ألبرت ستانلي احد نجوم صناعة البترول لم يكن يتوقع احد أن يكون مكانه هو السجن ولكن قبل اسابيع قليلة تم ايداعه السجن لمدة عامين ونصف بعد اعترافه بتهمة التآمر لرشوة مسئولين في نيجيريا من اجل الفوز بعقود بقيمة ستة مليارات دولار والمثير في تلك القضية انها تكشف عما يحدث في عدد كبير من الشركات. اليوم اصبحت الرشوة امرا شائعا في عالم البيزنس العالمي حتي ان وزارة العدل الامريكية تشن حملة شرسة ومثيرة للجدل ضد الفساد المالي للشركات وما لا يقل عن78 شركة تخضع حاليا للتحقيقات لشبهة انتهاكها لقانون ممارسات الفساد الاجنبي الذي يبلغ من العمر35 عاما ويحظر علي الشركات الامريكية دفع رشاوي لمسئولين حكوميين في الخارج ومن بين الشركات الخاضعة للتحقيق اسماء لامعة مثل الكوا, آفون, جولدمان ساكس, هيوليت باكارد, فايزر ومتاجر وول مارت وان كان لم يتم توجيه اتهام لاي منها بعد. وهناك ايضا شركة نيوز كوربوريشن التي يترأس مجلس ادارتها روبرت مردوخ التي كانت تحاول احتواء الاضرار الناجمة عن فضيحة الاختراق والتنصت في بريطانيا, هذه الشركة تخضع حاليا للتحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدراليةFBI بسبب احتمال قيامها بدفع رشاوي في الولاياتالمتحدة وفي روسيا. يذكر انه حتي وقت قريب كان الفوز حليفا للمدعين الفيدراليين في جميع القضايا تقريبا والمتعلقة باتهامات رشوة اجانب من قبل شركات متعددة الجنسيات ومسئوليها التنفيذيين, ولكن في اواخر فبراير الماضي تعرضت وزارة العدل لشكل محرج حيث انسحبت فجأة من اكبر قضية شهدتها الساحة علي الاطلاق ضد افراد بموجب قانون ممارسات الفساد الاجنبي وهي القضية التي قال القاضي الفيدرالي فيها ريتشارد ليون ان جهود الحكومة كانت عبارة عن فصل طويلة وحزين في تاريخ الانقاذ الجنائي لذوي الياقات البيضاء وان النهج القانوني لها كان شديد العدوانية. لكن هذه الواقعة اثارت انتقادات للسلطات الفيدرالية بانها تجاوزت الحدود في محاربتها للفساد في الخارج. وقال البعض ان هذه الحملة التي بدأت منذ ثلاث سنوات تعوق فوز الشركات بعقود شرعية وانها تثير الخوف غير المبرر لدي المسئولين التنفيذيين بل وتدفع الشركات للتنازل وقبول اية تسوية سريعة. ومن جانبه يسعي معهد الاصلاح القانوني التابع لغرفة التجارة الامريكية الي تعديل قانون ممارسات الفساد الاجنبي ولكن من ناحية أخري يقول مساعد المدعي العام ان هناك اتجاها للتوسع في نطاق محاربة الفساد سواء كان ذلك عن طريق زيادة عدد الموظفين أو نطاق التحقيقات, وان مكتب التحقيقات الفيدرالية علي استعداد لخوض المعارك الصعبة حتي تلك قد يخسرها. من المؤكد ان الاضواء مسلطة علي التحقيقات الخارجية لاسيما في ضوء تصاعد الاحتجاجات ضد الفساد الحكومي في العالم العربي وفي اماكن اخري, ولكن قانون ممارسات الفساد الاجنبي قد صدر في عام1997 وحظر قيام الشركات الامريكية والشركات الاجنبية التي يتم تداول اوراقها المالية في بورصات الولاياتالمتحدة بدفع رشاوي لمسئولين اجانب مقابل الحصول علي صفقات او الاحتفاظ بها ولسنوات عديدة كان هناك عدد قليل من الدعاوي القضائية حتي انه في عام2003 لم يتم توجيه اتهام واحد لاي شخص. ولكن في السنوات الاربع الماضية دفعت58 شركة ما مجموعه3.74 مليار دولار لتسوية تهم فساد ومنذ عام2009 وجهت اتهامات لنحو67 شخصا و20 منهم لايزالون ينتظرون المحاكمة وتمت ادانة42 بعضهم كان يجري التحقيق