استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم    تعرف على أسعار ومميزات السيارة اليابانية سوزوكي سياز 2024 Suzuki Ciaz    «القاهرة الإخبارية»: قصف مدفعي للاحتلال على المناطق الشرقية لمدينة دير البلح    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    كولر: حظوظ الترجي أكبر من الأهلي    موعد مباراة جنوى وبولونيا في الدوري الإيطالي    «غزة 2035».. خطة نتنياهو وواشنطن لهدم وإعادة بناء القطاع    أسعار الدواجن واللحوم اليوم 24 مايو    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    بعد انكسار الموجة الحارة.. تعرف على حالة الطقس اليوم    نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 برقم الجلوس الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني محافظة جنوب الوادي    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مصرع شخص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24 مايو في محافظات مصر    هشام ماجد: أرفض المقارنة بين مسلسلي «أشغال شقة» و«اللعبة»    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    غير مريح للبشر، اكتشاف كوكب جديد "قريب من الأرض"    ألمانيا: سنعتقل نتنياهو    فلسطين.. اندلاع اشتباكات بين المقاومة وقوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم بلاطة    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أستاذ اقتصاد: التعويم قضى على الطبقة المتوسطة واتمنى ان لا أراه مرة أخرى    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    عائشة بن أحمد تكشف سر العزوبية: أنا ست جبانة بهرب من الحب.. خايفة اتوجع    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    بركات: مواجهة الترجي ليست سهلة.. ونثق في بديل معلول    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    الصحة العالمية تحذر من حيل شركات التبغ لاستهداف الشباب.. ما القصة؟    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    "قمة اليد والدوري المصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتفاقية الحرام (4).. سايكس بيكو.. "البترول" كلمة السر.. أخطر كتاب يكشف حروب الخرائط البترولية
نشر في الأهرام العربي يوم 16 - 05 - 2016

السفير الأمريكى جيمس إيكنز: لو أن العراقيين كانوا ينتجون الفجل هل كنا ذهبنا إلى غزوهم؟

- بنظرة سريعة للخرائط نكتشف أن خرائط الحرب على الإرهاب وخرائط دول النفط متطابقة

- مبدأ بوش الابن: علينا أن نتقبل بشكل كامل واجبنا وفرصتنا كأكبر وأهم دولة في العالم وذلك لفرض تأثيرنا وقوتنا لأي غرض نريده وبأى وسيلة نريدها

- غزو أفغانستان: نتيجة طبيعية لسياسة أمريكية تجمع بين البارود والنفط لحماية طريق خط أنابيب مزمع بناؤه من باكو عبر جورجيا إلى سيهان في تركيا

- مبدأ كارتر منع محاولة من أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج العربي بسبب البترول


منذ بداية نهاية عصر النفط الرخيص، أصبحت الولايات المتحدة مستوردة لأكثر من ثلثي احتياجاتها النفطية. وحيث إن المنطقة العربية هي الحاملة لأكثر من ثلثي احتياطي العالم ذات الكلفة الأرخص في استخراجه فقط، اندفعت الولايات المتحدة لغزو أفغانستان ومن ثم العراق، بطريقة "القاتل أو المقتول". غير آبهة بمعارضة الحلفاء والأعداء على حد سواء.
وكما يبين كتاب (حملات النفط الصليبية ) فإن عملية غزو واحتلال حقول نفط الشرق الأوسط العربية والإسلامية، قد بدأ التفكير به، ثم التخطيط له، ثم التدرج في تنفيذه منذ السبعينيات من القرن العشرين. وكما أن النفط سلاح (إعمار) شامل قامت عليه المدنية الغربية الحديثة بأكملها، فإنه أيضاً سلاح (دمار) شامل يمكن أن يدمر أي اقتصاد يتم حرمانه منه، وتريد الولايات المتحدة أن تكون صاحبة قرار هذا الإعمار أو الدمار".. هنا نعرض كتاب حروب النفط.. الحملات الصليبية الجديدة، للدكتور عبدالحي زلوم، الصادر عام 2007.

