أعلنت الحكومة عن خطة عاجلة لتنشيط الاقتصاد من خلال حزمة تمويل تحفيزية وصلت الي29 مليار جنيه واعلنت عن توزيعها علي قطاعات مختلفة, ولم تذكر فيما بينها المشروعات الصغيرة والمتوسطة. هذا تطورجديد فقد اعتدنا من الحكومات السابقة ان ترفع شعار الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة ورغم انها ظلت مجرد شعارات فإن عدم ذكرها من الاساس هو تطور للأسوأ. منذ أكثر من7 سنوات والحديث عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة لا ينتهي قد يتوقف ويعود مرة أخري ولكن دون جدوي, دون نتائج ملموسة علي الارض. تنعقد المؤتمرات وتتوالي فيها الجلسات وتخرج التوصيات التي لا تنفذ وتظل حبيسة الادراج, ويعود مسلسل اهمالها من جديد. تقريبا.. لا توجد حكومة من الحكومات التي توالت خلال السبع سنوات الماضية لم تتحدث عن أهمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة كقطاع استراتيجي من أهم اهدافه استيعاب عدد كبير من العمالة وتخفيض معدل البطالة الذي تجاوز13%. النهوض بهذا القطاع ليس هو توافر التمويل كما يتخيل البعض. ولكن الاهم والاخطر هو التدريب والاعداد لان تتحول هذه الشركات الصغيرة لأن تكمل مسيرتها وتستطيع الاستفادة من التمويل ورده في موعده. إذا كان تم اهمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة القائمة بالتعامل الخاطئ معها من البداية فلابد من التفكير في وضع مفهوم جديد في التعامل مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة المستقبلية الذي يقوم علي اعطاء الاولوية لتدريب وتأهيل طلبة الجامعات في السنوات النهائية من خلال عقد ورش عمل حول كيفية تأسيس شركة واداراتها ويجب ان يترسخ في عقولهم ان يكون ذلك هو هدفه بعد التخرج وليس ان يقضي عدة سنوات يبحث عن عمل ويلوم الحكومة لعدم توفير فرصة عمل للخريجين.فالاحصائيات تؤكد ان هناك اكثر من700 ألف خريج سنويا يخرجون الي سوق العمل تضيف إلي معدل البطالة2% سنويا. إشكالية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليست في التمويل فالسيولة' بالكوم' في البنوك والصندوق الاجتماعي والجمعيات المتخصصة في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ولكن ترفض هذه الجهات تقديم التمويل لعدم توافر شروط مهمة لها تتعلق بالكفاءة والتأهيل لضمان قدرة الشباب علي ادارة مشروعه بالشكل الصحيح حتي يستطيع السداد, ولهم في ذلك كل الحق فالاقراض منحة وليس حقا مكتسبا بالتمويل. في رأيي أن المشروع الصغير الناجح هو الذي ينتهي بالتمويل وليس الذي يبدأ بالتمويل, ولكن البداية دائما لابد ان تكون التدريب والتأهيل الذي هو الضمان الوحيد لنجاح المشروع. اعتقد انه حان الوقت لتنفيذ فكرة تأسيس هيئة تكون مسئولة عن إدارة منظومة المشروعات الصغيرة والمتوسطة يكون من ضمن اولوياتها تدريب طلبة الفرقة الرابعة في الجامعات لتأهليهم وتدريبهم علي تأسيس مشروعات واداراتها, علي أن يحصل علي شهادة معتمدة تعرف بشهادة إدارة مشروع صغير أو متوسط وتكون هي نفسها أحد متطلبات البنوك لمنح التمويل لهذه الفئة. اقترحت دائما أن يكون رئيس مجلس الوزراء هو رئيس الهيئة وان تضم كل الجهات المختصة بالامر وهي الصندوق الاجتماعي للتنمية ووزارة التجارة والصناعة والاستثمار والمالية والوزارات والهيئات المعنية الاخري حتي يتم وضع خطة عامة يلتزم بها الجميع تجاه المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ويجب أن تتضمن الهيئة ادارة للموارد البشرية للتنسيق مع القطاع الخاص لتوفير نوعية العمالة التي تحتاج اليها الشركات والمصانع حتي لا تتكرر ازمة الفجوة بين احتياجات سوق العمل ومؤهلات خريجي الجامعات. هناك دور هام ايضا للقطاع الخاص.. فلابد ان يكون ايجابيا اكثر خلال الفترة الحالية.. حيث تخصص كل شركة مهما كان حجمها5% من العمالة بها لحديثي التخرج الذين لم يمر علي تخرجهم عامان لاستيعابهم وتدريبهم وتأهليهم للعمل من باب المسئولية الاجتماعية التي يرفعها القطاع الخاص وأن يكون ذلك بالزام من الحكومة ومن لا يلتزم يتم توقيع عليه غرامة محددة يطبقها القانون. شيء اخر هام.. هو ان يتغير مفهوم الحكومة الانتقالية والا يكون وصفها كحكومة انتقالية سببا في ان تكون مكتوفة الايدي لا تتخذ قرارا, ليس المطلوب منها أن تضع خططا طويلة الاجل ولكن علي الاقل تحقق انجازا ملموسا نشعر به. الحل سهل وبسيط.. فكان يكفي أن تخصص الحكومة مليار جنيه او بحد اقصي2 مليار جنيه من الحزمة التمويلية للاهتمام بالمشروعات الصغيرة من خلال تأسيس الهيئة لاحتواء آلاف الشباب وتدريبهم فبدلا من ان يتحول خريج الجامعة إلي مخرب يلقي بالحجارة علي قوات الامن ومؤسسات الدولة لكسب عيشه يتحول إلي صاحب مشروع ويكون هو نفسه مشروعا لرجل اعمال في المستقبل.. فهذا سيحدث فرقا كبيرا في هذه المرحلة الفارقة في عمر الوطن. قد يكون هذا هو الحل للازمة السياسية والاقتصادية التي هرمنا في ايجاد حل لها منذ3 سنوات. لقد ناديت مرارا وتكرارا بضرورة تأسيس مثل هذه الهيئة خلال السنوات الماضية لتكون هي نفسها نواة لوزارة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في المستقبل القريب فهل من مجيب..؟ --------------- رئيس مجلس إدارة مجموعة متروبوليتان