مخاوف من ضغوط إسرائيلية وأمريكية خلال التصويت النهائى والعرب مطالبون بتحرك عاجل - انتقادات حادة لموقف بوكوفا الرافضة للقرار ووصفها بممارسة النفاق المفضوح لم يعتد الكيان الصهيونى على صدور قرارات دولية تشكك فى شرعية وجوده واحتلاله، وضمه للأراضى والمقدسات العربية فى فلسطين، بفعل "رخاوة " التعامل معه من قبل القوى الكبرى فى المنظمات الدولية، وتهاونها فى اتخاذ ردود فعل حادة تجاهه، فى مقابل رفض قادته تطبيق أى من هذه القرارات على مدى الصراع العربى الصهيونى، وهو أمر لم تتوقف عنده طويلا منظومة الشرعية الدولية العاجزة والمستسلمة لتوجهات عراب الكيان الأكبر ( الولاياتالمتحدة ) بل تقفز عليه، وكأن الكيان - برغم أنه عضو فى الأممالمتحدة – قوة خارج سياق المحاسبة، وفى ضوء ذلك يمكن تفسير حالة الغضب داخل الكيان، تجاه تصويت المجلس التنفيذي لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" فى باريس، يوم الخميس قبل الماضى لصالح مشروع القرار العربي، المقدم من سبع دول هي مصر والجزائر ولبنان والمغرب وعُمان وقطر والسودان، وتجلت فى مستويين أولهما، تصريحات بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء الكيان المنددة باليونسكو، والتى رأى فيها أنها فقدت شرعيتها لأنها صادقت على قرارا ينكر علاقة كيانه بما يسمى جبل الهيكل. أما المستوى الثانى، فتمثل فى إعلان الكيان تعليق تعاونه مع اليونسكو، وذلك من خلال الرسالة التى وجهها وزير التربية والتعليم "نفتالى بينيت " -والذى يشغل منصب رئيس لجنة الكيان لدى اليونسكو – إلي المنظمة الأممية، قال فيها: لقد أعلمت مبعوثنا إلي اليونسكو بتعليق كل النشاطات المهنية معها، فوفقا للتصويت الذى جرى ستتوقف فورا كل مشاركة ونشاط للجنة الإسرائيلية مع المنظمة الدولية، ولن يجرى أى تعاون فنى مع منظمة تقدم الدعم للإرهاب (.....). وقد بذل مندوب الكيان جهودا لوقف مشروع القرار أو على الأقل التخفيف من لغته، لكنه نجح فقط في تغيير مواقف عدد قليل من الدول الأعضاء، وأعلن فى ظل الأغلبية التى حظى بها القرار" أن هناك محاولات من قبل اليونسكو "لتقويض الصلة اليهودية بالقدس"، مرفقا ذلك بتقرير زعم فيه أن الارتباط اليهودي بالقدس كان متواصلا منذ القدم مرورا بالأزمنة الحديثة. بطلان كل إجراءات الاحتلال ويؤكد القرار الذى أدرج تحت اسم "فلسطينالمحتلة" على بطلان جميع إجراءات الاحتلال التي غيرت الوضع القائم بعد الخامس من يونيو عام 1967، وقد تم اعتماده بدعم 24 دولة منها دول المجموعة العربية والإسلامية، ودول العالم الحر المناهض للاحتلال، وذلك بأغلبية الأصوات، كما جرت العادة في معظم جلسات المجلس التنفيذي لليونسكو والذي يبلغ عدد أعضائه 58 دولة، بينما عارضت القرار 6 دول وامتنعت عن التصويت 26 دولة وغابت عن الجلسة دولتان ويؤكد المجلس التنفيذي لليونسكو في القرار -وهذا هو النص الأهم - أن المسجد الأقصى ( الحرم الشريف )موقع إسلامي مقدس مخصص للعبادة للمسلمين، وأن باب الرحمة وطريق باب المغاربة والحائط الغربي للمسجد الأقصى وساحة البراق جميعها أجزاء لا تتجزأ من المسجد الأقصى (الحرم الشريف )، ويجب على إسرائيل تمكين الأوقاف الإسلامية الأردنية من صيانتها وإعمارها حسب الوضع التاريخي القائم قبل الاحتلال عام 