جامعة عين شمس تفتتح فعاليات مبادرة "تمكين" لتعزيز حقوق ذوي الإعاقة    مصر وطن السلام    «تجاوزت 7.5 مليون طن».. وزير الزراعة: مصر من أكبر المصدرين للبطاطس والبرتقال والفراولة    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    الرئيس البرازيلي يعرض على ترامب المساعدة في حل الأزمة الفنزويلية    لافروف: مبادرة عقد لقاء بين بوتين وترامب لا تزال قائمة    جدول ترتيب الدوري الإسباني بعد فوز ريال مدريد على برشلونة اليوم    منتخب مصر تحت 17 عامًا يختتم استعداداته لمواجهة قطر وديًا    الكوكي يعلن تشكيل المصري لمباراة الاتحاد الليبي بالكونفدرالية    السيطرة على حريق هائل بمخزن قطع غيار سيارات بالفراهدة غرب الإسكندرية (صور)    الأرصاد تكشف توقعات حالة الطقس وفرص الأمطار المتوقعة غدا بمحافظات الجمهورية    المايسترو أحمد عاطف ل الشروق: ناير ناجي ساعدني في بداياتي.. وأحلم بقيادة أكبر الأوركسترات بالعالم    مش بيحبوا يكتموا جواهم.. 5 أبراج تعاتب الآخرين بكل صراحة    «ابني مات بسببها».. إجلال زكي تحذر الجمهور من حقن تنشيط الدورة الدموية    كيف يفكر الأغنياء؟    إدارة مكافحة العدوى بهيئة الرعاية الصحية تتابع معايير السلامة بوحدة طب أسرة وادي مندر بشرم الشيخ    محافظ الدقهلية خلال الاجتماع الأول لمجلس الصحة الإقليمي: خريطة شاملة لتعزيز الخدمات المقدمة للمرضى    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    نقابة الصحفيين تحتفل باليوم الوطني للمرأة الفلسطينية.. والبلشي: ستبقى رمزا للنضال    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    وزير الصحة يبحث مع جمعية أطباء الباثولوجيا المصريين في أمريكا تعزيز التعاون في التعليم الطبي والبحث العلمي    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    الهجرة الدولية: نزوح 340 شخصا بولاية شمال كردفان السودانية    أستون فيلا ضد مان سيتي.. السيتيزنز يتأخر 1-0 فى الشوط الأول.. فيديو    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    تامر حبيب يهنئ منة شلبي وأحمد الجنايني بزواجهما    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    مساعد وزير الثقافة يفتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    محافظ كفر الشيخ يتفقد التجهيزات النهائية لمركز التحول الرقمي    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    الموعد والقنوات الناقلة لمباراة ريال مايوركا وليفانتي بالدوري الإسباني    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    حصاد أمني خلال 24 ساعة.. ضبط قضايا تهريب وتنفيذ 302 حكم قضائي بالمنافذ    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    «الداخلية» تكشف حقيقة اعتداء وسرقة «توك توك» بالإسماعيلية    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    الكشف على 562 شخص خلال قافلة طبية بالظهير الصحراوى لمحافظة البحيرة    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحلام.. أم محمد: ابنى ضحية المدرسة والجامع
نشر في الأهرام العربي يوم 01 - 12 - 2016


أحمد إبراهيم عامر - تصوير حازم خالد

مواقع الإرهاب على الإنترنت وفيديوهات الجزيرة المفبركة أسباب ضياع أولادنا

محمد كان متفوقا فى دراسته ويحب لعب الكرة

أحلام شاهين.. أم محمد علاء سليمان فهمى، الطفل الذى قرر أن يلتحق بتنظيم الدولة «داعش» وسافر من القاهرة إلى مرسى مطروح ومنها إلى ليبيا، والتى لم تفقد الأمل لحظة فى البحث عن ابنها، طرقت كل الأبواب تروى لنا معاناة وآلام خمسة عشر شهرا، وبدأت السيدة أحلام تحكى قصة ابنها، من البداية.
بعد فض اعتصام رابعة كان محمد ابنى يبلغ 13 عامًا. هو من مواليد 1 أبريل 2000.
