رئيس جامعة أسيوط يفتتح المعرض والحفل السنوي للأقسام العلمية بكلية التربية النوعية    البنوك تحقق أرباحا بقيمة 152.7 مليار جنيه خلال 3 أشهر    في أول هجوم نهارا.. إسرائيل تعلن إطلاق إيران صواريخ نحوها وتفعيل حالة التأهب في عدة مناطق    كريم رمزي: مروان عطية نجح في ايقاف خطورة ميسي    توقعات بتأثيرات سلبية على سلاسل الإمداد العالمية بسبب الضربات الإسرائيلية الإيرانية    محافظ المنيا عن امتحانات الثانوية العامة: اليوم الأول مر بلا شكاوى    دينا نبيل عثمان رئيسًا لقناة النيل الدولية Nile TV    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بسبب وفاة شقيقها: الله يرحمك يا روحي    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    تجديد تعيين جيهان رمضان مديرا عاما للحسابات والموازنة بجامعة بنها    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    المصرف المتحد الأفضل للحلول الاستثمارية في مصر خلال 2025    إحالة أوراق المتهم بخطف طفل وقتله لسرقة دراجته في الشرقية إلى المفتي    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    ما يقرب من 2 مليون.. تعرف على إجمالي إيرادات فيلم "المشروع X"    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة    فيلم "شرق 12" يشارك في الدورة الثامنة من أيام القاهرة السينمائية    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    بالأرقام.. كل ما قدمه أحمد زيزو في أول ظهور رسمي له بقميص الأهلي في مونديال الأندية    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط: استمرار حملات تطهير الترع لضمان وصول المياه إلى نهاياتها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    انقلاب ميكروباص يقل 14 من مراقبي الثانوية العامة وإصابة 7 بسوهاج    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    تعرض مقر وزارة الدفاع الإيرانية في طهران لهجوم إسرائيلي    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القارة تتهم المحكمة بالعنصرية وتهدد بالانسحاب منها.. إفريقيا تضع «الجنائية الدولية» فى قفص الاتهام!
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 01 - 2016


شاهيناز العقباوى
الاتحاد الإفريقى يهدد بانسحاب 34 دولة من المحكمة
القادة الأفارقة منحوا أنفسهم حصانة من الملاحقة أمام المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان خوفا من الجنائية
جنوب إفريقيا: المحكمة «فقدت اتجاهها» وحزب المؤتمر الوطني يريد الانسحاب
عبدالله الأشعل: المحكمة تواطأت مع إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وتجاهلت الشكاوى التى تقدم ضدهم
د. محمود أبو العينين: قرارات المحكمة تستهدف إضعاف الحكومات لتظل إفريقيا خاضعة لسيطرة القوى الغربية
د. أيمن سلامة: حققت الغرض من إنشائها لذا تجب إعادة النظر فى فكرة الانسحاب السفير
محمد الشاذلى: إفريقيا بها قضايا فساد أكبر مما يوجد فى كل دول العالم ما يجعلها مثقلة بالأحمال
الجنائية تلقت ضربتين العام الماضى بعد فشلها فى استكمال قضيتى كينياتا والبشير
منذ نشأة المحكمة الجنائية الدولية والعلاقات بينها وبين إفريقيا جيدة، حيث رأت فيها دول القارة المشاركة طوق النجاة، وسيف العدالة الذى ظلت سنوات تبحث عنه . لذا سارع العديد منها بطرح مشاكلها وقضاياها الدموية على طاولتها، وبالفعل بدأ التحقيق فيها وتناولها بالكثير من الصرامة والجدية، حيث دعت حكومات كل من: جمهورية إفريقيا الوسطى، والكونغو الديمقراطية، ومالي، وأوغندا، المحكمة للتحقيق فى جرائم وقعت فى بلدانها، وعلى الفور، بدأ المدعى العام السابق لويس مورينو أوكامبو، ينظر فى قضايا كينيا، وساحل العاج، كما أحال إليه مجلس الأمن قضايا فى ليبيا والسودان.
