حيث إن ملايين البشر لديهم آمال كبيرة في الحصول علي وظائف والخروج من دائرة الفقر والانضمام الي الطبقة المتوسطة عالميا, فإننا نحتاج في عام2014 الي اتخاذ خطوات تساعدنا في تحويل الحلم الي واقع. كريستين لاجارد الرئيس التنفيذي لصندوق النقد الدولي مرة أخري اجتمع آلاف المديرين التنفيذيين والسياسيين وأكثر من اربعين رئيس دولة لبحث كيفية إعادة تشكيل العالم في منتجع دافوس بسويسرا وذلك في إطار الدورة الرابعة والأربعين للمنتدي الاقتصادي العالمي, ولكن هل نجحت اجتماعات النخب السياسية والاقتصادية في العالم, هذا العام, في الوصول أخيرا الي حلول للمشكلات المستمرة مثل تنامي عدم المساواة واتساع فجوة الدخول بين الأغنياء والفقراء, ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وغيرهم, بما يجعل العالم مكانا افضل؟ المناقشات تناولت الابعاد الثلاثية للظروف العالمية الحالية: البعد الاقتصادي, السياسي, الاجتماعي وفي ظل هذا السياق رأي محللون ان المنتدي كان بمثابة اعتراف بإفلاس النموذج النيوليبرالي للرأسمالية, حيث يعتقد البعض ان نموذج الرأسمالية- الليبرالية الجديدة- في حاجة الي تغييرات قوية حتي وان كانت قد انتشلت مليار شخص من الفقر في عشرين عاما, الا ان هناك استياء شعبيا تجاهها بعدما تبين فشل المنظمين, المراقبين, مديري الشركات في حماية من كانوا في ذمتهم, بدليل الازمات الاقتصادية والاجتماعية المتتالية وان كان يظل السؤال ما هو البديل؟ وحسبما اشار تقرير للفاينانشال تايمز, يرغب العديد من الناس في أنحاء العالم في تشديد القوانين علي الشركات, وعلي سبيل المثال في بريطانيا, يريدون قوانين أكثر صرامة علي شركات الطاقة, في ألمانيا يريدون المزيد من التنظيم المالي, أما في الصين فتتعالي صيحات تنادي بتشديد العقوبات علي شركات الأغذية. قبل سنوات, كان الاستياء الشعبي يتركز علي البنوك والمصرفيين فحسب وذلك بعد الأزمة المالية في عام2008, لكن تبين انها ظاهرة معدية, والآن هناك حملات ضد شركات كبري بسبب التلاعب في اسعار سلع حيوية( مثل النفط وأجزاء السيارات) ولكن مناقشات أصحاب المصالح بحسب وصف مراسل الفاينانشال تايمز لأفضل السبل لإجراء مصالحة بين عالم البيزنس والمطالب الاجتماعية فيما يشبه برلمانا عالميا يفتقر الي الرؤية المستقبلية, إذ إنه لا يتنبه عادة للأزمة المقبلة, فعلي الرغم من تنوع الأطراف المشاركة في المنتدي, فإن أفرادا من جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية هم من يناقش مشكلات جيل الألفية في دافوس, مقتبسين المصطلحات المتداولة بينهم من أطفالهم وعلي سبيل المثال, عملة البيتكوين, بدلا من بحث المنظمين لمعايير رأس مال البنوك والسيولة فيها لماذا لا تعتمد البنوك المركزية العملة الافتراضية ؟ ومسألة إعادة تشكيل العالم أمر يتعلق بالشركات الثورية, وهذا العام هي شركات التكنولوجيا التي ينبغي ان تكون محور الاهتمام. ولكن ماذا ينتظر الاقتصاد العالمي في عام2014 ؟ من جانبها اعتبرت كريستين لاجارد, رئيس صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد العالمي قد تخطي السيناريو الأسوأ, لكن ثمة مخاطر مازلت تلوح في الأفق, وقالت في مقال نشر لها علي هامش المنتدي, انه في عام2013, ظل الاقتصاد العالمي بين الأمل وعدم اليقين, ورغم ان تعافيه اكتسب بعض الزخم, خاصة في الاقتصادات المتقدمة, فإنه, ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي سوف يبلغ نمو الناتج المحلي الاجمالي العالمي3.6% في عام2014, وهو معدل معقول, لكنه اقل من امكانياته المقدرة بنسبة4% وهذا يعني, في رأي لاجارد ان اعضاء الصندوق سواء من الدول المتقدمة, الناشئة, النامية عليها القيام بمجهود اكبر, حيث لاتزال مخاطر الركود والانكماش تلوح في الأفق بما يؤكد ضرورة التركيز علي السياسات الضرورية لتحقيق نمو مستدام قادر علي خلق فرص عمل اضافية دون إثارة الضغوط التضخمية. من ناحية أخري, أكبر المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي خلال السنوات المقبلة ليست الركود والانكماش فحسب, وانما اتساع فجوة الدخول التي تهدد النسيج الاجتماعي فوفقا لتقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدي الاقتصادي العالمي الفجوة المستمرة بين الأغنياء والفقراء هي الخطر الأكبر الذي يواجه الاقتصاد العالمي حاليا في ظل تعافي الاقتصاد وصغر حجم الشريحة المستفيدة من هذا التعافي بما يمثل ضغوطا هائلة علي التماسك الاجتماعي مثلما اتفق أكثر من700 خبير شاركوا في استطلاع حديث للرأي. فحسبما كشف تقرير اوكسفام الأخير85 شخصا في العالم يملكون نصف ثرواته. التقرير الذي اصدرته المنظمة الدولية المعنية بمكافحة الفقر, عشية منتدي دافوس أشار إلي نمو الثروة العالمية بنسبة5% لتبلغ241 تريليون دولار خلال العام الماضي الا ان اللافت للانتباه هو ان110 تريليونات من الدولارات من هذه الثروة في حوزة1% فقط من الاغنياء في العالم. والامر المثير هنا ان المليارديرات الذين حضروا المنتدي هذا العام يتوقعون العودة في العام المقبل الي دافوس وهم اكثر ثراء. فيما يقرب من50% من اغني المشاركين في دافوس هذا العام ومن بينهم اليكو دانغوت اغني شخص في افريقيا, وقطب الاتصالات الايرلندي الملياردير موغول دنيس يتوقعون ارتفاع اسعار الاسهم وبقاء اسعار الفائدة منخفضة في عام2014, وقالوا انهم سوف يتجنبون الاستثمار في العملة الافتراضية بيتكون. دانغوت توقع استمرار السوق الصاعدة وقال في مقابلة مع وكالة بلومبرج انه يري تحسنا في جميع القطاعات في البنوك, في صناعة السيارات وغيرهما, مؤكدا ان الاقتصادي العالمي قد تجاوز المرحلة الاسوأ. ودانغوت هو واحد من اكثر من ثمانين مليارديرا حضروا منتدي دافوس واجتمعوا مع قادة الاعمال والسياسة في العالم كما هو متبع سنويا. ولكن في حين يراهن المليارديرات علي تسارع وتيرة النمو وارتفاع اسعار الاصول تظهر مشكلة فجوة الدخول باعتبار تفاوت الثروة بسبب العولمة والازمة المالية العالمية اكبر تحد يهدد بانتشار الفقر والاضطرابات الاجتماعية. وفقا لمؤشر مليارديرات بلومبرج, فان اثرياء العالم ازدادوا ثراء في العام الماضي باضافة524 مليار دولار الي صافي ثروتهم الاجمالية التي بلغت3.6 تريليون دولار, وكان النصيب الاكبر منها لصالح الملياردير بيل جيتس البالغ من العمر58 عاما حيث ارتفعت قيمة ثروته بواقع15.8 مليار دولار