كتبت شاهيناز العقباوى جاء إعلان وزير التموين والتجارة الداخلية عن تشكيل فرق عمل متخصصة لبدء التحضيرات الفنية، لعمل نواة لإنشاء أول وأكبر بورصة سلعية في مصر والشرق الأوسط لتجميع وتداول الأقماح والحبوب والمواد الغذائية، التى ستتم بالتحالف مع بورصة شيكاغو بمثابة بارقة أمل وانطلاقة زراعية نحو المستقبل، وذلك نظرًا لثقل مصر الإستراتيجي، لأن موقع مصر الجغرافي يؤهلها لأن تكون مركزًا لوجيستيًا محوريًا عالميًا للتجارة الدولية، لأن قناة السويس التي يمر بها أكثر من 25% من تجارة الحاويات في العالم وتٌعد نقطة انطلاق إلى كثير من دول شرق إفريقيا، وذلك من مناطق بورسعيد والعين السخنة وخليج السويس إلى جوبا فى جنوب السودان وأديس أبابا فى إثيوبيا وجيبوتي على شاطىء البحر الأحمر، وأن مصر كمحطة لوجستية لديها القدرة على النفاذ إلى الدول العربية والخليجية، وهناك اتفاقيات تجارية معها وأيضًا الاتحاد الأوروبي والكوميسا، بما يكشف أن مصر سوق لأكثر من مليار و600 مليون مستهلك، وهذا يؤكده الكثير من الخبراء حول أهمية البورصة الزراعية خلال التحقيق التالى ودورها الاقتصادى لمصر. حيث أكد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية، أن البورصات السلعية تهدف فى الأساس إلى تقديم العديد من الخدمات للتجار، أهمها على سبيل المثال تحديد مستويات جودة معتمدة للمنتجات الزراعية بأسعار متدرجة واقعية بما يدعم آليات السوق الحرة من عرض وطلب فى إطار من الشفافية. وأشار إلى أن وجود تلك البورصة فى مصر وبالتحديد بجوار مشروع محور قناة السويس الجديد سيعطى ثقلا كبيرا للاقتصاد، كما أنه يزيد من فرص العمل وهو ما سيسهم بشكل مباشر فى حل مشكلة البطالة ويوفر احتياجات الدول المجاورة من المنتجات الزراعية، هذا فضلا عن زيادة حجم الاستثمارات الجديدة والقضاء على الممارسات الاحتكارية، والتى تعد من أهم الآثار الإيجابية لإنشاء البورصة التى ستجعل من مصر مركزا ماليا وتجاريا كبيرا . وأوضح أن البورصات السلعية بشكل عام تسعى إلى استقرار الأسعار على مدار العام ومما سيسهم فى تمكين متخذي القرار من الحصول على معلومات جغرافية دقيقة عن حجم الإنتاج وتطوير الأسعار وتوفر السلع وسيساعد الحكومة فى التخطيط الزراعي والصناعي والاستيرادي والذى بدوره سينعش السوق الزراعى المصرى. وكشف عن أن البورصة الزراعية آلية جيدة لكنها تأخرت كثيرا فى مصر قياساً لأهمية الاقتصاد الزراعي وحجم العائدالإيجابي بعيد المدى على القطاع، حيث ستكون إحدى أبرز آليات تمويل العملية الزراعية بتكلفة تناسب قدرات المزارع الصغير وسوف تفتح الباب أمام سلاسل المتاجر العالمية للاستثمار فى المنتجات الزراعية الموجهة إلى التصدير والارتقاء بجودتها. استقرار الأسعار فى حين يرى الدكتور أشرف كمال أستاذ الاقتصاد الزراعى، أن إنشاء أول بورصة سلعية بالشرق الأوسط تكون مقرها مصر تعد خطوة جيدة، حيث من المتوقع أن تدعم تلك البورصة من قدرات مصر التجارية مما سيجعلها من أهم المراكز اللوجستية فى العالم. ونوه إلى أن وجود البورصات السلعية فى العالم أمر مهم جدا، حيث تسهم تلك البورصات فى تنظيم وتنمية التعاقدات لتحقيق استقرار الأسعار على مدار السنة، كما أن وجودها يضمن مزيدا من الشفافية فى الأسعار ويسهم فى القضاء على الممارسات الاحتكارية للمستوردين والمصدرين، ومن المتوقع أن تحل أبرز مشكلة يواجهها المزارع المصرى الصغير ذو القدرات المالية المحدودة، حيث يمكن عبر هذه البورصة توفير تمويل يرتبط بكل محصول على حدة وتطوير المزارع الصغيرة بإمدادها بالتكنولوجيا الحديثة من معدات ري وحصاد وتخزين وغيرها، لأن البورصة تفتح الطريق لدخول استثمارات محلية ودولية فى هذا القطاع الحيوي. وأضاف إن إنشاء بورصة المحاصيل الزراعية هو الحل الوحيد لتصحيح الخلل والتشوهات الهيكلية فى حركة التجارة الداخلية المصرية التي أنتجت ممارسات سلبية عانى منها المستهلكون وتسببت فى انفلات سعري غير مسبوق لمحاصيل تجري زراعتها فى مصر، وتباع فى الأسواق العالمية بأسعار أرخص من تلك التي يجري بيعها فى مصر، هذا فضلا عن دورها فى توفير فرص كبيرة للاقتصاد الزراعي فى مصر للنمو والتوسع المستقبلي، لا سيما وأن الاقتصاد المصري يعد تاريخيا اقتصادا زراعياً بالدرجة الأولى مما يعني أن هذه البورصة سوف تعيد الاعتبار لأهمية الإنتاج الزراعي مما يفيد هيكل الاقتصاد الكلي. وأشار إلى أن وجود تلك البورصة بجوار مشروع محور قناة السويس الجديدة سيعطيها دفعة وقوة كبيرة، لأن تكون من أهم البورصات السلعية الموجودة فى العالم، هذا فضلا عن مساعدتها على تحديد الأسعار وضمان عدم استغلال الدول المستهلكة بزيادة الأسعار بدون مبرر. سيطرة المحاصيل فى حين يبتعد الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى عن هذة الرؤية، مؤكدا أن قرار إنشاء البورصة المصرية لن يعود على مصر بالنفع الاقتصادى المتوقع والذى أعلنت عنه الحكومة، لاسيما والكلام يعود إليه أنه من المتعارف عليه اقتصاديا أن الدول التى تسعى لإنشاء بورصة بها لابد أن تملك سلعة زراعية تكون لها القدرة على التحكم فى الأسعار العالمية بها كما هو واضح فى تحكم أمريكا فى بورصة القمح والذرة العالمية وكذلك البرازيل فى بورصة البن لسيطرتها على إنتاج البن عالميا، وأيضا بريطانيا على بورصة الدهب وهكذا. ونوه على أننا فى مصر نستورد أغلب استهلاكنا من الخارج فكيف نقيم بورصة للمحاصيل الزراعية؟ ولكن لكى ينجح هذا المشروع لابد أن تسيطر مصر على إنتاج وزراعة بعض المحاصيل، كما حدث فى السابق من سيطرتها على القطن، وبالتالى إقامة بورصة القطن وهو أمر يحتاج إلى الوقت والتخطيط.