حسناء الجريسى قضية جزيرتى تيران وصنافير وزيارة الرئيس الفرنسى لمصر، ملف وثائق بنما التى أثارت الرأى العام العالمى ومقتل الشاب الإيطالى ريجيني، هذه الأحداث المتتالية سببت حالة من البلبة فى الشارع المصرى، ما جعله ينقسم ما بين مؤيد لأداء الحكومة وآخر معارض لها، لذلك قررت «الأهرام العربى» التوجه للمستشار إيهاب وهبى للوقوف على تحليله لآخر المستجدات على الساحة السياسية.
كيف ترى الجدل الدائر حول «تيران وصنافير» فى الشارع المصرى؟ ليس جدلا بل هو تعبير عن المصرى الذى يعشق تراب بلده والذى يعتبر التفريط فى الأرض تفريطاً فى العرض، وما حدث نتاج طبيعى لحالة تسرع فى إصدار القرار ومفاجأة للمصريين وعدم وجود تمهيد وأيضا اختيار توقيت نراه غير ملائم، فقد أطلق الحديث عن تيران وصنافير فى عز احتفاء المصريين، بالملك سلمان بن عبد العزيز، الأمر الذى أعطى صورة خاطئة للكثيرين. المصريون لا يحبون أن يضعهم أحد أمام الأمر الواقع وأن يشعروا أنه ليس لهم رأى فيما يملكون، ناهيك عن تصريحات الحكومة نفسها بعد ذلك، بأن الأمر سيعرض على البرلمان برمته ليقول رأيه فلماذا التسرع والإعلان وإظهار الأمر بأنه عبارة عن تحصيل حاصل وأنه تم وانتهى، ولدينا تساؤل مهم وهو أن العقيدة فى الجيش المصرى التى زرعوها داخلنا أن مصر ما زالت فى حالة حرب مع إسرائيل، وعلينا دائما ألا نأمن شرها فكيف ونحن هكذا طيلة فترة كبيرة تتعدى تاريخ إنشاء الدولة السعودية نفسها، وما كان لمصر من سيادة على الجزيرتين، إذا افترضنا جدلا أنهما جزيرتان سعوديتان ومع اعترافنا بأنهما منفذ إستراتيجى تسيطر عليه مصر ونقطة قوة ضد الأطماع اليهودية، أن نتركها اليوم فى ظل الحالة الصعبة التى يمر بها الوطن العربى كله والخوف من شبح التقسيم، ببساطة نريد أن ننهى هذا الجدل وهذه الحالة، ولن يتم ذلك إلا إذا عرض الموضوع على المصريين بوثائق ومستندات دامغة بالحقيقة لأننا وضعنا مصر أمام معضلة حقيقية، فماذا لو رفض البرلمان هذا الموضوع برمته؟
ما رأيك فى التعليقات التى تتصدر صفحات الفيس بوك والخاصة بجزيرتى تيران وصنافير؟ الكلمه أمانة وسنحاسب عليها ونحن ضد الإقصاء والتخوين والتجريح، ونرى أن هناك طرقا قانونية رسمها القانون للتعبير عن الرأى يجب اتباعها. من قبل كان هناك جدال دائر حول وثائق بنما التى شغلت الرأى العام العالمى فكيف تراها؟ ما قدمته وثائق بنما ليس جديدا، فحالنا وتخلفنا نتاجان طبيعيان لفساد وسرقات ونهب خيرات البلاد والعباد، وهو ما صدرته لنا مافيا صهيو أمريكية، فموجة الإفساد الجماعى وضرب العقيدة والقيم العربية الأصيلة كان وما زال منهج من يريدون السيطرة على العالم، ويجب أبدا ألا ننسى أن من يسيطر على اقتصاد العالم هم الصهاينة، الذين يتخذون القمار والدعارة والسلاح والمخدرات أدوات لإفساد العالم، يتخذونها لليسطرة ولتحقيق أطماعهم، وإن كانت مخططات التقسيم الخبيثة وقفت أمامها إرادة مصر وشعبها فما زالت هناك طرق وبدائل تبحث عن طريق لنشر الفوضى مرة أخرى، وأعتقد أن هذا هو سبب ظهور هذه الوثائق تحديدا فى هذا الوقت، خصوصا إذا ما تصفحنا من طالتهم هذه الوثائق مثل روسيا والصين وبعض البريطانيين والعرب، الواقع الجديد الذى يريد عمل التوازن فى القوى فى العالم. ومع اعترافنا بأن لدينا ثورة حقيقية على الفساد فى مصر فإننى أرى أن مواجهة هذا الفساد ستطول بعض الوقت، لكن أعتقد أننا نسير فى طريق القضاء عليها، لكن بترو وحكمة وهدوء وبالقانون وتطبيقه على الجميع.
