عادل ابوطالب تقيم الجمعية العمانية للكتاب والأدباء واتحاد الكتاب الفرنسيين ندوة دولية بعنوان "العلوم المؤسسة للحضارة العمانية" في العاصمة الفرنسية باريس الأسبوع الجاري. وتأتي الندوة التي يشارك فيها سبعة باحثين متخصصين. وهذه المرة الأولى التي تنظمها فيها جمعية مجتمع مدني عمانية ندوة دولية بهذا الحجم في عاصمة الثقافة الأوروبية باريس وبمشاركة كتاب فرنسيين ومتخصصين كبار. ويقدم الأدميرال فرانسوا بيليك ورقة عمل في الندوة بعنوان "الصور الأولى لسلطنة عمان في خرائط وكتابات الرحالة والفنانين الفرنسيين"، كما يقدم البروفيسور والمؤرخ فيليب أودرير ورقة عمل بعنوان "العلاقات بين الفرنسيين والعمانيين في القرنين السابع والثامن عشر"، فيما تحمل الورقة الثالثة التي سيقدمها الجانب الفرنسي عنوان "العلاقات العمانية الفرنسية" للبروفيسور فرانك ليسترينجانت. وفيما تركز أوراق عمل الجانب الفرنسي على البعد التاريخي وحضوره في السياق تشكيل البعد الحضاري العماني تذهب الأوراق العمانية إلى الجانبين الفكري والأدبي دون ان تبتعد عن التاريخ ودوره فهي تقدم رؤية تاريخية للعلاقات العمانية الفرنسية ولكن من زاوية عمانية هذه المرة. ويقدم الدكتور محمد العريمي ورقة في الندوة بعنوان "الوسطية في الفكر السياسي العماني" يناقش فيها سياقات تأسيس الفكر السياسي العماني الذي يتحلى بالوسطية، ويعتمد في ذلك على مدخلين: المدخل التاريخي العماني ومدخل شخصية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم الذي ساهمت شخصيته في أعطاء النظام السياسي العماني هويته. وفي الجانب التاريخي يتحدث عن الشخصية العمانية التي جبلت على مزيج من القيم والتقاليد العربية الأصيلة التي حافظ عليها العمانيون فأسس شخصيتهم إضافة إلى تفاعلهم مع مختلف حضارات الأرض التي تواصلوا معها ومازجوا بين مفردات الحضارة والثقافة والعلم والأدب والسياسة التي يملكون وبين ما تملك تلك الشعوب دون تحسس أو توجّس أو شك أو ريبة. ويرصد الباحث في سياق بحثه عن الوسطية في الفكر السياسي العماني سلسلة الحوارات الإنسانية والحضارية التي أقامها العمانيون مع معظم شعوب الأرض والقائمة على أساس رفض كل صور التعصب والعنف. كما يركز البحث على الكاريزما التي تتمتع بها شخصية السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان والتي انعكست بالتالي على السياسة العمانية ودورها المحوري في المنطقة خاصة في الفترة الأخيرة. فيما تقدم الدكتورة ىمنة الربيع ورقة بعنوان "المرأة العمانية بوصفها موضوعا للكتابة" وتسعى ورقتها إلى الوقوف على تقديم قراءة تربط بين صراع الهوية عند المرأة، ومعنى التمكين الاجتماعي والسياسي. وهما غير بعيديّن البعد كله عن ندوة العلوم المؤسسة للحضارة العمانية. فالثقافة العمانية المكونة من العادات والتقاليد والأعراف والسلوكيات والآداب والفنون هي جزء صغير من كلٍّ كبير هو الحضارة. وبعد أن تحدد الربيع مصطلحاتها وتضبطها بشكل علمي تناقش موضوع المرأة وصراع الهوية في سياق سياسة التمكين. وتقر الورقة أن فلسفة التدرّج لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد في الحُكم أتاحت للمرأة "الفرصة الكاملة في التعليم والعمل وممارسة الأنشطة الاجتماعية في حدود ما تمليه المبادىء الدينية والأعراف والتقاليد_ فجاءت دعوتها_ في كل مكان في القرية والمدينة، في الحضر والبادية، في السهل والجبل، لأن تشمر عن ساعد الجّد، وأن تُسهم في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية كل حسب قدرتها، وطاقتها، وخبرتها، ومهارتها، وموقعها في المجتمع...