بداية ومع حلول 2009 عندما وجه الاتهام الرسمى للرئيس السوداني البشير، بارتكاب جرائم حرب فى دارفور، بدأت التوترات تلوح فى الأفق بشأن العلاقة بين الجنائية والاتحاد الإفريقي، حيث شكى رئيس الأفارقة، جون بينج، من أن جميع لوائح الاتهام كانت ضد أفارقة، واتهم مسئولى المحكمة بأنهم يمثلون "الاستعمار الجديد". فيما زادت حدة التوتر على خلفية القضية التى تنظرها ضد رئيس كينيا،. وبدأت المكاشفة واتهمت دول إفريقيا المحكمة رسميا بالتمييز والعنصرية واستهداف القادة الأفارقة دون غيرهم، فى الوقت الذى تغض فيه الطرف عن مسئولين عن صراعات فى منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى لم تمتد إليهم يد المحكمة. وحث روبرت موجابي، رئيس زيمبابوى ورئيس القمة الإفريقية السابقة، قادة الدول الإفريقية الأعضاء في الجنائية على الانسحاب منها. وذكر موقع «أفريكان آريجمنتس» الكينى أن مفوضية الشئون السياسية بالاتحاد الإفريقي، عائشة عبد الله، صرحت بأن ملاحقة الجنائية الدولية للقادة الأفارقة، أصبحت تمثل إشكالية بين المحكمة والدول الموقعة على ميثاق روما، وأشارت إلى أن الخلاف الرئيسى بين إفريقيا والمحكمة يكمن فى ملاحقتها للقادة الأفارقة، خصوصا خلال انعقاد القمم الإفريقية التى تستضيفها الدول الموقعة لميثاق المحكمة. محكمة درجة أولى! وأوضحت أن إفريقيا تتعامل مع المحكمة الجنائية كمحكمة درجة أولى، وهناك تعاون واسع معها فى عدد من القضايا، لافتة النظر أن الخلاف حول ملاحقة رؤساء الدول الإفريقية التى اتخذ القادة الأفارقة فيها قرارا بعدم التعامل مع المحكمة. وكرد فعل طبيعي أكد أوبد بابيلا، نائب وزير شئون الرئاسة فى جنوب إفريقيا، فى شهر أكتوبر من العام الماضى أن بلاده تعتزم الانسحاب من عضوية المحكمة الجنائية الدولية بعد اتباع الإجراءات المحددة. وذكرت وكالة رويترز أن بابيلا قال فى نهاية اجتماع للحزب الحاكم إن المحكمة "فقدت اتجاهها" وإن حزب المؤتمر الوطنى الإفريقى يريد الانسحاب منها بعد اتباع الإجراءات المحددة، مضيفا أن الدول القوية "تسحق" حقوق الإنسان وتسعى لتحقيق "مصالحها الأنانية". ونوه إلى أن "جنوب إفريقيا لا تزال ترفع لواء حقوق الإنسان ولم تتخل عنه"، موضحا أن البرلمان سيناقش عضوية بلاده فى المحكمة خلال هذه المرحلة. وكانت جنوب إفريقيا رفضت أمر المحكمة الجنائية الدولية القاضى باحتجاز الرئيس السودانى عمر حسن البشير خلال زيارته لها فى يونيو2015. و طلبت من المحكمة الدولية إمهالها الوقت، لتبرير الأسباب التى أدت إلى عدم منع الرئيس السودانى من مغادرة العاصمة بريتوريا، لكن الحزب الحاكم عبر عن تصميمه على الانسحاب من عضويتها. من جانبه، أرجع ريتشارد جولدستون وهو قاضى جنوب إفريقي، ومدع عام سابق في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة تعكر صفو العلاقات بين المؤسستين إلى "السياسة"، قائلا "عندما لم يتم توجيه اتهامات إلى القادة، كان هناك تأييد كامل، وبمجرد أن بدأ استهداف الرؤساء، تغيرت سياسة الاتحاد الإفريقى نظرا لمساسها بذمم الأشخاص الذين يديرونه". وكان الاتحاد الإفريقى فى قمته الاستثنائية عام 2013 دعا إلى منح رؤساء الدول الحاليين حصانة من الملاحقة القضائية، لينتهى بقرار جماعى بضرورة عدم محاكمة أى رئيس أو نائب رئيس إفريقى فى السلطة، كما هدد الاتحاد بالانسحاب الجماعى من المحكمة الدولية، وهو الأمر الذى لم يحدث حتى اللحظة. كما أعلن الرئيس الأوغندى يويرى موسيفيني، أنه سيحث القادة الأفارقة على الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية التى يتهمها بأنها أداة لاستهداف القارة، كما أوردت وكالة «إف. بى» الإخبارية خلال الكلمة التى ألقاها أثناء الاحتفال بالذكرى الحادية والخمسين لاستقلال كينيا، بعد أسابيع على إسقاط المحكمة الدولية التهم عن الرئيس الكينى أوهورو كينياتا. وقال إنه سيقدم مذكرة إلى الاجتماع المقبل للاتحاد الإفريقى، من أجل انسحاب كل الدول الإفريقية من المحكمة"، منتقدا الدول الغربية التى اتهمها بأنها استخدمت المحكمة أداة لاستهداف إفريقيا. وكان الاتحاد الإفريقى فى وقت سابق، اتهم المحكمة الجنائية الدولية "بالعنصرية" مؤكدا أنها تستهدف الأفارقة أولا. وفى كلمة ألقاها بالقمة، اتهم رئيس الوزراء الإثيوبى هيل ماريام دسالين المحكمة الجنائية الدولية بازدواجية المعايير والتعدى على سيادة الدول الإفريقية، وأكد أن دول القارة لا تسعى إلى شن حملة على المحكمة، بل تدعو إلى أخذ مخاوفها فى الاعتبار.