يشرح الدكتور عبد الحي زلوم، كيف انفجرت الأزمة الاقتصادية الأخيرة فى الولايات المتحدة، مما أدى إلي وجود 650 تريليون دولار من المشتقات، التي تضم تلك السلع الوهمية الورقية من نفط وسلع أخرى، وهو ما يشكل 12 مرة من حجم الاقتصاد العالمي، أو 50 مرة من حجم الاقتصاد الكلي الأمريكي، وتمثل هذا الموقف من التحكم عن بعد إلي واسطة الوكلاء المحليين، ثم إلي الاحتلال خطوة فخطوة، حيث كانت المرحلة الأولى، تتمثل بالسيطرة التي تتم عن طريق شاه إيران والدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة (منطقة الخليج البترولية) التي كانت تقوم بزيادة البنية التحتية العسكرية بشكل مستتر ما أمكن.
فيما تمثلت المرحلة الثانية، وهي التي جاءت في فترة الثمانينيات بزيادة الوجود العسكري بشكل ملحوظ، وبناء بنية عسكرية تستطيع احتواء متطلبات الحروب الكبرى، وقادرة على استيعاب الآلاف من الجنود والطائرات.
أما المرحلة الثالثة، التي تشغل عقد التسعينيات، فتمثلت باستخدام القوة للقضاء على أي قوة إقليمية يمكن أن تنافس الولايات المتحدة، واستعمال (القوة الناعمة) لغرض عولمة الاقتصاد لخدمة الاقتصاد الأمريكي، ثم تأتي المرحلة الرابعة، التي شكل فيها العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، مفاصل المشروع الإمبراطوري الأمريكي، الذي أخذ شكل الاحتلالات المباشرة للدول بإنفرادية القرار من قبل أمريكا للاستيلاء على المصادر الطبيعية العالمية وفي مقدمتها النفط، كما هى الحال فى أفغانستان والعراق.
5 عوامل تحكم علاقة الغرب مع العرب
لعل ما قاله وزير الطاقة الأمريكي ردتشدردسون، أيام الرئيس كلينتون سنة 1999، قد (قطع قول كل خطيب) حينما قال:
“لقد كان البترول محور القرارات الأمنية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال القرن العشرين، والنفط كان وراء تقسيمات الشرق الأوسط إلى دويلات بعد الحرب العالمية الأولى”، لذا يتحكم فى العلاقة بين العرب والغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، أربعة عناصر تبدأ كلها بالإنجليزية بحرف “G”، و أضفتُ “G” خامسة وهذه العناصر هي:
God - كناية عن الأديان.
Geography وذلك عن جغرافيا المنطقة المتميزة بين ثلاث قارات رئيسية.
Geopolitics الجيوبوليتكس بين إمبراطوريات العصور.
Geology كناية عن الجيولوجيا والمصادر الطبيعية وأهمها حالياً النفط.
Globalization العولمة التي نصّبت الولايات المتحدة نفسها بوليساً دولياً لفرضها على الآخرين، لما لها من فوائد تعود على نخبتها الآمرة والناهية في واشنطن.
كان عنصرا الأديان والجغرافيا هما العنصرين الطاغيين خلال الاثني عشر قرناً بعد ظهور الإسلام، وبمرور القرون أصبح تأثير العناصر الأخرى أكثر أهمية.
مبدأ كارتر
زاد الاهتمام الإمبريالي في منطقة الجزيرة العربية وخصوصاً الخليج عند بدء عمليات الحفر عن النفط في بلاد فارس (إيران). ففي سنة 1903، قال وزير الخارجية البريطانية Lansdowne في مبدئه المعروف باسمه “إن أي محاولة لبناء ميناء عسكري في الخليج الفارسي من أي دولة أخرى سيعتبر تهديداً للمصالح البريطانية، وسوف يُقاوم بكل الوسائل المتاحة لدينا”.
لعله من المفيد هنا أن نقارن بين هذا التصريح الإمبراطوري البريطاني وعقيدة الرئيس الأمريكي كارتر (Carter Doctrine) نحو ثمانين سنة بعد ذلك، لنجد تطابقاً يكاد يكون حرفياً بين الإمبراطوريتين البريطانية والأمريكية، قال كارتر سنة 1980 “إن أي محاولة لأي قوة خارجية للسيطرة على الخليج الفارسي سيُعتبر تهديداً للمصالح الحيوية الأمريكية، ولسوف تتم مقاومته بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك القوة العسكرية”.
كانت البحرين هي قاعدة الأسطول البريطاني، وعندما غيّرت الإمبريالية الأنجلوساكسونية حصانها الإمبريالي من بريطانيا إلي الولايات المتحدة أصبحت قيادة الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين أيضاً.
بعد الحرب العالمية الأولى، فقدت بريطانيا معطياتها المكونة للقوة الإمبراطورية، فتمّ ترتيب مُمنهج لانتقال الدور الإمبراطوري للرأسمالية الأنجلوساكسونية ليصبح في الولايات المتحدة. وأثناء الحرب العالمية الثانية، تم تشكيل لجان اسمها (لجان الحرب والسلم) لتضع تصوراتها وتوصياتها للنظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، وكان من توصياتها قيام مؤسسات تُهيمن عليها الولايات المتحدة، وتدير نظام ما بعد الحرب بواسطتها وهي (أمم متحدة)، وكذلك (بنك دولي)، و(صندوق دولي)، ومنظمة لنظام (تجارة حرّة عالمية) وهكذا كان.
كان قيام نظام صرف ثابت للعملات يعتمد على سعر ثابت بين العملات العالمية والدولار، ثم تعهد الولايات المتحدة بصرف أونصة ذهب لكل من يقدم لها 35 دولاراً، وبذلك تتم طباعة الدولار بقيمة احتياطي الولايات المتحدة من الذهب. وبقي هذا النظام يعمل بشكل مقبول، إلا أن اختلالات قد طرأت عليه منذ سنة 1957 إلى أن ألغي نهائياً سنة 1971 من الرئيس نيكسون.

