مشكلة معظم الحكومات التى جاءت بعد ثورة يناير انها كانت كمن يجرى بأقصى سرعة فى سباق للجرى..لكن فى الاتجاه الخطأ بعيدا عن مضمار السباق..!! والمعنى أن معظم الحكومات لم تدرك، من البداية، الطريق الصحيح الذى كان عليها أن تسلكه..أما حكومة الدكتور هشام قنديل فقد "فاقت الكل".. فقد تميزت عن كل الحكومات السابقة بأنها كانت تجرى فى المضمار الخطأ وبسرعة السلحفاة..! وعلى فكرة أنا لا أقول هذا الآن بعد أن سقطت حكومة الدكتور قنديل وأصبحت أثرا بعد عين.. على طريقة المثل الشعبى: «اذا وقعت "الحكومة"، كثرت سكاكينها».. لكننى كتبت ذلك مرارا وتكرارا فى نفس هذا المكان وفى عز قوة حكومة قنديل؛ لأننى اعتدت على أن أقول كلمة الحق ولو على رقبتى دون أن أخشى فى الله لومة لائم. والحقيقة أننى ترددت كثيرا قبل أن اعلق على أداء حكومة الدكتور حازم الببلاوى؛ لأن الحكومة تواجه الان حملة انتقادات واسعة، بل ولا أبالغ ان قلت اتهامات بالتقاعس، اما عمدا أو سهوا، عن أداء المهام الموكلة اليها، لأننى أخشى أن يختلط الامر على البعض فيظن ان تعليقى على أداء الحكومة يأتى فى إطار هذه الحملة من الانتقادات والاتهامات . لكن، على أى الاحوال، فان ما نلاحظه جميعا أن أداء الحكومة، بصفة عامة، لا يرقى الى مستوى الامال والتطلعات لمختلف جموع الشعب؛ ولذلك جاء الاداء باهتا بصفة عامة على الرغم من أن بعض وزراء الحكومة قاموا بالفعل بخطوات جيدة على الطريق الصحيح..اذكر منها خطوتين تمثلان، من وجهة نظرى، البداية الصحيحة لحل العديد من المشاكل على الساحة الاقتصادية، التى أتوقع أن يكون لها مردود ايجابى على مناخ الاستثمار..وزيادة الانتاج وتوفير فرص عمل جديدة. الخطوة الاولى هى الاعلان عن عقد مصالحات وتسويات مع عدد من المستثمرين الخليجيين حول عدد من الملفات العالقة..كملف النزاع بين شركة النوبارية لانتاج البذور ووزارة الزراعة..والنزاع حول شركة طنطا للكتان ..وغير ذلك من النزاعات. وتكمن اهمية هذه الخطوة فى أنها بمثابة رسالة طمأنينة للمستثمرين العرب والاجانب ومن قبلهم المستثمرون المصريون أنفسهم من شأنها تهيئة مناخ الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات الجديدة أو التوسع فى الاستثمارات القائمة. أما الخطوة الثانية المهمة التى اتخذتها الحكومة الجديدة فهى اعادة تشغيل ثلاثة مصانع أسمدة كانت خطوط إنتاجها قد توقفت عن العمل لسنوات طويلة وهى الدلتا والنصر وكيما. وفى تقديرى أن هذه خطوة لها أهميتها سواء على مستوى توفير الاسمدة للسوق المحلية، ومحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتى منها..أو على مستوى الجهود المبذولة لاعادة باقى المصانع المتوقفة عن الانتاج فى مختلف القطاعات التى يتجاوز عددها الاربعة آلاف مصنع..! وأعتقد أن الحكومة عليها أن تواصل جهودها فى هذا الاطار وبسرعة لعدة أسباب منها أن مردود مثل هذه الخطوة يظهر سريعا وهو ما يساعد على بث الامل فى أن هناك تقدما يتحقق على صعيد العمل وزيادة الانتاج..كما أن إعادة تشغيل المصانع المتوقفة يعنى، ببساطة، انقاذ أصول ومعدات استثمارية بعشرات المليارات من الجنيهات كادت أن تضيع.. وفوق كل هذا وذاك.. فان إعادة تشغيل المصانع المتوقفة سينقذ "الاصول البشرية" للصناعة المصرية، ان جاز لى التعبير، المتمثلة فى الايدى العاملة الماهرة والكفاءات التى تم تسريحها بعد إغلاق تلك المصانع.. والخلاصة أننى لا أجامل الحكومة الحالية ان قلت إنها كانت قد بدأت بالفعل البداية الصحيحة..وهى تسوية النزاعات القائمة التى تعكر صفو مناخ الاستثمار.. وإعادة تشغيل المصانع المتوقفة عن الانتاج..فهاتان الخطوتان ليستا خطوتين صحيحتين على طريق الالف ميل فقط..لكنهما فى تقديرى خطوتان بألف ميل أتمنى أن تتلوهما خطوات أخرى ؛ حتى تؤكد الحكومة بطريقة عملية أنها حريصة على تنمية هذا البلد، وازالة جبال المشاكل والازمات التى تثقل كاهل الاقتصاد، وأنها قبل كل هذا وذاك بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب من كل ما يكال لها من اتهامات.. ليس أخطرها، بالمناسبة، اتهام بعض وزرائها بأنهم يشكلون طابورا خامسا لضرب أمن واقتصاد مصر..!