ذهب لتصليح «الكمبيوتر الشخصى» فى شارع الإسكندرية بحى مدينة السلام بالقاهرة.
ثم عاد ليخبرنى أن الشاب فى محل إصلاح الكمبيوتر تحدث معه حول أن الجيش يقوم بقتل المواطنين فى رابعة، وأخذ يعرض له مقاطع الفيديو المفبركة التى أذاعتها قناة الجزيرة فى تلك الأيام، ومن هذه اللحظة بدأ محمد يتغير تدريجيا بدون أن أشعر.
فى بعض الأحيان يبدأ أثناء الحديث مهاجمة الجيش، وأبدأ أتكلم معه أن ما يسمعه ليس حقيقيًا وأن الجيش يحمى بلدنا، وأتحدث معه كأم دون التفكير أو الشك فى أنه سيتحول ويتقرب من الإخوان.
وبدأ يتردد على هذا المحل «السايبر» الخاص بتصليح الكمبيوتر والجلوس على النت، وفى ذلك الوقت أيضا، فوجئت بابنى يتكلم عن مدرس لغة إنجليزية اسمه أحمد عوض بمدرسته «عثمان الفارسى التجريبية لغات»
كان ينتمى لجماعة الإخوان، وكان كل يوم يجمع التلاميذ ويتكلم معهم ويقنعهم بالنزول معه فى مظاهرات داعمة للإخوان، وفى يوم تأخر محمد عن موعد رجوعه من المدرسة وكان فى الصف الثانى الإعدادى، وعندما عاد أخبرنى بأنه كان مع المدرس أحمد عوض فى مظاهرة بالمطرية ضد الجيش.
عنفته وصرخت فى وجهه وذهبت للمدرسة لحث المدرس على ترك ابنى والابتعاد عنه بأفكاره، لكن بسرعة شديدة تحول ابنى، وبدأ يتصرف بعنف ويصمم على الخروج والنزول فى هذه المظاهرات، ولم أستطع أن أقنعه بالحديث فى الوقت الذى كان كل يوم فى المدرسة يتم زرع السموم فى عقله من المدرس أحمد عوض ومعه مدرس آخر اسمه صلاح، وبدأت أفقد السيطرة كاملة على ابنى.
كان أملى أن يكون فى سن مراهقة متقدمة ويرجع عما هو عليه. ورغم أنه كان لا ينتظم فى الصلاة وكنت أحثه على الصلاة قبل أن يسيطر عليه معلمه، بدأ يواظب على الذهاب لمسجد الرحمة بالنهضة، وكنت متخيلة أن انتظامه فى الذهاب للمسجد سيجعله يعدل أفكاره.
لكن كانت المصيبة أكبر بأن شيخ الجامع»عثمان» كان يتبع نفس الفكر والمدرس هو من أرشده على هذا الشيخ تحديدا. وأنا ست ضعيفة ووالدى ووالدتى كبيران فى السن، فلم أستطع السيطرة عليه ومنعه من الخروج.
أصبح يثور بشكل غريب، وكان يحكى بفطرة الطفل، أن المدرس كان يقول لهم أن ينزلوا للمشاركة فى مظاهرات المطرية ومعهم علب بيبسى لرشها على وجوههم فى حالة إطلاق الشرطة للقنابل المسيلة للدموع.
والد محمد الذى انفصلت عنه وابنى يبلغ خمس سنوات، كان مسافرًا للعمل بالخارج وعندما عاد تزوج، ذهبت إليه ليساعدنى فى مشكلة ابنه، قال بالحرف اطرديه فهذه هى نتيجة تربيتك، وحاول يتحدث معه مرة واحدة بنفس الكلام الذى كنا نقوله له الجيش بيحمى البلد، هؤلاء مجرمون، وأنت غلطان، لكن كنا لا نمتلك حجة ولباقة وطريقة إقناع فلسنا متخصصين.
بالله عليك ماذا كنت أفعل، هل أبلغ الشرطة عن ابنى، إزاى وأنا أم.
