي العذر لخفض اسعار الفائدة فالهدف هو تحفيز النمو, ومع ذلك يمكن ان تعمل اسعار الفائدة المنخفضة علي تسريع تدفق رأس المال. وما يترتب علي ذلك من انخفاض في قيمة العملة يمكن ان يشعل التضخم مرة أخري. هناك اجماع بين المحللين في السوق بأن مسار الدولار سيتغير في غضون ثلاثة اشهر وقد تراوح مؤشر الدولار بين46 و82 لمدة عامين. وهو الان عند80 وفي غضون ثلاثة اشهر, قد يتجاوز حاجز ال82 تحتاج اقتصادات البريكس لتغيير اولوياتها من النمو بأي ثمن الي الاستقرار المالي, اكبر خطأ وقعت فيه اقتصادات جنوب شرق آسيا قبل خمسة عشر عاما كان ترددها في التضحية بالنمو علي الرغم من تحدي التضخم والآن السياسة الواجبة لدول البريكس هي التشديد المالي, ولكن للأسف يتركز اهتمام صانعي القرار علي المدي القصير في الوقت الحالي. ومن المحتمل ان تشهد بعض الاسواق الناشئة اضطرابا في غضون ال24 شهرا ا لمقبلة. =========== مخاطر الاستثمار في2014: يعتمد المستثمرون علي بيانات يومية( عادة ما تكون متناقضة) من اجل اتخاذ قرارات مهمة والخوف من المخاطرة قد يعني خسارة فرص واعدة, وهذا ما يعد اكبر تحد للمستثمرين في عام2014 بالنسبة لمايكل هينستاب مدير الاستثمار في مجموعة فرانكلين تمبلتون للاستثمار وبحسب خبير الاستثمار, فإن المستثمرين النشطاء قد حصلوا في عام2013 علي عوائد جيدة, ومن المتوقع ان يشهد2014 المزيد من العوائد, ولكن اكبر المخاطر هو الخوف. وفي2014 يتعين التحلي بالجرأة وستكون الاستراتيجية الرئيسية لمجموعة فرانكلين حماية الاستثمارات في ظل ارتفاع اسعار الفائدة. ويقول هينستاب انه في مجال التمويل, هناك مفهوم يسمي شلل التحليل وعدم القيام بأي شيء هو مخاطرة كبيرة للمستثمرين في عام2014. فمن المهم أكثر من أي وقت مضي ان يكون المستثمر ذكيا وغير مقيد. يذكر انه في بداية العام الحالي, كان هناك الكثير من الآراء بنهاية الاسواق الناشئة ولكن الواقع يختلف عن تلك الصورة المتشائمة وهناك فرص واعدة, وفريق فرانكلين تمبلتون كان رائدا في الاستثمارات العالمية علي مدار عقدين حيث ذهب الي أجزاء كثيرة من العالم كان الآخرون يخشون الاقتراب منها. ============ عودة الدولار القوي: مؤشرات تحسن الاقتصاد الأمريكي, تعافي السوق العقاري من تداعيات الأزمة العالية وانخفاض معدلات البطالة ومن ثم يسجل عجز الميزانية تراجعا مستمرا وفي شهر ديسمبر قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي البدء في الانسحاب التدريجي من برنامج التحفيز النقدي المتعلق بشراءأصول شهرية بقيمة85 مليار دولار, واضافة إلي التوقعات الايحابية, اكتشافات الغاز الصخري بما يقلل واردات الطاقة وتفاؤل المحللين بتحقيق فائض في المستقبل بفضل الانتعاش الصناعي. هذه عوامل كافية لتأكيد فترة ثالثة من سوق صاعدة للدولار الامريكي في رأي جورج ماجنوس محلل العملات في بنك يو بي اس, وحسب تقديرات84 اقتصاديا استطلعت بلومبرج آراءهم سوف ترتفع العملة الامريكية بحوالي8% مقابل اليورو في2015, والين الياباني سوف ينخفض بنسبة مساوية امام الدولار وفقا للمحللين. وفي حين يتوقع معظم المحللين دولارا قويا في الأسواق الا ان الجميع لا يعتقد بأنه سيكون تعافيا قويا والبعض يقول ان ذلك مرتبط بسياسة الاحتياطي الفيدرالي وما اذا كان سيتجه الي تشديد سياسته النقدية, كما ان ارتفاع الدولار قد يواجه معركة سياسة اخري وصراعا علي الميزانية في واشنطن. ويقول ماجنوس ان الاسواق الناشئة لديها الكثير لتقلق عليه من سوق الدولار الصاعدة. ولكن من غير المرجح ان يكون صعود الدولار مؤلما كما كان في الماضي. والخطر الاكبر في عام2014 هو التأثير المباشر الكبير علي تكاليف الاقتراض العالمي بسبب انسحاب الاحتياطي الفيدرالي من برنامج التحفيز.