معه منذ ما قبل عام2009 كما تمت تبرئة22 ايضا ومن ابرز المتهمين الذين لاحقتهم الحكومة الفيدرالية نجل رئيس غينيا الاستوائية الذي تقول عنه السلطات الفيدرالية انه جمع ما يزيد علي100 مليون دولار في الولاياتالمتحدة من خلال ممارسات فساد وغسيل اموال بينما كان يتقاضي راتبا قدره100 الف دولار سنويا من الحكومة وبعد تقديم شكوي المصادرة المدنية في اكتوبر الماضي تسعي الحكومة الامريكية الي استعادة جزء كبير من امواله. من ناحية اخري تشير تقديرات البنك الدولي الي انه يتم دفع تريليون دولار سنويا كرشاوي لمسئولين حكوميين, ووفقا لمنظمة الشفافية الدولية يتم اختلاس ما يصل الي148 مليار دولار سنويا في افريقيا فقط, وحسبما يقول احد المحامين في جامعة نيوجيرسي والمتخصص في قضايا الفساد ان قضية الفساد هي قضية تتعلق بملايين الدولارات التي يستولي عليها ديكتاتوريين يبيعون تراثهم الوطني في بلدان لا يمكن حتي الحصول فيها علي مياه نظيفة.ومن اشهر قضايا الفساد التي شهدتها المحاكم الامريكية تحت مظلة قانون ممارسات الفساد الاجنبي قضية شركة سيمنس الالمانية في عام2008 التي اتهمت فيها برشوة مسئولين في عدد من البلدان واضطرت الشركة لدفع800 مليون دولار للولايات المتحدة و800 مليون اخري في المانيا لتسوية القضية. في الولاياتالمتحدة يقول بعض النقاد ان التسويات الكبيرة مجرد انتصارات زائفة لان الشركات المتهمة كانت قادرة علي تجنب الدعاية السيئة للمحاكمات ويعتبر البعض ان التسوية بمثابة هزيمة للسلطات وتجعل جهود الحكومة تظهر في صورة ضعيفة وعلي سبيل المثال بسبب قرار القاضي الفيدرالي لولاية لوس انجلوس في شهر ديسمبر الماضي بالغاء ادانة اثنين من رجال الاعمال الامريكيين بتهمة دفع رشاوي في المكسيك فانه في شهر يناير الماضي وجه قاضي ولاية تكساس اتهاما ضد رجل اعمال امريكي يعمل لحساب شركة سويسرية بالرغم من عدم وجود ادلة تدينه. معركة محاربة الرشوة دفعت الغرفة التجارية الامريكية للمطالبة بمبادئ جديدة بشأن تفعيل قانون ممارسات الفساد الاجنبي* ** نيويورك تايمز18/3/2012 ================================================== تفاؤل حذر بالاقتصاد العالمي --------------------------- بحلول نهاية العام ستكون قد تغيرت وجوه قادة عدد من دول العالم. فانتخابات الرئاسة علي الابواب في امريكا والصين وفرنسا.. ومصر بعد روسيا وغيرها. فهل تتغير السياسات بتغير الوجوه ام ان الدول الكبري تسير وفق استراتيجيات محددة. هذه الايام تبدو توقعات الاقتصاد العالمي افضل مما كانت عليه, ومع ذلك لاتزال هناك مخاطر كبيرة. -------------------------- هناك مؤشرات محيرة من الاخبار الجيدة عن الاقتصاد العالمي, علي سبيل المثال, في امريكا زادت معدلات التوظيف والانفاق العائلي.. وفي منطقة اليورو الاوضاع مستقرة مع اقرار خطة إعادة هيكلة ديون اليونان دون عوائق. من المتوقع تباطؤ النمو العالمي هذا العام عن عام2011 بسبب تراجع وتيرة النمو القوية في الاقتصادات الناشئة, علاوة علي الركود في اوروبا. ولاتزال هناك مخاطر كبيرة, فكثيرا منذ الازمة المالية عام2008, ما تبددت آمال المستثمرين في حدوث نمو قوي مستدام, سواء كان ذلك بسبب سوء الحظ( ارتفاع اسعار البترول), سياسة خاطئة( كثير من التقشف في الميزانية وبسرعة كبيرة) أو بسبب ادراك الواقع المؤلم ان التعافي بعد انفجار فقاعة اصول عادة ما يكون ضعيفا وهشا. ومن ناحية