كل يوم كنت أبكى، وقلة حيلتى لم تمكننى من فعل شىء، والدى المسن أخذ محمد لأحد الشيوخ بمسجد «زاوية» قريبة من البيت وتحدث معه وكان محمد يتحدث بآيات الجهاد، وحاول الشيخ معه أن يقنعه أن الجهاد بالنسبة له فى أمه وأخته الصغيرة وتعليمه ومدرسته. لكنه لم يستطع أن يقنعه.

بين نارين
مع انتهاء العام الدراسى، تحول محمد وبدأ يتحدث أنه مختلف مع الإخوان لأنهم مسالمون، وأنه يفضل تنظيم الدولة ويقصد داعش وكان لا يقول عنهم داعش.
كنت كأى أم ابنها يتعاطى المخدرات، تحاول إصلاحه ولكنها لا تستطيع أن تبلغ عنه الشرطة، نعم محمد كان يتعاطى مخدرات فكرية وليست جسدية.
يا ريت كان فيه مكان يعالج الفكر المتطرف كنت ذهبت له، كنت بين نارين، ابنى وتفكيره المتطرف وأن أسجنه بيدى ويتم تعذيبه ويضيع مستقبله..
أنا أطالب يكون فيه مؤسسة أو جمعية أو أى جهة فيها شيوخ وإخصائيين اجتماعيين وناس تقدر تعالج أولادنا من هذا الفكر، خصوصا أن محمد تعرض لعملية إقناع وغسيل مخ من مدرس، حضرتك عارف يعنى إيه طفل عمره 13 عامًا لسه برىء يبدأ مدرس بمدرسته يلعب فى دماغه ويغرس أفكار ومغالطات دينية وسياسية، المدرس المفروض يكون قدوة ووظيفته بالفعل غرس الأفكار والمفاهيم.
محمد ضحية وليس مجرمًا.. محمد ضحية مدرس متطرف وشيخ متطرف وبلد مافيهاش مكان يصحح أفكار عقول أطفالها.
لما طفل يتكلم بآيات القرآن الخاصة بالجهاد، وأنا ست بسيطة لا أعلم كيف أرد عليه بالتفسير الصحيح ويقولى ربنا قال إن الجهاد فريضة وواجب على المسلم ويذكر بعض الآيات.
كنت أرد عليه كأى أم أنت غلط، خليك فى مذاكرتك، إحنا محتاجينك، غدا ستصبح رجلا وتتحمل مسئوليتى. ماكنتش أعرف أقول غير كده.

خلال عام من منتصف 2013 حتى شهر إبريل 2014 مدة عام تقريبا كيف تحول محمد من طفل إلى داعشى؟
كما قلت، البداية كانت من المدرسة والنزول فى مظاهرات مع الإخوان ثم محل الكمبيوتر بمنطقة «الإسكندرية» بالنهضة، وتعرفه على بعض الشباب فى العشرينيات، ثم التصاقه بالشيخ عثمان بمسجد الرحمة، وكان يوجد شيخ آخر «علي» بمسجد صغير بنفس الشارع «العبد 800» بحى النهضة، وكان يعطى لمحمد ابنى كتبًا دينية، ذهبت للشيخ على وتحدثت معه أن يحاول إصلاح فكر محمد وكان أمامى يكلمه أن يتراجع عن تفكيره الجهادى، لكن هذا أمامى فقط، أما ماذا كان يفعل معه لا أعرف، خصوصا أن هذا الشيخ جارنا، وكان لا يعمل ثم فجأة بدأ الثراء يظهر عليه، وغير شقته واشترى شقة أكبر. وقبل ما محمد يترك المنزل كان شديد الالتصاق بالشيخ على.
قبل سفر محمد بثلاثة أشهر تركت له الشقة وأقمت مع والدى فى شقته بالدور العلوى من نفس العمارة، بسبب سوء طباعه وحديثه السيئ المستمر عن الجيش المصرى، وكانت غلطتى أننى تركته، كنت أنزل أرتب له البيت ويصعد للأكل وينزل للمبيت فى الشقة تحت.
وبدأ محمد يلبس جلبابًا قصيرًا ويرفض لبس البنطلون، كنت أشعر كل يوم أن ابنى «يروح منى» ولا أعرف ماذا أفعل، لكنى لم أتخيل أن يكون تفكيره سيقوده لهذا الطريق، كنت أتخيل أنه طفل مراهق مقتنع ببعض المفاهيم الخطأ والأيام كفيلة بأن يتراجع عنها عندما يكبر ويعقل ويفهم.
