'فحم المغارة'' ذهب السكري' الملح جزء من ثروات مصر التعدينية المهملة والكفيلة بإعادة استغلالها استثماريا بمختلف الطرق أن تضع خطوات مصر علي الطريق الصحيح نحو النهضة الحقيقية بعيدا عن الشعارات وأكاذيب السياسة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. منجم فحم المغارة بالفعل مهدد بالانفجار الحقيقي وليس بالتورية الصحفية وكذلك ذهب السكري من انجح المشروعات التي لم تستغلها مصر بالقدر الكافي وأخيرا الملح الذي يمثل لغزا كبيرا يستعصي علي الفهم اذ تكفي الاحتياطيات الحقيقية منه أكثر من خمسمائة عام ورغم ذلك تمتد أيدينا باستيراده لندفع فيه العملة الصعبة التي باتت تمثل أزمة في الآونة الأخيرة. من واقع خبرته الطويلة في مجال الثروة المعدنية باعتباره احد كبار الجيولوجيين في مصر كشف الخبير الجيولوجي الدكتور عبد العال حسن عطية نائب رئيس هيئة الثروة المعدينة بوزارة البترول سابقا ونائب رئيس هيئة التنمية الصناعية بوزارة الصناعة حاليا, عن حقائق مخزية عن مدي اهمال الحكومات المتعاقبة علي مدي السنوات الماضية لكنوز الثروات التعدينية بالاراضي المصرية, وعدم الوعي بقدرها واهميتها البالغة في دعم الاقتصاد القومي ودورها في الاضافة اليه. واشار عطية في حواره لالاهرام الاقتصادي الي قدرة الثروات التعدينية المنتشرة لدينا علي تحقيق طفرة حقيقية للاقتصاد المصري اذا احسن استغلالها وقدرت قيمتها بحق, منها الملح والذهب والفحم بالاضافة الي مئات الانواع من الخامات التعدينية التي تزخر بها الاراضي المصرية. بداية بالفحم, حذر الخبير الجيولوجي الدكتور عبد العال حسن عطية من كارثة بيئية مرتقبة بمحافظة شمال سيناء للانفجار المحتمل لمنجم فحم المغارة المتوقف عن الانتاج منذ نحو ثماني سنوات, وذلك نتيجة لارتفاع منسوب المياه الجوفية والتجمع المطرد للغازات الفحمية نتيجة توقف حركة استخراج الفحم, مؤكدا ان انفجار المنجم متوقع في وقت قريب وان اعادة تشغيله الحل الوحيد لمواجهة هذا الخطر. وقال عطية ان اغلاق منجم فحم المغارة كان من اساسه خطوة غير صحيحة, ويتضح ذلك جليا بالنظر للنتائج المترتبة علي اغلاقه التي من اهمها تشريد3 الاف عامل من ابناء سيناء, وردهم الي طابور البطالة مرة اخري, مشيرا الي انه لا يمكن انكار تأثير اغلاق المنجم ودوره السلبي المؤكد في نشر تجارة السلاح بشمال سيناء حاليا, حيث ادي اغلاق المنجم الي تضييق الخناق علي ابناء سيناء في الوصول الي لقمة العيش, ومن ثم فتح المجال امامهم لدخول غير المشروع من الانشطة التجارية مساعدا علي انتشارها وتعزيزها بالمحافظة. واسترجع الخبير الجيولوجي اسباب الحكومة في اغلاق المنجم واصفا اياها بغير الحكيمة قائلا:' ان سبب اغلاق المنجم الذي جري عام2005 بعد اسناد الثروة المعدنية لاختصاص وزير البترول, خسارة المشروع وتكدس انتاجه دون مبيع بسبب عدم الحاجة المحلية للفحم المستخرج منه بعد الاعتماد علي الغاز الطبيعي في تشغيل محطات توليد الكهرباء التي كانت المستهلك الرئيسي للفحم انذاك, ذلك الي جانب صعوبة تصديره للخارج بسبب صغر ميناء العريش- اقرب ميناء لمنجم المغارة- وعدم تأهيله لتصدير شحنات كبيرة من البضائع خاصة إن كانت علي شاكلة الفحم, ما دعا الوزارة للمطالبة باغلاقه لعدم جدواه الاقتصادية'. وتابع: ان عدم حكمة هذا القرار يرجع الي انه تعامل مع مشروع منجم فحم المغارة كمشروع اقتصادي صرف, وذلك دون النظر الي ابعاده الاجتماعية والاستراتيجية, موضحا ان المنجم كان بمثابة بذرة لنشر التنمية المجتمعية بالمحافظة وذلك بعد تشغيل الشباب وتحريك