نظم المركز المصري للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء مؤتمرا لاستعراض تجارب مجموعة الفا يسغراد(V4) بهدف الاستعانة بتجارب هذه الدول في وضع خطط الإصلاح الاقتصادي بمصر. وناقش سفراء بلدان مجموعة الفايسغراد(V4) سبل الاستفادة من تجارب هذه المجموعة التي مرت بظروف مشابهة للتحول الديمقراطي الذي تشهده مصر حاليا حتي أصبحت هذه البلدان سابع أكبر اقتصاديات القارة الاوروبية, واحتلت الخامسة عشرة علي مستوي العالم. وتضم المجموعة بلدان التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا والتي اقامت اتحادا فيما بينها في أعقاب التغيرات السياسية التي شهدتها خلال التسعينات من القرن الماضي. من جانبه أكد جان كريستوف بيليكي رئيس وزراء بولندا الأسبق ان التحول الاقتصادي في بلاده كان من خلال خطة تضمنت11 خطوة لتحويل الاقتصاد من شمولي إلي اقتصاد حر بطريقة صادمة وراديكالية. وأضاف بيليكي أنه يمكن الاستفادة من تجربة بلاده في البلدان التي تشهد ظروف تحول مماثلة ومنها مصر. وتشتمل تلك الخطة علي التأكيد علي كفاءة الشركات المملوكة للدولة وحظر تمويل عجز الموازنة عن طريق البنك المركزي وإلغاء اي سياسات تفضيلية للقطاع العام وربط أسعار الفائدة بمعدل التضخم ومنع سيطرة الدولة علي التجارة الخارجية وعمل اصلاحات حقيقية في قانون العمل. ويؤكد بيليكي علي ان أهم عناصر نجاح تجربة التحول الديمقراطي والاقتصادي في بلده تمثلت في التعاون مع الشركاء الدوليين خاصة الشركاء التجاريين مثل الاتحاد الأوروبي الذي ضخ3.9 بليون يورو إلي بلادة خلال الفترة بين عامي1990/2003 وأضاف بيليكي أن بلادة استفادت بشدة من خصم نادي باريس لحوالي50% من قيمة ديون بولندا في عام1991 وكذلك قيام نادي لندن بخصم49% من ديون بولندا في1994 مما ساعدها علي الانطلاق الاقتصادي. وأكد رئيس وزراء بولندا الأسبق ان أسوأ شئ هو حدوث تقدم اقتصادي سريع يعقبه انهيار وركود. ومن جانبه قال د. جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان الجميع في مصر متفقون علي حساسية الموقف الاقتصادي الراهن وان مصر يمكن ان تتعلم الكثير من خبرات الدول الاخري وأضاف د. جودة أن هناك ثمة نشابهات واختلافات بين المرحلتين الانتقاليتين في مصر وبولندا وهي أولا: ان بولندا دولة آمنة غذائيا علي العكس من مصر بالإضافة إلي تمتع بولندا بهيكل اقتصادي قوي مكنها من الصمود أمام الأزمة المالية والغذائية بينما مصر تلاقي صعوبة شديدة في المرحلة الانتقالية. ثانيا: ان البيئة الاقليمية لبولندا كانت داعمة بشكل كبير علي النقيض من مصر التي تعاني من وجود معوقات اقليمة و عالمية. ثالثا:اختلاف الإطار الزمني بين المرحلتين الانتقاليتين في مصر وبولندا فالمرحلة الانتقالية استمرت عشر سنوات في بولندا والدرس المستفاد لنا في مصر هو عدم تعجل الأمور وتركها تأخد مسارها الطبيعي بكل صبر. رابعا: قوة البناء المؤسسي في بولندا أكثر من مصر. خامسا: أن مصر وبولندا بلدان يتسمان بالتدين لكن الخط الفاصل بين الدين والسياسة اختفي في مصر مما عقد من المرحلة الانتقالية في مصر علي خلاف الوضع في بولندا. ويري د. جودة ان الإصلاح عن طريقة الصدمة تطبيقا