كان يقول لى إنه اليوم تحدث مع أخ من المغرب، وفى يوم آخر يقول إنه كلم أخًا من تركيا على النت، وفى كل مرة عندما أنزعج وأبدأ فى الحديث معه يقول لى أنا بهزر.
كان يقولى إنت عارفة يا أمى أنى عندما أستخرج بطاقة شخصية سأستخرج جواز سفر وأسافر تركيا ومنها سأدخل سوريا. كنت أراهن على الأيام أن تغير تفكيره، وكنت دائما أقول له يا ابنى حرام عليك أنا ماليش غيرك، وأختك صغيرة، أنت راجلنا.
فى يوم 23 أغسطس 2014 الساعة العاشرة مساءً، طلع محمد من شقته لشقة أهلى وقال لى خدينى فى حضنك يا أمى، وطلب منى أن ألبس النقاب، وأخذ يهزر معى ويضحك، ثم أخذ خمسة جنيهات وخرج للذهاب لمحل الكمبيوتر. خرج محمد ولم يعد، قلقت عليه جاءت الساعة 12 ثم الواحدة والثانية وأستمر فى الاتصال على تليفونه، مغلق.
أخذت أحمد زوج أختى ونزلنا نسأل فى المستشفيات، وفى قسم شرطة النهضة وقسم شرطة السلام، حاولت أبلغ وأعمل محضرا، لم أتمكن فى قسم الشرطة قالوا انتظرى مرور 24 ساعة.
وبدأت أسأل عنه كل الجيران فى المنطقة وذهبت لمحل «السايبر» بمنطقة الإسكندرية بالنهضة، وقال لى أحد أصدقائه أنه استلف مبلغ 130 جنيها من واحد من صحابه ومشى. حتى إننى قلت لهم كيف تعطون لطفل 130 جنيها من غير ما تسأل عن السبب. وأحد الجيران قالى إنه شاهد محمد يحمل كيسا بلاستيكيا ويسرع فى المشى وكأن عنده موعدا.
فى هذه الأثناء اتصلت أختى وهى بالمنزل عثرت على جواب من محمد.
كان كاتب: أمى لا تحزنى سأكون بخير، أنا اخترت الطريق الصعب إما أن أؤسر أو أستشهد.
رجعت للمنزل وظللت طول الليل أحاول أن أتصل عليه وتليفونه مغلق.
فى الصباح تم فتح تليفونه، كلمته ورد قالى إنه فى مرسى مطروح، وأنه «جاء له التكليف» وسيسافر إلى ليبيا، صرخت وقلت له ارجع يا محمد.. رفض وأغلق الهاتف.
بعد المكالمة لم أدرى بنفسى من الصراخ والانهيار، ذهبت أختى وزوجها فور الاتصال إلى قسم شرطة السلام 2، لعمل محضر وإخطار الشرطة.
فى البداية رفضوا عمل المحضر قبل مرور 24 ساعة تغيب، لكن عندما قالت لهم أختى إن محمد اتصل، وقال إنه فى مطروح وسيسافر ليبيا للانضمام لداعش، بدأوا ينتبهون لها.
خالة محمد تأخذ خيط الحديث وتكمل، فى القسم تم أخذ بيانات محمد عنوانه واسم مدرسته وانتظرنا نحو ساعتين، وبدأوا الحديث تليفونيا، وكان تليفون محمد لا يزال مفتوحًا، وتحدثت معه من داخل قسم السلام 2، وحاولت أن أقول له ارجع يا محمد.
تعود أم محمد للحديث بأن ميكروباص جاء على الفور للمنزل وتم تفتيش شقة محمد التى كان يقيم فيها، وتم أخذ «الكمبيوتر الشخصى» وتم سؤالى، هل لدى محمد سلاح، وكنت باصرخ سلاح إيه ده طفل، الحقوه قبل ما يروح منى. وأخذونى معهم داخل السيارة الميكروباص، وفى الطريق طلبوا منى إرشادهم على الجامع الذى كان يتردد عليه وأخذوا العامل المسئول عنه معنا.
