«مادام فى تركى حياة للبنك فلأذهب أنا، وليعيش البنك» بهذه الجملة قرر طلعت باشا حرب تقديم الاستقالة من أجل إنقاذ بنك مصر الذى أجبر على الاستقالة منه .. وجاء ذلك فى أعقاب الأزمة المالية التى كان يمر بها البنك مع بداية الحرب العالمية الثانية، والتى أدت إلى دفع الكثيرين لسحب ودائعهم. ولأن المثل الدارج يقول «ذاك الشبل من ذاك الأسد» سارت هدى طلعت حرب، على نهج أبيها، واستمرت طوال حياتها تعطى وتمد يدها بالخير لإنجاز عدد كبير من المشروعات والجمعيات الخيرية ورعاية المسنين.. وكانت أهم اهتماماتها هى رعاية الأطفال خصيصا، لأنها كانت ترى هؤلاء الأطفال هم أولادها التى لم تستطع إنجابهم والتبرع لجميع مجالات الصحة. فيأتى دورها الحقيقى فى تحقيق الحلم والأمل فى أن تصبح لمصر أكاديمية متخصصة فى مجال جراحات القلب والصدر تمنح فرصا للأطباء إجراء الأبحاث والتدريب على أعلى مستوى من الكفاءة.. وهذا تم بفضل تبرعها بمبلغ 12 مليون جنيه لإنشاء المشروع، وتم بناء الهيكل الخرسانى لهذا الصرح الكبير.. ولكن ما حدث هو إزالة اسمها عنه والنكران إليها.. فقد رحلت عن عالمنا منذ أكثر من 20 عاماً ومازال كل من يأتى ليحصل على العلاج فى هذا المكان لا يرى أى شاهد على دورها. يقول د. شريف سامى رئيس هيئة سوق المال وحفيد طلعت حرب باشا ل«الأهرام العربى» إنها كانت إنسانة شديدة الرقى والبساطة، وكانت تحب فعل الخير .. فقد تزوجت ولم تنجب طوال حياتها فزوجها هو محمد بك رشدى الذى كان رئيساً لمجلس إدارة بنك مصر، والذى توفى مبكراً فى عام 1965 وورثت عنه أموالا كثيرة، كما ورثت من قبل عن أبيها، ومن هنا جاء شعورها بأنها تملك الكثير من الأموال هى فى عدم احتياج لها فقررت توظيف هذه الأموال فى أعمال الخير. وآمنت بأن ثروتها ليست ملكا خاصا لها بل هى تحت أمر الشعب المصرى، وبالفعل هى صاحبة الفضل فى إنشاء أكاديمية جراحة القلب والصدر بالعباسية، حيث إن دورها فى إنشاء ووضع الأساسات الأولى لهذا الصرح العظيم جاء بالتبرع لها عام 1994 .. وتحول المكان من مكان عشوائى يأوى المخلفات والقمامة لأكاديمية جراحات القلب والصدر أكبر أكاديمية فى الشرق الأوسط. ولكن ما حدث هو إزالة اسمها من على الأكاديمية (لكن من يفعل الخير لاينتظر شيئا) فهذا يوضع من باب القدوة للآخرين وتحفيزهم لعمل الخير.. فوجود اسمها على لوحة تذكارية لتبقى فى الذاكرة فقط.. كما كان لها دور فى إنشاء مركز هدى طلعت حرب التخصصى لعلاج وتأهيل المسنين بحلوان وتبرعت أيضاً بعدد كبير من الجراحات ولعدد من النوادى لتدعم الأنشطة الرياضية المصرية.. فهى بصمة فى العطاء. لكونها من دون أولاد لتترك صدقة جارية لها ولزوجها، أما عن حياة طلعت حرب فيقول د. شريف أيضا عن حياة طلعت حرب الأسرية إنه قد تزوج فى بداية شبابه، ولكن توفيت زوجته فى سن مبكرة ولم يتزوج بعدها، وكان له ابن وحيد اسمه حسن وقد توفى فى مطلع شبابه ولكنه أنجب أربع بنات هما فاطمة التى توفيت عام 1976 وعائشة توفيت عام 1988 وخديجة التى توفيت عام 1997 والصغرى هدى (توفيت عام 1996م). أما أحفاده وحفيداته فقد عملوا فى شتى المجالات من أبرزهم : السفير جلال عزت الذى كان سفيرا لمصر فى الفاتيكان وهولندا والذى توفى عام 2006.