نهاية نظام بيرتون ودز
كان عام 1957، هو أول عام يكون فيه ما يخرج من دولارات من الولايات المتحدة يزيد عمّا يدخلها ذلك لأن الشركات عبرالقطرية، وكذلك البنوك، قد نقلت جزءاً مهماً لعملياتها خارج الولايات المتحدة متبعة العمالة الرخيصة بالخارج. يضاف إلى ذلك أن أمريكا قد أنهكتها حروبها ومصاريفها العسكرية، ففي الستينيات كان للولايات المتحدة 600000 جندي في أنحاء المعمورة، عدا 589000 جندي في فيتنام، و600 قطعة بحرية موزعة على الأساطيل الأمريكية في كل مكان.
شك الأوروبيون في صدق الولايات المتحدة حسب تعهدها والتزامها بألا تطبع دولارات أكثر من احتياطها من الذهب، وفق قاعدة نظام الصرف الثابت في بريتون ودز. طالب ديجول بأن تثبت الولايات المتحدة ما لديها من ذهب لكنها لم تفعل، وقامت مظاهرات الطلبة بعد ذلك بقيادة “كوهين” مما نتج عنه في النهاية خروج ديجول من السلطة.
إلاّ أن مشكلة الدولار والذهب لم تنته، وأخيراً اعترفت الولايات المتحدة بالحقيقة، بأنه ليس لها من الذهب ما يكفي لغطاء الدولار حسب تعهداتها في بريتون ودز، فقام نيكسون بإلغاء نظام الصرف الثابت، وتَعهُد الولايات المتحدة بتبديل الدولارات بالذهب عند الطلب، ما جاء بنظام اقتصادي جديد آخر هو النظام المقامر في العملات وفي السلع والبورصات وكل شىء.

سنوات السبعينيات الأولى
مع حدوث طفرة فى الاستهلاك النفطى فى الفترة من الثلاثينيات إلي السبعينيات من القرن العشرين بنسبة 300 %، لم يعد النفط سلعة رخيصة، كما أن السنوات الأولى من سبعينيات القرن العشرين كانت سنوات تحويلية في النظام المالي والاقتصادي والنفطي العالمي. ففي تلك السنوات الأولى من ذلك العقد:
تم إلغاء سعر الصرف الثابت حسب اتفاقية بريتون ودز من طرف واحد.
وتهدد وضع الدولار كعملة احتياط عالمية.
وأصبحت الولايات المتحدة مستورداً للنفط بدلاً من مصدر له.
وبدأت العجوزات التجارية في تلك السنوات نتيجة لذلك.
وزاد الطين بلّة ما جاء في دراسة قامت بها جامعة MIT العريقة سنة 1971، تحت عنوانLimits to Growth التي بينت أن النموذج الاقتصادي الرأسمالي الذي يعتمد على نمو مستدام سنة فسنة، معتمداً على ديمومة المصادر الطبيعية غير قابل للاستمرار في ظل تنامي السكان ومحدودية المصادر الطبيعية، وتنبأ بخلل صارخ منتصف القرن الحادي والعشرين.
كذلك كان أكثر الاكتشافات النفطية في اليابسة قد استنفد، فأصبحت الاستكشافات البحرية هي السبيل الجديد، كما تم في كل من آلاسكا وبحر الشمال، إلا أن التكلفة للإنتاج كانت خمسة دولارات للبرميل في آلاسكا، وسبعة دولارات للبرميل في بحر الشمال في وضع كان يباع النفط فيه بدولارين للبرميل.