1967، مبينا أن هناك فرقا بين ساحة البراق و"ساحة الحائط الغربي" التي وسعت بعد عام 1967، ولا تزال قيد التوسعة غير القانونية المستمرة على حساب آثار وأوقاف إسلامية، ومن ثم يطالب سلطات الاحتلال بعدم التدخل في أي من اختصاصات الأوقاف الأردنية الإسلامية في إدارة شئون المسجد الأقصى، معربا عن إدانته الشديدة لاستمرار اقتحامات المتطرفين وشرطة الاحتلال وتدنيسهم لحرمة المسجد الأقصى. ويشدد القرار على وقف اعتداء وتدخل رجال ما يسمى ب"سلطة الآثار الإسرائيلية" في شئون الأقصى والمقدسات، مؤكدا صون التراث الثقافي الفلسطيني والطابع المميز للقدس الشرقية، معربا عن أسفه الشديد لرفض إسرائيل تنفيذ قرارات اليونسكو السابقة وعدم انصياعها للقانون الدولي، مطالبا إياها بوقف جميع أعمال الحفريات والالتزام بأحكام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الخصوص. ويطالب المجلس بوقف إعاقة وصول الفلسطينيين لمساجدهم وكنائسهم، مستنكرا الاعتداءات المتواصلة ضد رجال الدين المسلمين والمسيحيين، ويشدد مجددا على الحاجة العاجلة للسماح لبعثة اليونسكو للرصد التفاعلي بزيارة مدينة القدس وتوثيق حالة صون تراث المدينة المقدسة وأسوارها. رسالة واضحة ووفقا للدكتور نبيل أبو ردينة الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، فإن هذا القرار ينطوى على رسالة واضحة من قبل المجتمع الدولي، بأنه لا يوافق على السياسة التي تحمي الاحتلال وتسهم في خلق الفوضى وعدم الاستقرار، كما يؤكد فى الوقت ذاته ضرورة قيام الولاياتالمتحدةالأمريكية بمراجعة سياساتها الخاطئة المتمثلة بتشجيع إسرائيل على الاستمرار باحتلالها للأراضي الفلسطينية. وقد رحبت الجامعة العربية، أشد الترحيب بنتائج تصويت المجلس التنفيذي التابع لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، باعتماد هذا القرار والذى وصفته -على لسان أمينها العام المساعد لشئون فلسطين والأراضى المحتلة السفير سعيد أبو على، بالتاريخي، لأنه يجسد الحق الفلسطيني العربي الراسخ المدعم بالقانون وقرارات الشرعية الدولية، في القدس والمقدسات والحرم القدسي الشريف، والمجسد للحقيقة الأزلية المدعمة بشواهد وآثار التاريخ والحضارة العريقة الباقية عبر الحقب المتتالية إلى يومنا وإلى الأبد، معربا عن تقديره إلى كل الدول الصديقة التى انتصرت للحق والحقيقة، بدعمها للمبادرة العربية الفلسطينية، لإصدار هذا القرار الذي ينطوي بتفاصيل مضمونه على أهمية مضاعفة في هذه الظروف. انتصار للحق والحقيقة ويلفت أبو على النظر إلى أن هذا القرار يمثل انتصارا للحق والحقيقة، وإعلانا لبطلان الادعاءات والإفتراءات الإسرائيلية بشأن القدس والمقدسات الإسلامية، وتأكيدا لإرادة المجتمع الدولي والشرعية الدولية في إدانة ورفض السياسات والممارسات الإسرائيلية، الهادفة إلى طمس الحقائق وتزويرها بخلق واقع مصطنع، مبني على الأوهام والتزوير، مؤكدا أنه يقيم ويرتب المسئولية القانونية والسياسية الدولية، في ضرورة توفير الحماية للشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته التي تتعرض بصورة متسارعة وغير مسبوقة للانتهاكات الجسيمة، التي تصنف كجرائم حرب وتطهير عرقي وتدنيس وعبث وتهويدا للقدس. الميزة النسبية وتكمن الميزة النسبية لقرار