فى انتظار اللائحة التنفيذية للقانون ومن الصعب حصر الإيراد فكيف يتم حساب الضريبة
تقدر الضرائب المحصلة من أصحاب المهن الحرة فى عام 2012 بنحو 300 مليون جنيه، وهو رقم كارثى وحالياً وصلت إلى قرابة ال 900 مليون جنيه وهو لا يزال ضعيفاً وغير معبر عن حجم دخولهم الحقيقية. ويرجع سبب انخفاض حصيلة الضرائب إما إلى عزوف أصحاب المهن الحرة عن تقديم إقراراتهم الضريبية أو قيام مصلحة الضرائب بالقيام بتقديرات جزافية غير معبرة عن حقيقة تعاملاتهم، لتلجأ الحكومة أخيرا إلى ضريبة القيمة المضافة التى يتوقع بدء تطبيقها بنسبة 13 %، من أول أكتوبر المقبل، بحصيلة مستهدفة نحو 20 مليار جنيه (2.25 مليار دولار) خلال “2016-2017”. وألمحت وزارة المالية، فى تصريحاتها، إلى أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة غير مرتبطة بصدور اللائحة التنفيذية للقانون، التى من المنتظر أن تصدر خلال شهر من إقراره القانون الذى سيطبق فور نشره بالجريدة الرسمية. ويتوقع عدد من الخبراء أن تعوض الحصيلة المفقودة عن طريق إلزامهم بتقديم إيصالات وفواتير للمستفيدين من خدماتهم فى مقابل حصولهم على أية من تلك الخدمات المختلفة لضمان إحكام الرقابة على حجم الدخل الحقيقى لتلك الفئة. وأكد الخبراء أهمية تعاون جميع فئات المجتمع لضبط المنظومة الضريبية على أكمل وجه، مما ينعكس مرة أخرى على الخدمات الحكومية التى يحصل عليها المواطنون جميعاً على حد سواء. وقال حامد رشدي، مدير عام الفحص الضريبى بمركز كبار الممولين بمصلحة الضرائب المصرية، إن الضريبة على المهن الحرة تحتسب من إجمالى الدخل أو ضريبة المال الحر، التى تطبق على عوائد أنشطتهم الخاصة وتقسم إلى شرائح مختلفة.
شرائح ضريبة الدخل حيث يتعاملون وفق محاسبتين محاسبة فعلية على الحسابات، أو محاسبة إيراد بعد خصم 10 % مقابل التكاليف (محاسبة تقديرية)، وتبلغ الشريحة الأولى نحو 6500 جنيه، وهى معفية من الضرائب، و من 6500 جنيه حتى 30 ألف جنيه تقدر قيمة الضرائب عليها ب 10 %، ومن 30 ألف جنيه حتى 45 ألف جنيه بقيمة 15 %، ومن 45 ألف جنيه حتى 200 ألف جنيه بقيمة 20 %، وأكثر من 200 ألف جنيه بقيمة 22.5 %. وأوضح أن مشكلة تحصيل الضرائب على أصحاب المهن الحرة سواء كانوا محامين أم أطباء وغيرهم أن تلك الفئات تقدم إقراراتها الضريبية بمبالغ تنافى حقيقة الدخل، مقترحاً أن يكون حل مشكلة التهرب الضريبى هو تقديم إقرار ثروة موضحا فيه الذمة المالية كاملة، وبذلك سيتم الكشف عن حجم الزيادة فى الدخل سنوياً. ولفت رشدى إلى أن فرض ضريبة القيمة المضافة ستستهدف دفع تكلفة الحصول على الخدمة والتى سيتحملها بالطبع المواطن العادى مستهلك الخدمة ولكنه سينعكس على زيادة إجمالى الحصيلة الضريبية الناتجة عن أصحاب المهن الحرة فى النهاية، مشيراً إلى أن هذا سيمثل أزمة بسبب زيادة تكلفة الحصول على الخدمات للمواطن وهى فى الأغلب خدمات لا يمكن الاستغناء عنها. لا رقابة دون إيصالات وعلى مستوى آخر يرى مدير عام الفحص الضريبى، أن مسألة الرقابة هنا سيصعب ضبطها أيضاً لعدم وجود إيصالات مهنية أو فواتير تحتسب بناءً