مراحل الاحتلال
ويقول السفير الأمريكي السابق للسعودية جيمس إيكنز، إن فكرة احتلال منابع النفط العربية، كان أحد الخيارات الجدية لدى الإدارة الأمريكية في أوائل السبعينيات، لكن عالماً ثنائي الهيمنة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى لم يجعل من ذلك الاحتمال أمراً مقبولاً، فتم التخطيط للاستيلاء على النفط العربي (بالوكالة) عن طريق أصدقاء أمريكا إلى أن جاءت الأحادية والانفرادية فتمت السيطرة عن طريق الاحتلال أيضاً، ولتنفيذ خطة السيطرة والاحتلال خطوةً خطوةً نفطياً وسياسياً للاستفادة من النفط خلال الفترة من 50 إلى 70 عاما.
المرحلة الأولى
وفيها ركز الكاتب على أن الولايات المتحدة ورثت بريطانيا كإمبراطورية للرأسمالية، وقد حلت محلها في منطقة الجزيرة العربية وقد اتخذت من البحرين مركزاً لأسطولها الخامس، كما قامت ببناء بنية تحتية تستطيع من خلالها استقبال وحدات التدخل السريع التي أنشئت في الولايات المتحدة، لتصبح فيما بعد القيادة الوسطى، وخلال هذه الفترة تم وضع خطط التدخل السريع لحروب مستقبلية التي تم نشر إحداها أي الخطط في مجلة (fortune) بعددها رقم 7 الصادر في may 1979 تحت مسمى (لو غزت العراق الكويت والسعودية) يرجى ملاحظة التاريخ والتأكيد عليه الذي جاء فيه، تستطيع القوات العراقية باستخدام أسلحة سوفيتية أن تتغلب على الدولتين بسرعة، والمساعدة من (أي من قبل الأمريكان) عند طلبها ستبدأ بضربات جوية تكتيكية ضد الدبابات والطائرات العراقية مع التهديد بتدمير منشآتها النفطية، ولكي يتم إخراج هذه القوات (أي العراقية) فهناك حاجة إلي استعمال رجال المارينز من الأسطولين السادس والسابع، وقوات المشاة من الفرقتين (82 و101)، وقد تم تنفيذ هذه الخطة بعد مرور 12 سنة فيما سمي بعاصفة الصحراء، وكانت حينها البنية التحتية لاستيعاب مئات الألوف من الجيوش وأجهزة السيطرة وغرف العمليات الجاهزة لمثل تلك الحرب.
كما اقترحت الخطة إزاحة الفلسطينيين من الكويت خصوصا ومن الخليج عموما، واليمنيين من السعودية باعتبارهم (عناصر عدم استقرار) في منطقة إستراتيجية مهمة، وهي النتيجة التي انتهت إليها عاصفة الصحراء بعد أن تم تهيئة الظروف اللازمة لذلك.
المرحلة الثانية
وجاءت بتطبيق مبدأ كارتر الذي نص على أن أي محاولة من أي قوة خارجية للسيطرة على منطقة الخليج العربي (وهو كان قد أشار إليه بالخليج الفارسي) ولم تعدل عليه الجريدة الخليجية ستعتبرها هجوما على المصالح الحيوية للولايات المتحدة، ومثل هذا التعدي سيتم صده بكل الوسائل المتاحة بما فيها القوة العسكرية، وهو ما تطابق مع تصريح وزير الخارجية البريطانيLansdowne الذي قال (أن تقوم أي قوة بإنشاء ميناء محصن في الخليج العربي (وأشار إليه بالخليج الفارسي ) فذلك يعتبر اعتداء خطرا على المصالح البريطانية، وسوف تتم مقاومته بكل الوسائل المتاحة ومنها العسكرية، أي تطابق وجهات النظر بعيداً عن القانون الدولي، مما يعني غياب هذا القانون أو المسمى بالأحرى منذ ذلك الوقت وممارسة إرهاب الدولة تحت أنظار المجتمع الدولي، الذي يتضح أنه فاقد الإرادة، وهو ما حصل بالفعل دون أي ردة فعل دولية ما يؤكد كلامنا.
إلا أن التقرير تضمن مغالطات واضحة لا بد من الإشارة إليها، ومنها القول إن الولايات المتحدة وبريطانيا التي أصبحت تلعب دور المستشار الإمبريالي لأمريكا شجعت الرئيس صدام حسين، بالهجوم على إيران الثورة متناسية الحقائق الدامغة والوثائق المسجلة في مجلس الأمن، والأمم المتحدة التي رفعها العراق إبان تلك الفترة يتهم فيها إيران باحتلال أراضيه وقصف مدنه الحدودية ومنع الملاحة في شط العرب أي عام 1979 وبداية عام 1980، إلا أن الحرب وقعت واستمرت نتيجة عناد الطرف الإيراني ورفضه وممانعته متمثلاً بالخوميني وحكومته على إيقاف القتال واللجوء للوسائل السلمية التي صدرت بحقها قرارات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ولم يوافق عليها الجانب الإيراني، بينما تبناها العراقيون وحكومتهم، لذلك وفيما بعد أجبروا النظام الإيراني على الرضوخ وقبول الحق والموافقة على تلك القرارات، وما مقولة الخوميني الشهيرة عند الموافقة بأنه تجرع السم بقبوله وقف القتال إلا دليلا على إصرار ذلك النظام على مواصلة القتال ضد العراق ومسئوليته المباشرة عن بدئها وتحمل كامل المسئولية عن تبعاتها بما فيها التعويضات، التي لا بد لإيران أن تدفعها صاغرة مرغمة من المجتمع الدولي نتيجة إشعالها نار تلك الحرب الملعونة، وهو بالمقابل يعفي العراق من تلك التبعات وما يترتب عليها ويتحملها أولئك الذين ما زالوا يدمرون العراق بحقد أعمى بصائرهم وقلوبهم التي لا تعرف الإنسانية، تلك الأجواء التي خلقت توترا في المنطقة وما تلاها من تراكم الديون على العراق وإصرار الطرف الكويتي مدفوعاً من الأمريكان على اعتبار ما كان يدفعوه من هبات ومساعدات للحكومة العراقية أيام تلك الحرب، التي شنتها إيران باعتبارها ديوناً أججت الموقف بين العراق والكويت، مما حدا بأمريكا إلي استغلالها وتأجيج الموقف كفرصة سانحة لزيادة عدد قواتها في المنطقة والدفع باتجاه الحرب بين البلدين، وهو ما وقع فعلا وأتاح للأمريكان زيادة وجودهم في الخليج العربي.