وقال فى ختام قمة الاتحاد الإفريقى الأخيرة 2015 إن القادة الأفارقة اتفقوا بالإجماع على أن عملية الجنائية التى أجريت فى إفريقيا لديها عيب، وكانت النية لتجنب أى نوع من الإفلات من العقاب، لكن الآن تحولت إلى نوع من سباق الصيد بدلا من مكافحة الإفلات من العقاب". ويبدو أن عدم الثقة أصبح قاسما مشتركا بين العديد من القادة الأفارقة، والمحكمةالجنائية فى اعتقادهم بأنها تستهدف بشكل غير عادل الأفارقة، حيث صرح الرئيس الرواندى بول كاجامى، أنه لا يعقل أن يكون هناك نظام العدالة الدولية والاستغناء عن العدالة بشكل انتقائى أو سياسي".
وإمعانا فى مسار التحدى للمحكمة، صوت القادة الأفارقة بالإجماع خلال قمة الاتحاد فى غينيا الاستوائية لصالح القرار الذى يمنحهم حصانة ضد الملاحقة القضائية فى الجرائم الكبرى أمام المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان. وقد شجبت منظمات حقوقية هذه الخطوة، وقالت منظمة العفو الدولية قبل اعتماد القرار: إنه "يمثل خطوة هائلة إلى الوراء فى المعركة الطويلة من أجل المساءلة وحقوق الإنسان فى هذه القارة". جدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية تلقت ضربتين متتاليتين خلال شهر ديسمبر الماضى بعد تصريح المدعى العام للمحكمة، بما يفيد عمليا بالفشل فى استكمال أهم قضيتين منظورتين أمامها، وهى محاكمة الرئيس الكينى أوهورو كينياتا المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى أحداث العنف التى أعقبت انتخابات 2007 فى كينيا ومحاكمة الرئيس السودانى عمر البشير، الذى كانت المحكمة قد أصدرت ضده مذكرة اعتقال بتهم تشمل جرائم الإبادة الجماعية فى إقليم دارفور بغرب السودان فى 2009. زعماء التمرد فى الكونغو ذكرت لورا بارنيت االنائبة البرلمانية فى كندا فى كتابها "تاريخ ودور المحكمة الجنائية الدولية " عام 2008 أن جمهورية الكونغو الديمقراطية، تعود جذور الأزمة بها إلى الصراع العرقي بين القبيلتين الرواندية، الهوتو التي تشكّل الأغلبية والتوتسى ذات الأقلية، فقد تفجّر الصراع بينهما مرّات عديدة حاصداً آلاف الضحايا، إلا أن الصراع الأشرس كان فى العام 1994م؛ حيث أدى إلى إبادة نحو مليون قتيل من الجانبين، وانتقل إلى الكونغو بسبب الجوار والحدود المشتركة, وهوية الكونغوليين من أصل رواندي، سواء كانوا من التوتسى أم الهوتو الذين هربوا من الحروب العرقية بين القبيلتين فى وقت سابق و فى 23 يونيو 2004 شرع المدعى العام فى أول تحقيق تجريه المحكمة بخصوص الجرائم التى ارتُكبت خلال النزاع فى جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ 1 يوليو 2002 أصدرت الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية عام 2006 أمراً بالقبض على «توماس لوبانغا دييلو» الذى زُعم أنه مؤسس «اتحاد الوطنيين الكونغوليين» وزعيمه وفى يوليو 2007م؛ اتهمت المحكمة اثنين آخرين من زعماء التمرّد فى الكونغو بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. جيش الرب الأوغندى وعرض موقع الدفاع الشعبى الأوغندى، أن الصراع الدائر لعقود بين الحكومة الأوغندية وحركة «جيش الرب» المتمردة، وعجز كلٍّ من الطرفين عن حسمه عسكرياً لصالحه، عمدت الحكومة الأوغندية إلى محاولة استمالة قادة الحركة، والتفاوض معهم على أساس ترك السلاح والاستسلام نظير العفو عنهم، وعلى الرغم من استسلام بعضهم فإن تلك المحاولة لم تُسفر عن إقناع قادة الحركة بالاستسلام وترك السلاح، فى ظل أزمة الثقة بين الطرفين؛ لذا سعت الحكومة الأوغندية إلى