العجلة الاقتصادية بالمنطقة بما كان محفزا علي استكمال باقي مساعي التنمية بسيناء, ذلك بالاضافة الي العامل التأميني الذي كان يمثله مشروع المنجم, وذلك من خلال انشاء مجتمع عمراني منتظم ومستقر من العمال واسرهم داخل المنطقة, بما كان يحقق هدفا استراتيجيا ملحا في هذه المرحلة لتأمين شمال سيناء وزيادة حركة العمران بها. ودلل عطية علي عدم حكمة اغلاق المنجم كحل لمواجهة خسائره باستمرار ديونه للبنوك وعدم استطاعة الحكومة سدادها بعد اغلاق المنجم, فضلا عن زيادتها بسبب الفوائد حيث زادت قيمة الدين من400 مليون جنيه الي ملياري جنيه خلال السنوات الثماني الماضية عقب اغلاقه. ولفت عطية الي سياسة تعجيزية تنتهجها وزارة البترول في التعامل مع الاستثمار في منجم المغارة رغم اهميته, كاشفا عن انه اقترح طرح المنجم للاستثمار واعادة تشغيله مرة اخري من خلال قبول احد العروض- العديدة- المقدمة لذلك, ففوجئ بطلب الوزارة منه باعداد دراسة جدوي للاستثمار ثانية للمنجم تصل تكلفتها الي حوالي30 مليون جنيه, ذلك علي الرغم من توافر دراسة فعلية عنه تحوي كامل المعلومات المطلوبة من حيث حجم الاحتياطي به والطاقة الانتاجية المتاحة وحجم الاستثمار المطلوب لبدء التشغيل وحجم العائد, غير ان عدم جدية الحكومة في الاستفادة من هذا المنجم كانت وراء اهمال الدعوة لاعادة تشغيله سواء من الخبراء او من المستثمرين الراغبين فيه. وكشف نائب رئيس' الثروة المعدينة' السابق عن انه لا يوجد اي مخاطرة في اعادة تشغيل منجم فحم المغارة بل ان دراسات هيئة الثروة المعدنية تؤكد انه فرصة في غاية الاهمية لتحقيق عائد اقتصادي ليس بهين يضيف للناتج القومي, حيث تنص اتفاقيات الثروة المعدنية للاستثمار في المناجم ان تحصل الدولة علي25% من اجمالي انتاج المنجم من الفحم سنويا ويؤول الباقي للمستثمر, مشيرا الي ان الانتاج السنوي للمنجم يبلغ600 الف طن بما يقدر نصيب الحكومة منه ب150 الف طن, ويدور سعر الفحم في فلك180 جنيها تقريبا للطن, بما يقدر ب140 مليون جنيه سنويا خالصة للحكومة, مؤكدا ان هذه القيمة كفيلة بسداد ديون المنجم خلال اربع سنوات فقط, فضلا عن دورها في دعم مجالات التنمية بالمحافظة خاصة وسائل النقل من السكك الحديدية والمواني لخدمة النشاط التصديري للمنجم, ذلك علاوة علي تشغيل ابناء سيناء وتجنيبهم اللجوء الي الاعمال غير المشروعة بحثا عن الرزق, لافتا الي ان حجم الاحتياطي من الفحم بمنجم المغارة يقدر ب22 مليون طن بما يسمح بالاستثمار به لسنوات عديدة مقبلة. وفيما يخص الذهب, وصف عطية مشروع منجم ذهب السكري الذي تديره شركة سنتامين السويسرية بانه بمثابة صفقة العمر بالنسبة للاقتصاد المصري وذلك لانه يعد انجح مشروع تعديني علي مستوي افريقيا. واكد ان منجم السكري يعد حاليا الامل الوحيد حاليا لزيادة احتياطي النقد الاجنبي وذلك لبدء دخوله مرحلة اقتسام الارباح مع الحكومة مارس الماضي, موضحا ان اجمالي انتاج المنجم يقدر ب600 ألف أوقية سنويا وتحصل الحكومة علي50% منها وفقا لاتفاقية الموقعة بين الطرفين, مشيرا الي ان نصيب مصر منها سيكون في صورة نقدية وليس ذهبا وذلك وفقا لطلب البنك المركزي, مؤكدا ان ذلك يفسر تمسك الحكومة المصرية الواضح بالمشروع رغم كل محاولات تشويه واساءة سمعة القائمين عليه. وارجع عطية الشائعات المثارة حول منجم السكري الي الجهل وعدم الوعي بآليات العمل بمناجم الذهب فضلا عن سعي وسائل الاعلام خلف الإثارة دون التحقق, موضحا ان ارسال الذهب الي كندا الذي غالبا ما تدور حوله الشائعات يجري بهدف تنقية الذهب وختمه