المرحلة الثالثة التسعينيات
في نهاية عقد الثمانينيات استوردت الولايات المتحدة سنة 1989، 45 % من احتياجاتها النفطية التي سببت 40 % من العجز التجاري الأمريكي لتلك السنة. كما أنّ الدراسات كانت تدل أن نسبة النفط المستورد ستصبح 65 % في نهاية عقد التسعينيات. أما وقد أصبحت الولايات المتحدة القوة الوحيدة في العالم بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي ومن ثم انهياره، فلقد جاء وقت تصعيد تواجد الولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي التي تحتوي مع إيران على 70 % من احتياط النفط العالمي من مجرد سيطرة إلى احتلال على مراحل! “
أوحت” الولايات المتحدة لصدّام حسين بأنها لن تتدخل في نزاعه مع الكويت باعتباره صراعاً عربياً عربياً، بل ساعدت في إفشال الوساطة السعودية في جدة بين العراق والكويت، فكان أن احتلت العراق الكويت في 2/8/1990.
لم تكن إدارة كلينتون مختلفة في جوهرها عن بوش الأب أو الابن، لكن كان دورها أساساً هو استعمال القوة الناعمة لفرض العولمة ومؤسساتها على دول العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. أما بالنسبة إلى الخليج، فكانت هناك سياسة ثابتة. ولعل حرب المنطقة المحظورة الطيران No Fly Zone War. كانت هي حرب الخليج الثانية، حيث بقيت أكثر من 200 طائرة أمريكية تقوم بقصف المواقع العراقية العسكرية والاقتصادية. فمثلاً في أول ثمانية أشهر لعام 1999، قصفت الولايات المتحدة ألف ومائة صاروخ (1100) دمرت خلالها 359 منشأة عسكرية واقتصادية!
المرحلة الرابعة: الحروب الاستباقية
جاءت مؤسسة الظل الأمريكية بفريق متمرس بالنفط، أباً عن جد، مثل جورج بوش George W.Bush أو ديك تشيني Dick Cheney نائب الرئيس الذي جاء لتوه من قيادة أكبر شركات خدمات النفط بالعالم، وأما Condoleeza Rice فقد تم تدشين إحدى ناقلات النفط العملاقة التابعة لشركة “شيفرون” باسمها، حيث كانت لتوها عضواً في مجلس إدارة تلك الشركة. جاء هؤلاء لتنفيذ سياسة المحافظين الجديدة للسيطرة الكاملة على نفط العالم ومصادره الأخرى، ونشر القواعد العسكرية في كل بقاع الأرض لحراسة المنشآت النفطية وطرق إمداداتها.
في مايو2001 بعد شهرين من دخول بوش Bush للبيت الأبيض نقلت عنه مجلة Timeقوله “ما يجب على الناس أن يعلموه ويسمعوه بقوة وبوضوح هو أن الطاقة في الولايات المتحدة هي في مرحلة نضوب”.
جاء المحافظون الجدد وإدارة بوش من مؤسسة PNAC (القرن الأمريكي الجديد) والذي لم يكن سوى نسخة جديدة لأفكار “القرن الأمريكي” الذي دعا إليه Henry Luceصs سنة 1941 في مقال تحت عنوان: القرن الأمريكي. جاء في مقال Luce:
“علينا أن نتقبل بشكل كامل واجبنا وفرصتنا كأكبر وأهم دولة في العالم وذلك لفرض تأثيرنا وقوتنا في العالم لأي غرض نريده وبأي وسيلة نريدها”. ولعل هذا هو بعينه ما تمت ترجمته لمبدأ بوش Bush Doctrine.
لعله من الطريف أن نبين بأن Luce وبوش الأب والابن هم من خريجي جامعة Yale، وأنهم كانوا جميعاً أعضاء في الجمعية الفائقة السرية في Yale والمسماة الجماجم والعظام.

