في حواره مع "بوابة الأهرام" أكد الفريق مجدي حتاتة رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أن لديه تصورا لاستعادة الأمن في غضون فترة لا تزيد على 3 أسابيع، منتقدا حكومة د.عصام شرف معتبرا إياها بطيئة ولا تتحرك إلا تحت الضغوط، مؤكدا أن المجلس العسكري ليس فوق النقد، وأن الشعب المصري الذي انتزع حريته بعد الثورة لا يمكن أن يقبل أن يقيد حريته أحد. الناس تقول تعبنا من حكم العسكر فهل سنجرب مع الفريق حتاتة رئيسا جديدا قادما بخلفية عسكرية؟ ** بداية فأنا مواطن مصري أولا، ودخلت القوات المسلحة وأديت مهمتي وواجبي نحو وطني، وشاركت في كل حروب مصر، وهذا انعكس على أسرتي حيث لم أتواجد مع أبنائي لفترات طويلة بسبب خدمتي في القوات المسلحة من أجل مصر وشعب مصر، وثانيا فإن العسكريين يخطئون ويصيبون تماما مثل المدنيين، الآن نحن أمام انتخابات حرة نزيهة، والمواطن له مطلق الحرية فى اختيار من يرشحه، وهناك نقطة يجب توضيحها هي أن من يحاكم الآن بسبب جرائم الفساد وإهدار المال العام هم من المدنيين، كذلك فإن العسكرية لا تعني الديكتاتورية، فالقوات المسلحة بها ديمقراطية ولا توجد بها ديكتاتورية كما يتصور البعض، فلا يتخذ أي قرار إلا بعد الاستماع لكل آراء المختصين، فخطة حرب أكتوبر وضعت بعد الاستماع لرأي كل القادة بدءا من صغار الضباط وفقا لما يستطيعون القيام به، وبناء عليه تم تحديد هدف خطة حرب أكتوبر، ولا تفرض أبدا القرارات من فوق، كما أنه لا يعني انتخاب مرشح من جذور عسكرية أن ذلك المرشح سيأتي بعسكريين ليحكموا الدولة معه، كلا بالطبع، وبالنسبة لي أنا خدمت في مكانين، أولهما في القوات المسلحة حتى منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، كما خدمت كرئيس للهيئة العربية للتصنيع وهي هيئة مدنية، أي أني جمعت الخبرتين العسكرية والمدنية، ومن ناحية أخرى فإن هناك أمثلة عديدة في العالم على نجاح العسكريين في إدارة الدولة، فالجنرال أيزنهاور قائد قوات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ترشح في الانتخابات بعد الحرب بعدة سنوات ونجح وصار رئيسا للولايات المتحدة وكان رئيسا ناجحا ولا ننسى أنه صاحب قرار الانسحاب الإنجليزي الفرنسي من مصر في حرب 1956، المشكلة ليست في كون الرئيس مدنيا أو من خلفية عسكرية، المشكلة في نظام الدولة، إذا كان هناك نظام واضح يتكون من برلمان ذى سلطات وحكومة تقوم بما عليها ويراقبها البرلمان، ودستور مظبوط يضمن تقاسم السلطات بين البرلمان والحكومة والرئيس، ومن يقول لا أريد عسكريا على رأس الدولة فأنا أقول له انتخب من سيعمل على تنفيذ القانون ويحترمه ولا يستأثر بالسلطة هل تشعر أنه في ظل حالة الجفاء بين فئات من المجتمع وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، سيكون لذلك أثر سلبي على ترشحك للرئاسة بحيث ترفضك تلك الفئات؟ ** أنا لست مرشح من المؤسسة العسكرية، هذا أولا، كذلك فهناك ديمقراطية الآن، وهذا يعني أنه لا أحد فوق النقد، لا شباب الثورة ولا الأحزاب أو التيارات المختلفة، ولا المجلس العسكري، ولكن النقد البناء لصالح الوطن، كذلك فلا أحد ينكر أن هناك مشاعر سلبية تجاه المجلس العسكري ولكن هناك فئات كثيرة أيضا تؤيد المجلس العسكري، كذلك لا أحد يستطيع أن يدعي أنه صاحب الأغلبية ويتحدث بلسان أغلبية الشعب، هذا الأمر لا يمكن أن يحدث إلا بعد الانتخابات، من جهة أخرى فإن الحرية لها معنيان، فهناك حرية التصرف وهناك حرية التعبير، والشعب الآن نال حريته ولا يقبل أحد من الشعب أن يقيد حريته أحد، ولكن ليس معنى الحرية أن يقوم أحد بأفعال لا يقبلها المجتمع كأن يسير مواطن في الشارع عاريا، قائلا إنه حر، ولكن هناك حرية إبداء الرأي وليس معنى هذا فرض الرأي ما رأيك في بقية المرشحين للرئاسة؟ ** لا أستطيع أن أتحدث عن أحد من المرشحين الآخرين، ولكن هناك أمرا واحدا أستطيع قوله هو أن كون بقية المرشحين تقدموا أو سيتقدمون للترشيح فهذه خطوة تحتسب لهم، لأنهم يريدون أن يقدموا شيئا من أجل مصر، لأنه يقدم مجهودا من أجل مصر، والشعب وحده هو صاحب الاختيار من بين المر شحين. أصدرت بيانا في وقت سابق يؤيد اقتراح عمرو موسى المرشح للرئاسة بتأسيس لجنة المائة، كيف تم ذلك؟ ** هذا أمر يوضح للجميع أنني أبغي مصلحة مصر قبل أي شىء آخر، فأنا اقتنعت أن هناك مرشحا آخر يقدم شيئا أراه جيدا، ولهذا أعلنت تأييدي له، كما أنه من المفروض عليه وعلى غيره من المرشحين أن يؤيدوني إن طرحت أمرا مفيدا، كل ذلك يصب بالنهاية في مصلحة مصر، وأذكر أنني عندما طالبت سابقا بأن تؤجل الحكومة قرارها فيما يتعلق بمناقصة المحطة النووية في الضبعة ليكون من مهام المرحلة المقبلة، ولكن لم يؤيدني أحد من المرشحين في تلك الخطوة، وبعد أكثر من شهر تحقق طلبي عندما تقدم د.حسن يونس وزير الكهرباء لمجلس الوزراء معلنا تأجيل مناقصة المشروع للحكومة المقبلة، وبرغم ذلك لم "أزعل" من بقية المرشحين، فالأمر في البداية والنهاية هو أنه يجب علينا جميعا أن نعمل من أجل مصر. خلال الفترة الماضية طرحت مجموعة من الأفكار الجيدة والمفيدة، في النهاية هناك مرشح واحد سيفوز، فما مصير بقية الأفكار والاقتراحات التي طرحها غيره من المرشحين؟ ** هناك احتمالان لأي مرشح سواء كنت أنا أم غيري الفائز بالانتخابات، وبالنسبة لي فإن فزت فسأسعي لدراسة بقية مقترحات المرشحين الآخرين، وكذلك لو فاز غيري يمكنه أن يستفيد بما أطرحه من أفكار وبرامج، فالمعيار الرئيسي هو أن مصر أولا وقبل أي شيء، وبالتأكيد هناك أفكار مضيئة يطرحها كل مرشح من المرشحين، وكذلك في برامج كل حزب من الأحزاب الموجودة، والمهم هو قابلية تنفيذ هذه النقاط، كذلك فمن يطرح أفكارا وبرامج يجب أن يعلن كيفية تطبيق تلك البرامج، والأفضل أن يكون قد نجح في وظائفه الأخرى التي تولاها، ويدرك حقيقة الأوضاع في مصر بجميع أرجائها، وعاش فيها بشكل حقيقي متعايشا في الشعب ما رأيك في المحاكمات العسكرية للمدنيين؟ ** هناك أمور تختص بالقوات المسلحة يجب أن يحاكموا عليها مثل التعدي على منشآت عسكرية، أما المدنيون في بقية القضايا فيجب أن يقدموا للقضاء العادي، بمعنى أن يقدم المواطن المدني للقضاء الطبيعي ما دام لم يتعرض للقوات المسلحة. في حالة فوزك بالرئاسة، من ستختاره نائبا؟ ** الموضوع سابق لأوانه الآن، ولكن هناك اثنين أو ثلاثة من الأشخاص في ذهني، وعند تحديد موعد انتخابات الرئاسة وتقديمي لأوراقي وقبولها سأعلن برنامجي واسم نائبي. في حالة فوزك بالرئاسة وصدور حكم قضائي ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك، هل ستصدر عفوا عنه؟ ** لن أستبق الأحداث في هذا الأمر، ولكل حادث حديث، وبالطبع فهناك أخطاء كثيرة وقعت في عهده. هل ترى أن المجلس العسكري سيسلم السلطة فعلا أم أنه يريد الاحتفاظ بالسلطة؟ ** من واقع خبرتي بالقوات المسلحة أقول إن المجلس صادق في حديثه عن تسليم السلطة، فالقوات المسلحة أنا خدمت بين صفوفها وأدرك مصداقيتها. المجلس العسكري التقى العديد من المرشحين للرئاسة باستثنائك، فما سبب ذلك؟ ** لا تعليق. كيف ترى حادث استشهاد الجنود المصريين في سيناء والتعامل الحكومي مع إسرائيل؟ ** لا أستطيع الحكم على التعامل المصري مع الحادث وإسرائيل باعتباره متخاذلا أو غير متخاذل، ولكني أقول إن الحادث يدل على أن إسرائيل لا تلتزم بالمواثيق والإجراءات الدولية وتشعر أنها فوق القانون، فقتلها جنودا مصريين داخل الأراضي المصرية أمر غير مقبول، وفي اليوم التالي للحادث كنت في مؤتمر انتخابي بقرية "دجوى" بمركز بنها بمحافظة القليوبية، وعرفت أن أحد الشهداء من الجنود سيتم تشييع جثمانه وتلقي العزاء فيه في قرية قريبة من "دجوى"، فقررت الذهاب للعزاء، ورأيي في الحادث أن هذه القضية يجب أن ترفع بشكوى إلى مجلس الأمن كما يتم استدعاء السفير المصري من إسرائيل للتشاور، كما يجب أن تعتذر إسرائيل رسميا عن الحادث، وعلينا أن نبدأ من الآن في طلب دراسة لبحث الترتيبات الأمنية في سيناء طبقا لمعاهدة السلام، وكذلك يجب أن نبحث في الاتفاقات الاقتصادية التي وقعناها مع إسرائيل، وأخيرا يجب أن نبدأ في فتح الملفات السابقة الخاصة بقتل الأسرى المصريين على يد إسرائيل، وكذلك قتل الجنود المصريين في حالات مشابهة للحادث الأخير، وأكدت أن مصر بعد 25 يناير ليست مصر قبلها لم نجد تطبيقا حكوميا لأي نقطة مما ذكرت، فما تقييمك للأداء الحكومي؟ ** طبعا هناك آراء ومقترحات، وهناك أيضا دولة ومسئولون يبحثون الخطوات التي يقدمون عليها، وأعتقد أن بالنسبة للترتيبات الأمنية وفق معاهدة السلام وهي الأهم يتم العمل عليها حاليا، وهذا له إجراءات ستأخذ وقتا، والمفاوضات التي تجرى في هذا السياق تكون بمعزل عن الإثارة، وبالنسبة لبقية الإجراءت التي طلبتها فإن المجلس العسكري والحكومة لها حساباتها الخاصة، ونحن كمصريين وهم كحكومة ومجلس عسكري أيضا مصريون، ونحن جميعا نبحث عن مصالح البلد وأخذ حقوقنا وسنأخذها، وما وقع من إسرائيل مخالفة صريحة وهذا ما أكدته قوات حفظ السلام الموجودة في سيناء كيف تقيّم ما حدث مؤخرا من اقتحام للسفارة الإسرائيلية بالجيزة؟ وهل هو رد فعل للاعتداء الإسرائيلي على الجنود بسيناء؟ ** هناك نقطة مهمة جدا وهي أن الشعب المصري بعد الثورة أصبح في وجدانه أمر مهم وهو الحرية، وبالتالي فإن حادث استشهاد الجنود في سيناء على أيدي إسرائيل لو حصل قبل الثورة لمر مرور الكرام، لكن الشعب المصري الآن انتزع حريته وهو الآن في وجدانه أن هذا الحادث غير مقبول، ولهذا شاهدنا ما وقع للسفارة، هذه نقطة لا يجب أن نغفلها عن ذهننا، ولهذا يجب أن يأخذ صانع القرار تلك النقطة في حسبانه، كذلك فإن الجدار العازل لم يكن مقبولا، ومن أخذ قرارا بإنشاء الجدار لم يكن صائبا، والملحوظ أن هذا اليوم كان يوما رائعا في مظاهرات تصحيح المسار حيث خرجت مظاهرات إلى دار القضاء العالي وإلى مبنى الإذاعة والتليفزيون، بخلاف ميدان