وصلنا لقسم السلام 2 وجاء لى ضابط أمن وطنى، وكان فى الحقيقة شخصًا مهذبًا جدا، وقال لى إن التليفون يسجل أن محمد لا يزال فى القاهرة وابنك بيكذب عليك وليس فى مرسى مطروح.
بدأ التحقيق، واستمر الضابط يتكلم معى فى كل التفاصيل عن محمد، وأخذ صورة لمحمد من على هاتفى، وكنت فى حالة سيئة جدا، وبعد ساعات طلبوا من إخوتى وزوج أختى أن يذهبوا للبيت وطلبوا أن أستمر معهم.
وتم جلوسى فى غرفة رهن التحقيق، أكثر من ضابط دخل للحديث معى وأخذ نفس المعلومات. ونحو الساعة الثالثة فجرًا، دخل ضابط أمن الدولة وقال لى سأتركك تذهبين للمنزل على مسئوليتى، لكن من الصباح تكونين هنا لاستكمال التحقيقات.
وبالفعل ذهبت الصبح للقسم، وتم إعادة التحقيق وجاء ضابط معى للمنزل يفتش مره أخرى المنزل. كل ثلاثة أيام كنت أذهب للقسم أسأل ألا يوجد أخبار عن محمد، وكل مرة كانت الإجابة لا يوجد أخبار. وحتى الآن ضابط الأمن الوطنى مصطفى بك كل اتصال أو ذهابى له يتكلم معى بكل احترام. فى يوم 17 سبتمبر، قال لى اذهبى للقسم اعملى محضر تغيب.


من يوم 24 أغسطس ليوم 17 سبتمبر لم تحررى أى محضر؟
لا تم التحقيق معى فقط، ولم يكن هناك رقم محضر، يمكن هذه القضايا لها نوعية مختلفة من المحاضر خاصة بالأمن الوطنى، لا أعلم. وفى شهر أكتوبر 2015، قال لى ابنك المحترم أرسلنا له أشخاصًا ليرجع ولكنه رفض وهو الآن فى ليبيا.
كنت كل يوم أبحث عن أى خيط، كنت عندما أشاهد بعض الإرهابيين الذين يتم قتلهم فى سيناء أذهب لضابط الأمن الوطنى وأقول له هل ممكن يكون ابنى ضمنهم، فكان رده لا ابنك ذهب ليبيا ومستبعد أن يصل سيناء.
لم أذق طعم النوم، كنت كل يوم أقول يارب وأبكى.. مرت الأيام ثقيلة كئيبة، حاولت، بدأ بعض الناس فى المنطقة يشيعون أن محمد تم القبض عليه فى كمين بلبيس وهو محتجز فى الأمن الوطنى فى مصر وهذه هى طريقتهم، عدم الإفصاح عن المسجونين، وفى تلك الأوقات زاد الحديث عن الاختفاء القصرى. واكتشفت أن الإخوان هم من يروج هذه الشائعة عن أى أحد مختفٍ أنه مقبوض عليه.
حاولت أن أذهب لمنظمة حقوق الإنسان المصرى لعمل بلاغ اختفاء قصرى، وعندما علموا بالقصة كاملة، رفضوا عمل محضر اختفاء قسرى وكان ردهم محمد ابنك ليس من حالات الاختفاء القصرى.
يوم 6 يناير 2016 جاء تليفون من رقم مصرى، لكن حدثنى شخص اسمه حمادة يحيى، قال إنه كان محبوسًا مع محمد فى ليبيا بالأمن الداخلى ببنغازى، وطمنى على محمد وقالى إن ابنى يطلب أن أمسح كل البيانات من على الكمبيوتر الشخصى بتاعه، ولو مش عارفة أروح لصحابه فى شارع الإسكندرية وهم سيمسحون البيانات.
بعد المكالمة ذهبت مباشرة لضابط الأمن الوطنى وأخبرته بما حدث، وتأكد أن محمد فى ليبيا وليس محجوزًا قصريًا كما كان يشاع. وبدأ حمادة يحيى يتصل على فترات، يطمنى على محمد، وقال لى إن أحد العساكر الليبيين صديقه ويطمئن منه على محمد.