ماذا عن حادث مقتل الشاب الإيطالى ريجينى؟ ما تعيشه مصر اليوم هو محاولات البعض بل الكثيرين التدخل فى اختصاصات البعض وتنصيب أنفسنا قضاة ومحققين ومحامين وأطباء ومهندسين ومعلمين.. للأسف أصبحنا نحترف ثقافة التشكيك ونفتقد للموضوعية، ببساطة وأنا رجل قانون أقول إنها ضجة كبيرة دون داع، وليس هذا استهانة بموت إنسان ولكن الواقع يقول إن العالم كله لديه مشكلات، من هذا القبيل ولكن هناك نظاما يتبع فى التعامل مع مثل هذه القضايا، ويجب على الجميع احترام سريتها والانتظار للخروج بقرار، وإلا فما جدوى وجود قانون وقائمين على تطبيقه، وعدم ظهور الرئيس السيسى والتحدث فى هذا الموضوع هو طبيعى، ومن يرد أن يعرف، وظائف الرئيس واختصاصاته عليه أن يقرأ دستوره، ويقرأ مبدأ الفصل بين السلطات، وهو أمر يحسب للرئيس لا عليه، فاحترام القضاء، وعدم التدخل فى أعمال السلطة القضائية المستقلة أمر منته، ثم وماذا كان المطلوب منه أن يقول، وما زال هناك تحقيق مفتوح فى قضية مفتوحة وكل الاحتمالات بها قائمة، يجب أن نضع الأشياء فى نصابها الصحيح، بحيث لا نتهم ولا نخون دون دليل.
ما تعليقك على خطاب الرئيس الأخير؟ لا أراه خطابا فما زال الرئيس يحاول أن يجعل جلساته فى إطار عائلى على اعتبار أننا جميعا فى مركب واحدة، محاولا قدر الإمكان أن يرسخ الإحساس بالمسئولية التى يجب أن تقع على عاتق كل مصري، وعلى الجميع أن يقوم بدوره كما يجب أن يكون، فهو دائما يوجه رسالات بهذا المعنى، ويعمل دائما على شرح الحقيقة بشفافية، وهذا الأمر جديد بعض الشىء على المنظومة المصرية التى تحتاج إلى وقت كبير للفهم، فالكثير لا يفهم مغزاها ويذهب البعض لتصيد الأخطاء، والبعض الآخر يذهب للشو الإعلامى، والرجل أحسبه صادقا، ولكن المجتمع ظل حبيس إرادة حفنة من الفسدة عملوا على خلق هذه الحالة التى نعانى منها، وهى حالة الرؤية الضيقة المحدودة وفقدان ثقافة العمل الجماعى، وأعتقد أن الرجل أجمل فى الطلب واقتصد فى المطلوب وأزال إلى حد كبير بعض حالات الشك وعدم الفهم لبعض المواضيع المهمة التى شغلت الرأى العام، ولكن تظل مشكلة الجزيرتين رهينة رأى البرلمان وهو ما نوه عنه وأنهى خلافه بقوله على البرلمان أن يدرس ويقرر.
هل تعتقد أن أداء مجلس النواب مرضٍ ومقنع للجميع ؟ أعتقد أن البرلمان لم تظهر بركاته حتى الآن وإن كان رفضه لقانون الخدمة المدنية يعلن عن أنياب حقيقية، فإنه يفتقد إلى الخبرة البرلمانية فلديه الكثير من الأعضاء، ما زالوا فى مرحلة التدريب، ولكن نتمنى أن نراه برلمانا حقيقيا وعليه أن يثبت أنه يستحق أن يكون برلمانا لدولة بعد ثورتين، وأتمنى أن تبث جلسات المجلس قريبا وتكون بالمستوى اللائق والمطلوب ونحن فى انتظار ما ستؤول إليه مناقشات المجلس حول برنامج الحكومة، وما سيكون عليه والموضوعات المقبلة كثيرة وشائكة، وهى من ستقرر فنحن نعول على الوقت دائما ولا نحب الحكم على الأشياء باستعجال، فهذه مصر وتحتاج أن نراعيها فقط ونراعى مصلحتها بعيدا عن أى مصلحة حزبية أو شخصية.