نهاية عصر النفط
على سبيل المثال:
حقل Forties field في بحر الشمال هبط إنتاجه من 500000 إلى 50000 برميل/باليوم
إنتاج آلاسكا هبط من 5.1 مليون برميل/اليوم إلى نحو 000300 برميل اليوم.
53 دولة منتجة بدأ إنتاجها بالهبوط التدريجي عن نقطة إنتاج الذروة.
حقل Cruz Beana في كولومبيا هبط في 500000 برميل/اليوم في السبعينيات إلى 200000 في سنة 2002.
اقتصاد الأوهام لسنوات التسعينيات في الاقتصاد المقامر وخصوصاً شركات التكنولوجيا، أدى إلى انهيار سوق نازداك Nasdaq للأسهم لدرجة الانصهار سنة 2000. كما عانت الكثير من الشركات الأخرى بما فيها شركات السيارات والحديد من الخسائر والإفلاس، بما في ذلك إحدى أكبر الشركات Enron التي أفلست قبل 11 سبتمبر بأسابيع قليلة. الحروب دوماً (تحفز الاقتصاد الرأسمالي!).. فهل هناك إمكانية حرب جديدة؟ وهكذا جاءت حروب الإرهاب التي تبعت أحداث 11 سبتمبر التي نتجت عن ادعاء 15 هيئة استخبارية أمريكية عن فشلها من اكتشاف أكثر من 20 “هاوياً” بقوا في الولايات المتحدة أكثر من سنة كاملة يخططون لاختطاف أربع طائرات بواسطة سكاكين بلاستيكية. وهكذا كان. هناك حرب سموها حرباً على الإرهاب وسماها آخرون حرب إرهاب قالت عنها Asia Times سنة 2002 بعد بدء تلك الحرب: “كل ما تحتاجه هو نظرة واحدة على الخريطة، فليس من المصادفة أن تكون خرائط الحرب على الإرهاب وخرائط دول النفط متطابقة تماماً”.

غزو أفغانستان
لعل نتيجة غزو دولة عظمى وحيدة على دولة تعيش في القرون الوسطى، هي تحصيل حاصل ضمن الحروب التقليدية (وليس حروب المقاومة) فأعلنت أمريكا انتصارها (وإن كانت لا تزال تقاس حتى اليوم) إلاّ أن شركاتها النفطية حققت ما جاءت إليه.
هكذا ما كتبته مجلة Business Week في عددها May 27، 2002 “لا يستطيع أكثر الأمريكيين أن يجدوا أذربيجان على الخارطة، ولا أن يقوموا بتهجئة كيرغستان، أزبكستان، كازاغستان أو طاجكستان. لكن العسكر الأمريكان، ورجال النفط، والدبلوماسيين قد بدأوا سريعاً لمعرفة هذه البقعة البعيدة عن العالم. إن اللعبة التي يقوم بها الأمريكان هي في غاية الأهمية.. إن الناتج الآن هو سياسة تجمع بين البارود والنفط. البارود لحماية النفط والحكام من المتشددين الإسلاميين”. كما بينت المقالة أن البنتاجون قد أرسل العسكر لحماية طريق خط أنابيب مزمع بناؤه من باكو عبر جورجيا إلى سيهان في تركيا، لقد تم بناء هذا الخط البالغ طوله 1650 كيلومتراً، حيث تم تنفيذ انقلابات وثورات متعددة الألوان والإتيان بأنظمة حكم موالية للغرب. ولقد بدأ ضخ النفط في هذا الخط حيث تم ضخ نحو 5.1 مليون برميل يومياً عام 2006 عبر هذا الخط المسمى BTC.

غزو العراق
أفادت وكالة أنباء Associated Press بتاريخ 24 يناير 2008 أن مؤسستين محايدتين للصحافة قد وجدت أن الرئيس بوش وكبار موظفيه، قد أصدروا 925 بياناً كاذباً عن خطر العراق على الأمن القومي الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. ولقد تبين “أن تلك البيانات كانت جزءاً من حملة منسقة، ألهبت شعور الرأي العام، وفي النتيجة أدخلت أمريكا في حرب تحت مسوغات كاذبة”.
925 كذبة لرئيس وإدارته ادعى أن الله قد أراده مخلصاً لأمريكا والعالم.
عندما سُئل جيمس إيكنز عن سبب الغزو الأمريكي العراقي قال: “بالطبع إنه البترول فمن الواضح أن هذه هي القضية. لو أن العراقيين كانوا ينتجون الفجل فهل كنا ذهبنا إلى غزوهم؟ بالطبع لا. لقد غزونا العراق من أجل النفط”.
في الوقت الذي أصبحت الولايات المتحدة تستورد ثلثي حاجتها من النفط وحقولها واحتياطيها النفطي في نضوب، كان العراق يمتلك احتياطاً مبدئياً يقدر ب115 مليار برميل من 20 حقلاً منتجاً، لكن بالعراق 80 حقلاً. وحسب التقديرات فإن الحقول ال 60 الباقية تحتوي على 200 مليار برميل إضافي، ما سيجعل العراق مالك أكبر احتياط نفطي في العالم.
وفي الوقت الذي ارتفعت كلفة الإنتاج في الحقول البحرية الأمريكية ما بين 60-70 دولاراً للبرميل فإن كلفة الإنتاج في العراق ما زالت بين دولار واحد إلى دولارين!
- ولعل حقلاً نفطياً واحداً هو “حقل مجنون” يمتلك احتياطياً نفطياً يوازي كل احتياطي الولايات المتحدة النفطي والبالغ نحو 20 مليار برميل فقط الذي يكاد لا يعني شيئاً لأنه سينضب خلال سنوات قليلة، حيث إن الولايات المتحدة تستهلك نحو 20 مليون برميل/يومياً من النفط.