اليونسكو فى أنه ينسف الادعاء الذي قامت عليه الدولة الصهيونية، والذي يزعم المتطرفون اليهود وجود الهيكل تحت الأقصى، ولا بد من هدم الأقصى لإقامة الهيكل، فلا وجود لإسرائيل بدون هيكل"، وبذلك فإن اليونسكو"، أنهت أخطر ذريعة أقنع بها الصهاينة اليهود، بملكية الأرض تاريخياً، فالكيان الصهيوني قام على أكذوبة أدعى أنها توراتية، وجاء القرار لينهي هذه الاكاذيب، فإن القرار يواجه عدة إشكاليات، أهمها أنه ليس قرارا نهائيا، ولا يزال يحتاج إلي حشد مكثف لإقراره بالتصويت النهائي الأسبوع المقبل، كذلك انقلبت مدير اليونسكو، البلغارية- إيرينا بوكوفا -على قرار المؤسسة، وأصدرت بيانا يخالف القرار، في مؤشر على تواطؤ قادم لإجهاض القرار أو تجميد تفعيله، حيث انحازت إلى الموقف الصهيوني، الذي سيستخدم دبلوماسيته وماكينته الإعلامية بكل قوة خلال التصويت الثاني. إن "إيرينا بوكوفا، مدير اليونسكو، تنقلب على قرار المؤسسة، وتصدر بيانا يخالف القرار الذي تم اتخاذه بشأن الأقصى والقدس؟ واصفا موقفها ب"نفاق مفضوح للصهاينة". ونبه "الزعاترة" في تغريدات له عبر "تويتر" إلى أن " قرار اليونسكو برفض وجود صلة لليهود بالمسجد الأقصى مهم، لكن هناك قراراً من محكمة لاهاي في 2005 أكثر أهمية. متسائلا هل يغير ذلك شيئاً دون مقاومة؟ مجيبا ب"لا". وتستخدم يوكوفا فى معرض انتقادها للقرار عبارات عامة فضفاضة مطاطة، فهى ترى أن خلافات من هذا القبيل تنال من طبيعة مدينة القدس ذات النزعة العالمية، فاليونسكو تقع على عاتقها مسئولية تعزيز التعايش ليس فقط عبر الأقوال بل بالأفعال أيضًا، مشددة على أن هذا هو الهدف الذي تضعه نصب عينيها يوميًا وتلتزم به، غير أن هذا الموقف الذى وصف بالنفاق السياسى المفضوح لم يمر مرور الكرام، فقد رأت وزارة الخارجية الفلسطينية أن تصريحاتها المناهضة لقرار حظى بأغلبية أعضاء المنظمة ينطوى على خروج عن حدود صلاحياتها فى حين وصف رياض المالكى، وزيرالخارجية الفلسطيني موقفها بأنه غير مسبوق ويشكل إهانة لإرادة الدول الأعضاء التي عبرت عن مواقفها السيادية وشدد على القول: من غير المقبول أن تقوم السيدة بوكوفا بإطلاق التصريحات التي من شأنها تقويض عمل وصلاحيات المجلس التنفيذي لليونسكو، فهى تجاهلت نص القرار الفلسطيني الذي تم اعتماده، والذي عكس الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية في مدينة القدسالمحتلة، بما فيها انتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني بمسيحييه ومسلميه للوصول إلى أماكن العبادة والأماكن المقدسة، واختارت التماهي مع حملة العلاقات العامة الإسرائيلية التضليلية لاسترضاء سلطة الاحتلال. ولا شك أن إشكالية التفعيل والتطبيق تعد أكبر تحد يواجه الأمة العربية والإسلامية وبخاصة منظماتها الإقليمية: الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة التعاون الإسلامي، فكيف يمكن توظيف قرار اليونسكو لإنهاء الاحتلال وفضح الأكاذيب والأساطير الصهيونية التي ترسخت على مدار عقود عبر كتب ولوبيات ضغط صهيونية ومراكز بحثية صهيونية؟ ففيما يرى مراقبون أن استمرار المقاومة ودعمها أكبر قوة تدعم قرار اليونسكو، ضد غطرسة القوة، فهناك مطالب قوية بالتحرك العاجل من قبل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي (والأخيرة أنشئت أساسا من أجل حماية القدس والأقصى فى العام 1969 ) وذلك لبحث آليات تنفيذ قرار اليونسكو والحشد لتمريره بشكل نهائي وملزم، خصوصاً أنه قرار يحمل تداعيات خطيرة على الكيان الصهيوني، وينسف الصورة الذهنية الخادعة التي نسجها عن نفسه بالتزييف، كما ينسف الأساس الذي قامت عليه دولته وهو أكذوبة جبل الهيكل، ويهدد مستقبله، ويكشف تزوير الصهاينة للتاريخ والتلاعب بحقائق الجغرافيا لتكريس الاحتلال عبر الهجرات المتتالية على أسس دينية تم دحضها. تنسيق فلسطينى أردنى وفى هذا السياق يكشف وزير الأوقاف الأردني السابق هايل داود، عن أن مسودة المشروع أعدها الأردنوفلسطين، ومن ثمّ دفع إلى المجموعة العربية في المجلس التنفيذي لليونيسكو، ولو تم تطبيقه بعيدا عن الضغوط الصهيونية والأمريكية، فإنه سيكون مبنيا على الحدود التي وضعها الأردن في المسودة بوصفه وصيا على المقدسات في القدس، والتي تظهر فيها حدود الأقصى مكانا خاصا للمسلمين ليس لليهود فيه أي حق. ويشير إلي أن اليونسكو تتخذ منذ العام 1968 تتخذ قرارات شبيهة، غير أن القرار الأخير هو أوضحها، مبديا أعتقاده بأن ثمة تحولا أكثر إيجابية تجاه فلسطين منذ سنوات، في منظمة يصوت فيها الجميع دون حق النقض "فيتو" وعن كيفية توظيف القرار قال "هايل" إن اليونيسكو تعتبر إسرائيل قوة قائمة بالاحتلال وتنادي عبر قرارها بإبطال كل الإجراءات منذ 1967، وهذا يفيد من ناحية سياسية وقانونية ومعنوية. حرب متوقعة على التصويت النهائى وطبقا لرؤية الدكتور نشأت الأقطش، أستاذ الإعلام بجامعة بير زيت الفلسطينية، فإن الكيان الصهيونى قام بالأساس على أكذوبة توراتية وجاء القرار ليطعن فيها وبالتالى فإن حكومته ستلجأ -قبيل التصويت الثاني -إلى توظيف دبلوماسيتها وماكينتها الإعلامية بكل قوة، ولكن مرور القرار بمسودته الأولى - كما يضيف -يعني احتمالا كبيرا لمروره نهائيا، مبينا أن ذلك يشير إلى تراخي قبضة اليهود والصهيونية على المؤسسات الدولية. ويرى "الأقطش" أن "ما أنجز يعطي إمكانية للفلسطينيين كي يتوجهوا إلى المحاكم الدولية لمقاضاة إسرائيل على تزييف القدس القديمة التي استولت إسرائيل على معظم بيوتها. وفي سياق متصل يوضح "زياد الدريس"- رئيس الخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية باليونسكو- في تغريدة عبر "تويتر" "للذين يظنون هامشية قرار اليونسكو اليوم بشأن القدس، عليهم مطالعة رد فعل نيتانياهو، القرارات الهامشية لن تحظى بمثل هذا الاهتمام والانفعال. وقد ندد المجلس الوطني الفلسطيني الذى يرأسه القيادى يوم الأحد الماضى، بمنتقدى قرار اليونكسو وخص بالذكر حسبما جاء فى بيان لرئيسه سليم الزعنون انتقادات كلاً من المدير العام لليونسكو والمرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب – ورأى أنه كان من الأولى على المنتقدين لهذا القرار الذي مثّل العدل والإنصاف للشعب الفلسطينى وحقوقه، أن يقفوا إلى جانب إرادة المجتمع الدولى ومؤسساته، وأن يبادروا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية غير الشرعية فى مدينة القدسالشرقيةالمحتلة خاصة وفى كل أراضى دولة فلسطينالمحتلة عامة. ويطالب الزعنون بالعمل على إنهاء الاحتلال الاستعمارى الاستيطانى الصهيونى لفلسطين وشعبها.