سلوى سيد مصرفيون: ملاحقة الدولار في "الموازية" أثبت فشله ..ورفع الجنيه ضروري إن لم يزد الاستثمار الأجنبي
70 يوماً مروا على قرار البنك المركزي المصري بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي بمقدار 112 قرشاً دفعة واحدة، مستهدفاً بذلك تشجيع الاستثمار الأجنبي والصادرات وترشيد الاستيراد بالإضافة إلى القضاء على السوق الموازية للعملة.
والآن ماذا تحقق من تلك الأهداف التي في مقابلها حملت الموازنة العامة للدولة أعباءاً إضافية وخفضت قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية؟، الإجابة اختلف حولها مصرفيون فالبعض يرى أنها حققت جزء من أهدافها ولم تنجح في البعض الآخر وآخرين رأوا أن الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة تصعب من موضوعية تقييم القرار والنتائج، بينما يؤكد آخرين ضرورة العودة عن خفض العملة المحلية واستعادة قيمتها السابقة ما لم تتمكن في الوصول لهدفيها الرئيسيين وهما جذب الاستثمارات الأجنبية والقضاء على السوق السوداء.
قال ممتاز السعيد، نائب رئيس بنك الاستثمار القومي أن قرار المركزي بخفض الجنيه حقق جزء من أهدافه وأهمها الحد من الاستيراد نتيجة فارق العملة فضلاً عن الضوابط التي حددها المركزي لأولويات السلع المستوردة بعد أن تجاوز إجمالي الواردات المصرية السنوية أكثر من 70 مليار دولار، وعلى الجانب الآخر فإن خفض العمل المحلية يعتبر أحد المحفزات الهامة لزيادة الصادرات.
أما من الناحية السلبية، فأكد السعيد أن المركزي لم يتمكن من السيطرة على السوق السوداء للعملة ،ليصبح أمامنا طريقين فقط إما أن يتم تعويم الجنيه وتركه للتغيرات المستمرة في معدلات العرض والطلب وعندها سيكون الأمر خطير للغاية، أو وضع مزيد من الإجراءات الترشيدية مع الإستعانة بالوديعة الإماراتية التي تبلغ ملياري دولار والتي بدورها ستساهم في الحد من تقلبات سعر الصرف.
وأشار إلى أن استمرار خفض الجنيه لملاحقة سعر الدولار في السوق الموازية تجربة أثبتت فشلها بسبب ارتفاعه في السوق غير الرسمية بنفس المعدلات لذا فلابد أن يتعامل المركزي بوسائل أخرى، لافتاً إلى أن الحديث عن عودة الجنيه لقيمته السابقة قبل الزيادة غير وارد فلا شيئ يعود كما كان.
ديناميكية سعر الصرف
وأضاف أن مبدأ ديناميكية سعر الصرف الذي أقره البنك المركزي موجود ولكن بقيود ففي حالة عدم الاستقرار الاقتصادي الحالية فإن الاتجاه الأقرب هو تثبيت سعر الصرف دون تخفيض أو ارتفاع لحين اتضارح الرؤية وقدوم موارد دولارية جديدة تدعم كل من السوق وقرارات المركزي. ومن جانبه يرى حمدي غازي، رئيس القطاع المالي ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية أن سعر الصرف مرتبط ارتباط وثيق بحجم احتياجات الدولة من العملات الأجنبية ما يعني أن قرار البنك المركزي بخفض أو رفع الجنيه غير مقتصر فقط على قراره الخاص ولكن هناك عدة عوامل تتحكم في قراره.
اتجاه الدولار مرهون بالاستثمار
وتابع غازي أن الدولة ككل تمر بمرحلة حساسة تجعل من الصعب التنبؤ باتجاه الدولار في السوق الرسمي في المستقبل في ظل الاتفاقيات التي توقع بشكل مستمر لدخول استثمارات جديدة وتنشيط السياحة وزيادة تحويلات المصريين بالخارج وعودة مدخراتهم بالعملات الأجنبية إلى البنوك مرة أخرى، كل تلك العوامل إذا ما تحسنت فستتغير مباشرة اتجاهات سعر الصرف.
بينما أوضح تامر عادل، مدير مساعد بإدارة المعاملات الدولية بأحد البنوك أن طارق عامر محافظ البنك المركزي كانت لديه أهداف واضحة من خفض الجنيه من خلال تقديم مميزات للتجار والمستوردين ورجال الأعمال تجعلهم يعملون وفق منظومة موحدة سواء على مستوى ترشيد الاستيراد أو ضخ أموال جديدة من المستثمرين الأجانب وبالفعل طالبوا المركزي بخفض العملة المحلية لتسهيل تعاملاتهم، ولكن هذه الوعود للأسف لم يلتزموا بأي منها.
أعباء إضافية على الموازنة
ونوه عادل إلى أن خفض الجنيه حمّل الدولة أعباءً إضافية على الموازنة العامة ولم يحقق المردود المتوقع، إذاً فما العيب في الرجوع إلى قيمة العملة المحلية قبل الخفض والذي سيوجه ضربة قاضية للمضاربين في السوق الموازية ليحققوا خسائر فادحة، فضلاً عن تقليل التكلفة على الموازنة العامة.
وأكد أن المركزي سبق ورفع قيمة الدولار من 5.82 جنيه إلى 7.78 جنيه ولم يحدث أي نتائج إيجابية، إذا فالحل ليس في تخفيض أو زيادة قيمة العملة بقدر أهمية توفير إيرادات مرتفعة للنقد الأجنبي قادرة على تغطية الاحتياجات المحلية.