التحرير، وبالطبع فإن كل هذه الأعداد يمكن ببساطة أن يندس بينها أفراد، يقومون بالتوجيه لفعل أحداث غير سليمة، وأقول إن اقتحام السفارة أمر كان من الأفضل ألا يحدث، وكان يجب على الإعلام والسياسيين أن يوجهوا الشعب من قبل ذلك اليوم أن هناك قواعد دولية تمنع الاعتداء على السفارات، وبالطبع فإن مشكلة اقتحام السفارة فهي لا تقارن بحادث استشهاد الجنود المصريين في سيناء، وبالنسبة لباقي أحداث ذلك اليوم من الهجوم على وزارة الداخلية ومديرية أمن الجيزة فمن المؤكد أن هناك أيادي خفية وراء ذلك فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية الحالية، نجد مشاعر فتور وربما عداء من البعض تجاه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كيف يمكن إصلاح تلك العلاقة؟ ** القوات المسلحة كان لها دور فعال في الثورة وإنجاحها، والقوات المسلحة جاءت من الشعب، فهي جزء لا يتجزأ منه، وحدثت خلافات بين الأطياف الموجودة بالشعب في الرؤية تجاه المرحلة الحالية، وكل طرف ذهب عارضا رؤيته على القوات المسلحة، فالخلافات موجودة أساسا، والملحوظ أن المجلس الأعلى يحاول بحث كل ما يطلب منه، فالمطالب إذا كانت واحدة فهذا سيجعل القوات المسلحة تستجيب لها، لكن كل طرف له رؤيته ويعرضها ويطلب أن تتم الإستجابة لها، والمجلس يحاول دراستها وبحثها، وبالطبع لا يمكن الاستجابة لكل الطلبات نظرا لتعارضها، ولهذا أؤكد مجددا أن الفترة الانتقالية التي نعيشها حاليا من الممكن بشيء من التفاهم أن تحقق أهدافها. ما تقييمك لحكومة د.عصام شرف؟ ** بالنسبة لحكومة د.عصام شرف فهناك بطء كبير في قضايا عديدة ولا تأخذ قرارات بالسرعة المطلوبة، وتتحرك تحت الضغط فقط، فهي حكومة ليست حاسمة، وأعتقد أن عليها أن تحل المشكلات من جذورها بالنسبة للملف الأمني، هل يمكن إجراء الانتخابات بينما لا يستطيع الأمن السيطرة على مباراة لكرة القدم؟ القوات المسلحة أعتقد أنها تأخذ حاليا إجراءاتها من أجل عقد الانتخابات، وأعتقد أن القوات المسلحة مع الشرطة تستطيعان معا أن تنجحا في إجراء تأمين الانتخابات، وبالطبع فإن الأمن من الأولويات الأساسية لأي شخص سيتولى مهمة البلاد، وأقول إن الأمن يمكن تحقيقه في فترة وجيزة. وكيف يمكن استعادة الأمن ؟وهذا سؤال متكرر من العديد من قراء "بوابة الأهرام"؟ ** الناس المسئولة عن الأمن مصريون، ويجب أن نزرع بداخله أننا وكما نطلب من أي مصري أن يحافظ على بلده، فهو الآخر عليه أن يحافظ على بلده، وعليه أن يعود للعمل بكامل الكفاءة، ولا يعقل أن يطلب من العمال والموظفين والمعلمين أن يوقفوا مظاهراتهم ووقفاتهم الاحتجاجية، ولا يطالب الأمن أن يقوم بعمله هو الآخر، فالأمن أساس الإنتاج وبدون أمن فلا إنتاج، والأمن ليس تواجدا ولكنه إحساس لدى المواطن أنه آمن، نتيجة أفعال – وليس أقوالا- للشرطة، ومن الممكن استعادة الأمن بشكل كبير، فمن المفروض أن يحصل رجال الشرطة على حقوقهم التي يطالبون بها، ولكن يجب عليهم أن يعرفوا أولا أنهم لن يحصلوا على حقوقها فورا، ولكن عليهم الاستمرار في العمل، وسيحصلون على حقوقهم مثلهم مثل المصريين كافة، ولكن ليس معنى أن لهم حقوقا لم يحصلوا عليها أن يتقاعسوا عن تأدية واجبهم، فأهم حاجة لقيادة الدولة هو إقناع الناس بأن البلد في حاجة لهم، أما