غياب الرؤية الواقعية سبب مشاكل الدورة الحالية - الأفلام الجيدة وحدها لا تصنع مهرجاناً كبيراً - ضعف الميزانية لا يبرر القصور الإدارى اختتمت مساء الخميس الماضى فعاليات الدورة ال 38 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى, والتى أقيمت بدار الأوبرا المصرية بحضور الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة ود.ماجدة واصف رئيس المهرجان والفنان محمود حميدة رئيس شرف المهرجان فى هذه الدورة,وقام وزير الثقافة بتسليم الفائزين جوائزهم وحصلت مصر على جائزة أحسن ممثلة للفنانة "ناهد السباعى" عن دورها فى فيلم "يوم للستات" بطولة إلهام شاهين ونيللى كريم ومحمود حميدة وفاروق الفيشاوى ومن إخراج كاملة أبو ذكرى,وعقب إسدال الستار على حفل الختام قامت الأهرام العربى بعمل كشف حساب حتى نعرف نقاط القوة والضعف لهذه الدورة خاصة بعد الإتهامات المتبادلة بين إدارة المهرجان وبعض الصحفيين . أزمة مالية والتفكير داخل الصندوق فى البداية لابد أن نعترف بأن إقامة مهرجان دولى على مستوى عالى يحتاج إلى ميزانية عالية,وإلى إدارة لديها رؤية فى كيفية إستغلال الموارد بالشكل الأمثل حتى تحدث المعادلة بين قلة الإمكانيات وجودة المنتج النهائى داخل الدورة,فلا أحد ينكر أن الأزمة الإقتصادية الحالية وتعويم الجنيه مقابل الدولار قد نزلت بقيمة ميزانية المهرجان إلى النصف,فوزارة الثقافة الأب الروحى والتى تحتضن المهرجان تساهم بستة ملايين جنيه كانوا فى يوم ما تتخطى قيمتهم المليون دولار, وتدفع وزارة السياحة 2 مليون جنيه عبارة عن تكاليف سفر وإقامة للضيوف ويدفع الرعاة الآخرون حوالى مليون أو مليون ونصف جنيه بما يعنى أن الميزانية تقترب من العشرة ملايين جنيه على أقصى تقدير,وهو مبلغ قليل للغاية خاصة بعد تحريك سعر الصرف بما يعنى أن الميزانية الكلية للمهرجان لا تتعدى 600 الف دولار فى الوقت الحالى,لكن هل هذا عذر كافى لعدم خروج المهرجان بالشكل الأفضل؟ بالتأكيد لا لسببين الأول أن الميزانية مخصصة منذ مدة وليس هذا الشهر بمعنى أن قيمة الرقم كانت أكبر بمقدار 50% منذ 6 أشهر عندما كان الدولار لا تتعدى قيمته 7 جنيهات فأين كانت الإدارة خلال الأشهر الطويلة الماضية ولماذا ننتظر دائماً للحظات الأخيرة ؟ السبب الثاني يتمثل فى عدم وجود رؤية محددة منذ نهاية الدورة الماضية للعمل ومراسلة الشركات المنتجة على مستوى العالم لإستضافة أفلامهم بمصاحبة نجوم الأعمال المعروضة كما كان يحدث فى الماضى,وكذلك البحث عن رعاة يتحملون تكاليف إستضافة نجوم كبار يعملون توازن ويكونوا عناصر جذب بتواجدهم على السجادة الحمراء,فلماذا لم يحدث ذلك ؟ هذا هو السؤال الذى يبحث عن إجابة خاصة أن الإدارة الحالية كانت تعمل بعقلية القطاع الخاص أثناء إدارتها لمهرجان الأقصر للسينما الأوروبية فأين فكر القطاع الخاص فى مهرجان القاهرة,ولماذا نسمع كلمة أن المهرجان عبارة عن أفلام وليس نجوم يتواجدون فى الإفتتاح والختام , رغم أن مهرجان "كان" يتباهى أمام العالم بكم النجوم الذين يحضرون ويسيرون على السجادة الحمراء. أفلام المسابقة الرسمية ضمت المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائى هذا العام 16 فيلم منهم فيلمين من مصر , لكن المتابع لأفلام المسابقة سوف يجد أن معظم الأفلام الأجنبية داخل المسابقة مستواها الفنى جيد بصرف النظر عن التوافق مع القصة المعروضة داخل الفيلم,وقد قدمت إدارة المهرجان وجبة دسمة فنياً للجمهور داخل المسابقة الدولية , لكن بنظرة بسيطة سوف نجد أن جميع الأفلام المتنافسة تنتمى للثقافة الأوروبية بإستثناء الفيلمين الصينى والهندى الذين خرجا بخفي حنين, وهنا يقفز إلى الذهن سؤال مهم وهو هل ثقافة رئيسة المهرجان والمدير الفنى أثرت فى الإختيار ومراسلة صناع الأفلام التى إنحصر معظمها داخل المنطقة الأوربية فقط أم أن هناك مراسلات متأخرة للسينما الأمريكية وسينما أمريكا اللاتينية والتى كان لها باع كبير فى التواجد داخل مهرجان القاهرة السينمائى خلال السنوات الماضية . الفيلم المصرى واللهو الخفي منذ أكثر من ثلاثة أشهر وإدارة المهرجان تعلن عن الإتفاق مع صناع فيلم "يوم للستات" ليمثل مصر ضمن المسابقة الرسمية وأيضاً ليكون هو فيلم الإفتتاح لهذه الدورة,وقد لاقت هذه الخطوة إستحسان كل المهتمين بالشأن السينمائى خاصة أن مشكلة كل سنه هى البحث عن فيلم مصرى يشارك فى المهرجان وكان يتم الإعلان عن إسم الفيلم قبل بدأ الدورة مباشرة , لكن هذا العام إستطاعت إدارة المهرجان تلافى أخطاء الماضى وتم الإعلان مبكراً عن إسم فيلم الإفتتاح بالإضافة لوجود فيلم مصرى آخر هو "أخر أيام المدينة",وأثناء حضور المؤتمر الصحفى الذى عقدته إدارة المهرجان قبل إنطلاق الدورة بأسبوع فوجىء الحاضرون بالإعلان عن إستبعاد فيلم "أخر أيام المدينة" ودخول فيلم "البر التانى",مبدئياً لابد أن نعطى الحق لإدارة المهرجان فى إستبعاد أى فيلم ترى أنه لا يمثل إضافة أو لا يتماشى مع سياستها الفنية, لكن المشكلة الكبرى جاءت بعد عرض فيلم "البر التانى" حيث رأى معظم الإعلامين أن الفيلم دون المستوى الذى يجعله يمثل مصر فى المسابقة الرسمية ,وبدأ الجميع يسأل عن من هو صاحب قرار دخول هذا الفيلم إلى المسابقة الرسمية وجاءت المفاجئة على لسان المدير الفنى يوسف شريف رزق الله فى حواره لأحد المواقع حيث قال أنه لم يرى الفيلم ثم تكرر الأمر على لسان لجنة المشاهدة التى قالت نفس الكلام لكن بسؤال رئيسة المهرجان قالت أن المدير الفنى هو صاحب قرار دخول الفيلم وعندما زادت الهمهمات وتناقلت مواقع التواصل الإجتماعى على لسان بعض أعضاء المهرجان أن هناك حوارات فى الخفاء تمت بسبب هذا الفيلم , قامت إدارة المهرجان بإصدار بيان أرسلته للصحفيين قالت فيه أن إدارة المهرجان لها الحق فى إستبعاد وإدخال أى فيلم للمهرجان دون إبداء الأسباب وأن الحديث عن وجود وسطاء أو غيره كانوا وراء دخول الفيلم فى المسابقة سيتم مقاضاتهم طالما لا يوجد دليل مادى على ذلك , وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم هو من الذى إختار الفيلم للمسابقة الرسمية خاصة أن رئيسة المهرجان والمدير الفنى ولجنة المشاهدة صرحوا بأن الفيلم لم يمر عليهم,فهل هبط الفيلم بالبراشوت على المهرجان ؟ وما الداعى لوجود لجنة المشاهدة طالما دخول الأفلام يتم من خلف ظهرها . مأساة الصحفيين فى الدورة ال 38 قبل بداية الدورة بأكثر من شهرين أرسل المركز الصحفى للمهرجان مشكوراً إلى جميع الصحفيين أن يدخلوا للتسجيل بموقع المهرجان على الإنترنت حتى يتسنى للإدارة إستخراج الكارنيهات الخاصة بهم قبل الدورة بوقت كافى وهو ما تم حيث سجل جميع الصحفيين على الموقع لكن الكارنيهات تم تسليمها قبل بدأ الدورة بيوم واحد فقط وجاءت المفاجئة أن بعض الصحفيين والنقاد لم يتم إستخراج كارنيهات خاصة بهم وكان البديل عبارة عن طبع الإسم والصورة على ورقة A4 وهو ما رفضه معظم الصحفيين والنقاد وفى اليوم الثانى تم إعطاءهم كارنيهات بدون إسم أو صورة حتى يتثنى لهم مشاهدة ثلاث عروض فقط فى اليوم حسب تعليمات إدارة المهرجان فى سابقة تحدث لأول مرة منذ بداية المهرجان عام 1976 ,لكن ولأنها دورة المفاجئات فعندما يذهب حملة الكارنيهات إلى شباك التذاكر لحجز تذكرة فيلم معين يجد مفاجئة أخرى بإنتظاره حيث أن جميع حملة الكارنيهات لهم 25% فقط من عدد كراسى صالات العرض ومن يريد مشاهدة الفيلم بعد ملىء هذه النسبة عليه شراء تذكرة وهو ما أحدث العديد من المشكلات كانت تنتهى بحلول ودية من الإدارة بإعطاء الصحفى الذى يتشاجر مع الشباك دعوة لدخول الفيلم لكن الحلول الودية لا تنهى المشكلة أبداً, وقد صرحت إدارة المهرجان أن أكثر من عشرة الاف متفرج حضروا العروض وبحسبة بسيطة نستبعد 25% من الرقم فيتبقى 7500 متفرج دفع كلاً منهم 20 جنيه يصبح المبلغ 150 الف جنيه فما هو الإنجاز فى ذلك ؟خاصة لو عرفنا أن الشركة المسئولة عن قطع التذاكر وتنظيم العروض قد تقاضت أضعاف هذا المبلغ من ميزانية المهرجان رغم عدم الحاجة إليها. مكرمون وأعضاء لجان تحكيم فى نفس الوقت هل يجوز أدبيا بعيداً عن اللوائح أن نجد مُكرماً وفى نفس الوقت عضوا فى لجنة تحكيم،هذا ما حدث المخرج المالى عمر سيسيكو عضو لجنة التحكيم والمخرج الألمانى كريستيان بزولد رئيس لجنة التحكيم، حيث حصل الأول على تقديرية فاتن حمامة والثانى على التميز، بالإضافة للفنانة إلهام شاهين عضوة لجنة تحكيم مسابقة "أفاق" رغم وجود فيلمها "يوم للستات" فى المسابقة الدولية وهو ما حدث للفنان محمود حميدة رئيس شرف المهرجان والمشارك فى نفس الفيلم . العرف السائد والجائزة المصرية جرى العرف فى بعض الأوقات أن وجود فيلم للدولة المضيف داخل المسابقة الدولية لأبد أن يخرج من المولد ببعض "الحُمص" وهو ما حدث فى جائزة أحسن ممثلة للفنانة "ناهد السباعى" عن فيلم "يوم للستات" رغم ان ترتيبها فى الأحداث رقم أربعة بعد إلهام شاهين ونيللي كريم وهالة صدقى,ورغم وجود أخريات فى أفلام المسابقة يستحقون الجائزة لكنه العرف السائد. مواصفات غير محددة المعايير ما هى معايير إختيار أعضاء لجنة التحكيم والتى تم تطبيقها على الفنانتين "صبا مبارك وأروى جودة" خاصة أن "صبا" تاريخها السينمائي قليل جدا مقارنة بعملها الدرامي,أم أن الأمر تم فرضه من أحد أعضاء اللجنة الإستشارية العليا للمهرجان ؟كذلك ما هى الإضافة التى قدمها النجم محمود حميدة بعد إختياره رئيس شرف للمهرجان ؟خاصة أنه إكتفى بالوقوف على خشبة المسرح فقط لا غير أثناء حفلى الإفتتاح والختام .