جنرال إسرائيلي: اختيار ليبرمان وزيرًا للدفاع مخاطرة أمنية تضع المنطقة على صفيح ساخن - صاحب التصريح الشهير بقصف السد العالى عام 2001 وإغراق المناطق المجاورة للسد
- دائما ما ينادى باحتلال قطاع غزة وترحيل جماعي للفلسطينيين وممارسة سياسة أكثر تشددًا مع "أبومازن"
أكثر السياسيين الإسرائيليين تطرفاً وعدائية للعرب.. وأكثر المنتقدين لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، حيث يراها متخاذلة ومتساهلة فى تعاملها مع الفلسطينيين، برغم الفاشية التى تنتهجها والجرائم التى يرتكبها فى حق هذا الشعب الأعزل. هذا بعض من جوانب الكراهية التى تتملك أفيجدور ليبرمان، الذى قرر نيتانياهو تعيينه وزيرًا للدفاع الإسرائيلى خلفًا لموشيه يعالون. وبهذا نحن أمام شخصية حرب وعدائية، أكثر منه وزير دفاع يعرف متى يصوب فوهة مدفعه ومتى يتراجع للخلف، ولا دليل على ذلك أكثر من خروج الإسرائيليين يتظاهرون احتجاجًا على اختياره وزيرًا للدفاع، خوفًا من أن يجرهم إلى حرب جديدة هم فى غنى عنها، فى ظل دعواته المستمرة بضرورة احتلال قطاع غزة، كما أنه صاحب تصريح قصف السد العالى. فهل دقت ساعة الحرب الإسرائيلية لتأتى بوزير وصفه المتظاهرون فى تل أبيب ضد توليه "الدفاع" بأنه "وزير الحرب". جاء قرار رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، اختيار أفيجدور ليبرمان وزيرًا للدفاع خلفًا لسابقه موشيه يعلون، بعد أن قبل عرض رئيس الحكومة بنيامين نيتانياهو بالانضمام مع نواب حزبه "إسرائيل بيتنا"، حاملا للكثير من المخاطر السياسية، التى ربما لا تهم نيتانياهو أكثر من سعيه بهذا القرار إلى توسيع ائتلافه وقبضته على السلطة. قرار فيه مغامرة غير محسوبة، ربما تجلب مزيدا من الدمار والخراب على المنطقة، طالما من يمسك بالسلاح وزير دفاع لا يعترف إلا بالردع والقتل، ويرى الفاشية تساهلا. هكذا عاد من جديد - ليبرمان اليهودى الروسى الأصل، الذى يقود حزب "إسرائيل بيتنا"، ويمثل أقصى اليمين المتطرف - إلى صناعة القرار فى الحكومة الإسرائيلية، بعد أن تركها فى مايو 2015، بعد قضاء 6 سنوات وزيراً للخارجية، أدلى خلالها بتصريحات عنصرية ومتطرفة، كانت كافية لأن تجعله بعيدًا عن اختياره مجددًا لأى منصب.
خلافات كبيرة وقبل اختيار ليبرمان، كان قد نشب خلاف حاد فى المواقف والرؤى بين وزير الدفاع السابق موشيه يعلون ورئيس الوزراء نيتانياهو، حيث كان يعلون يطمع فى دور أكبر للجيش فى صناعة القرار السياسى، بينما كانت كل إجراءاته محل انتقاد من رئيس الوزراء، وبدأ الخلاف بينهما في الظهور فى مسائل مثل الموقف من الجندي الذي أطلق النار على رأس جريح فلسطيني في الخليل، والذى أيده بشدة نتيناهو، إضافة إلى قيامه بتوبيخ رئيس الأركان الجنرال يائير جولان علنا، بسبب تلميحه إلى أن المجتمع الإسرائيلى به سلوكيات تشبه سلوك النازيين، وهو ما اعتبره يعلون قمعا وردعا للجيش، فدعا يعلون الضباط في مقر وزارة الجيش إلى قول ما تمليه عليهم ضمائرهم من دون خشية من القيادة السياسية. وما إن وجد يعلون ذلك التضييق اضطر بتقديم استقالته من الحكومة والكنيست، واعتزاله العمل السياسى لفترة من الوقت. وكتب يعلون على صفحته على موقع "تويتر" إنه أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو بذلك، مشيرًا إلى أن التطورات الأخيرة فى العمل، وفقدان الثقة، هى السبب الذى دفعه إلى الاستقالة وترك الحياة السياسية.