عليها قيمة الضريبة، مما يصعب كذلك من مهمة مفتشى الضرائب ويجعل مهمتهم شبه مستحيلة للتأكد من صحة الإقرارات الضريبية المقدمة من المهن الحرة. ومن جانبه يرى محمد النفراوي، نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للمحاسبين القانونيين، وعضو مجلس إدارة جمعية الضرائب المصرية، أن الفشل الذى أصاب ضريبة الدخل بالنسبة للأصحاب المهن الحرة سيكون أكثر وضوحاً فى ضريبة القيمة المضافة، لأن مشكلة هذه الشريحة تتمثل فى صعوبة حصر أتعابهم نظراً لطبيعة تعاملاتهم مع الأفراد التى تضعهم فى شرك التقدير الجزافي. ترقب اللائحة التنفيذية وأضاف أن الإعفاء فى جدول الخدمات الصحية على سبيل المثال غير دقيق، فلفظ “الخدمات الصحية” مطاط فهل ستشملها خدمات الأطباء أم أنها ستكون جزءا من الخدمات المهنية، ومشروع القانون هنا لم يحدد صراحة تلك النقطة بل تركها إلى ما بعد إقرار القانون فى مجلس الشعب وبالتحديد فى اللائحة التنفيذية، وهذا كلام غير منطقى لأنه لا يمكن أن تخضع فئة للضريبة دون أن تكون محددة فى القانون الأصلي. ونوه النفراوى إلى طريقة التعامل ضريبياً مع أصحاب المهن الحرة فى الخارج، حيث تنحصر تعاملاتهم على خدمات التأمين الخاضعة للرقابة، وهذا ما يرجعه المسئولون إلى المطالبات المستمرة بضرورة إنشاء قاعدة بيانات تحصر العاملين فى تلك الشريحة فى مصر. وأضاف أنه من الممكن أن تحقق “القيمة المضافة” النتائج المرجوة بالنسبة لتطبيقها على السلع، لكن من الصعب للغاية ضمان تنفيذها على الخدمات.
لا عودة للضريبة على الثروة ورفض المقترح باستبدال احتساب الضرائب على الدخل بحساب إجمالى الثروة، وقديماً فى الفقه الضريبى كانت إحدى أساليب التقدير الضريبى هى المظاهر وستكون مثار خلاف ونزاعات قضائية، وبالتالى الحكومة لن تحصل على أموالها وكذلك المواطنون سيشعرون بالقلق باستمرار، مؤكداً أنه لا يمكن إلقاء اللوم على مفتشى الضرائب ما دامت الأوضاع يسيطر عليها التسيب. وأشار ممدوح عمر، رئيس مصلحة الضرائب سابقاً إلى أن نوع الضرائب المستخدم حالياً يتم احتسابه على الدخل، ويدفعها أصحاب المهن الحرة من المكسب المتحصل عليه، أما ما تناقش حالياً فهى ضريبة القيمة المضافة وهى ضريبة غير مباشرة يتم تحصيلها من المستفيد من الخدمة التى نقدمها ليقوم بتوريدها للمصلحة، لافتاً النظر إلى أن معظم المهنيين غير منتظمين فى سداد ضريبة الدخل، والدليل على ذلك أن الحصيلة هزيلة ولا تستطيع المصلحة الحصول على معلومات دقيقة عن حجم تعاملاتهم. وأضاف عمر أنه فور تطبيق “القيمة المضافة”، فالأطباء عليهم أن يلتزموا بتقديم الفواتير للمرضى سواء كان مقابل إجراء عملية جراحية أم كشفا عاديا، مؤكداً أن القانون سيلزمهم بذلك، والمحامى يقدم فواتير لموكليه عن كل مبلغ يتقاضاه سواء نظير أتعابه أم مصاريف محاماة. ولفت النظر إلى أن التعامل على أرض الواقع يستلزم وجود تعاون أكبر من المواطنين ووعى بأهمية الفواتير والإيصالات، لضبط المنظومة الضريبية والسيطرة على إيرادات الدولة المهدرة، ويتولى تلك المهمة مفتشو الضرائب للقيام بعمل التوعية المناسبة.