لنتحدث عن جامعة الدول العربية وأمينها الجديد د. أحمد أبو الغيط، هل ترى أنه قادر على تخطى المرحلة الحرجة التى تمر بها الدول العربية وحل الكثير من المشكلات الشائكة، أم أنها مجرد ملفات تفتح للمناقشة دون الوصول لحلول جذرية؟ لا أستطيع أن أتحدث عن شخص الرجل، فهو ذو خبرة وحنكة ولديه الكثير ولكن عند الحديث عن الجامعة العربية تتحدثين عن قرار ومشكلات تخص دولا لديها فى النهاية مصالحها ورؤيتها، ولم يثبت تاريخ الجامعة العربية أن هناك رؤية واحدة مشتركة فأغلب القضايا العربية، دائما ما تنتهى مناقشتها إلى توصيات لا تنفذ وقرارات مخيبة للآمال، ولدينا الكثير من المسرحيات الهزلية مورست على مسرح هذه الجامعة، وكوننا نتحدث عن قدرة الرجل على حل الكثير من المشكلات فهذا ظلم له، لأن الحل فى الجامعة العربية لن يكون إلا إذا اتفق الجميع على مصلحة هذا الوطن والبعد عن الخلافات، وأعتقد أن حال الجامعة ستبقى كما هى ولا جديد للأسف.
كيف ترى الأحزاب وحالة الخلافات المستمرة التى تعيشها، ولماذا لم يتم التوصل لصيغة واضحة تهدف لخدمة الصالح العام؟ طبيعى جدا أن تكون هناك حالة خلاف بين الأحزاب، فكل حزب لديه اتجاه مغاير للآخر، ولكن غير الطبيعى ألا تكون أهداف هذه الاتجاهات شيئا آخر غير صالح مصر، الأحزاب وجدت فى الأساس لإثراء الحياه السياسية وإمدادها بكوادر تستطيع تحمل مسئولية وطن، وتكون صمام أمان للدولة فى مواجهة أى سياسات خاطئة تراها مضرة، بالصالح العام عن طريق آليات قانونية ومعارضة وانتقاد بناء يكون معاونا ليس عائقا، ولا أحد ينكر ميزة التعددية الحزبية فى أى مجتمع ديمقراطي، يقوم على الرأى والرأى الآخر .
ما رأيك فى حجم الزيارات التى وفدت لمصر من قبل الملوك والرؤساء العرب والعالم ومدى تأثير ذلك على علاقة مصر بهذه الدول؟ منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى وإدارته مقاليد الحكم فى مصر وهو يقوم برحلات مكوكية للخارج، ويقوم بدعوة الرؤساء والملوك وهو اتجاه نراه موفقا وأتى ثماره، وساعد فى إعادة الاستثمارات التى لم تكن لتعود إلا من خلال هذه التحركات، فمصر لا تستطيع أن تعيش بمعزل عن عالمها الدولى والإقليمى لما لها من ثقل ومكانة وموقع فريد، وهذا الأمر كان سببا رئيسيا فى محو الصورة الخاطئة، التى صورت مصر بأنها دولة ليست آمنة وليس مآمونا الاستثمار بها، وأعتقد أن الصورة تغيرت بالفعل والدليل أن أغلب الدول الأوروبية والعربية، وضعت يدها بيدنا وأتت إلينا وتم الاتفاق على الكثير من المشروعات العملاقة، وما زال العمل جاريا على قدم وساق وزيارة الرئيس الفرنسى تعتبر بمثابة تقدير نجاح لهذه المساعي، ففرنسا بوابة من البوابات المهمة للاتحاد الأوروبى ومورد مهم للسياحة وأحد المصادر المهمة التى تمكننا من تنويع مصادر السلاح.
ما موقف حزبكم مما يحدث من مستجدات على أرض مصر هل هناك خطوات تتخذونها أم تكتفون بدور المتفرج؟ حزب الصرح هو حزب وليد ثورة 25 يناير، كل أعضائه مؤمنون بمبدأ مهم به ويطبقونه فى حياتهم السياسية، فنحن نؤمن أنه لا فائدة من أى عمل سياسى لا يصب فى صالح هذا البلد وشعبه، كما نعمل على تغيير صورة رجل السياسة، وتغيير خطابه السياسى ليصب فى النهاية فى صالح مصر دون إقصاء ولا تخوين ولا تجريح ولا الدخول فى صراعات سياسية مفتعلة، لدينا مركز دراسات على أعلى مستوى يقوم بعمل أبحاث علمية ودراسات اقتصادية نقدمها للإدارة لتكون عونا، وبالفعل قدمنا الكثير فنحن نؤمن بأن كل شخص على أرض هذه البلد لديه دور مهم يجب أن يقوم به، ونعمل الآن على تقديم شبابنا للمحليات، ونعدهم إعدادا جيدا لذلك نسعى لتقديم التدريب اللازم لهم حتى يكونوا قادرين على التصدى للعمل العام، فمصر فى حاجة إلى فكر شاب ودماء جديدة، تنقذها من حالة الترهل التى وصلت إليها.