قال محمود الخفيف كبير اقتصاديين فى منظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية «الاونكتاد»: إن تقارير الاونكتاد توجه بالأساس إلى دول العالم النامى لاستنباط مؤشرات تساعده على إدارة شئونه الاقتصادية والتجارية، وأضاف: ان تقرير عام 2016 يحتوى على تنبؤ اقتصادى لمعدلات النمو الاقتصادى للعام القادم ورؤية لتدفقات رءوس الأموال والتجارة لمساعدة صانعى القرار فى الدول النامية فى وضع سياساتهم المستقبلية بناء على دراسات الاونكتاد لوضع التجارة والاقتصاد العالمى. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى الذى عقدته مؤسسة الأهرام بالتعاون مع مركز الأممالمتحدة للإعلام لتحليل ومناقشة التقرير السنوى لمنظمة الاونكتاد المعنى بالتجارة والتنمية لعام 2016 بمقر المؤسسة. وأوضح الخفيف ان هذا التقرير يمكن ان يكون مفيدا لصانعى القرار فى مصر لاستنباط مرونة الطلب على قناة السويس وتحديد الشركاء الاقتصاديين الدوليين ومساعدة على خفض ميزان المدفوعات الذى بلغ 3,5 مليار دولار فى العام المالى الماضى 5102/6102. ومن جانبه قال الاستاذ احمد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام: ان تقرير الاونكتاد يعد من أهم تقارير منظمات الأممالمتحدة الذى ينتصر للحقيقة ومصداقية العلم والتطوير بهدف تحقيق العدالة والتكافؤ بين الجميع بعكس الوصفات الايديولوجية الجاهزة التى تقدمها بعض المنظمات الدولية لجميع للدول النامية. جاء ذلك فى الكلمة التى ألقاها نيابة عنه فؤاد منصور رئيس تحرير الأهرام ابدو. ووصف تقرير الاونكتاد على ان وضع الاقتصاد العالمى عام 2016 بالوضع هش شهد نموا اقتصاديا عالميا متباطئا وصل إلى 2,5٪ بالإضافة إلى معدلات متدنية للتجارة العالمية تصل إلى 1,5٪. هذا ومن المتوقع ان يتواصل الأداء الضعيف المسجل منذ الازمة الاقتصادية عام 2008 فى البلدان المتقدمة كالولايات المتحدة وبلدان منطقة اليورو التى تتجه نحو تنفيذ تدابير تقشفية وتعانى من تباين حاد فى مستويات الأداء الاقتصادى لأعضائها، علاوة على عدم التيقن من التطورات السياسية مثل أزمة الهجرة المستمرة والشكوك المتعلقة بمستقبل التكامل الأوروبى بعد خروج بريطانيا منه، إلا ان التقرير أظهر ان دول جنوب شرق آسيا مازالت هى محرك الاقتصاد العالمى والتى شهدت معدلات عالية من النمو الاقتصادى. وأوضح التقرير ان انخفاض نمو البلدان المتقدمة سوف يكون له انعكاس سلبى على النمو فى البلدان النامية؛ حيث إن ضعف الطلب فى الاقتصاديات المتقدمة نتيجة ركود مستويات الأجور بها قد اخذ يخنق النمو فى الاقتصاد العالمى ككل، وتوقع التقرير ان تشهد البلدان النامية نموا اقتصاديا يتراوح بين 2٪ و 4٪.
زيادة التدفقات المالية وقد ارجع التقرير ظاهرة تزايد التدفقات المالية التى يشهدها الاقتصاد العالمى إلى العولمة المالية التى تتبناها الشركات العابرة للقارات والقائمة على تقليص الحجم وتوزيع الأرباح إعلاء لمصالح حملة الأسهم عوضا عن الاستثمار طويل الأجل والاحتفاظ بالأرباح كما فى السابق. و أيضا إلى تبنى بعض دول كالولايات المتحدة سياسات من شأنها عدم وضع قيود على تدفقات الأموال وفتح حساب رأسمالى مفتوح، وكذلك قيام دول الاتحاد الأوروبى واليابان بتطبيق سياسات مالية توسعية ما أدى هذا إلى حدوث انخفاض حاد فى نسب الاستثمار إلى الأرباح فى الفترة بين عام 1995وعام 2014. ومع تواصل خروج الاستثمار من البلدان النامية والبلدان التى تمر اقتصادياتها بمرحلة انتقالية وصل صافى التدفقات الرأسمالية عام 2015 إلى 656 مليار دولار وإلى 185 مليار دولار فى الربع الأول من عام 2016. ويؤدى هروب رءوس الأموال إلى خفض قيمة العملات وانهيار أسعار الأصول وتوقف النمو وتقليص الإيرادات الحكومية. وفى حال مصر بلغ الاستثمار عام 1970 نحو 15٪ من اجمالى الناتج المحلى ثم ارتفع فى عام 1995 الى 40٪ من اجمالى الناتج المحلى ليعود لينخفض مرة اخرى حاليا ليصل الى 15٪، بينما يتراوح معدله فى الوقت الراهن فى دول شرق آسيا بين 30٪ و 40٪ من اجمالى الناتج المحلى.
