جاء إعلان الأردن أخيرا عن قرار استضافة القمة العربية المقبلة بعد اعتذار اليمن، ليحسم جدلا كان متوقعا حول مكان وانقعاد القمة، بل وربما يعيد الأمل فى احتمالات عقد قمة عربية ناجحة تسجيب للظروف والتحديات الإقليمية التى تواجهها المنطقة العربية.
وعلى الرغم أن اعتذار اليمن كان أمرا متوقعا على خلفية الظروف السياسية والأمنية التى تمر بها البلاد فى الفترة الحالية،دص فى ضوء الصراع المتصاعد بين أطراف الأزمة اليمنية والأطراف الإقليمية والدولية المتداخلة فى الأزمة، فإن إسراع الأردن إلى إعلان موقفها من القمة العربية الدورية بتوجيه العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، لاستضافة مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة فى دورته الثامنة والعشرين، يؤشر لحرص الأردن على حسم الجدل الذى كان يمكن أن يثار فى الأشهر القليلة المقبلة قبيل انعقاد القمة، وربما أسهم فى احتمالات عديدة فى عقدها فى موعدها المتوقع فى مارس من العام المقبل.
وكان الأمين العام للجامعة العربية، أبلغ الأردن فى رسالة الأسبوع الماضى اعتذار اليمن عن ترأس الدورة الثامنة والعشرين لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة.
وينص ميثاق جامعة الدول العربية على « تناوب أعضاء المجلس على الرئاسة حسب الترتيب الهجائى لأسماء الدول الأعضاء». وطبقا لملحق الميثاق الخاص بالانعقاد الدورى للقمة، فإن مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة ينعقد بشكل دورى مرة فى العام (فى شهر مارس) ، حيث استحدثت قمة القاهرة غير العادية المنعقدة فى عام 2000 موضوع انتظام الانعقاد الدورى للقمة.
وعقدت آخر قمة عربية فى موريتانيا يومى 25 و26 يوليو الماضى بحضور سبعة من قادة الدول ال22، وهم أميرا قطر والكويت، ورؤساء اليمن والسودان وجزر القمر وجيبوتي، إلى جانب الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز، الذى ترأس بلاده المنظمة لعام واحد.
والقمة العربية المقبلة فى الأردن ستكون القمة الرابعة حيث استضاف الأردن قمتين عاديتين فى عامى 1980 و2001 كما استضاف قمة عربية طارئة عام 1987.
وقد كانت القمم العريبة التى استضافها الأردن مؤثرة ومهمة فى مسار وتطورات المنطقة، فقمة 1987 عقدت بمشاركة 20 دولة عربية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وصدر عن المؤتمر بيان ختامى ومجموعة من القرارات أهمها: إدانة إيران لاحتلالها جزءا من الأراضى العراقية والتضامن مع العراق. تضامن المؤتمر مع السعودية والكويت والتنديد بالأحداث التى اقترفها الإيرانيون فى المسجد الحرام بمكة المكرمة. التمسك باسترجاع جميع الأراضى العربية المحتلةوالقدس الشريف كأساس للسلام، وضرورة بناء القوة الذاتية للعرب. إدانة الإرهاب الدولي. العلاقات الدبلوماسية بين أى دولة عضو فى الجامعة العربية وبين مصر عمل من أعمال السيادة تقررها كل دولة بموجب دستورها وقانونها. تكثيف الحوار مع حاضرة الفاتيكان، ودعوة الملك حسين إلى إجراء الاتصالات معها. وعقدت قمة عمان 1980عقدت بحضور 15 دولة عربية. وصدر عن المؤتمر بيان ختامى تضمن مجموعة من القرارات أهمها: عزم القادة العرب على إسقاط اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل. التأكيد أن قرار مجلس الأمن رقم 242 لا يتفق مع الحقوق العربية، ولا يشكل أساسا صالحا لحل أزمة القضية الفلسطينية. الدعوة إلى وقف إطلاق النار بين العراقوإيران، وتأييد حقوق العراق المشروعة فى أرضه ومياهه. إدانة الاعتداء الإسرائيلى على لبنان، ودعم وحدة وسلامة الأراضى اللبنانية. إدانة استمرار حكومة واشنطن فى تأييد إسرائيل وإلصاق صفة الإرهاب بمنظمة التحرير الفلسطينية. المصادقة على وثيقة إستراتيجية العمل الاقتصادى العربى المشترك حتى عام 2000. كما عقدت يوم 27 مارس 2001 فى عمان، ومن أهم قراراتها: إدانة العدوان الإسرائيلى المتواصل على الشعب الفلسطينى، وانتهاكات إسرائيل الجسيمة لحقوق الإنسان. كما عبرت عن الاستياء البالغ لاستخدام الولاياتالمتحدة حق النقض (الفيتو) فى مجلس الأمن ضد مشروع قرار حول حماية الشعب الفلسطينى فى الأراضى الفلسطينية، وإنشاء قوة الأممالمتحدة للمراقبة فى تلك الأراضي. الترحيب بقرار المجلس الأعلى لصندوقى الأقصى وانتفاضة القدس وقرارات الاستجابة العاجلة لدعم ميزانية السلطة الوطنية الفلسطينية، بصرف مبلغ 15 مليون دولار من القرض الحسن الذى تم اعتماده بقيمة 60 مليون دولار تدفع على أربعة أشهر بناء على اقتراح تقدمت به المملكة العربية السعودية. تأكيد التضامن التام مع سورياولبنان ورفض التهديدات الإسرائيلية التى تصاعدت أخيراً ضد البلدين الشقيقين. الموافقة على إقامة المؤتمر الاقتصادى الأول فى نوفمبر 2001 فى القاهرة بمشاركة حكومات الدول العربية والقطاع الخاص العربى والأجنبى والمؤسسات الاقتصادية الإقليمية والدولية.
وستكون القمة العربية المقبلة هى ثانى قمة دورية يستضيفها الأردن بعد إقرار آلية الانعقاد الدورى للقمة فى قمة القاهرة 2000. وهو أمر له دلالته، إذ يؤكد رغبة الأردن فى الحفاظ على دورية القمة، كما يجدد الأمل فى احتمال عقد قمة عربية ناجحة تتعاطى مع أزمات المنطقة المتراكمة من عام لآخر، خصوصا بعد قمة نواكشوط التى انتهت دون أى جديد يذكر على صعيد دعم العمل العربى المشترك، وخلق مواقف عربية فاعلة تجاه أزمات المنطقة وعلى رأسها أزمتا اليمن وسوريا.