وزير الحرب وقد أثار اختيار ليبرمان وزيرًا للدفاع استياء شديدًا، من قبل الدوائر الرسمية والشعبية والمعارضة داخل إسرائيل. فعلى الصعيد الشعبي تظاهر مئات الإسرائيليين، في تل أبيب، عقب قرار تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع. ورفع المتظاهرون لافتات تقول "اخرج من النافذة.. بيبي الفاشل"، "ليبرمان الفاشى"، "حكومة الكارثة، لا نريد المزيد من الضحايا" و"ليبرمان.. وزير الحرب". كما عبرت أوساط أمنية وعسكرية عن قلقها وخيبة أمل لهذا القرار مطالبة بإلغائه. فعلى حد قول رئيس هيئة العمليات السابق في جيش الدفاع الإسرائيلي الجنرال يسرائيل زييف، فقرار اختيار ليبرمان وزيرًا للدفاع مخاطرة أمنية، ويجب عدم المغامرة بمنصب وزير الدفاع، لأن النقاش لا يدور حول كونه إنسانا مدنيا أو عسكريا، وإنما عن نقص الخبرة. بينما قال الخبير العسكري في صحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور، إن ليبرمان سيعلم فور دخوله مقر وزارة الدفاع، أن مسألة الأمن ليست إطلاق شعارات في الهواء فحسب. وأعرب عن مخاوفه من أن يكون الثمن الذي ستدفعه إسرائيل لتعلم ليبرمان كيفية إدارته للمسألة الأمنية أعلى من المتوقع، في ضوء عدم إخفاء خيبة الأمل التي تجتاح أوساط القيادة الأمنية الإسرئيلية بسبب تعيينه غير المتوقع. ويرى ليمور، أن تعيين ليبرمان في وزارة الدفاع يتزامن مع البراجماتية التي تظهرها القيادة العسكرية الإسرائيلية، التي تمنع اندلاع التصعيد في قطاع غزة، وتحافظ على التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية، وتعمل على توثيق التعاون الإسرائيلي مع مصر والأردن، كما تعمل على إبقاء التحالف الإستراتيجي مع الولاياتالمتحدة.
احتلال قطاع غزة مخاوف العسكريين أنفسهم من سياسات ليبرمان، لم تأت من فراغ، فلا أحد ينسى أنه صاحب دعوة يرددها منذ أن كان وزيرًا للخارجية، وهى فرض قرار دولي على قطاع غزة واحتلاله، وتنفيذ أحكام الإعدام في المسلحين الفلسطينيين، الذين يقومون بعمليات ضد الإسرائيليين، كما يدعو إلى ترحيل جماعي للفلسطينيين، وممارسة سياسة أكثر تشددا تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس. تلك السياسات إن حاول ليبرمان تنفيذها بعد توليه حقيبة الدفاع، تجعل المنطقة على صفيح ساخن. لكن ليمور أشار إلى أن الامتحان الحقيقي لليبرمان، سيكون فور إطلاق الصاروخ الأول من غزة، وتنفيذ عملية الطعن الأولى بالضفة الغربية. واعتبر ليمور أن ليبرمان سيكون أمام أسئلة صعبة من قبيل هل سيضع عقبات أمام أعضاء الكنيست اليهود لعدم ذهابهم إلى الحرم القدسي، ويمنع المستوطنين من السيطرة غير القانونية على بيوت الفلسطينيين بالضفة الغربية؟ وهل سيوقع على قرارات جديدة بالاعتقالات الإدارية ضد اليهود المتورطين في أعمال إرهابية؟ كل هذه الإجراءات كفيلة بإظهار مدى نجاح أو فشل ليبرمان في منصبه الوزاري الجديد.