محاكمة قادة «جيش الرب» أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهوالأمر الذى لاقى معارضة من بعض المنظمات وجماعات المصالح بل وبعض الأجنحة داخل الحكومة الأوغندية، حيث رأى هذا الفريق أن المضى قدماً فى المحاكمة سيقوّض عملية المصالحة؛ بالنظر إلى أن اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية سينحّى جانباً العفو الذى يُعد حافزاً لقادة التمرّد على مواصلة مفاوضات المصالحة ؛ بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً فى الجرائم التي وقعت فى أوغندا منذ الأول من يوليو 2002م، وجاء التحقيق بعد أن أحالت حكومة البلاد الوضع إلى المحكمة وفى 14 أكتوبر 2005م؛ أصدرت أول أوامر قبض فى تاريخها، وذلك ضد خمسة من كبار قادة «جيش الرب للمقاومة»، فى مقدمتهم «جوزيف كوني» زعيم الحركة، حيث اتُهموا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وقد أدّى ذلك الإجراء إلى توقف مفاوضات السلام بين الفرقاء فى أزمة شمال أوغندا، وهو ما عزّز الاعتقاد بأن المحكمة الجنائية الدولية تقوّض جهود التسوية السلمية . الرئيس البشير والوضع فى دارفور و فى 31 من مارس 2005م، اعتمد مجلس الأمن الدولى قرارا ينصّ على إحالة الوضع فى دارفور منذ 1 يوليو 2002م إلى المدعى العام فى المحكمة. وكانت تلك هى المرة الأولى التى يُحيل فيها مجلس الأمن أحد الأوضاع إلى الجنائية. كما أنها المرة الأولى التى تُمنح فيها الولاية القضائية على جرائم ارتُكبت فى دولة لم تصدِّق على «نظام روما الأساسي». وفى 6 يونيو 2005م؛ بدأت المحكمة الجنائية الدولية التحقيق فى الجرائم التي وقعت فى دارفور.
وفى 1 مايو 2007؛ وأصدرت المحكمة أمرين بالقبض على وزير الداخلية السابق أحمد محمد هارون وزعيم ميليشيا «الجنجويد» الشهير على محمد على عبد الرحمن (ويُعرف أيضاً باسم على كشيب)، واتُّهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. ثم صدرت مذكّرة من مدّعى المحكمة الجنائية الدولية «لويس مورينو أوكامبو» ثمّ قرار من المحكمة فى 4 مارس 2009م بتوقيف الرئيس السودانى عمر البشير. وخلال حضور البشير للقمة الإفريقية فى جوهانسبرج في جنوب إفريقيا يونيو 2015، فوجئت الحكومة بصدور حكم قضائي، يأمرها بمنع الرئيس السودانى من مغادرة جنوب إفريقيا لحين البت في طلب تسليمه تطبيقا لحكم الدائرة الأولى فى المحكمة الجنائية الدولية الصادر فى مارس عام 2009 بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ثم جرائم الإبادة الجماعية فى إقليم دارفور، وقد تسبب حكم المحكمة الوطنية فى حرج دبلوماسى كبير لحكومة جنوب إفريقيا التى ينزل الرئيس البشير ضيفا عليها، ولذلك سمحت الحكومة للرئيس بأن يعود إلى السودان، وربما اعتذرت له عن ذلك.. ومن جهته عبر نائب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، جيمس ستيوارت، عن خيبة أمله من تمكن البشير من "الفرار"، على حد وصفه، لكنه أكد أنه لا يرى ما حدث انتكاسة للمحكمة، بل على العكس يبرهن على أن مذكرات الإيقاف الصادرة عن المحكمة تعنى شيئا، بدليل أن محكمة جنوب إفريقيا تبنت هذا الاتجاه. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن الرئيس السودانى قوله "إن قادة الدول الإفريقية يرفضون الوصاية، وأنهم أسياد قرارهم وأن المحكمة الجنائية الدولية قد انتهت، وكانت القمة الإفريقية بمثابة مراسم تشييع جنازتها ودفنها. وختاما اضطرت المدعى العام للمحكمة فاتو بن سودا إلى حفظ القضية، بسبب ما وصفته بفشل مجلس الأمن طوال خمس سنوات فى التدخل لحث الدول على تسليم البشير، وهو ما يعنى عمليا أنه قد أصبح حرا إلى حين، وإن كان أمر الاعتقال مازال ساريا ضده. إفريقيا الوسطى ومحاكمة الرئيس كشف تقرير منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان، أن إفريقيا الوسطى شهدت منذ استقلالها فى 13 أغسطس عام 1960م العديد من الصراعات، وتجددت الحرب الأهلية عام 2003م ومنذ نشوب النزاع وقوات الأمن بها مسئولة عن معظم الانتهاكات وفى المقابل ارتكبت قوات التمرد مذابح خطيرة، لكن على نطاق أصغر من القوات الحكومية . وفى 22 مايو 2007م؛ بدأ المدعى العام فى المحكمة الجنائية الدولية, وبناء على طلب من حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى، تحقيقاً فى بعض الجرائم التي وقعت فيها منذ عام 2002م، وذلك بعد أن أعربت المحكمة العليا في إفريقيا الوسطى عن عدم قدرة النظام القضائى في البلاد على المحاكمة، وتمّ إلقاء القبض على الرئيس السابق «بيير بمبا» من جانب الحكومة البلجيكية، وقدم للمحاكمة أمام الجنائية، و رحّبت الحكومة، لكن سرعان ما اتجهت إلى الأمم المتحدة مطالبة مجلس الأمن بالتدخُّل لوقف مساعى المدعي العام للجنائية لفتح ملف انتهاكات القوات الحكومية للحكومة القائمة فى مواجهة المدنيين بشمال البلاد. كينيا وجرائم ضد الإنسانية وذكر تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان من بعثة تقصى الحقائق عن كينيا عام 2009 طلب «لويس مورينو أوكامبو» المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، من قضاة المحكمة إذناً للتحقيق فى أعمال العنف فى كينيا على خلفية ما يُشير إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية فى أعقاب الانتخابات الرئاسية التى جرت أواخر عام 2007م، التى أسفرت عن مقتل ألف وخمسمائة شخص وتشريد ما يقارب 250 ألفاً، وذلك قبل التوصُّل لاتفاق لتقاسم السلطة بين «كيباكي» و«أودينغا»، يتولى بمقتضاه الأول منصب الرئيس، على أن يتولى الثانى رئاسة الحكومة. وتُعد تلك هى المرة الأولى التى يمارس فيها المدعى العام اختصاصه بمقتضى المادة الخامسة عشرة من النظام الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، بطلب فتح التحقيق فى قضية دون إحالتها من الدولة المعنية أو مجلس الأمن. وقد أجاز قضاة المحكمة التمهيدية الأولى فى 31 مارس 2010م طلب المدعى العام بفتح تحقيق فى الانتهاكات سالفة الذكر، وذلك بأغلبية الأصوات، حيث عارض أحد قضاة المحكمة الحكم تأسيساً على الافتقار إلى مسوّغات معقولة لوجود خطة منظمة أو متعمّدة ومستمرة، وراء تلك الجرائم للقول بوجود جريمة ضد الإنسانية . ومؤخرا اضطرت المدعى العام للمحكمة فاتو بن سودا إلى سحب الاتهام فى القضية الأولى ضد كينياتا، لعدم توافر الأدلة الكافية التى تثبت المسئولية الجنائية المفترضة. ولاشك أن إدارة الرئيس الكينى أوهورو كينياتا لحملته ضد المحكمة الجنائية داخليا وإقليميا أظهرت حنكة ودهاء كبيرين. فهو وإن أبدى تعاونا ظاهريا مع المحكمة، بل وحضر جلسة محاكمته فى لاهاى كرئيس دولة متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، إلا أنه عمل بنجاح تام وبتشجيع من الاتحاد الإفريقى على إفشال مسعى المحكمة. ما ساعد السياسى المحنك ابن مؤسس كينيا، والمتنفذ فى عالم المال والأعمال، على سحب البساط من تحت أقدام المحكمة، هو تحالفه مع خصمه السابق وليام روتو، والمتهم أيضا من قبل الجنائية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية فى نفس الأحداث الانتخابية فى 2007.