أخري اذا زادت التوترات مع ايران بسبب برنامجها النووي وحدث انقطاع في امدادات البترول فستتفاقم الامور. والواقع انه مع سعي الرئيس باراك اوباما إلي إعادة انتخابه, فان ابرز المؤشرات الايجابية بالنسبة للاقتصاد العالمي, تأتي من امريكا. فخلال الاشهر الثلاثة منذ نوفمبر الماضي, تم توفير عدد قياسي من الوظائف مقارنة بنفس الفترة منذ عام2006 ومن ثم فان البطالة والبطالة المقنعة في تراجع وذلك بفضل الانفاق الحكومي وتمديد الكونجرس للتخفيضات الضريبية المؤقتة حتي نهاية العام. ولكن لا يمكن اعتبار ما يمر به الاقتصاد ازدهارا فمن المرجح نمو الاقتصاد الامريكي بمعدل2.5%, وهو ما يقل كثيرا عما كان متوقعا. علي النقيض من ذلك, اوروبا لايزال امامها طريق طويل للانتعاش, لكن الاخبار السارة هي ان الاوضاع افضل بكثير مما كان يمكن ان تكون عليه, وذلك بفضل توفير كميات هائلة من السيولة للبنوك من قبل البنك المركزي الاوروبي تحت إدارة رئيسه الجديد ماريو دراجي. ويبدو انه قد تم تفادي كل من انهيار مالي وازمة ائتمان, والنتيجة هي حالة من الركود غير العميق الذي ستنجو منه ألمانيا. اما بالنسبة للدول الاخري فلم يتبين بعد من أين سيأتي النمو, فعظم الدول الاوروبية, لاسيما تلك في محيط منطقة اليورو تفرض ميزانيات تقشف علي اقتصاداتها من اجل خفض العجوزات. والإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها للمساعدة في دفع عجلة النمو, تحتاج وقتا ليظهر تأثيرها.وطالما كان الركود غير عميق, فان ركود الاقتصاد الاوروبي ستكون اضراره محددة علي بقية العالم. وهذا هو احد الاسباب الرئيسية للتفاؤل. فمن المؤكد ان كثيرا من الاقتصادات الناشئة, من الصين إلي البرازيل, قد شهدت تباطؤا في النمو, بسبب تشديد السياسة النقدية الذي ادي إلي تراجع الانفاق المحلي, ولكن حدوث انهيار في أوروبا يمثل خطورة أكبر علي العالم النامي مع انخفاض صادراته إلي القارة الاوروبية وهروب رءوس الاموال الاجنبية.ومع تبدد مخاوف حدوث انهيار في منطقة اليورو, علي الاقل في الوقت الحالي, زادت تدفقات رأس المال الواردة إلي الاقتصادات الناشئة مرة أخري. والدول المصدرة( لاسيما في آسيا) بدأت تتسارع فيها وتيرة النمو مرة أخري ايضا وذلك باستثناء الصين, ولكن في نفس الوقت حكومة بكين لن تسمح بتباطؤ حاد مع اقتراب تغيير القيادة, هذا العام, الامر الذي يدعو إلي أهمية الحفاظ علي الاستقرار الاجتماعي في البلاد كل هذا يدعو إلي التفاؤل الحذر بالاقتصاد العالمي الذي يحتاج إلي بذل المزيد من الجهد لتحقيق انتعاش أكثر استدامة. فالدول الأوروبية بحاجة إلي التوقف عن التركيز علي التقشف والقيام, بدلا من ذلك, ببذل المزيد من الجهود لتحفيز النمو. ومنطقة اليورو بحاجة إلي بناء المؤسسات التي تسمح بمسئولية مشتركة لتوازن الديون الحكومية مع انضباطها المالي. أما في امريكا فالاولوية يجب ان تكون لصياغة خطة متوسطة الاجل لخفض العجز دون التأثير علي الانتعاش, لكن للأسف لا يوجد امل في قيامها بذلك قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. وعلي الجانب الاخر, لايزال اقتصاد الصين يعتمد علي الاستثمار وليس الاستهلاك المحلي, وهو ما يجب ان يتغير. اسباب التفاؤل ازاء الاقتصاد العالمي حقيقية, ولكن اذا اخطأ صناع القرار مرة اخري, فقد يتحول التعافي إلي مجرد غبار في الهواء* ------------------------- ** مجلة الايكونومست17/3/2012