لكن هل تنسحب أمريكا من العراق؟
يبدو أن التاريخ يوحي بعكس ذلك. الولايات المتحدة ما زالت تقيم في “مدن” عسكرية في اليابان وألمانيا بعد أكثر من 65 سنة من انتهاء الحرب العالمية الثانية. وكذلك قس على أي مكان ذهبت إليه مثل كوريا، فالولايات المتحدة لا تنسحب طوعاً إلاّ كرهاً كما في فيتنام.
لكن الولايات المتحدة ستنسحب إلى قواعدها التي أنشأتها في العراق وبعضها بحجم المدن، فهي ليست مهتمة بإدارة الشئون اليومية للعراق، حيث ستترك ذلك “لحلفائها” الذين أتوا إلى العراق على ظهر دباباتها.
وكما أسلفنا فهي تمشى على خطى مستشارها الإمبريالي، بريطانيا. وهذا ما قاله Lord Curzon في سياسة بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى بالطريقة الأفضل لإدارة الدول والدويلات ما بعد سايكس بيكو كما جاء في كتاب Kevin Philipps:
“لعل منطق التعاطي الأمريكي مع دول النفط التابعة لسيطرتها هو منطقLord Curzon بأن الطريقة المثلى هي إيجاد واجهة عربية تدار من بريطانيا بواسطة أحد أتباع محمد، وبمساعدة إداريين عرب كلما أمكن”.
إذن العراق اليوم له “واجهة عربية”، يدار من “أحد أتباع محمد” ولديه إداريون عرب. وقواعد أمريكية بحجم المدن، وديمقراطية جاءت على أجساد الملايين من العراقيين وعلى رءوس صواريخ كروز.. هي ديمقراطية، حسب الكاتبة الهندية Arunhati منتوج سريع الذوبان، يستحق من أجله موت مئات الألوف ليتذوقوا طعم هذا المنتوج الجديد: اشتر واحداً منه وخذ اثنين بالمجان!
أمريكا.. أزمة نظام
كما أسلفنا فإن حجم المشتقات التي سميت أيضاً بالأصول السامة Poisoned Assets من الحكومة الأمريكية نفسها قد بلغت نحو 650 تريليون دولار.. رقم خرافي حينما نعلم أنه نحو 50 مرة أكبر من حجم الاقتصاد الأمريكي السنوي. كذلك كانت هناك 6.42 تريليون من سندات SWAPS علماً بأن مجموع قيمة الشركات في سوق الأسهم الأمريكية هو آنذاك 5.18 تريليون دولار.
ولقد خفضت البنوك شروط الاقتراض إلى درجة أنها كان تقرض من ليس له دخل ولا وظيفة ولا أصولاً (NINJI) وتم اختراع ما أسموه subprime mortgages أي الرهونات الضعيفة التي قاموا بدورهم بضمها إلى المشتقات كما أسلفنا.
كان النظام الاقتصادي المقامر الجديد يتطفل على الاقتصاد المنتج بواسطة مضاربات جعلت من الاقتصاد كازينو مقامرة. نتج عن تلك الممارسات الأزمة بعد الأزمة بدءاً بأزمات أمريكا اللاتينية بداية سنوات الثمانينيات. في أواخر الثمانينيات اضطرت الحكومة الفيدرالية للتدخل لمساعدة 650 بنكاً، لم تجد تلك المساعدة سوى أنها ساعدت المدخرين على سحب ودائعهم قبل انهيار تلك البنوك. كان هناك أيضاً انهيار بورصة الأسهم الأمريكية بواقع 30 % من قيمتها في ساعات، وتبع ذلك انهيار بنوك الادخار ما كلّف دافعي الضرائب الأمريكي 250 مليار دولار لإنقاذها. كما أدت المضاربات إلى انهيار العملة المكسيكية في منتصف التسعينيات، تلتها أزمة جنوب شرق آسيا، وكل ذلك نتيجة مضاربة قلّة من مضاربي العملات والأسهم في أسواق تلك البلدان تحت طائلة العولمة، ما أدى إلى انهيار LTCM والذي اضطر البنك المركزي الأمريكي للتدخل لمنع انهيار شامل للنظام المالي. كما تم انهيار سوق نازداك سنة 000_B وإفلاس العديد من الشركات نتيجة انهيار فقاعة التسعينيات والتي أرادت إدارة بوش بمعالجتها عن طريق فقاعة أكبر أوصلت الاقتصاد الأمريكي والعالمي إلى ما هو عليه منذ سنة 2008.
من يملك الولايات المتحدة
هل يمكن حل أزمة الاقتصاد الأمريكي؟
لعل إلبرت إنشتاين، قد أجاب عن هذا السؤال بقوله “إن المشاكل التي نجابهها اليوم لا يمكن حلها من العقول التي سببتها”.
لكن المشكلة أن تلك العقول المسببة للأزمة هي التي عهد إليها لحلها وكذلك حسب القول الشعبي: حاميها حراميها... كذلك فهولاء هم من يمتلكون الولايات المتحدة!
فى الواقع لا يمكن أن تتغير السياسات الأمريكية حتى نعلم من يحكم أمريكا؟ هل الناخبون أم أصحاب المصالح والنفوذ من رجال النفط والبنوك وجماعات الضغط والإعلام التى تدق طبول الحرب لخدمة هذه المصالح؟
الجواب أن السواد الأعظم من الأمريكيين مجرد مدينين فى النظام الاقتصادى الأمريكي المأزوم، بينما واحد في المائة من الأمريكيين يملك الثروات كلها .
إذن من تم إنقاذهم؟
إنهم هم أنفسهم مالكو أمريكا، ومسببو الأزمة أنفسهم، ولكن تلك الأصول السامة ما زالت سامة، إلاّ أن الحكومة سمحت بإخراجها من ميزانيات البنوك خلافاً للأعراف البنكية لأنه لو تمت إضافتها إلى ميزانيات تلك البنوك لأصبحت كل البنوك الكبرى في الولايات المتحدة مفلسة بكل المعايير البنكية.
ومع أزمة ديون أوروبا وتأثيراتها فالأمور ستصبح إلى الأسوأ.
وماذا عن بقية أمريكا
في دراسة للبروفيسور Elizabeth Warren بتاريخ 22 يناير 2010 فالمتوقع أن يتم الحجز على المنازل بنسبة 3 أضعاف ما كان عليه سنة 2009 في حين كان الحجز سنة 2009 ضعفي ما كان عليه سنة 2008.
كما أن أزمة العقارات التجارية (المكاتب) ستنفجر خلال هذه السنة.
وأن نسبة البطالة ستكون أقل كثيراً من التوقعات.
وأن أصحاب الواحد في المائة مالكي أمريكا سيتجهون إلى خفض الرواتب والمستحقات لهؤلاء المساكين الذين عانوا أصلاً من ممارساتهم. إن ما نراه اليوم ليس تباطؤاً، ولا كساداً- إنه أزمة نظام.
لذلك لا يمكن القول إن أمريكا ستتراجع عن مخططات حروب النفط لأنها المخرج الوحيد من أزمتها الاقتصادية وبالتالى فإن خطط المحافظين الجدد هى الأنسب سواء على هيئة تدخل مباشر فى البلاد العربية، كما حدث فى العرق وأفغانستان أم على هيئة تفتيت العالم العربى فى حروب أهلية وطائفية وتشجيع نظام الحروب الوكالة لاستنزاف النفط مقابل السلاح الذى تحتاجه الأطراف المحلية المتصاعدة سواء سنة وشيعة، أم ليبراليين –يساريين من جهة وإسلاميين من جهة أخرى، وتسهيل سيطرة إسرائيل على مناطق الثروة فى سيناء لتحقيق حلمها القديم فى منطقة نفوذ اقتصادى إسرائيلى فى المنطقة العربية بعقول إسرائيلية ورأس مال خليجى وعمالة مصرية رخيصة الثمن.