أقام الرجلان ائتلافا انتخابيا قويا ضم أهم القبائل العرقية التى كانت متقاتلة فى انتخابات 2007، وفازا فى انتخابات الرئاسة فى 2013 التى شهد المجتمع الدولى بنزاهتها وخلوها من العنف. كذلك استقوى كينياتا بدعم الولايات المتحدة له، باعتباره حليفا أساسيا فى حربها ضد الإرهاب فى شرق القارة، وهى كلها عوامل أفشلت محاكمته أمام الجنائية، مما اضطر المدعى العام للمحكمة فاتو بن سودا، فى ظرف أسبوعين إلى سحب الاتهام فى القضية ضد كينياتا، لعدم توافر الأدلة الكافية التى تثبت المسئولية الجنائية المفترضة. الرئيس الليبيرى السابق تشارلز تايلور حكم عليه بالسجن 50 عاما، بعد اتهامه عام 2003 بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الأهلية التى قتل فيها 120 ألف شخص، كما أدين ابنه فى الولايات المتحدة بالسجن لمدة 97 عاما.
رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو معتقل في لاهاي بهولندا، بموجب مذكّرة صادرة فى نوفمبر 2011 عن المحكمة الجنائية الدولية، إثر فترة وجيزة من أزمة ما بعد الانتخابات التى هزت ساحل العاج 2010-2011. وحوكم غباغبو بتهمة ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية، خلال الأزمة التى أودت بحياة ما لا يقل عن ثلاثة آلاف شخص، بحسب الأمم المتحدة. انتهاكات غينيا وذكر موقع المحكمة الجنائية فى تقرير جرائم غينيا، أن من بين الحالات الخاضعة للبحث والتحرى بالمحكمة حالة غينيا، حيث طلب المدعى العام من قضاة المحكمة التمهيدية الإذن بفتح تحقيق فى الانتهاكات التى ارتُكبت من جانب القوات النظامية الحكومية فى مواجهة المعارضين فى سبتمبر عام 2009م، وراح ضحيتها أكثر من مائة وخمسين شخصاً. سيف الإسلام القذافى جدير بالذكر أنه فى عام 2011 أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة بتوقيف سيف الإسلام القذافى المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وذكرت فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة أنه على الرغم من الطلبات المتكررة من قبل المحكمة، لن تقوم طرابلس بتسليم نجل الزعيم السابق إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيرة إلى أن "لدى سلطات ليبيا التزامات واضحة بتنفيذ ذلك الطلب". قضاء دولى من جهته كشف الدكتور عبد الله الأشعل فى مقال له على موقع عمان الإخبارى عن سلطنة عمان، أن مشكلة البشير مع المحكمة الجنائية الدولية ستظل عنوانا لفصل مهم من محاولات إقامة قضاء دولى لمكافحة الجرائم ضد الإنسانية، لكن هذا القضاء الذى تتصارع فيه دوافع السياسة مع متطلبات العدالة الجنائية أقرب إلى الوضع داخل الدول الديمقراطية .
المسألة الأولى، تتعلق بوظيفة المحكمة باعتبارها تجسيدا للقضاء الجنائى الدولي، وفكرة المحكمة فكرة نبيلة، لكن منذ قيامها عام 2002 سلكت طرقا أثارت الشك حول مصداقيتها، ودفعت إلى الاعتقاد بأنها أداة سياسية بثوب قضائى موجه ضد دول العالم الثالث، والأدلة على ذلك كثيرة منها، أن معظم القضايا تتعلق بإفريقيا، وإن كانت قد بدأت التحقيق المبدئى فى قضيتين تتعلقان بدول أمريكا اللاتينية.
عدد الدول اللاتينية الأطراف فى النظام 27 من إجمالى 123 دولة. والدليل الثانى أن المحكمة لم تحرك ساكنا، عندما قدمت لها العديد من الشكاوى ضد إسرائيل بسبب جرائمها فى غزة وضد الولايات المتحدة وبريطانيا بسبب جرائمهما فى العراق؛ ولذلك استفزت هذه السوابق إفريقيا والعالم العربي. يضاف إلى ذلك موقفها الغامض من جريمة إسرائيل ضد أسطول الحرية التركي المرسل للإغاثة فى غزة . من ناحية أخرى، فإن تغول مجلس الأمن على أعمال المحكمة جعل طابعها السياسي أوضح من وظيفتها القضائية؛ لذلك قررت الدول الإفريقية والعربية أن تتحدى المحكمة، فقد قررت الدول العربية