سهير عبد الحميد جاءت تصريحات الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس الأحد ،بشأن اعترافه بتقصير فرنسا تجاه ما يعرف ب"الحركيين "،وهم الجزائريون الذين حاربوا فى صفوف الجيش الفرنسي إبان حرب التحرير الجزائرية 1954- 1962 ثم تركتهم فرنسا وذويهم بالجزائر أو استقبلت بعضهم فى فرنسا بطريقة لا تليق - على حد وصف هؤلاء الحركيين، ليكون هولاند بذلك قد أوفى بوعده حيث كان قد تعهد الاعتراف بهذه المسئولية عام 2012 أثناء حملة الانتخابات الرئاسية .
على الصعيد الجزائري ،لم تكن هناك ردود فعل رسمية إزاء التصريحات الفرنسية . ومن جانبه صرح عبد المجيد شيخي مدير عام الأرشيف الوطنى الجزائري ل "الأهرام العربي "بأن تصريحات هولاند جاءت فقط للستهلاك الإعلامي والسياسي نظرا لكون فرنسا في فترة انتخابية و كل الأطراف تحتاج إلي أصوات هذه الفئة...و لن يتغير موقف الدولة الفرنسية بعد الانتخابات.حيث إن الحركيين سيبقون فرنسيين من درجة دنية.
ويضيف شيخي :أما الحديث عن أن الحركيين بلغ عددهم 500 ألف في فرنسا فهذا تحايل على التاريخ .فقط العدد صحيحا إذا احتسب عدد الأولاد و الأحفاد و الأقارب إذ تم تشكيل عشائر كاملة من طرف هؤلاء الخونة.من ناحية ثانية ان هذه التصريحات من الرئيس الفرسي فيها مغالطة للرأي العام عموما لأن عدد المجندين الخونة لم يتجاوز 300 ألف و الإدعاء بأن عدد المعدومين من طرف الشعب الجزائري عدة مئات الآلاف ادعاء سافر ...إذ أن قتلهم وقع في وقت لم تستلم فيه السلطات الجزائرية زمام الأمور فالمسؤول عن الأمن العام كانت السلطات الفرنسية و ليست السلطات الجزائرية...و أقول ذلك كشاهد عيان و ممن عاشوا هذه الفترة أن عدد المعدومين ضئيل و ضئيل جدا و لكن الفرنسيين يثيرون هذه المسألة من حين لآخر لأسباب سياسية دنيئة و ليس من باب العطف على من استعملتهم ثم لفظتهم كما تلفظ النوى.
ويشير عبد المجيد شيخي ،إلى أن "الحركيين" عندنا في الثورة يطلق عليهم المرتزقة الذين جندتهم فرنسا لمحاربة جيش التحرير الوطني...و قد ارتكبوا جرائم في كثير من الأحيان أبشع من جرائم الفرنسيين...فهم في نظر الجزائر خونة كان يجوز تصفيتهم أيام الكفاح المسلح. أما عند الاستقلال فقد أعطيت الأوامر لجيش التحرير و لعامة الشعب بعدم التعرض لهم وعدم محاسبتهم لأن ذلك كان التزاما في اتفاقيات إيفيان...و رغم ذلك كانت هناك تجاوزات شعبية لم يكن لها الاتساع الذي تريد إثباته السلطات الفرنسية في حينها و كذلك اليوم..من الناحية القانونية و السياسية فمن بقوا في الجزائر و اختاروا البقاء بها و هم كثر ،هم اليوم جزائريون لهم نفس الحقوق مع بعض التحفظات في تولي بعض المناصب...أما الذين ذهبوا و التحقوا بفرنسا فهم في نظر القانون الفرنسي فرنسيون و لكن من درجة ثانية.
و لقد حاولت السلطات الفرنسية على مر السنين طرح هذا الموضوع على السلطات الجزائرية و كان الجواب دوما أنهم فرنسيون و ليس لنا أن نلتفت إلى مشاكلهم التي تعني الدولة الفرنسية لا غير..و تعاد الكرة من حين لآخر حتى من باب إنساني بحجة الحق في زيارة أهلهم في الجزائر ..و لقد تصرفت الجزائر في هذا الموضوع بحكمة و ذلك بدراسة كل حالة على حدة فإذا كان الزائر لا خطر عليه في الجزائر و لا يخشي عليه التعرض للانتقام ممن تضرر من أعماله خلال خدمة أسياده الفرنسيين فتعطى له تأشيرة الدخول ..أما إن كان عليه خطر فيمنع من الدخول.