تصدير منتجات عالية التقنية يزيد من دخل الفرد رصد التقرير وجود علاقة طردية بين قدرة الدولة على تصدير منتجات متطورة تكنولوجيا وبين زيادة دخل الفرد فى هذه الدول؛ حيث إن الصادرات التى تحتوى على قيمه مضافة عالية تؤدى إلى رفاهة الاقتصاد المحلى للدولة المصدرة. ومن جانبه علق محمود الخفيف على هذا بان التقرير قد اظهر تدنى حجم صادرات مصر عالية التقنية مما سوف يضعف من تنافسيتها وقيمة الجنيه مستقبلا لذلك نصح صانعى السياسات بوضع هذا المؤشر فى الاعتبار للحد من الطلب على الدولار ، كما اقترح و ضع سياسات حمائية مدروسة للصناعات الوطنية لفترة محددة.
السياسات الصناعية أوضح التقرير انه لم يعد بإمكان صانعى القرار التعويل فقط على الصناعة الموجهة للتصدير من اجل تحقيق النمو الاقتصادى بل يجب الاتجاه إلى السوق المحلى جزئيا كما فعلت الصين، وهذا لا يعنى انه ينبغى على البلدان ان تتوقف عن السعى للمشاركة فى أسواق الصادرات بل ينصح باتباع نهج دقيق و استراتيجى واختيار المنتجات والأسواق الخارجية بالإضافة إلى بناء السوق الداخلى و الإقليمى معا؛ حيث ان مديونية القطاع الصناعى الذى يشمل القطاعين العام والخاص والشركات متعددة الجنسيات قد وصل فى بعض الدول النامية إلى 140٪.
تغير اتجاه السياسات العامة وأظهر التقرير علامات تدل على ان هيئات دولية مثل صندوق النقد الدولى قد أخذت تعيد التفكير فى نهجها إزاء التكيف الاقتصادى الكلى بعيدا عن المناقشة الضيقة لعملية الإصلاح الهيكلى التى تروج لحزمة مألوفة من الإجراءات ورفع الضوابط التنظيمية، والاتجاه بدلا من ذلك إلى النظر إلى مجموعة الإجراءات اللازمة لخلق تنوع هيكل ومستوى تطور النشاط الاقتصادى بما يؤدى إلى زيادة الإنتاج وخلق فرص عمل وزيادة الإيرادات الضريبية و الاستثمار.
التوصيات ورد فى توصيات تقرير الاونكتاد لعام 2016 ضرورة سد الثغرات الضريبية باتخاذ تدابير مالية وتنظيمية على المستويات الوطنية والدولية من شأنها زيادة الشفافية فى عمليات صنع قرارات الشركات، وأيضا لفت التقرير الأنظار إلى أهمية تنظيم ومراقبة الممارسات الاحتكارية لضمان توجيه الأرباح إلى الاستثمار المنتج. ومن جانبه لخص الخفيف، أهم توصيات التقرير فى عدم ارتكان الدول النامية إلى النصائح النمطية لتحقيق النمو بالاهتمام بالتصدير المرهون بإرادة المستهلك الخارجى مع إغفال توسيع السوق المحلى والطلب الداخلى والذى يتحقق بخلق عدالة اجتماعية ترفع السكان فوق خط الفقر ما يؤدى إلى زيادة الاستهلاك المحلى للمنتجات الوطنية. وهذا يتطلب بالضرورة العمل على إحلال المنتج المحلى محل الواردات. و أضاف ان السياسات النقدية يجب ان تكون مواتية ومشجعة للاستثمار ومصحوبة بسياسات مالية غير تقشفية مع إعادة توزيع بنود الموازنة وتحقيق العدالة الاجتماعية.