لتوصيات صندوق النقد الدولي الذي تبنته بولندا قد لاتكون علاجا ثابتا لجميع الاقتصاديات فعلي كل دولة ان تمتلك أساليب وأدوات إنتاجها وان نقوم بوضع خطط الإصلاح المناسبة لها. وأوضح السفير محمود السعيد المدير التنفيذي لمركز تحليل الاقتصاد الكلي بوزارة التخطيط والتعاون الدولي ان التحول الديمقراطي يتضمن تحديث العقد الاجتماعي بين الشعب والحكومة والذي يجب ان يلبي احتياجات المجتمع من خلال حوار دامج للجميع. وقال السعيد ان المسار حتي يكون سلسا يجب مراعاة النقاط التالية وهي التركيز علي سيادة القانون وشعور المواطن انه جزء من اتخاذ القرار ورفع مهارات الشباب واستعدادهم للعمل و اشراكهم في الدورة الاقتصادية وعمل شبكات أمان اجتماعي, بالإضافة إلي خلق تواصل بين القطاعين العام والخاص من اجل خلق فرص عمل وتنمية مستدامة. وأكد السعيد ان الخطط الجيدة كانت هامة جدا للوصول الي تحول ديمقراطي واقتصادي ناجح في دول ال(V4). وبالنظر الي التحول الاقتصادي في دولة التشيك نجده انقسم إلي مرحلتين الأولي تمثلت في التخلي عن نظام التخطيط الشمولي والتحول تدريجيا إلي اقتصاد السوق الحر. بينما المرحلة الثانية أتاحت للقطاع الخاص المجال للعمل في جميع المجالات والمرحلة الحالية تتطلب التعاون بين القطاعين العام والخاص لمواجهة المنافسة العالمية الشرسة تلك كانت مراحل التحول الاقتصادي في التشيك كما وصفها مايكل ميجستريك مستشار رئيس وزراء جمهورية التشيك والذي أكد أن توجهات التشيك في المرحلة المقبلة هي تقديم تسهيلات للقطاع الخاص وعمل استقرار مالي بالإضافة إلي إعادة الهيكلة المالية للشركات العامة ومحاولة التناغم مع المتطلبات التشريعية الدولية وتلك الخاصة بالاتحاد الاوروبي. مع حرص الحكومات التشيكية علي عدم الوقوع في شرك الديون. بينما يستعرض د. زولت بيسكي المستشار الاقتصادي لوزير الشئون الخارجية المجري السابق مساوئ التحول الاقتصادي في بلاده والتي تمثلت في سيطرة رأس المال الاجنبي علي الشركات والمصانع المحلية والذي نقل الاحتكار من الدولة إلي القطاع الخاص مما أدي إلي تضرر تجار التجزئة المجر و السلسلة الغذائية بالإضافة إلي التكلفة الاجتماعية الفادحة التي تجلت في زيادة معدل البطالة وانخفاض معدل نمو الدخل القومي وإيرادات الموازنة. ومن ناحية أخري يستعرض بيسكي مميزات التحول الاقتصادي في بلاده التي منها زيادة التدفقات المالية الي بلاده والانفتاح علي الإدارة التنافسية والتكنولوجيا العالمية والاندماج في الكيان الاقتصادي لدول اوروبا الغربية. وقال د. ياسر علي رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أنه يجب الاستفادة من خبرة مجموعة فيسغراد أوV4 في عدد من المجالات منها تحرير التجارة والتكامل الاقتصادي وكذلك السياسات المتعلقة بتجربة المجموعة في اصلاح الأجهزة الأمنية. وقال انه إذا كان هناك ما يمكننا أن نستفيده من هذه التجربة فإن مجموعة الدول العربية التي تمر بتجربة تحول الآن خاصة مصر وليبيا وتونس لديها الفرصة في التساند المشترك وإقامة تعاون يسهم في سرعة وسلامة عملية التحول الديمقراطي والاقتصادي, ويعزز التعلم من تجارب الآخرين وتشارك المعلومات والخبرات فيما بينهم.