الحرب بالحرب لكن الخارجية الفلسطينية تعرف من هو ليبرمان ولن تنتظر حتى يتم إطلاق أول صاروخ، حيث حذرت على الفور من عواقب تولي ليبرمان حقيبة الدفاع، وقالت إن تلك الخطوة قام بها نيتانياهو ردا على الجهود الفرنسية والدولية والإقليمية الرامية إلى إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، مضيفة أن ذلك يبعث برسالة قوية للعالم بأن إسرائيل تفضل التطرف وتكريس الاحتلال والاستيطان على السلام. كما أكدت حركة حماس، على لسان عضو مكتبها السياسي فتحي حماد، أن تهديدات ليبرمان، باغتيال قادة حماس السياسيين والعسكريين، إن لم تقم الحركة بإعادة جثث القتلى من الجنود الإسرائيليين في الحرب الأخيرة على غزة، لن تخيف قادة الحركة، فعلى حد قوله "الضرب بالضرب والحرب بالحرب". كما أكد حماد أنه لا يدعو إلى حرب ولكن إذا فرضت عليهم فهم لها، داعيا فى نفس الوقت كتائب القسام إلى مزيد من التخطيط لإرباك الاحتلال الإسرائيلى.
قصف السد العالى سياسات ليبرمان المتشددة تتخطى حدود فلسطين وتطال المنطقة العربية، فقد صرح من قبل فى عام 2001 أنه سيقصف السد العالى في مصر في حالة نشوب حرب بين إسرائيل ومصر، ويغرق بالمياه بحيرة ناصر والمناطق المحاذية لها. وتسبب وقتها فى أزمة كبيرة بتصريحاته، الأمر الذى دفع جهات المعارضة الإسرائيلية للتحذير من أن تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع يعزز احتمالات الحرب، لما يشكله ذلك من خطر على السلم والأمن الإقليميين. ومما لا شك فيه سوف يلقى اختيار ليبرمان وزيرا لدفاع بنتائجه السلبية على العلاقات بين مصر وإسرائيل. الغريب أن يأتى ذلك بعد أن لاح بصيص أمل بإطلاق مفاوضات سلام من جديد مع الفلسطينيين، وهو ما دفع النائبة حنين الزعبي إلى مطالبة القائمة المشتركة للأحزاب العربية في الكنيست الإسرائيلي، دول العالم بمقاطعة إسرائيل إذا عين نيتانياهو ليبرمان وزيرا للدفاع، حيث إنه خدم في صفوف الجيش الإسرائيلي مدة عام واحد فقط، وخلال العقدين الأخيرين كان منغمسا في عالم السياسة، وهذا التعيين يعتبر خطأ كبيرا، آملا ألا يتم تنفيذه، لأن منصب وزير الدفاع يجب أن يتقلده رجل مؤهل ذو خبرة طويلة. ولد ليبرمان فى 5 يونيو 1958، فى مولدافيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وهو أحد مؤسسي المنتدى الصهيوني ليهود الاتحاد السوفيتي، وقدم إلى إسرائيل في يونيو 1978، وتعلم العبرية، وخدم في الجيش الإسرائيلي مدة سنة فقط كونه قادماً جديداً إلى إسرائيل. بعد انتخاب نيتانياهو رئيساً لحزب الليكود سنة 1992، تم تعيينه مديراً عاماً لحركة الليكود، في سنة 1996 تم تعيينه مديراً عاماً لديوان رئاسة الوزراء حتى عام 1997 حيث تخلى عن منصبه، وتفرغ للأعمال التجارية، وفى عام 1999 أعلن عن إقامته لحزب "إسرائيل بيتنا"، وترأس منصب وزير الخارجية منذ مارس 2009 في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، وحتى تقديمه استقالته في مايو 2015 وصرح بعدم مشاركته في الحكومة المقبلة. ينتمي ليبرمان إلى اليمين المتطرف، ويرى الصراع العربي-الإسرائيلي جزءاً من مواجهة أكبر بين الغرب والعالم الإسلامى، وحسب رأيه فالهدف الوطني والأمني لإسرائيل يجب أن يكون الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي. كما اتهم وابنته بقضايا فساد بينها فضيحة كازينو "واحة لادن" في الخليل، كما اتهم أيضًا بالاعتداء على قاصر.