نبذة عن الكاتب

د. عبد الحي زلوم، مستشار بارز لشئون البترول منذ أكثر من 45 سنة. أنهى دراسته الجامعية الأولى والعليا في الهندسة والإدارة من جامعات تكساس، لويزيانا، كاليفورنيا، و هارفرد في الولايات المتحدة بعد إنهاء دراسته الثانوية في القدس. عمل في الولايات المتحدة وأوروبا. كما أسهم في الأعمال التأسيسية للعديد من شركات البترول الوطنية العربية في الخليج والعراق وإفريقيا، كما أسهم في كل مراحل التصميم والإنشاء والتشغيل لأول مشروع في العالم للتحطيم الهيدروجيني للمنتوجات البترولية الثقيلة. كذلك عمل مستشارا لمشاريع هندسية وإنتاجية نفطية للدول السريعة النمو كالهند والصين. ترجمت كتبه إلي الانجليزية والألمانية.
مؤلفاته:
- كتاب "نذر العولمة".
- كتاب "إمبراطورية الشر الجديدة".
- كتاب "حروب البترول الصليبية والقرن الأمريكي الجديد".. وهو من أوائل من تنبأوا وحذروا من وقوع أزمة مالية عالمية وله محاضرات موثقة ألقاها في جامعة هارفرد حول هذا الموضوع.
- كتاب أزمة نظام الرأسمالية والعولمة في مأزق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.