بعد شهر آخر فى فبراير الماضى، اتصل بى شخص آخر اسمه محمد كمال، وكان محبوسًا مع محمد، قال لى أنا باكلمك أطمنك على ابنك، وكنت معه فى سجن الكويفية، حاولت الاتصال به مرة أخرى لكنه كان خائفا جدا، وطلب عدم الاتصال به مرة أخرى.
بعد أن تأكدت أن محمد ابنى فى ليبيا، كنت هاتجنن وأشوف حل، أشوف محامى يترافع عنه. ذهبت لوزارة الخارجية فى شهر مارس، وكتبت مذكرة فى إدارة القنصليات، بها كل المعلومات.
سألت فى إدارة القنصليات ولم أجد إجابة، حاولت مقابلة السفير المصرى فى ليبيا السفير محمد أبوبكر بعد أن علمت أنه يقوم بأعماله من مبنى الوزارة، أكثر من مرة ولم أستطع مقابلته. فى مايو الماضى رأيت حضرتك على قناة سى بى سى تتحدث عن مقابلتك لدواعش فى سجون ليبيا، ومنهم مصريون.
ثانى يوم الحلقة ذهبت لمبنى الأهرام، وطلبت مقابلتك، ولم تكن موجودًا فتركت لك جواب، وبصراحة لم أكن أتخيل اتصالك بى، خصوصا أننى ذهبت لكثير من معدى ومقدمى برامج التوك شو وفى كل مرة يطلبون تفاصيل وعند إحضارها يتم غلق الهاتف فى وجهى ويختفون نهائيا ولا يجيبون على اتصالاتى وكأننى أحمل مرضًا ينتقل عبر التليفون.
فور اتصالك تجدد الأمل لدىّ أن هناك من سيساعدنى على الوصول لابنى، ولا أقول هذا الكلام لأن حضرتك الآن تعمل حوارًا معى بل هى الحقيقة، طوال شهور لم تمل من اتصالاتى وكنت أطلعك على أى معلومة أو اتصال، وأعلم أنك كنت كل مرة تسافر إلى ليبيا كنت تحاول الوصول لمكان محمد، ومهما قلت لن أستطيع أن أشكرك.
خلال تلك الشهور وخلال مكالمتنا، طلبت منى أن أتوجه بطلب لمبنى المخابرات العامة ومبنى المخابرات الحربية، فى محاولة لتدخل السلطات المصرية فى مخاطبة الجيش الليبى بمعرفة مصير محمد، أو أى معلومات عن قضيته.
كانت الأيام تمر كل ليلة وأنا أبكى وأطلب من الله أن يرجع محمد، ليحاكم فى بلده، أشوفه بس. حتى تحصلت بداية الشهر الحالى على رقم هاتف مدير مكتب رئيس مجلس النواب الليبى، ورقم هاتف مستشار المشير حفتر من خلال زوج أختى الذى كان يعمل معدًا تليفزيونيًا بإحدى القنوات الليبية سابقا.
وكنت أطلعك على كل التفاصيل أولا بأول وطلبت رأيك هل اتصل بهما أم لا، وعندما شجعتنى على الاتصال، للأسف السيد مدير مكتب رئيس مجلس النواب عند علمه بتفاصيل قضية محمد وانضمامه لداعش أغلق الخط فورا.
أما مستشار المشير خليفة حفتر، الله يكرمه يارب، رجل كريم استمع لى وبكيت له، طلبت منه أن يستجيب لصرخة وبكاء أم على ابنها الذى لا يزال طفلا، وكان رجائى أن تصل رسالتى لسيادة المشير، ورغم صعوبة موقف ابنى فإنه كانت هناك ثقة فى الله الكريم الرحيم، وأنه سيرحم قلب أم يتقطع على ابنها.
ووعدنى أنه سينقل رسالتى لسيادة المشير وسيبلغنى بالنتيجة.