لعدم وجود معامل تنقية محلية وليس تهريبا او سرقة للذهب حسبما يدعي بعض عمال المنجم, واصفا عمال المنجم واطلاقهم للشائعات بالانفلات الاخلاقي وانتفاء الامانة الامر الذي يضر بالمشروع ومن ثم بالاستثمار الاجنبي بمصر. وقال عطية ان الاستثمار في الذهب في مصر صعب وغير جاذب للاستثمار الاجنبي وذلك نظرا لطبيعة المجال ذاته حيث تتطلب استثمارات باهظة فضلا عن ارتفاع المخاطرة به وذلك لعدم وجود دراسات استكشافية تحدد مواقع تواجد الذهب في الاراضي المصرية بشكل مؤكد وذلك لانه لم يكن تواجد الذهب في مصر امرا مكتشفا حتي وقت قريب, يضاف الي ذلك عدم امكانية الحكومة المصرية مشاركة المستثمر في تكاليف البحث والتنقيب بما يضطر المستثمر لتحمل تكلفة البحث ومواجهة هذه المخاطرة بمفرده حيث ان وصوله الي الذهب ليس امرا مؤكدا. وفي ضوء ذلك يأتي وصف مشروع منجم السكري بانه الانجح بالمنطقة حسبما قال الخبير الجيولوجي حيث تكبد المشروع تكاليف باهظة طوال17 عاما منذ توقيع الاتفاقية عام1994 الي ان بدأ فعليا الانتاج عام2011, غير انه نجح في تحصيل كامل مصروفاته خلال العامين الماضيين بما يعد نجاحا كبيرا للمشروع وذلك قبل ان يبدأ اقتسام ارباحه مع الحكومة مارس الماضي. واضاف انه علي الرغم من نجاح المشروع واضافته الكبيرة للاقتصاد المحلي فإه يمكن انكار اجحاف اتفاق' السكري' لحقوق الحكومة وذلك لانخفاض نصيب الحكومة في الاتفاقية, مرجعا ذلك الي عدم تشدد الحكومة وقتذاك في تحديد حصتها من الانتاج لعدم تأكدها من نجاح المشروع لانخفاض احتمالية تواجد الذهب اساسا, كاشفا عن اعداد الحكومة لتلافي هذه المشكلة في العقود المقبلة حيث سيجري تعديل الاتفاقات فيما يخص نسبة الاتاوة التي تفرضها الحكومة مقابل حق السيادة علي اراضيها من3 الي7% كذلك نصيبها من انتاج الذهب من50 الي55% وذلك لتحقيق اقصي اضافة ممكنة لايرادات العامة. وبالنسبة لمنجم' حمش' للذهب اكد عطية ان المنجم يعمل ولكن بانتاجية اقل من ان تذكر حيث ان طاقة تشغيله ضعيفة جدا وذلك بسبب نقص التمويل وصعوبة الحصول علي مصادر تمويلية خاصة مع امتناع البنوك عن الدخول في مجال الذهب خوفا من مخاطره خاصة في ظل عدم وجود خبراء تعدين مؤهلين لمثل هذه المشروعات كذلك عدم توافر الدراسات المطمئنة قبل بدء التنقيب. وكشف عن قرب الكشف عن تواجد ذهب في الصحراء الشرقية من خلال شركتي الاولي' شاني اشتني' اماراتية وتصل استثماراتها الي20 مليون دولار, والثانية' الاكسندر نوبيا' كندية وتعمل بذات قيمة استثمارات الاولي مشيرا الي انه من المتوقع الاعلان عن كشف للشركتين هذا العام. ولفت الي وجود4 اتفاقيات للتنقيب عن الذهب معدة للتوقيع منذ عام2009, غير ان الاحداث التي تمر بها البلاد منذ اندلاع الثورة حالت دون توقيعها حتي الان, وتبرم الاتفاقيات مع شركات' زد جولد' كندية, و' فيرنكس' روسية, و'مايكا استار' مصرية باستثمارات50 مليون دولار لاتفاق كل منها, مشيرا الي ان الاتفاق مع هذه الشركات سيكون بالنسب المعدلة للحكومة في حصتها من الانتاج والاتاوة. وعن كنز الملاحات, كشف عطية عن مخاوف من ضياع فرص استثمارات اجنبية تقدر بمليارات الجنيهات في مجال الملاحات, حيث تقدمت نحو22 شركة اجنبية من دول الصين وتركيا والادرن واوروبا بعروض لهيئة الثروة المعدنية للاستثمار في مجال انتاج الملح وتصل استثمارات المشروع الواحد نصف مليار جنيه, مرجعا مخاوفه الي عدم تخطيط الحكومة للاستثمار في هذا المجال بل اهماله كليا وعدم ابداء اي نية للاستفادة منه, مؤكدا ان قطاع الملاحات وانتاج الملح يمثل كنزا غير