كيف يمكن إقناعهم بذلك فهذا فن إدارة الدولة، كذلك فهناك هيكلة يجب أن تحدث للشرطة، وأنا شخصيا لدي تصور محدد بإعادة هيكلة الشرطة ولا أستطيع الإفصاح عنها حاليا، بحيث يمكن أن يتم ذلك في فترة قليلة جدا لتحقيق الأمن، وأنا أتحدت عن أمر واحد هو أنه في حرب 1967 وبسبب الخلاف بين الرئيس عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر تم تغيير قيادات الوحدات بالجيش، فأصبح قائد الفرقة برتبة عقيد، وظل الأمر كذلك لمدة 7 سنوات حتى حرب أكتوبر ولهذا كان قادة الفرق آنذاك برتبة عميد، فالرسالة التي أوجهها هي أن لا مكان لأي مسئول يتقاعس عن أداء واجبه الوظيفي، ويمكن إعادة تطبيق الأمر على الداخلية على مستوى مديري الأمن وغيرهم، وسأذكر مثالا آخر من التجارب السابقة أنه في عام 1967 كان الجيش المصري يعاني أمرين أولهما الهزيمة على أيدى إسرائيل، وبرغم ذلك وقف الجيش ودافع عن مصر واشترك في عمليات قتالية أعادت ورفعت الروح المعنوية مثل عملية رأس العش وغيرها، كذلك كانت القوات المسلحة لا تجد أي مشاعر ثقة فيها من قبل الشعب، الآن الشرطة لا تعاني إلا من أمر واحد هو فقدان ثقة الشعب فيها، ومن السهل التغلب على ذلك، وعلينا جميعا دور لمواجهة التعديات على الشرطة، فلا يعقل أن نرى أحدا يتهجم على عسكري أو ضابط الشرطة ونقف نتفرج، وفي المقابل لا يجب على الشرطة أن تهين المواطن المصري ما رأيك في التعديلات الجديدة بقانون الطوارئ؟ ** أعتقد أنه قد نمنح الأمن فرصة لنرى كيف سيتم استخدام قانون الطوارئ، وإذا كانوا يتحدثون عن أن القانون سيستخدم فقط لمواجهة البلطجية فلنرَ كيف سيتم تطبيقه، ولكن أنا لست مع قانون الطوارئ، وعلينا ألا ننسى أن الثورة قامت في ظل وجود قانون الطوارئ. وقلت سابقا إن ثورة 25 يناير حققت نجاحات ملموسة كرحيل النظام وإزالة مجلسي الشعب والشورى، وكذلك حققت إنجازات غير مادية، منها أن الشعب المصري انتزع حريته وكرامته وأرجو ألا يجهض قانون الطوارئ حرية وكرامة الشعب، وأرجو أن يكون تطبيق القانون مقصورا على البلطجية وفي فترة قصيرة، وأتمنى ألا يكون القانون قد أتى لإجهاض الحريات، وأعتقد أنه لو طبق القانون مبكرا على البلطجية لما كنا في حاجة إليه الآن، وأذكر الجميع أنني خلال أحداث مواجهات إمبابة الطائفية طالبت بتفعيل قانون الطوارئ في ذلك اليوم وتم إتخاذ إجراءات محددة لا أريد البوح بها ليتم وأد تلك الأحداث في مهدها، كذلك أيضا فهناك دور للإعلام يجب أن يقوم به للتعامل مع البلطجية من خلال برامج جديدة بأساليب ابتكارية توضح معاناة من يقوم بأفعال البلطجة وأهله عند صدور حكم قضائي ضده ليكون عبرة لغيره. ما رأيك في قانون انتخابات مجلسي الشعب والشورى؟ ** المهم أن يكون فيه تكافؤ فرص بحيث يسمح للأحزاب القديمة والجديدة لينتج عنها مجلسا شعب وشوري يستطيعان ممارسة مهامهما بكفاءة، وأعتقد أن مجلسي الشعب والشوري هما الأساس لبناء مصر الحديثة بعد ثورة 25 يناير، وبهذا نستطيع وضع الأساس القوي والمتين لبناء الدولة، بل إنني أرى أن انتخابات البرلمان المقبلة أهم من انتخابات الرئاسة، لأن البرلمان المقبل مهمته التشريع والمراقبة والمحاسبة، وإذا كان هناك خطأ في التشريع فسيعيد التشريع، كذلك فإن من أولويات مهام البرلمان المقبل وضع الدستور الجديد لمصر. هناك جدل كبير الآن حول وثيقة المبادئ الحاكمة أو فوق الدستورية، وعما إذا كانت استرشادية أم أساسية، ما رأيك فيها؟ ** هذه نقطة مهمة جدا، الآن نحن أن نعرف قيمة الوقت، فقد ظلننا بعد الإعلان الدستوري في مارس في نقاش حول أيهما أولا الانتخابات أم الدستور؟ كذلك أضعنا وقتا آخر في النقاش حول المبادئ فوق الدستورية أو المبادئ الحاكمة، والآن اقترب وقت الانتخابات ونجد أن الأحزاب الجديدة لا تجد الوقت الكافي للتواصل مع الشعب، كان من المفترض منذ البداية أن نلتزم بالخريطة التي تم إعلانها منذ البداية للفترة الانتقالية، وتستعد كل القوى لخوض الانتخابات دون الدخول في جدل يضيع الوقت، وهناك شىء مهم جدا حيث ورد في الإعلان الدستوري أنه بعد الانتخابات البرلمانية يتم انتخاب الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، أي أن الوضع كان محددا ومعروفا منذ البداية، الوقت يداهمنا، وكان لا بد أن تركز الأحزاب على الإعداد الجيد للانتخابات. هناك حديث الآن عن إطالة المرحلة الانتقالية، فهل ترى ذلك أمرا جيدا لإعداد الساحة الداخلية وخاصة للانتخابات، أم أنه يعرقل تسليم السلطة من المجلس العسكري لسلطة مدنية منتخبة؟ ** هذا أمر يؤكد أيضا أننا نضيع الوقت، ونحن كمصريين كان يجب أن نحافظ على خريطة الطريق، كلما طال الوقت زادت النقاشات، علينا الإسراع في التقدم، والمهم هو إجراء الانتخابات البرلمانية، وطبعا الفيصل في إجراء الانتخابات هو أن يكون الأمن مستتبا. ما موقفك من المادة الثانية من الدستور والخاصة بأن الإسلام هو المصدر الرئيس للتشريع؟ ** المادة الثانية من الدستور كانت موجودة في دستور 1971، وأيضا هي موجودة في الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأيضا من الدساتير السابقة، وأعتقد أن هناك توافقا عليها، بل إن البند الأول من وثيقة التي صدرت من الأزهر الشريف تتضمن أن لأتباع الشرائع السماوية الأخرى الحق في إصدار تشريعاتها في موضوعات الأحوال الشخصية، ولكن كل القوانين تؤكد أن كل المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، كذلك فإن المادة الثانية تتضمن أن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع مما يعني أن هناك مصادر أخرى للتشريع، ومن وجهة نظرى فإن من الأفضل أن تبقى هذه المادة كما هي. التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة من الإخوان والسلفيين والجهادين، هناك تفاوت بينهما، وهناك قلق داخلي وخارجي تجاه الإسلاميين، فكيف يمكن التعامل مع ذلك الملف؟ ** الإسلام دين وسطي، والتيارات متعددة داخل كل الأديان وليس داخل الدين الإسلامي فقط، وهناك تيارات تكون متشددة وأخرى وسطية، ولكن هناك دستورا وقوانين موجودة، وطالما ارتضينا بالدستور والقوانين فعلينا جميعا أن نلتزم بهما، وكل له اجتهاداته من أجل مصلحة الوطن لكن بالطبع الدين الإسلامي دين وسطي، وتلك التيارات الأخرى إذا كانت تهدف لمصلحة البلاد فأهلا بها. كيف يمكن إصلاح الأزهر والأوقاف لاستعادة الإسلام الوسطي في الداخل والخارج؟ ** بالنسبة للأزهر فالمطلوب من لجنة كبار العلماء أن تنتخب شيخ الأزهر، أن تجدد دماء الأزهر بما يجعله يستعيد دوره في الداخل وفي الخارج، من خلال انتخاب شيخ الأزهر وتجديد مناهج الأزهر ليستعيد الإسلام الوسطي دوره في العالم، كذلك فإن التيارات الأخرى يمكنها عرض آرائها في حدود آداب الحوار مع ملاحظة أن من يتحدث يجب أن يكن من العلماء. هل يجب قصر الأزهر على العلوم الدينية أم يستمر في كل العلوم ؟ ** هذه النقطة يحسمها علماء الأزهر، لكن بالنسبة لي أرى أن الفقهاء والعلماء في الأزهر هم الأساس ويجب التركيز عليهم، ليكونوا قادرين على نشر الدين الإسلامي، ولكن لا ضير من استمرار بقية العلوم الأخرى. الملف الاقتصادي كان من أكثر الملفات التي تضمنت أسئلة من قراء "بوابة الأهرام"، مما يعكس قلقا شديدا تجاه مستقبل الاقتصاد في مصر، ما ملامح أجندتك الاقتصادية؟ ** أولا بالنسبة لل 6 أشهر المقبلة، فإن البورصة تتأثر التعاملات بها طبقا للأحداث وهذا الأمر موجود في كل بورصات العالم، كذلك فإن الإنتاج القائم حاليا هو نفس معدلات الإنتاج الموجودة في السابق قبل الثورة، فلم تغلق مصانع بشكل تام، وأقول إنه خلال الفترة القصيرة المتمثلة في ال 6 أشهر المقبلة فلن نشهد عودة الاستثمار الأجنبي، ولكن في المقابل فإنه إذا استطعنا تثبيت أركان الدولة من خلال إجراء الانتخابات ووجود برلمان وحكومة ثم دستور، وهذا بالطبع في وجود الأمن، فستكون مصر عندئذ مؤهلة لجذب الاستثمارات مثل تركيا، وهذا نتيجة دراسات، حيث وجدوا أن تركيا مجال خصب لجذب الاستثمارات، وتليها مصر، حيث إن مصر ستكون جاذبة للاستثمارات عند اكتفاء السوق التركية، وعندها سينقل المستثمرون استثماراتهم إلى مصر، وعلينا الاستعداد لذلك من خلال عدة إجراءات مثل تأهيل العمالة الفنية الموجودة لدينا، ويمكننا الاستعانة بتجارب الدول الأخرى التي رفعت مستوى عمالتها، فالعمالة الفنية مهمة للغاية، وكذلك توفير الإجراءات التي تسمح بقدوم الاستثمار، ومنع الفساد من خلال قوانين رادعة أفهم من ذلك أنك متفائل بمستقبل مصر الاقتصادي؟ ** أنا مقتنع تماما أن مصر جاذبة للاستثمار وليست طاردة له كما يتصور البعض، كذلك فإن هناك موارد ضخمة في مصر ولو استغللنا مواردنا البشرية والطبيعية لن نكون في حاجة للاقتراض أبدا، فلدينا موارد عديدة غير مستغلة، كالطاقة الشمسية التي تعادل كثيرا من دول المنطقة، ويمكن أن تقوم على الطاقة الشمسية صناعة صلب كبيرة وقوية، بخلاف تصدير الكهرباء للخارج، ونستطيع أن نقيم صناعات أخرى كبيرة كالزجاج والألومنيوم، بخلاف الموارد الضخمة الموجودة في سيناء وفي الصحراء الغربية، وفي الوادي الجديد التي تمثل أرضا واعدة للتوسع الزراعي، برأيك كيف يمكن حل أزمة البطالة وفلسفة الدولة في التعامل مع القطاعين العام والخاص؟ ** مصر يجب أن تعتنق فلسفة تقوم على الاعتماد على القطاعين العام والخاص، فالنظام السابق كان يعتمد على القطاع الخاص فقط، فحجم العمالة في مصر كان 700 ألف في القطاع العام، بخلاف 6.5 مليون موظف بالحكومة، بينما كان هناك نحو 16 مليون موظف وعامل في القطاع الخاص، نتج عن ذلك كله وجود بطالة ضخمة أكثر من 5 ملايين، ولا بد من إجراءات عاجلة لمواجهة البطالة بخلق فرص عمل وهذه يجب أن يتم من خلال الدولة لاستيعاب العمالة، وكما عليها أيضا أن تشجع القطاع الخاص لاستيعاب جزء آخر من البطالة، كذلك فهناك أمور عديدة لا بد من ضبطها في علاقة صاحب العمل مع العامل، فيجب أن يحصل العامل على حقوقه كاملة