انتهت أمس الدورة السابعة والثلاثون لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بعد عشرة ايام كاملة من الفعاليات. وقد انتظرت مصر بأكملها من المهرجان أن يكون حدثا استثنائيا ومنصة لاطلاق رسائل أمن وأمان الى العالم بأسره فى هذا التوقيت الحرج من تاريخ الوطن وكان لا بد للمهرجان دعوة وسائل الاعلام العالمية مثل فرنسا 24 وبى بى سى العربى لمتابعة المهرجان ونقل فعالياته ليتعاظم تأثيره ونقول إنه افاد الوطن حقا. لكن للأسف لم يتحقق ذلك الا بقدر ضئيل جدا بسبب الادارة السيئة للمهرجان هذا العام. ولا بد لنا أن نعرف ان عدد المهرجانات السينمائية الدولية بالعالم تجاوز البضعة آلاف. وقد أتيح لكاتب السطور حضور ما يقرب من مائة مهرجان سينمائى دولى فى قارات العالم الخمس وتغطية أغلبها ل«الأهرام»، مما سمح بمعرفة اسرار تنظيم مثل هذه الفعاليات وكيفية الخروج بأكبر تأثير من خلالها..ولم تبخل الدولة المصرية أو مؤسساتها بأى جهد فى سبيل انجاح المهرجان. ورغم الامكانات المادية المحدودة فى الوقت الحالى بمصر، قدمت وزارة الثقافة للمهرجان نحو ستة ملايين جنيه ووفرت وزارة السياحة مليونين ووزارة الشباب والرياضة مليون جنيه فضلا عن رعاية شركة مصر للطيران للحدث وكذلك وزارة الآثار ومحافظتا القاهرة والجيزة. وقدمت عدة مؤسسات اعلامية رعاية اعلامية له وكانت شركتا اتصالات وسجاد هما الراعيان الرسميان مع عدة فنادق ومراكز ثقافية. ورغم ذلك خرجت رئيسة المهرجان د. ماجدة واصف بحوارات فى أكثر من وسيلة اعلام منها مع جريدة الشروق تشكو فيها من قلة الميزانية وادعت انها لا تتجاوز 4 ملايين جنيه وان المبلغ لا يسمح لها بتنظيم مهرجان مهم وأننا لن نستطيع منافسة المهرجانات الدولية بهذه الميزانية. رغم انها اعترفت فى اكثر من مناسبة انها ستعرض أكثر من مائة فيلم وتدعو أكثر من مائتى ضيف. ومنذ توليها المسئولية منذ اكثر من عام، حظيت ادارة المهرجان بمساندة اعلامية لم تحظ بها اى ادارة للمهرجان منذ سنوات. ورغم ذلك لم تلتزم تلك الادارة بأى وعد قطعته على نفسها بشكل قوى. فسبق لها الاعلان عن تولى المخرج الدنماركى حائز الاوسكار بيل أوجست مسئولية رئاسة لجنة التحكيم الدولية بالمهرجان، ثم تم الاعلان انه اعتذر لتصوير مفاجئ وجب عليه البدء فى تنفيذه. ثم اعتذر المخرج مرزاق علواش عن الحضور وقال المهرجان انه مرض بالتهاب فى الاذنين. وتوالت الاعتذارات ومعها الاعذار الغريبة والتى يرسلها المهرجان مكتوبة للصحفيين فى سابقة اولى من نوعها. من المفهوم أن يكون بعض الضيوف قد اعتذروا فى اخر لحظة بسبب مخاوف ما انتابتهم جراء الاحداث الأخيرة، لكن رئيس المهرجان أعلن أن هذا هو حال ضيف او ضيفين على الأكثر. ومدير المهرجان الناقد يوسف شريف رزق الله ذكر بدوره أنه ستقام ست ندوات فقط لافلام المسابقة رغم مشاركة 16 فيلما فيها. وامتلأت الصحف بأخبار متعددة عن إلغاء لندوات المهرجان اما بسبب عدم حضور اى من صناع الفيلم أو لغياب الجمهور. وتمت اعادة عرض فيلم المسابقة (بين ذراعيك) لوصول لجنة التحكيم متأخرة. وصرح رئيس الرقابة على المصنفات الفنية د.عبد الستار فتحى إنه دخل فى خلاف كبير مع رئيسة المهرجان لإصرارها على عرض 12 فيلما ممتلئة بالمشاهد الجنسية على حد وصفه وكان من الممكن الاستغناء عنها ومنها أفلام الأرض الغريبة وبروكلين ووجه الملاك ومادونا وعشاق لاتينيون. والشائع ان تقام لمثل تلك الافلام عروض خاصة للصحفيين والنقاد واشتكى الصحفيون انها عرضت لعموم الجمهور بدون تمييز مما جعل الكثير منهم يخرجون من دار العرض. ومن أوجه القصور الكبرى بالمهرجان هذا العام عدم التمثيل العادل لجميع الدول خاصة فى أفلام المسابقة. فتأمل اتجاهاتها يكشف لنا أن نصف الأفلام المعروضة بهذا القسم انتاج اوروبى وربعها انتاج فرنسى مع غياب تام لافلام من الصين واليابان وأمريكا وقارة افريقيا وقارة امريكا اللاتينية مع وجود فيلم عربى واحد فقط. وقد اعلن المهرجان منذ عام أن ضيف شرف مهرجان القاهرة هى السينما اليابانية، وفشل المهرجان فى تقديم ذلك وعرض بانوراما قصيرة لافلام رسوم متحركة تمثل ستوديو يابانى واحدا. ولم يصدر المهرجان اى كتاب عنها. واثارت ادارة المهرجان الجدل لاختيارها فيلمين من انتاج أحمد السبكى ليكونا الفيلمين الوحيدين اللذين يمثلان مصر بالمهرجان. واعلنت رئيسة المهرجان ان لجنة المشاهدة المشكلة رسميا لم تشاهد الفيلمين وان قرار تلك اللجنة غير ملزم وهى التى لم تشاهد الفيلمين أصلا. وان فيلم «الليلة الكبيرة» شاهده واختاره الناقدان طارق الشناوى ويوسف شريف رزق الله وفيلم «من ظهر راجل» شاهده واختاره يوسف شريف والناقد الشاب أحمد شوقى.رغم أن الأخير هو شريك مؤلف فيلم «من ظهر راجل» فى شركة تجارية وكان بالأحرى عليه استشعار الحرج والتنحى عن مشاهدة الفيلم. نفس المجاملات الفجة كانت الطابع الرئيسى لأحد أهم اقسام المهرجان وهو قسم ملتقى القاهرة السينمائى الذى يشرف عليه المنتج محمد حفظى. وقد تقدم للقسم 48 سيناريو تم اختيار 10 من بينها لتقديم دعم مالى وفنى لها. والمؤسف ان من بين الذين تم اختيارهم مخرجين انتج لهم محمد حفظى من قبل مع منتجين شاركهم الانتاج مثل المخرجين ايتن أمين ومحمد صيام والمنتجين رامى ياسين ووائل عمر. غاب عن المهرجان كذلك أفلام عربية مهمة شغلت العالم فى الشهور الماضية مثل: «يا طير الطاير» لهانى ابو اسعد و«على حلة عينى» لليلى أبو زيد و3000 ليلة لمى مصرى. وقد اشتكى متابعو المهرجان من عدم قدرتهم على الدخول الى الموقع الالكترونى للمهرجان حتى قبل يوم واحد من انعقاده. لمزيد من مقالات احمد عاطف