فى القمة العربية فى الدوحة عام 2009 مساندة الرئيس البشير ضدها، خصوصا أن الدول العربية عازفة عن الانضمام إلى النظام، ولم ينضم إلا ثلاث دول هى جيبوتى فى 5 ديسمبر 2002 وتونس في 24 يونيو 2011 وأخيرا فلسطين فى 2 يناير 2015. أما الاتحاد الإفريقى فتحدى المحكمة فى مناسبتين هما قضية الرئيس البشير، وقضية رئيس كينيا ونائبه، حيث حققت المحكمة فى تهم الجرائم ضد الإنسانية المنسوبة لهما، ورفض مجلس الأمن عام 2014 طلبا تقدم به الاتحاد الإفريقى من خلال رواندا، العضو الإفريقى فى مجلس الأمن؛ لكي يستخدم المجلس سلطته المقررة فى نظام المحكمة بموجب المادة 16، وذلك بتأجيل النظر فى القضية بعض الوقت مثلما تقرر للمجلس حق تحريك الدعوى فى المادة. إخضاع الحكومات الإفريقية من جانبه أكد الدكتور محمود أبو العينين رئيس معهد الدرسات الإفريقية السابق، أن الجنائية الدولية تركز معظم قضاياها على قارة إفريقيا فى الوقت الذى تنتشر فيه الكثير من القضايا والتجاوزات حول العالم، لكن هناك تسليط ضوء على قضايا إفريقيا وحدها وهو مايثير العديد من التساؤلات، لاسيما أن الأمر الذى اصدرته أخيرا بتوقيف الرئيس السودانى عمر البشير مشين وحكم من الصعب تقبله على أى دولة، ذلك لأن المحكمة لها هدف خاص وهو إخضاع الحكومات الإفريقية. وبين أن تهديد الدول الإفريقية بالانسحاب من الجنائية أمر طبيعى، لاسيما أنها تشكل نسبة لا يستهان بها من الدول المشاركة فى المحكمة ومن الناحية القانونية الدول جميعها متساوية في المعاملة الجنائية، لكن تناول المحكمة للقضايا الإفريقية يغلب عليها الطابع السياسى، مما يضعها فى موقف محرج تجاه الدول المشاركة فى تأسيس المحكمة، مما يضعها فى موضع تساؤل واستفسار عن الأسباب خلف هذا التحيز تجاه القضايا الإفريقية. ونوه أنه فى حالة خروج الدول الإفريقية من دائرة المحكمة الجنائية، فإن ذلك لن يشكل خطورة وتهديدا عليها، لاسيما أن الشعوب هى صاحبة السلطة فى محاكمة القادة وعزلهم فى حال تجاوزهم. يجب ألا تقوم المحكمة بتضييق الخناق على دول القارة وإضعاف حكوماتهم، لتظل خاضعة لسيطرة القوى الغربية المتحكمة فيها، لاسيما أن العديد من دول العالم تعانى من صراعات ولا يتم تسليط الضوء عليها كما يحدث فى قضايا القارة خصوصا أن لديهم الآليات لمعالجة مثل هذه القضايا المهمة والضرورية.
وكشف أنه فى حالة خروج معظم الدول الإفريقية من المحكمة، فهناك بديل لها داخل القارة ألا وهى محكمة العدل الإفريقية الموجودة فى الاتحاد الإفريقى، والتى تتمتع بكل آليات المحكمة الجنائية والتى من خلالها تستطيع القارة معالجة جميع قضاياها والسيطرة عليها، وبالتالى لن تكون فى حاجة إلى الخضوع والعودة للمحكمة الجنائية التى أصبح مشككا فى نياتها وأهدافها. قضايا فساد فى حين يرى محمد الشاذلى، سفير مصر فى السودان السابق إنه مما لا شك فيه أن إفريقيا بها من قضايا فساد أكبر مما يوجد فى كل دول العالم، ما يجعلها مثقلة بالعديد من الأحمال، لكن المحكمة الجنائية الدولية من الواضح أن توجهاتها مسيسة، حيث تنظر إلى قضايا وتغض الطرف عن أخرى فإسرائيل على سبيل المثال ارتكبت من الفظائع فى غزة ولبنان مايحتاج إلى سنوات للمحاكمة، لكن حتى الآن لم يوجه لها أى اتهام، وهو ما ضعف تقدير الدول والشعوب لقرارات المحكمة. والقضية - على حد قوله- ليست انسحاب الشعوب الإفريقية، بقدر ما هى تقدير لحجم مصداقية المحكمة فى الأداء، حيث إنه فى حالة توافر المصداقية بالتأكيد ستنصلح الأمور، وبدونها يظل التشكك من أهداف الجنائية خلف التركيز على القضايا الإفريقية دون غيرها، لكن على المسرح السياسى الدول الخارجية والأوضاع العالمية تحكمها التوازنات السياسية واعتبارات القوى الخارجية، حيث إنه لا توجد قوى تجبر الشعوب