وجاءت البشارة من سيادتك الأستاذ أحمد إبراهيم عامر.. روحى ردت لى عندما أبلغتنى أن سيادة المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبى أصدر قرارًا بتسليم محمد للسلطات المصرية، خلال أيام وأنه سيرسل معه رسالة يوصى فيها السلطات فى مصر بالعمل على إصلاحه وليس حبسه نظرا لصغر سنه وأنه رغم انضمامه لتنظيم إرهابى لم يكن قد شارك فى أى جريمة جنائية وتم القبض عليه بعد دخوله مباشرة. ولم أصدق أذنى بأن محمد سيرجع مصر، وأرجو أن توصل كل كلمات الشكر والدعاء للمشير حفتر، هذا رجل لم أتخيل أن يوافق على تسليم شخص كان ذاهبًا هناك ليقتل، وحتى لو كان ابنى ولكن نظرة الأب والعسكرى الشريف الذى يعرف الإرهابى من الطفل المغرر به، واستجابة الله لدعائى جعلته يتخذ هذا القرار، وإننى أدعو له وللجيش الليبى كل يوم أن ينصرهم على الإرهابيين.
وأنتظر بفارغ الصبر أن يصل محمد لبلده، وأدعو الله أن يمن علىّ برؤيته وأطلب وأترجى من سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيسنا، رئيس مصر أن يكمل فرج الله وأن يتعامل مع محمد كضحية وليس كجانٍ.

رسالة «أم محمد» للرئيس السيسي
عبر «الأهرام العربى» .. طلبت «أم محمد» حمل
هذه الرسالة لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى والتى نصها ما يلي :
“يا ريس محمد، أحد أبنائك الذين غرر بهم وانتهكت براءته، من مدرس ومن شيخ، فارفق بحاله وحال أم مصرية تبكى بحرقة على ولدها.
كما أرجو من سيادتك أن تأمر بإنشاء كيان أو مؤسسة أو أى شكل للعلاج الفكرى والعقلى، ولادك يتم الضحك عليهم وتغييبهم، والأهالى وأنا منهم ليست لنا حيلة، عاوزين مكان فيه شيوخ وناس بتعرف تفهم ولادنا الصح من الغلط، عاوزين مناهج فى المدارس الابتدائى والإعدادى تشرح لولادنا تفسير آيات الجهاد، عاوزين ولادنا يفضلوا مصريين يا ريس”

كارثة داخل مدرسة تجريبى بمدينة السلام بالقاهرة.. المدرس الذى بث الأفكار المتطرفة فى رأس تلميذه لا يزال يمارس عمله !!
من داخل مدرسة عثمان الفارسى التجريبة لغات بحى السلام، التقت «الأهرام العربى»، بمديرة المدرسة الأستاذة نشوي والتى أكدت أنها لا تعرف شيئا عن محمد علاء سليمان فهمى، من بداية العام الماضى، حيث تم فصله بسبب تغيبه.
وبسؤالها عن مدرس اللغة الإنجليزية أحمد عوض، التى تتهمه والدة محمد بأنه كان السبب وراء ما آل إليه ابنها وحثه على مشاركة بعض الأطفال من المدرسة فى مظاهرات الإخوان ضد الدولة المصرية، أكدت السيدة نشوى أن المدرس لازال يمارس عملهة، وقد تم منذ فترة استدعاؤه من قبل الأمن الوطنى وتم الإفراج عنه، لذلك هو يمارس عملهة.
وأضافت أن المدرس الآخر «صلاح» وهو أيضا مدرس لغة إنجليزية تم القبض عليه لفتره ثم تم الإفراج عنه. طلبنا منها الاطلاع على ملف التلميذ محمد علاء سليمان فهمى، وعلى الفور جاء الملف يحمل بين طياته آخر صورة لمحمد قبل تغيبه عن الدراسة وشهادة إتمام المرحلة الابتدائية، والتى تبين أنه كان تلميذا متفوقا حاصل على أعلى الدرجات..محمد الذي تحول من طفل متفوق دراسيا إلى مشروع إرهابى مكتمل الأركان. أصابع الاتهام تشير إلى مدرسين بمدرسة محمد ما زالا يمارسان مهنة التعليم ..فهل يتم التأكد من الاتهام الموجه إليهما من أم محمد حتى تتبين الحقيقة وحتى لا نجد أكثر من محمد وحتى لا يتحول أبناؤنا فى المدارس إلى دواعش صغار!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.