تعتبر الازمات المالية الدولية من اهم الازمات التي تواجه الدول المختلفة بل واكثرها تأثيرا وذلك لان لها الأثر الكبير علي القطاعات المختلفة في الاقتصاد بصفة عامة. وتعرف الازمات المالية بازمات ميزان المدفوعات حيث تأتي ازمة العملة نتيجة بداية العجز في ميزان المدفوعات مما يتطلب زيادة الطلب علي العملة الأجنبية. توضح د. مي ياسر استاذ الاقتصاد المساعد بجامعة أكتوبر للعلوم والفنون ان مصطلح الأزمات المالية يطلق علي عدد كبير من الازمات منها ازمات البنوك, ازمات البورصات, وازمات العملات. اولا: ازمات البنوك ويقصد بها تعثر البنوك في تغطية التزاماتها مما يستدعي تدخل السلطات النقدية من خلال توسيع المساعدات المقدمة لتلك البنوك. وهنا يتم انهيار البنوك نتيجة تعرضها للعديد من المخاطر مثل مخاطر التسهيلات الائتمانية, او مخاطر السيولة, او مخاطر اسعار الفائدة, او مخاطر اسعار الصرف. وترجع ازمات البنوك الي عدم قدرة المقترضين علي سداد الائتمان الممنوح لهم. وسوء الادارة الذي قد يأتي من عدم وجود نظام جيد يضمن تنفيذ السياسات الداخلية, او ضعف الرقابة والاشراف, او وجود ثغرات في أنظمة التسهيلات. بالاضافة الي عدم التوازن بين السيولة والائتمان. و اخيرا مخاطر اسعار الفائدة واسعار الصرف. و تقول د. مي ان من اشهر الامثلة علي ذلك, الأزمة المالية العالمية الاخيرة في النصف الثاني من عام2008. تصاعدت أزمة الائتمان الناتجة عن زيادة الاسراف في التمويل العقاري في الولاياتالمتحدةالامريكية وذلك بعد انهيار بنك' ليمان براذرز' رابع اكبر بنك استثماري في الولاياتالمتحدةالامريكية. ونتيجة لسوء ادارة التمويل العقاري في الولاياتالمتحدة, تعددت الرهون العقارية للقيمة الحقيقية للممتلكات بحوالي2.3 تريليون دولار مما اثر علي البورصات العالمية( نتيجة عمليات التوريق). كل ذلك ادي الي افلاس وانهيار كثير من البنوك والمؤسسات المالية في الولاياتالمتحدةالامريكية وكذلك كل دول العالم. ثانيا: ازمات البورصات التي يقصد بها حدوث ازمات أو هزات عنيفة في الاسواق المالية التي تأتي كنتيجة لعدة عوامل مثل: أ. ردود فعل مبالغ فيها: ويقصد بها تأثر قرارات المستثمرين بالعوامل النفسية بدرجة كبيرة تنتهي بقرارات غير رشيدة. ب. هزات الاسعار: وتحدث حين ترتفع اسعار الاسهم بدون وجود مبررات اقتصادية كافية ج. عدم اتساق المعلومات: ويحدث نتيجة نشر معلومات غير صحيحة او غير متسقة عن مثلا تردي الاوضاع الاقتصادية, او ارتفاع او انخفاض سعر الفائدة. د. سياسات اقتصادية خاطئة وذلك نتيجة ما يسمي بالاموال الساخنة مثل السماح بالتدفقات الاجنبية للدخول او الخروج من الدول بدون قيود وسريعا. وتوضح د.مي ان من من اشهر الامثلة علي ذلك ازمة النمور الاسيوية التي حدثت في اعقاب النمو الاقتصادي الهائل الذي حققته دول شرق اسيا( هونج كونج, ماليزيا, اندونسيا, كوريا, سنغافورة, تايلاند) متمثلا في معدلات تضخم منخفضة, واستقرار في ميزان المدفوعات مع وجود عجز بسيط في الحساب الجاري, وارتفاع الانتاج, زيادة تدفقات رءوس الاموال, وارتفاع معدلات الادخار والاستثمار( وجدير بالذكر ان حجم الاستثمار في رأس المال البشري كان اكبر من حجم الاستثمارات المادية). و تضيف د. مي ان الازمة بدأت تظهر بوضوح في عام1997 في تايلاند حين زاد حجم العجز في الميزان التجاري وزادت مديونية القروض القصيرة الاجل. ومع رفض السلطات التايلاندية رفع سعر الفائدة او خفض قيمة البات التايلاندي, قامت السلطات بالسحب من احتياطياتها الاجنبية مما ادي الي زيادة تدفق رءوس الاموال الاجنبية الي الخارج وفقدان الاحتياطيات حتي فكت تايلاند ربط البات بالدولار الامريكي. ثم امتدت الي الدول الاسيوية الاخري. ثالثا: ازمات العملات واسعار الصرف التي تعرف ازمة العملة علي انها حدوث هجمة مضاربة علي العملة المحلية لدولة ما, وهو ما يضطر السلطات النقدية الي تخفيض قيمة العملة او التضحية بحجم كبير من الاحتياطيات من العملات الاجنبية او رفع معدلات الفائدة بشكل حاد للدفاع عن قيمة العملة المحلية. ويلاحظ من هذا التعريف انه لم يتم تحديد قيمة الانخفاض الذي يحدث في العملة او مقدار الارتفاع في سعر الصرف. ويطلق علي ازمة العملات, ازمة ميزان المدفوعات حيث ان ازمة العملات تؤدي الي حدوث عجز في ميزان المدفوعات مما يزيد الطلب علي العملة الاجنبية. ومن امثلة ازمة العملات الازمة المالية المكسيكية التي ظهرت كنتيجة لتخفيض سعر البيسو في ديسمبر1994, ولذا تسمي الازمة المكسيكية بغلطة ديسمبر, حيث اتبعت المكسيك سياسية تعويم سعر العملة. وتتلخص اسباب الازمة في: 1- الاقتراض الخارجي الواسع النطاق الذي قامت به البنوك التجارية في المكسيك الذي جاء كنتيجة لخصخصة البنوك بدون اي رقابة حكومية. 2- تحرير التجارة في منطقة النافتا وقرب المكسيك من الولاياتالمتحدةالامريكية( في حين ان المكسيك ليس لديها من التدابير اللازمة لمواجهة ذلك). 3-وجود عجز في الموازنة العامة وزيادة العجز في الدين العام. ذلك بالاضافة الي زيادة الدين الخارجي الي244 مليون دولار( اي46% من الناتج المحلي الاجمالي). رابعا: ازمة الديون الخارجية التي تحدث عندما تجد الدولة نفسها عاجزة عن خدمة اعباء ديونها الخارجية من فوائد واقساط وذلك سواء كان هذا الدين الخارجي دينا رسميا او تجاريا فانها قد تدخل في ازمة.ومن أمثلتها ازمة الديون الخارجية لدول امريكا اللاتينية في الثمانينيات حيث شهدت كل من المكسيك, الارجنتين, البرازيل ازمة ديون الخارجية نتيجة الاقتراض من اجل بناء البنية التحتية وتطويرها, مما ادي الي ارتفاع نسبة الديون الي20.4%. وتتمثل اسباب تلك الازمة في انخفاض حجم السيولة وارتفاع اسعار البترول وخاصة بعد حرب1973.