كيف يتم تنظيم سوق التعويضات في مصر ؟! سؤال طرحه الاقتصادي علي العديد من خبراء القانون الذين تراوحت إجاباتهم بين أهمية عودة الاستقرار الأمني باعتباره مفتاح تنظيم أي نشاط اقتصادي وبين أهمية الالتزام ببنود وثيقة التأمين الموقعة بين العميل والشركة للحد من عمليات النصب والاحتيال التي تتم في هذا الشأن. بدايةيقول الدكتور صفوت حميدة أستاذ ورئيس قسم التأمين بأكاديمية السادات للعلوم الادارية إن التعويض يمنح عن وقوع حادث تسبب في خسارة مغطاة بالتأمين وان كيفية التغطية التأمينية هي شروط محددة في وثيقة التأمين التي توقع بين العميل المؤمن له وشركة التأمين وهذا التعويض يكون في الممتلكات لأنه لاتعويض في الحياة عن موت شخص وإنما هناك مزايا وليست تعويضا لأن حياة الانسان لاتقدر بمال. وان التعويض في الممتلكات يتم بناء علي عقد مبرم تم تحديده في الأصل ومدون به الأخطار المغطاة ؟ وشروط التعويض, ونسبة التغطية لهذه الأخطار ؟ هل نسبة100% أم أقل من ذلك ونظرا لوجود حالات من الغش والنصب سواء بالتعمد أو عدم القصد لذا فالشركة التي يساورها شك في عميلها والمعلومات التي يدلي بها نجدها تتشدد في تطبيق شروط عقد التأمين الموقع بينها والعميل ولابد أن يخضع التعويض لشروط وبنود هذا العقد والوثيقة وهناك مقارنة تتم بين شروط العقد والحادث الذي وقع ولجنة تقوم بمعاينة الحادث من شركة التأمين تكون علي دراية وخبرة عالية في تقدير وتقييم الخسارة وتكلفتها وإذا حدث خلاف بين الشركة والعميل لجأ الاثنان الي القضاء لأن أموال شركات التأمين ليست شئونا اجتماعية تدفع لأشخاص مؤمن لهم بمجرد معلومات غير موثقة ومدونة بشروط العقد. ويضيف د. صفوت إن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل ظروف مصر بعد ثورة25 يناير2011 وحتي الآن وماحدث من انفلات أمني وسرقات لسيارات وحرق وغير ذلك, السؤال هل هذا الخطأ مغطي تأمينيا في العقد أم لا ؟ لأن أحداث شغب الثورات والتظاهرات هي خطر عام وهو في السابق كان نادر الحدوث وتكراره قليل وخسارته محدودة ولذلك فهو مستثني وكان لشركة التأمين تحمله أما الآن فالصورة تغيرت وأصبح فوق طاقة الشركات وزادت خسائر شركات التأمين عن المتوقع بسبب كثرة أحداث الشغب والتظاهرات وحرق السيارات والمحلات ومانشاهده علي شاشات أجهزة الإعلام المرئية مما أضطرت معه الشركات لزيادة قيمة التأمين وقد كانت50% العام الماضي واعتقد أنها زادت هذا العام ايضا ولكن يبقي السؤال هل تشتمل وثيقة التأمين علي تغطية اضافية تغطي الخسائر الناتجة عن الشغب والتظاهرات والاعتصامات وماشابه ذلك من اعمال عنف والجواب اذا كانت هذه الأعمال مغطاة بالوثيقة فلابد أن تدفع الشركة تعويضا للمؤمن له واذا لم تشتمل الوثيقة التأمينية ذلك فلا دفع من الشركة. وحتي ينظم التعويض من عمليات النصب والغش فإن ذلك يلزم الشركة إيفاد لجنة معاينة للحادث تكون مدربة ومؤهلة علي تقدير الخسارة وتكون مكونة من اكثر من فرد حتي تبطل عمليات التفاوض الخفية بين العميل وموظف الشركة وان يكون النظام الاداري الذي يسلكه التعويض جيدا ومراقبا حتي لايتم الصرف لغير مستحقيه او بأكثر من قيمته خاصة في ظل الظروف الحالية الأمنية لمصر التي تسببت في تعرض كثيرين لسرقة سياراتهم او حرقها او وقوع أي ضرر عليها من جراء الاعتصامات والمظاهرات بالشارع المصري. أما الدكتور سامي نجيب استاذ التأمين بجامعة بني سويف فيطالب الهيئات التأمينية بضرورة التحري ودقة المعلومات لأن عمليات الغش والنصب موجودة في كل جهة وأن الانفلات الأمني وماحدث عقب ثورة25 يناير2011 من حرق وسرقة لسيارات كلف شركات التأمين تعويضات لأصحابها وصل لدرجة عدم استطاعة هذه الشركات دفع التعويضات لأن ماتحصله شركات التأمين من المشتركين في التأمين علي ممتلكاتهم وحسب نسبة المشاركة وقيمتها فإنها لاتدفع هذه الاشتراكات في الظروف العادية دفعة لأن حدوث الحريق أو السرقة كان قليلا أما الآن فإن بعض الشركات توقفت عن دفع تعويضات للسيارات جزئيا وأن أي منافسة ضارة من الشركات لبعضها تسبب خسارة وهذه المنافسة الضارة في التأمين تستلزم التسعير الصحيح لأن قيمة الاشتراك في التأمين دون4% من سعر