مستغل وثروة ثمينة في مقدورها دفع الاقتصاد القومي لطفرة حقيقة. واستطرد عطية: ان حجم الاستهلاك المحلي من الملح يقدر ب4.3 مليون طن سنويا, ويقدر حجم الانتاج المحلي منه ب2.8 مليون طن سنويا لتحتل به مصر المركز ال17 عالميا ويجري استيراد باقي الاحتياجات المقدرة ب1.5 مليون طن من الخارج, ذلك في الوقت الذي تزخر فيه الاراضي المصرية بملاحات يقدر حجم الاحتياطي المؤكد بها ب20 مليار طن يمتد استخراجه حتي500 عام وتصل امكانية الانتاج السنوي منها10 ملايين طن سنويا من الملح الصخري فقط حيث تمتاز الاراضي المصرية بامتدادات شاسعة من السواحل بواقع1100 متر علي ساحل البحر المتوسط من مدينة السلوم حتي مدينة رفح بشبه جزيرة سيناء, و900 متر علي ساحل البحر الاحمر من مدينة السويس حتي حلايب, بالاضافة الي ساحل خليجي السويس والعقبة, وتتركز الملاحات في10 مواقع' ملاحات المكس, ملاحة برج العرب, ملاحة علم الروم, ملاحة بورسعيد, وملاحات سبيكة والصافية والعجرة, وملاحات وادي النطرون, وملاحة قارون, وملاحات منخفض القطارة, وملاحات سيوة, وملاحات البحر الاحمر', مشيرا الي ان من اكثر الملاحات الواعدة ملاحات سيوة ومنخفض القطارة حيث يصل حجم الاحتياطي المؤكد من الملح الصخري بها15 مليار طن, كذلك ساحل البحر الاحمر حيث يحتوي علي140 ملاحة جميعها غير مستغل, مشيرا الي ان حسن استغلال هذه الثروة الملحية يمكن مصر من احتلال المركز الثاني عالميا بعد الصين في انتاجه وتصديره. واضاف: ان حسن استخدام الثروة الملحية يمكن ان يحقق اضافة مهمة للاقتصاد القومي خاصة ان الملح كخام يدخل في نحو40 الف صناعة محلية منها الكيماويات والزجاج والمنسوجات والصباغة والدباغة والادوية, فضلا عن استخدماته العدة التي منها تكرير النفط والتبريد, ومعالجة مياه الصرف الصحي, وازالة عسر المياه, صقل السيراميك, واطعام المواشي, ذلك الي جانب تصديره للدول الجليدية لاذابة الجليد من الطرق, علاوة علي انه خامة متوافقة بيئيا ولا يصدر عنها اي انبعاثات ملوثة للبيئة. وكشف عن ان الملح كان احد العناصر الاساسية للموازنة العامة في عهد محمد علي باشا الذي يعد اول من بدأ استخدام الملاحات في مصر حيث كانت تقدر ايرادات انتاج الملح من الرسوم والعوائد438 الف فرنك فرنسي انذاك, وذلك لحسن تقديره لهذه الثروة المعدنية الهائلة وحشده للاهتمام المفترض بها, مؤكدا ان الامكانات التي تتمتع بها مصر في قطاع الملاحات تؤهله لان يكون احد اهم مصادر الملح ودعم الاقتصادي القومي من حيث زيادة الناتج المحلي وكونه جاذبا الاستثمارات الاجنبية لمصر. واستعرض نائب رئيس الثروة المعدنية السابق مظاهر اهمال الملاحات وتبديد كنوزها, ذاكرا ملاحة علم الروم بمطروح التي جري تحويلها الي قرية سياحية, وملاحة وادي النطرون التي لوثت بمياه الصرف الزراعي, فضلا عن الزحف العمراني عليها بما ادي الي تدهور انتاجها لينخفض من100 الف الي10 الاف طن خلال السنوات القليلة الماضية, ذلك بالاضافة الي الصراع بين الجهات الحكومة ما بين وزارتي الزراعة والري ومحافظة مطروح وهيئة الثروة المعدنية علي تبعية ملاحات محافظة مطروح بما نتج عنه شلل في حركة تنمية هذه الملاحات واعاقة اي تقدم في انتاجها. واكد عطية حتمية وضع خطة عاجلة لبحث كيفية الاستفادة من هذه الثروة الملحية وتشجيع الاستثمار بها محليا واجنبيا والعمل علي تشغيل الملاحات المعطلة وازالة المعوقات التي تعترض هذا المجال وتؤثر سلبا علي انتاجيته, مشيرا الي ان سوء في الادارة والتنظيم وانتفاء التخطيط يهدد بتبديد هذا الكنز المعدني الثمين.