الي78.5 مليار. وجود مؤشرات علي حدوث انتعاش اقتصادي عالمي في ظل توقعات البنك الدولي بارتفاع معدل النمو الاقتصادي العالمي هذا العام الي3.2% مقارنة ب2.4% هذا اثار اجواء التفاؤل بين الاغنياء والاقوياء الذين اجتمعوا في دافوس ولكن مع ذلك اعتبر احد المليارديرات المشاركين ان اكبر عقبة تواجه الاقتصاد العالمي هي السياسيون نظرا لان ما يشغلهم اكثر هو مسألة اعادة انتخابهم وليس نمو اقتصاداتهم. مشيرا الي ان البنوك المركزية في اوروبا خاصة اسبانيا, ايطاليا, فرنسا لاتزال لديها قضايا تحتاج الي حلول سريعة. والسؤال المهم ايضا يتعلق بالصين هل سيكون اداؤها كما هو متوقع فمزيد من الانخفاض في معدلات النمو بسبب مشاكل الائتمان وديون الشركات سيكون له تداعيات سلبية علي منطقة اسيا, وتعد الاموال الرخيصة في اقتصادات مثل الصين, اليابان, اوروبا, الولاياتالمتحدة احد دواعي القلق. التوترات الدبلوماسية بين الصينواليابان واندلاع الصراع بينهما احد المشاكل الجيوسياسية الخطيرة التي يمكن ان تكون بمثابة ازمة جديدة للاقتصاد العالمي. ---- كواليس دافوس: *رجال الأعمال وغيرهم من المشاركين في المنتدي( بدون دعوة) يدفعون250 ألف دولار لكل منهم مقابل حضور دافوس والاجتماع مع صفوة العالم. (رانا فور وهار المحررة الاقتصادية لمجلة تايم) *الجميع ينام في اجتماعات دافوس.. فالامر المؤكد هو عدم قدرة اي شخص علي البقاء يقظا طوال الوقت في جميع الندوات ولكن ممنوع علي المصورين التقاط اي صور محرجة للمشاركين. بيتر كوي مراسل مجلة بيزنس ويك *الشعار الرسمي لمنتدي دافوس هذا العام كان اعادة تشكيل العالم: العواقب علي المجتمع وعالم السياسة والاعمال. لكن الشعار غير الرسمي هو عودة امريكا. فالتوقعات بنمو الاقتصاد الامريكي بنسبة3% هذا العام والمخاوف بشأن الاسواق الناشئة يشيران الي تفاؤل دافوس بالولاياتالمتحدة لاول مرة منذ اعوام. (جديون راشمان الكاتب في صحيفة الفايننشال تايمز). *اهم الموضوعات التي تناولتها اجتماعات هذا العام: ايران, روحاني اول مرة يظهر فيها رئيس ايراني علي مسرح دافوس منذ عشر سنوات, الصين, النساء, الشباب. (من تغريدات المشاركين في المنتدي). ---- اقوال مأثورة من المنتدي: *اليابان ستصبح مكانا تلمع فيه النساء اللاتي سيشغلن30% من المناصب القيادية بحلول عام2020. سينزو آبي رئيس وزراء اليابان *بنهاية هذا العام سيكون ازدحام شبكات المحمول اكثر من الازدحام المروري. ماريسان ماير الرئيس التنفيذي لشركة ياهو *دائما ما يقلل الناس من امكانيات افريقيا لكن القارة السمراء سيكون لديها سوق موحدة واتحاد افريقي بحلول عام2050. اليكو دانغوت رئيس مجموعة دانغوت النيجرية واغني رجل في افريقيا. *الحق في الخصوصية يجب ان يكون احد اهم القضايا المطروحة للنقاش في الوقت الراهن. جوديث رودن مسئولة في شركة روكفلر *لا يوجد علاج سهل لمشكلة بطالة الشباب, ومع ذلك تعاون القطاعين العام والخاص في هذا المجال يمكن ان يحدث تقدما. اليس جونسون رئيس ليبريا *تسعي الهند الي رفع حصة التصنيع في الناتج المحلي الاجمالي من16% حاليا الي25% وخلق100 مليون وظيفة جديدة. اناند شارما وزير التجارة والصناعة الهندي