على احترام قرارات أى قوى خارجية عنها، إلا فى حالة توافر الاحترام المتبادل لهذه القرارات، وبالتالى السعى الحسيس والعمل على تنفيذها، هذا فضلا عن الاتحاد الإفريقى لديه جهاز مراقبة مسئول عن متابعة أوضاع القارة واتخاذ الإجراءات التى تناسب الأحداث والقضايا التى تواجهها. وكشف عن أنه لكى تستطيع الدول الإفريقية تقرير مصيرها، وتعمل على رفع الأيادى الخارجية عنها لابد أن تحقق العديد من المعضلات المهمة على الصعيد الإفريقى ألا وهى إعادة النظر إلى حقوق الإنسان، والسعى الجاد إلى تحقيق أكبر قدر من العدالة والتوازن داخل الدول، لاسيما فى مناقشة القضايا الحيوية والتى تمسهم، هذا فضلا عن الاهتمام بالشعوب الإفريقية والسعى إلى رفعتها والمحافظة عليها من أى تجاوزات فى حقوقها إذا تحقق ذلك، وقتها لن تستطيع أى محاكم خارجية ودولية التفكير فى التقليل من دول القارة. رسائل الإعلام فى حين أوضح الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى، أن الدول الإفريقية تمثل مجموعة إقليمية كبيرة أسهمت فى إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، أثناء مؤتمر المفوضين الدبلوماسيين الذى عقد فى روما عام 1998، الذى بدوره أظهر النظام الأساسى للمحكمة، حيث إنها أول هيئة قضائية دولية جنائية دائمة مستقلة، لا تتبع منظمة الأمم المتحدة وهو تاكيد على استقلاليتها وحيادها وأن الذى يهيمن ويؤثر على عدالتها وقضاياها النظام الأساسى للمحكمة ليس إلا، أما فيما يتعلق بمقولة أن المحكمة لا تلاحق إلا المتهمين الأفارقة ربما ذلك مثارة رسائل الإعلام أكثر مما هو مؤسس على الحقائق القانونية والوقائع المادية المجردة .
وكشف عن أن الدعاوى التى باشرتها وتباشرها المحكمة وتحديدا فى الدول الإفريقية قامت الدول ذاتها بالطلب من المحكمة أن تقوم بمباشرة هذه الدعوى، فكل من أوغندا والكونغو الديمقراطية وكينيا وإفريقيا الوسطى وحتى دولة ساحل العاج، التى هى ليست عضوا فى النظام الأساسى للمحكمة، أعلنت قبولها لاختصاصها التحقيق فى الجرائم الواقعة فيها، أما فى حالة دارفور وليبيا فإنه بموجب النظام الأساسى للمحكمة الجنائية أحال مجلس الأمن الحالتين إلى المدعى العام للمحكمة للنظر فيهما .
ودعا إلى أنه يجب فى كل الأحوال ألا نتجاهل حقيقة أن القارة الإفريقية تحديدا ودون سائر القارات التى شهدت حروبا أهلية شرسة، ارتكبت فيها جرائم الإبادة والحروب وجرائم ضد الإنسانية، وأن الدول الإفريقية التى طلبت من المحكمة أن تمارس عملها وتنفذ نظامها الأساسى لمواجهة هذه الجرائم، إما لأن هذه الدول لا تستطيع المواجهة أو غير راغبة فى ملاحقة الجرائم بواسطة المحاكم القضائية الوطنية .
وبالنسبة لإسرائيل فهى ليست دولة عضوا فى النظام الأساسى للمحكمة، لكن تستطيع دولة فلسطين بعد انضمامها لنظامها أن تلاحق القادة الإسرائيليين لارتكابهم جرائم حرب، وأخيرا أعلنت فلسطين رسميا للمحكمة الجنائية، أنها توافق على اختصاصها بالتحقيق والملاحقة فى الجرائم التى وقعت حتى قبل انضمامها إليها. وبالتالى فإنها أصبحت لها الولاية القضائية فى ملاحقة القتلة .
وحذر من النتائج المترتبة على انسحاب الدول الإفريقية من المحكمة، حيث أكد أنه ليس فى صالح العدالة والدول الإفريقية ذاتها، لأن هناك جرائم مثل الإبادة الجماعية والتى تفتقر العديد من الدول الإفريقية للخبرات القضائية والسلطة التى تستطيع ملاحقة مرتكبيها .
وقال: إن المحكمة أصبحت هيئة دولية جنائية قائمة وحققت الغرض من إنشائها، لذا يجب إعادة النظر فى فكرة الانسحاب منها، لاسيما أنه من الضرورى تغليب حقوق الضحايا عن أى أهداف أخرى، لابد أن تسود هذه القيم على المصالح السياسية الذاتية للدول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.