إلخ" وأن تحقيق تلك الفلسفة لا يعني بحال من الأحوال تقليد تجارب الدول التي سبقتنا دون فحص، بل أن منظومة الأفكار والرؤى يجب أن تكون نابعة من المجتمع ومن حاجاته الأساسية التي يريدها. ويقدم الدكتور أحمد بالخير ورقة في الندوة بعنوان "نماذج من الشعر العماني.. الغربة في شعر علي بن عبدالله صواخرون" ويلاحظ الباحث الذي قدم بحثا علميا عن الغربة في نماذج الشاعر صواخرون إيماءات واضحة إلى غربة الذات في نصوصه الشعرية. ويطرح الباحث الكثير من المحاور في سياق بحثه عن ثيمة الغربة وهو في الوقت نفسه يكشف عن الكثير من المظاهر الحضارية التي أثرت في غربة الذات لدى الشاعر. ويتتبع الباحث حمود بن حمد الغيلاني تاريخ العلاقات العمانية الفرنسية في ورقته "العلاقات العمانية الفرنسية" وتقدم ورقة الغيلاني بحثا تاريخيا عن العلاقات الفرنسية في منطقة الشرق ووصولها إلى الخليج وكيف تشكلت العلاقات العمانية الفرنسية والمحددات التي شكلتها. كما يورد الباحث في بحثه مجموعة من الوثائق سواء ما كانت منها خرائط أو مراسلات بين القادة العمانيين والفرنسيين على مر التاريخ ومن بينها رسائل من نابليون. ويقدم سعادة الشيخ حميد بن علي المعني سفير السلطنة في باريس كلمة افتتاحية في الندوة، تليها كلمة البروفيسور جاك شيفيرير رئيس اتحاد الكتاب الفرنسيين. وكلمة للباحث خميس بن راشد العدوي رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء. غضافة إلى عدد من المداخلات على الأوراق يقدمها حضور الندوة من كبار المثقفين والكتاب الفرنسيين والعرب المقيمين في باريس. ويقام على هامش الندوة معرض للكتاب العماني تنظمه الجمعية لإصدارات أعضائها خلال السنوات الأخيرة في خطوة لتقريب النتاج العماني من المثقفين والباحثين العرب المقيمين في الخارج والذين يواجهون صعوبة في وصول الإصدارات العمانية إليهم. وقدمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء واتحاد الكتاب الفرنسيين مع سفارة السلطنة في باريس دعوات للكتاب والمثقفين العرب والغرب المقيمين في فرنسا وكذلك الدبلوماسيين من أجل إثراء الحوار وتبادل الأراء ومناقشة الأوراق المقدمة. ويصاحب الندوة ترجمة فورية من الفرنسية إلى العربية ومن العربية إلى الفرنسية. ويقضي بروتكول كانت قد وقعته الجمعية العمانية مع اتحاد الكتاب الفرنسيين إلى إصدار أوراق الندوة في كتاب باللغتين العربية والفرنسية من أجل أن تعم الفائدة. يذكر أن الندوة سوف تقام في قاعة المحاضرات والندوات بمقر سفارة السلطنة الجديدة في باريس والتي كانت قد افتتحت الأسبوع قبل الماضي. وهذه أول ندوة تقام في القاعة التي تنتظر سفارة السلطنة تحويلها إلى منتدى ثقافي يستضيف حوارات ونقاشات في الجوانب الفكرية والثقافية.