من التأمينات وغيرها، كذلك فإن العامل إذا ترك عمله فيجب أن يحصل على إعانة بطالة كما تفعل معظم دول العالم، بحيث يكون لديه مصدر دخل يستطيع أن يجعله يعيش حياة كريمة وذلك لفترة مؤقتة حتى يجد عملا آخر، فالعامل في الهند مثلا عند خروجه من العمل يحصل على إعانة بطالة تعادل 100 يوم في السنة، وعند عودته للعمل يقوم بتسديد ما حصل عليه من إعانة البطالة بالتقسيط، ففي تصوري هناك إجراءات خاصة بالعمالة وسبل تطويرها وتنميتها، وكذلك هناك إجراءات أخرى خاصة بالعمالة وماذا عن فلسفة سياسة الدولة المصرفية والنقدية في وجهة نظرك؟ ** الدولة في السابق كانت تقدم قروضا من البنوك بالمليارات لرجال الأعمال، وفي تصوري أن المصارف والبنوك يجب أن تقدم قروضا بفوائد ميسرة للغاية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مع توفير مجموعات حاضنة من الدولة لتقديم نماذج للمشروعات بحيث يستطيع الشباب أن يجد أمامه التمويل من خلال القروض الميسرة وأن يجد أفكار المشروعات التي يمكن أن يقيمها، ويجب ألا ننسى أن هناك صناديق بطالة دولية (مثل البنك الدولي) توفر قروضا بفوائد بسيطة للغاية لا تزيد على 1.5%، باختصار هناك أفكار عديدة للتعامل لحل مشكلات العمالة والبطالة من خلال توفير فرص العمل وتوظيف طاقات الدولة في هذا المجال، كذلك فهناك واجب آخر على الدولة أن تقوم به وهو منع الاحتكارات في الإنتاج والتصدير لخلق العدالة الاجتماعية. كيف يمكن إصلاح التعليم والصحة، فحلم أي مواطن أن يجد مدرسة وتعليما جيدا لأبنائه وعلاجا صحيا له ولأسرته؟ ** تجب زيادة الإنفاق الحكومي على الخدمات ووسائل الإنتاج فنحن أقل دولة في الإنفاق الحكومي، فأمريكا تنفق أكثر من 40%، وفرنسا وبريطانيا نحو 44% الخدمات ووسائل الإنتاج، فنحن أقل نسبة في العالم في الإنفاق على الصحة والتعليم وهما أساس المجتمع، والمواطن لن يشعر بالتحسن التام غدا، فهناك أمور تحتاج إلى تخطيط وستأخذ وقتا وفي نفس الوقت هناك أمور أخرى يمكن إصلاحها فورا، فالمستشفيات الموجودة حاليا يجب إصلاحها فورا لتقديم الخدمة الصحية والطبية الجيدة، فالمستشفيات واقعها سيئ للغاية، فخلال جولاتي مررت على مستشفى العامرية بالإسكندرية وللأسف لا يمكن أن تتخيل الواقع السيئ داخلها، ومع ذلك يمكن إصلاحها من خلال الإدارة والحسم الشديد ومواجهة الإهمال بحيث يحصل المواطن على خدمة طبية جيدة، فلو استثمرنا كل أموال مصر في التعليم والصحة فسنكون الفائزين على المدى البعيد لأن التعليم والصحة سيوفران إنسانا مصريا جيدا، فالاستثمار الأمثل هو في التعليم والصحة، وبالنسبة للمدرسين فيجب أن يحصلوا على حقوقهم المادية كما يجب أن يحصوا على برامج تأهيلية وتدريبية تقوم على البحث والفهم، وليس على الاستذكار ثم الاسترجاع في الامتحان، بحيث يركز طلابنا على البحث والفهم وليس على الحفظ. كيف ترى التعامل مع فلول الحزب الوطني؟ ** قلت سابقا في أول الثورة أن هناك إجراءت احترازية يجب اتخاذها ضد الرؤوس، وليس بمحاكمتهم ولكن بوضعهم تحت الإقامة الجبرية وتوفير حياة لائقة لهم، بحيث لا يستطيعون الاتصال مع غيرهم، والشعب كان مهيئا لتقبل أية إجراءات ضد رؤوس النظام السابق، وطلبت أن يكون هناك حظر على هذه الرؤوس بعدم ممارستهم العمل السياسي لفترة زمنية محددة.