السيارة الحقيقي يعتبر منافسة ضارة وأكثر من هذه النسبة يعتبر احتكارا ولهذا فالتأمين لامنافسة ضارة ولا احتكار وان من عيوب الادارة في شركات التأمين عدم التقدير الصحيح للتسعير. ويري د. سامي ان أكبر مشكلة في سوق التأمين هي الكساد من ناحية وعدم استتباب الأمن من ناحية أخري والتأمين علي أخطار نادرة الحدوث كأعمال العنف السياسي والمظاهرات والاعتصامات جعل مصرغير مقبولة لدي شركات إعادة التأمين في الخارج بسبب اعمال الإرهاب. فيما يؤكد الدكتور علي الديب استاذ التأمين بكلية التجارة جامعة القاهرة ان الاضطرابات الأمنية وعدم الاستقرار الحادث في مصر قد تسببت في تصنيفها من الأسواق الرديئة في التأمين لأن معدلات الحوادث سواء سرقة او حرق للسيارات او غيرها من الممتلكات تفوق المعدلات الطبيعية ولأن شركات التأمين تضع حساباتها وحسابات أقساطها علي المعدلات الطبيعية للسرقات والحرائق وغالبية الشركات يستثمر جزءا من أموال المشتركين وأرباحها مما يساعدها علي دفع التعويض للمؤمن لهم عندما تقع الحوادث, وان المعدلات الطبيعية لحدوث أسباب صرف التعويضات من التأمين تساعد الشركات علي خفض النسبة المطلوبة من الثمن عند التأمين, زيادة الخدمات التأمينية التي تقدمها الشركة, تحقيق ارباح تساعدها علي عدم التأخر في صرف التعويضات. أما عندما تصبح هذه المعدلات غير طبيعية فإن ذلك يحدث آثارا سلبية علي شركات للتأمين وقد تمكنت شركات التأمين من الحصول علي الاعتراف بأن مايحدث ليس بسبب الثورة كأخطار نادرة الحدوث ولكن الاستقرار الأمني وعودة الحياة لطبيعتها والمعدلات في الحوادث لما كانت عليه في السابق سينظم سوق التعويضات. فيما تقول الدكتورة أماني توفيق استاذ التأمين بكلية التجارة جامعة المنصورة ان القوانين واللوائح الموجودة حاليا كافية لتنظيم المطلوب من الوسيط وكذلك من المؤمن له علي شيء من ممتلكاته الخاصة وهي لاتحتاج إلا إلي التفعيل لضبط عملية التعويضات عند حدوث سبب صرفها وان كان علي ارض الواقع قد تحدث عمليات نصب تدفع شركات التأمين الي زيادة الرسوم المطلوبة من المؤمن له وأري أن العدالة في صرف التعويضات والسرعة في إنهاء إجراءاتها ووضوح بنود العقد والاتفاق بين شركة التأمين والمؤمن له هو الاختلاف بين شركة تأمين وأخري ولذلك هناك من شركات التأمين من زادت حجم مبيعاتها للخدمة التأمينية عن أخري لقيام الوسيط بمساعدة المؤمن له في صرف تعويضاته. ومن هنا فعلي الوسيط يقع عبء شرح وتوضيح شروط وثيقة التأمين للمؤمن له ليعرف ماله وماعليه ومتي يحق له صرف التعويض ونسبته وشروطه, ومعرفة استثناءات الوثيقة ليكون المؤمن له علي بينة من التعويضات التي تغطي من قبل الشركة لأن الشطارة ليست في اصدار الشركة للوثيقة التأمينية وإنما في استمرار العميل في التعامل معها في ظل منافسة الشركات لبعضها. كما أن إدارة التعويضات في الشركة لاتقل أهمية عن ادارة الاصدار للوثيقة وان وضوح الرؤية لجميع الأطراف تساعد كثيرا علي تنظيم سوق التعويضات وتمنع عمليات النصب والتلاعب في صرف هذه التعويضات التي قد تكون من المؤمن له وهنا يظهر دور موظف التعويضات وأهميته في كشف التلاعب وعمليات النصب والغش وذلك من خلال الدورات التدريبية التي حصل عليها والخبرات التي اكتسبها. وتضيف الدكتورة أماني توفيق إن علاج عمليات الغش والنصب من جانب المؤمن له يكون من خلال وجود قاعدة بيانات للمؤمن لهم علي مستوي شركات او مايمكن تسميته وجود استعلام تأميني عن العملاء كما هو بالبنوك شاملا كل البيانات وسابقة الاعمال والمخالفات التي ارتكبها او لم يرتكب اي مخالفات طوال تعامله مع شركات التأمين خاصة ان هناك متغيرات في الواقع المصري حاليا أوجبت علي شركات التأمين استحداث وثائق تأمين جديدة مثل وثيقة العنف السياسي والمظاهرات التي تحدث العديد من الأخطار كما شاهدنا خلال السنوات الثلاث الماضية وهي وثيقة أصبحت غاية في الأهمية ولم تعد وثيقة الحريق او السرقة كافية مع الانفلات الأمني الكبير في الشارع المصر حاليا. وللعلم قد يحدث تواطؤ بين الوسيط والمؤمن له وهذا يفرض علي الهيئة العامة للخدمات للخدمات التأمينية تدريب وتأهيل الموظفين لكشف مثل هذا التواطؤ.